لمحات مختصرة في مسألة العجن في الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
فلا شك أن مسألة العجن في الصلاة ( أي القيام في الصلاة معتمدا على يديه ضاما لهما كهيئة العاجن ) ، من المسائل التي وقع فيها الخلاف ، خصوصا في عصرنا هذا ، بين الشيخ الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمة الله عليه ، والذي يرى مشروعية ذلك ، وبين غيره من العلماء ، الذين يرون عدم المشروعية، فأحببت أن أكتب شيئا مختصرا في هذه المسألة أنفع به إخواني غير متعصب ولا مقلد لرأي من الآراء ، وإنما بغيتي الوصول إلى الصواب والحق مما اختلف فيه العلماء ، بحسب قوة الدليل وسلامته من الاعتراض ، وقد استفدنا بعض ذلك من مباحثاتنا مع بعض الطلبة الأقوياء من تلاميذ الشيخ مقبل رحمه الله .
فأقول – وبالله التوفيق - :
إن هيئة العجن في الصلاة لم يثبت فيها دليل صحيح ، و لو افترضنا صحته فليس بصريح في إثبات المشروعية ، وهاك – يا طالب العلم – بعض الحجج على ما ذكرت :
- الحديث من رواية الهيثم ، وهو مجهول الحال وإن روى عنه خمسة من العلماء فشرط قبول روايته عدم تفرده أو مخالفته للثقات ، وقد قرأت يوما حديثا في السلسلة الضعيفة للعلامة الألباني ، ضعف فيه حديثا من رواية مجهول ، مع أنه روى عنه جمع من العلماء .
- ثم إن الراوي وقع في ضبط اسمه خلاف ، فعند الحربي " الهيثم " ، ورجح الشيخ الألباني أنه العبسي ، فيكون من قسم : مجهول الحال ، بينما وقع عند الطبراني أنه الهيثم بن علقمة بن قيس بن ثعلبة ، وهذا الظاهر – كما أفادني به بعض مشايخي – أنه من قسم : مجهول العين ، ولهذا قال ابن رجب في فتح الباري 7 293 :" والهيثم هذا غير معروف "
وإن كان سند الحربي أصحمن سند الطبراني ، لأن شيخ الطبراني متكلم فيه .
- أن الهيثم خالف حماد بن سلمة ، حيث رواه حماد عن الأزرق بن قيس بلفظ :" رأيت ابن عمر إذا قاممن الركعتين اعتمد على الأرض بيديه ..." رواه البيهقي في السنن الكبرى ( 2 / 135 ) برقم 2632
- ومما يقدح في رواية الهيثم أنه لم يرد في أي من دواوين السنة المعروفة كالصحاح أو السنن أو المسانيد ، فلو ثبتت هذه السنة لتوفرت الدواعي على نقلها – هذا من جهة الصحابة - ، ولتسابق الأئمة أيضا على روايتها في كتبهم
- لا يعلم من قال من المتقدمين بهذه الهيئة ، فأنكرها ابن الصلاح وغيره كما في التلخيص الحبير لابن حجر 3/ 625 – 626 ، وجاء في الفتح لابن رجب 7 / 293 :" وقال بعضهم: االعاجن هو الشيخ الكبير الذي يعتمد إذا قام ببطن يديه ، ليس هو عاجن العجين "
هذه لمحات مختصرة حول هذه المسألة ، وقد ألف العلامة الدكتور بكر بن عبد الله أبوزيد رحمه الله جزء مفردا في صفة العجن مطبوع ضمن الأجزاء الحديثية ، فليراجعه من شاء الاستزادة من الأدلة والبراهين
والمجال مفتوح لطلبة العلم ان يدلو بدلوهم في هذه المسألة ، والله تعالى أعلم .
|