منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 04 Nov 2021, 01:57 PM
أبو كنان بلحسن علي أبو كنان بلحسن علي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
الدولة: تلمسان/الجزائر
المشاركات: 59
افتراضي ضرورة التثبّت و التحقّق من الكلام المنقول عبر مواقع التواصل الاجتماعي

يقول الله تعالى في محكم تنزيله بعد بسم الله الرحمن الرّحيم :**يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ** (1)
-يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليُحتاط له، لئلا يحكم بقوله فيكون -في نفس الأمر-كاذبا أو مخطئا، فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه، وقد نهى الله عن اتّباع سبيل المفسدين، ومن هاهنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال لاحتمال فسقه في نفس الأمر، وقبلها آخرون لأنا إنما أمرنا بالتثبت عند خبر الفاسق، وهذا ليس بمحقق الفسق لأنه مجهول الحال-(2).
أقول : و ما أكثر المجهولين في زمننا هذا ! خاصّة و أنّ الأخبار صارت تنتشر انتشار النّار في الهشيم ، و ما ساعد في انتشارها هو هذه المواقع التي يُطلق عليها -مواقع التواصل الاجتماعي- التي والله ما رأيتها مرتبطة بمصطلح التواصل ألبتّة ، كيف لا! و جلّ المنشورات إمّا داعية إلى التّفرقة أو المشاحنة أو الفسق ناهيك عن أمور أخرى تحدث لا يعلم بمدى فضاعتها و نجاستها إلّا الله ، نظرا لخبرتي المتواضعة التي جاوزت العقد من الزّمن مع بعض المواقع و أهمّها موقع -فايسبوك- ، فإنّ المشرفين عليه يقومون بتحليل المنشورات و الصّور و الاهتمامات الشخصيّة ، وحتّى المحادثات التي تتمّ في السرّ و يقومون بتجميعها و على أساسها يُقَيّم حسابك وتُحدّد شخصيّتك و تصبح متابعا و مستهدفا بمنشورات و إعلانات قد تبدو لك عشوائية للوهلة الأولى لكنّها مدروسة و منتقاة بعناية و دقّة فائقتَيْن ، و المُراد منها العبث بطريقة تفكيرك أو التّشكيك في منهجك و عقيدتك! قد تكون منشورات فرديّة و قد تكون عامّة ، و أعطيكم أمثلة حيّة ; من منّا لم يصادف منشورات تُشكّك في الصحابة الجبال أمثال عمر ابن الخطّاب و أبا هريرة رضي الله عنهما و الطّعن في روّاة الحديث و أشهرهم البخاري رحمه الله تعالى ، و كذا المنشورات التي تُحْيِي نعرات الجاهلية نحو ; طرق الاستسقاء بالطّقوس الوثنيّة التي كانت تتمّ في زمن الجاهليّة وذلك عن طريق التقرّب للأصنام *أنزار* أنموذجا ، و التّحريش بين أبناء الوطن الواحد و الدّين الواحد بكلام سفيه و كريه قد فصل فيه الإسلام قبل أربعة عشر قرنا حيث قالَ رسولُ اللهِ "صـلى اللهُ عليهِ و سلـم " : ( لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى )، و مع ذلك يصرّ هؤلاء على التفرقة بدعوى أنّ هذا عربيّ و ذاك أمازيغي و الآخر تركي و هندي و ماليزي و كردي و ضف ما تشاء فالأعراق والفروقات لا تنتهي و إنّما جعل الله فرقا واحدًا و حدّد أمرًا واضحا ليس اللّون أو اللّغة أو الجاه و إنّما الإسلام و درجة التّقوى ، قد نجد في هذه المواقع رجالا عقلاء و علماء و آخرون بُلهاء و جهلاء ، فالعقلاء يتكلّمون بالدّليل و الحجّة و المصدر الثّمين الذي هو الكتاب و السنّة ، و بالمقابل هناك الغوغاء و المشوشون والمتسلقون الذين اتّخذوا هذه المواقع منابرَ لهم و استرسلوا في النّشر و تقيُّؤِ سخافاتهم و خرافاتهم و هم مخدوعون بكثرة المصفّقين لهم ، و المتتبّع لأحداث العالم يدرك بأنّ الفواجع و القواسم التي وقعت في العشرية الأخيرة في بلدان الإسلام و عُرفت ب-الربيع العربي-كانت هذه المواقع هي النّواة التي أشعلت و أجّجت النيران ، فوقع الذي وقع و قُتل من قُتل و شُرّد من شُرّد و ما أحداث الجارتَيْن تونس و ليبيا عنّا ببعيد ، والظّاهر أنّ الذي وقع كان سببه تصديق نقل المجهولين و التّعاطف معهم فأصبحت هذه المواقع المرجع الوحيد ، يكفي أن يُنشر خبرٌ ما فتتلقّفه الصّفحات الطفيليّة وتنشره دونَما أدنى تمحيص أو تأكّد ، و تُقام الدّنيا و لا تقعد و غالبا ما تدقّ طبول الحرب و ينتشر عطر مَنشمِ* و الخبر أو السّبب في أصله لا وجود له و عارٍ من الصحّة .
إنّ من واجب المسلمين أن لا يتسرّعوا في محاربة إخوانهم المسلمين و أن لا ينسوا الفضل بينهم و أن يُذكّروا أنفسهم بأنّ تفرّقهم ضعف و اجتماعهم قوّة ، و أنّ المستفيد من الحرب بينهم هو عدوّهم الكافر الذي هو في الأصل ذئب يرتدي صوف نعجة ، يُعطيك من طرف اللّسان حلاوة و يروغ منك كما يروغ الثّعلب ، ولهذا كان لزاما علينا بصفتنا مسلمين أن نتعاون على البرّ و التّقوى وأن نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر و أن نحاول جاهدين إزالة اللُّبس ما استطعنا في كلّ أحوالنا من مقالاتنا و تعاملاتنا و تصرّفاتنا ، و لْنُذكّر أنفسنا و إخواننا بأنّنا محاسبون على كلّ شيء ، حتّى التّعليق الذي قد لا تُلقِ له بالا قد يكون وبالا عليك إن أدركك الموت و لم تتب من ذلك الامر و تتراجع عنه مصداقا لقوله صلى الله عليه و سلم : إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم(3) ، هذا و لْنراقب الله في أقوالنا و أفعالنا في السرّ و العلن و لْنجعل الكتاب والسنّة ميزانا لحياتنا و لْنرجع إلى علمائنا و نحكّمهم فيما بيننا و نسألهم عن ما اشتُبِه علينا و ما اختلفنا فيه ، وندع الخوض فيما لا يعنينا و لا دخل لنا فيه ، هذا و إن أصبت فمن الله وحده و إن أخطأت فمن نفسي الأمّارة بالسّوء و الشيطان ، و أستغفر الله و أتوب إليه ، و صلّى الله و سلّم و بارك على سيّدنا محمّد و آله و صحبه .
كتبه : علي بلّحسن صبيحة يوم الخميس 27 ربيع الأول 1443 هجري الوافق ل 04 نوفمبر 2021 نصراني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الآية رقم 05 من سورة الحجرات
(2) تفسيرابن كثير – المكتبة الشاملة
(3) رواه البخاري
• عطر منشم و كان عطرا له رائحة خاصة يطلق تمهيدا لخوض الحروب في زمن الجاهلية
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013