السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه أما بعد.
فإنه لما حزمت أمتعتي، وحان موعد رحيلي عن زواغي سليمان 2، وانقضى أجل تمدرسي بهذا الحي الجامعي العظيم، ولم يبق لي غير ليلة واحدة أقضيها مع إخواني في هذا الحي بصفة قانونية، اختلجني شعور لم أعهده من قبل، فأردت أن أشارك إخواني في هذا المنتدى الطيب بعض القصائد التي قيلت في فراق هذا الحي العظيم، والله المستعان:
قال أحد إخواننا من سكان زواغي سليمان2 وهو يستشعر مرارة الفراق:
"إبان أوشكت على الرحيل، ولم أرو من مجالسهم الغليل، وبكيت على فراق الأصحاب، وتفجرت عيناي ينابيع، وفاضت قريحتي وساحت مشاعري، فأنشدت من بحر الكامل:
أَزِفَ الرَّحِيلُ أَيَا زَوَاغِي فَاقْرِئِي --- مِنِّي السَّلاَمَ أَحِبَّةً لَن يَرْجِعُوا
وَابْقَيْ عَلَى خَيْرٍ فَإِنِّي ظَاعِنٌ --- عَنْ حَيِّكُمْ هَذَا الصَّبَاحَ مُوَدِّعُ
لَهَفِي عَلَى تِلْكَ الرُّبُوعِ فَإِنَّهَا --- لِي مَوْطِنٌ وَإِنِ ارْتَحَلْتُ وَمَرْبَعُ
وَتَخَالُهَا إِذْ فُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا --- جَنَّاتِ عَدْنٍ وَالأَرَائِكُ تُوضَعُ
وَكَأَنَّمَا رَسَمَ النَّسِيمُ بَهَاءَهَا --- وَالمِسْكُ فِي أَنْحَاءِهَا يَتَضَوَّعُ
وَإِذَا رَأَيْتَ اللَّيْلَ أَرْخَى سَدْلَهُ --- فَتَرَى الدُّجَى بِسَوَادِهِ يَتَبَرْقَعُ
قَمَرَان فيها يَجْلُوَانِ ظَلامَها --- إِن يَعْشُها ظُلَمٌ فَكُلٌّ يَطْلَعُ
وإذا رأيْتَ ثِمَارَها ونَعِيمَها --- فَقُطُوفُها تَدنُو ولَيسَتْ تُمْنَعُ
فَعَسَى أَزُورُك يَا زَوَاغِي طَالَمَا --- شَيْخَا(1) الجَزَائِر في رُبَاكِ تَرَبَّعُوا
وَالقَومُ قَامُوا يَنْهُلُون بِلَيلِهِم --- عَذبًا زُلَالَا صَافِيًا لم يَهْجَعُوا
وَلِجَمْعِ عِلمٍ يُجْمِعُون أُمُورَهُم --- يَا خَيْرَ ما جَمَعُوا ومَا قَد أَجْمَعُوا
أَعظِمْ بِهْم قَوْمًا وأَعْظِم جَمْعَهُم --- فَبِنَاؤُه المـَرصُوصُ لَا يَتَصَدَّعُ
أَسْرِعْ وَحُثَّ السَّيْرَ جَهْدَكَ نَحْوَهُم --- لَيسَ المـُعَايِنُ ذَا كَمَنْ هُو يَسْمَعُ
حَسْبُ المـُتَيَّمِ أَنْ يَزُورَ حَبِيبَهُ --- كَيْ يَخْبُوَ الشَّوْقُ الدَّفِينُ المـُوجِعُ
لَكَ يَا زَوَاغِي في القُلُوبِ مَحَبَّةٌ --- وَمَكَانَةٌ تَعْلُو وَقَدْرٌ يُرْفَعُ
هَذَا سَلَامِي يَا زَوَاغِي وَاعْلَمِي --- أَنَّ الفُؤَادَ بِحُبِّ دُورِكِ مُولَعُ.
وقال آخر:
لَو كُنْتُ أَبْكِي عَلَى شَيْءٍ لَأَبْكَانِي --- عَهْدٌ تَصَرَّمَ فِي زَوَاغِي سُلَيْمَانِ
حَيٌّ حَوَى مِنْ ثِمَارِ العِلْمِ أَجْمَعِهَا --- وَسَاكِنُوهُ لَعَمْرِي خَيْرُ سُكَّانِ.
وقال آخر:
كَفْكِفْ دُمُوعَكَ مَا يُبْكِيكَ أَبْكَانَا --- تُشْفَ وَيَسْعَدُ هَذَا الدَّمْعُ أَحْيَانَا
حَيُّ الأَحِبَّةِ إِذْ لَا نَبْتَغِي بَدَلَا --- وَبَلِّغِ الحُبَّ مَنْ بِزَوَاغِ حَيَّانَا.
-------
(1) يعني بهما الشيخين الوالدين: أبا عبد الرحمن عبد المجيد جمعة وأبا عبد الباري رضا بوشامة حفظهما الله تعالى وبارك فيهما وفي أعمارهما وأوقاتهما وجهودهما وأمدهما بالصحة والعافية وثبتهما على السنة ومتع السلفيين بعلمهما. آميـــــــــــــــــــــــــــــــن
--------------
ثم أرجو بعد هذا من قدماء -فضلاء- زواغي سليمان أن يثروا هذا الموضوع والحمد لله رب العالمين.
زواغي سليمان 2
قسنطينة
22 رجب1432