إنّ دناءة النّفس لا يَتحمّلها إلاّ من جُبِل على اللؤم، وطُبع على رفض الكرامة والنُبل، وقد أكرم الله البشرية بتقليل هذا الصنف من بني البشر، لأنّ الواحد من هذه المخلوقات يُعرّض بلدا كاملا للفناء! فهو أخطر من الطاعون والوباء.
وكلّ من شيكَ بشوك هؤلاء يجد مرارة في قلبه لن تفارقه ما بقيت فيه حياة، فلئن كان ولوغ الكلب لا يفسد الإناء على صاحبه فإنّ ولوغ اللئيم في الأعراض لن تطهّره أتْرِبَة الدنيا وبحار المعمورة.
وإنّ إبراهيم بويران من أخصّ هؤلاء وأخسّهم، ومن أردئهم طريقة ومن أضعفهم ديانة، ومن أسوئهم سريرة، ومن أشدّهم مهانة، لو نطق اللؤم لقال ما أفجرك، ولو صاحت الخسّة لنادت: إليك عنّي ما أوقحك.
وإنّي والله ما تعودت على هذه الطريقة في الكتابة، وما نشأت على هذا الأسلوب في الخطابة، ولكنّها جمرة في الفؤاد أردت إطفاءها، ونكبة بالعباد قصدتُ رفعها، وربّ العالمين يقول في كتابه: {لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ، وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}.
وأُكرِمُ نفسي أن أُضاحكَ خائنا *** وأن أَتلقَّى بالمديح مُذمَّما