حَيّةٌ تُدافع عن أبي هُريرة .! أين أنتم يا أهل الغَيرة .؟!
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه قصة عجيبة وكرامة ربّانية لأبي هريرة رضي الله عنه، ذكرها الحافظ الذهبي وغيره وهي عبرة لمن يطعن فيه وينال منه ويتهمه بالكذب ،أنقلها هنا _لسَعْد بُوعُقبَة_وأمثال لعله يتعظ ويتوب،ويستغفر ربه ويكف لسانه عن سب وتنقص ،والنيل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء(2/618-619) :
قال الحافظ أبو سعد السمعاني : سمعت أبا المعمر المبارك بن أحمد : سمعت أبا القاسم يوسف بن علي الزنجاني الفقيه : سمعت الفقيه أبا إسحاق الفيروزآبادي : سمعت القاضي أبا الطيب يقول : كنا في مجلس النظر بجامع المنصور فجاء شاب خراساني فسأل عن مسألة المصراة،(1)، فطالب بالدليل حتى استدل بحديث أبي هريرة ،(2)، الوارد فيها فقال ، وكان حنفيا : أبو هريرة غير مقبول الحديث !
فما استتم كلامه حتى سقط عليه حية عظيمة من سقف الجامع ، فوثب الناس من أجلها وهرب الشاب منها وهي تتبعه !
فقيل له : تب ، تب . فقال : تبت ،تبت فغابت الحية فلم ير لها أثر !
قال الذهبي إسنادها أئمة.!
وأبو هريرة إليه المنتهى في حفظ ما سمعه من الرسول - عليه السلام - وأدائه بحروفه . وقد أدى حديث المصراة بألفاظه فوجب علينا العمل به وهو أصل برأسه" إهـ.
وذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (4/538-539):
قال: "وَفِي الْمَسْأَلَةِ حِكَايَةٌ ثَانِيَةٌ ذَكَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ بْنُ السمعاني عَنْ الشَّيْخِ الْعَارِفِ يُوسُفَ الهمداني عَنْ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ أَبِي إسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطبري قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا بِالْجَامِعِ بِبَغْدَادَ فَجَاءَ خُرَاسَانِيٌّ سَأَلَنَا عَنْ الْمُصَرَّاةِ . فَأَجَبْنَاهُ فِيهَا وَاحْتَجَجْنَا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَطَعَنَ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَقَعَتْ حَيَّةٌ مِنْ السَّقْفِ وَجَاءَتْ حَتَّى دَخَلَتْ الْحَلْقَةَ وَذَهَبَتْ إلَى ذَلِكَ الْأَعْجَمِيِّ فَضَرَبَتْهُ فَقَتَلَتْهُ".! إهـ.
ونقلها العلاّمة المباركفوري في " تحفة الأحوذي " (1/33) عن العلاّمة ابن العربي _رحمهما الله:
قالَ عِبْرَةٌ :
" قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ فِي بَحْثِ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ , وَإِنَّمَا كَانَا صَالِحَيْنِ فَرِوَايَتُهُمَا إِنَّمَا تُقْبَلُ فِي الْمَوَاعِظِ لَا فِي الْأَحْكَامِ , وَهَذِهِ جُرْأَةٌ عَلَى اللَّهِ وَاسْتِهْزَاءٌ فِي الدِّينِ عِنْدَ ذَهَابِ حَمَلَتِهِ وَفَقْدِ نَصَرَتِهِ ; وَمَنْ أَفْقَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ ؟ وَمَنْ أَحْفَظُ مِنْهُمَا خُصُوصًا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ بَسَطَ رِدَاءَهُ وَجَمَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ فَمَا نَسِيَ شَيْئًا أَبَدًا وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْمُعَافَاةَ مِنْ مَذْهَبٍ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالطَّعْنِ عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَلَقَدْ كُنْت فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ مِنْ مَدِينَةِ السَّلَامِ فِي مَجْلِسِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّامَغَانِيِّ قَاضِي الْقُضَاةِ , فَأَخْبَرَنِي بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَدْ جَرَى ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهَا بَعْضُهُمْ يَوْمًا وَذَكَرَ هَذَا الطَّعْنَ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ فَسَقَطَ مِنْ السَّقْفِ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ فَأَخَذَتْ فِي سَمْتِ الْمُتَكَلِّمِ بِالطَّعْنِ وَنَفَرَ النَّاسُ وَارْتَفَعُوا وَأَخَذَتْ الْحَيَّةُ تَحْتَ السَّوَارِي فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَتْ , فَاِرْعَوى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مِنْ التَّرَسُّلِ فِي هَذَا الْقَدْحِ "إهـ.
وذكرها الدميري في (حياة الحيوان/1/282):
قال:غريبة أخرى:
" في رحلة ابن الصلاح، وتاريخ ابن النجار (فذكر القصة)،ثم قال : قال ابن الصلاح: هذا إسناد ثابت، فيه ثلاثة من صالحي أئمة المسلمين القاضي أبو الطيب الطبري، وتلميذه أبو إسحاق وتلميذه أبو القاسم الزنجاني."إهـ.
فهذه قصة عجيبة وكرامة ربانية لأبي هريرة رضي الله عنه راوِية الإسلام ،وناقل كلام سيّد الأنام صلى الله عليه وسلم.
______________________
1)_هي مسألة فقهية تُنظر في كتب الفقه.
والمصراة: الناقة أو البقرة أو الشاة يصرى اللبن في ضرعها: أي يجمع ويحبس. قال الأزهري: ذكر الشافعي رضي الله عنه المصراة وفسرها أنها التي تصر أخلافها ولا تحلب أياما حتى يجتمع اللبن في ضرعها، فإذا حلبها المشتري استغزرها" إهـ.
[النهاية في غريب الحديث والأثر (3 / 27)].
(2)_عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«لاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ».
[متَّفقٌ عليه واللفظ للبخاري.( البخاري (٤/ ٣٦١)، ومسلم (٥/ ١٦٥-١٦٧)].
وفي لفظٍ لمسلمٍ (١٥٢٤) «فَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ».
اللهم إنا نبرأ إليك من طعن الطّاعنين في صحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، نقلة الوحي وحماة الدين رضي الله عنهم أجمعين .
التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد مراد شابي ; 02 Jun 2017 الساعة 04:57 AM
|