( عبرة و ذكرى ) قال أبو عبيد القاسم بن سلاّم _رحمه الله_ : "هذه فائدة يا أبا عبيد."

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أكرم خواص عباده بالألفة في الدين ووفقهم لأكرم أخلاق عباده المخلصين ورزقهم الشفقة على المؤمنين وزينهم بالأخلاق الكريمة والشيم المرضية مقتدين في أفعالهم وأخلاقهم وصحبتهم وعشرتهم بسيد المرسلين ومتأدبين في آدابهم بخاتم النبيين وبعد.
فقد روى السلمي بإسناده إلى الأحنف بن قيس أنه كتب إلى صديق له: "أما بعد, فإذا قدم عليك أخ لك موافق فليكن منك بمنزلة السمع والبصر." (1)
وروى ابن المبارك بإسناده عن بلال بن سعد قال: "أخ لك كلما لقيك ذكرك بحظك من الله خير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك دينارا." (2)
روى الخطابي بإسناده عن يونس بن عبيد قال:" شيئان في الأرض ليس شيء أعز منهما ولا يزدادان إلا قلة :أخ في الله يسكن إليه , ودرهم من حلال يوضع في حق ." (3)
روى ابن حبان بإسناده قيل لابن المبارك: ما خير ما أعطي الرجل قال: "أخ ناصح يستشيره." (4)
وكان محمد بن واسع يقول: "ما بقي في الدنيا ألذ من ثلاثة: الصلاة في جماعة وقيام اللّيل وزيارة الإخوان."
وعن الأوزاعي قال: "يأتي زمان أقل شيء فيه :أخ مؤنس ,ودرهم من حلال, أو عمل في سنة."
ونبه ! أبو حاتم ابن حبان البستي _رحمه الله تعالى_ على حقيقة هذه الصحبة, فقال(4):"الواجب على العاقل أن يعلم أن الغرض من المؤاخاة ليس الاجتماع والمؤاكلة والمشاربة, والسراق يداخلون الرجال على التقارف ولا يزدادون بذلك مودة, ولكن من أسباب المؤاخاة التي يجب على المرء لزومها مشي القصد وخفض الصوت وقلة الإعجاب ولزوم التواضع وترك الخلاف."اهـ

ولما كان معين السلف واحدا تجد أنهم على اختلاف أزمانهم وأقطارهم يجسدون هذه المعاني الطيبة ,ودون إطالة نذكر ما كُتب هذا الموضوع بسببه.
"قال أبو عبيد القاسم بن سلام: زرت أحمد بن حنبل فلما دخلت عليه بيته قام فاعتنقني وأجلسني في صدر مجلسه.
فقلت: يا أبا عبد الله أليس يقال صاحب البيت أو المجلس أحق بصدر بيته أو مجلسه.
قال: نعم يقعد ويُقعد من يريد.
قال: فقلت: في نفسي خذ إليك أبا عبيد فائدة.
ثم قلت: يا أبا عبد الله لو كنت آتيك على حق ما تستحق لأتيتك كل يوم.
فقال: لا تقل ذاك فإن لي إخوانا ما ألقاهم في كل سنة إلا مرة أنا أوثق في مودتهم ممن ألقى كل يوم. (5).
قال: قلت: هذه أخرى يا أبا عبيد.
فلما أردت القيام قام معي, قلت: لا تفعل يا أبا عبد الله.
قال: فقال: قال الشعبي:"من تمام زيارة الزائر أن يمشى معه إلى باب الدار ويؤخذ بركابه."
قال: قلت: يا أبا عبد الله من عن الشعبي.
قال: ابن أبي زائدة عن مجالد عن الشعبي.
قال: قلت: يا أبا عبيد هذه ثالثة."اهـ(6).

هذا ونسأل الله أن ينفعنا ويغفر لنا ويرحمنا وصلى الله على نبيه محمد وآله وصحبه.

الهوامش
___________________________
(1)"آداب الصحبة"برقم:(126) ,تحقيق: مجدي فتحي _المطبوع_.
(2)"الزهد" برقم:487.
(3)"العزلة".
(4)انظر"روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" لابن حبان البستي.
(5) دون تعليق! ! ! ,وكما يقال في المثل: شتان بين ماء زمزم وبول الخنازير !!!!! .
فأين من يزعم الحنبيلة ! ؟ من هذه الصفات ,أم أن مذهب أحمد قاصر على الطهارة والصلاة ؟ , والألباء العقلاء يعرفون الجواب ! !.
وهذا جواب الإمام أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي, أورده في طبقات الحنابلة (2/189) , قال:"فهو إمامنا , ونقتدي به ونقول بقوله ,الواعي للعلم, والمتقن لروايته ,الصادق في حكايته, القيم بدين الله عز وجل, المستن بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, إمام المسلمين ,والناصح لإخوانه من المؤمنين ...قوله الصواب ومذهبه السداد, هو المأمون على كل الأحوال, والمقتدى به في جميع الفعال ."اهـ
(6)انظر "طبقات الحنابلة" :(2/211) ,تحقيق :عبد الرحمن بن سليمان العثيمين, وذكره السفاريني الحنبلي رحمه الله في كتابه الفذ:"نفثات صدر المكمد وقرة عين الأرمد لشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد", وغيرهما فليراجعها اللبيب الناصح ! !.

والله الموفق.