الاعتراض على من ساوى بين أهل العلم و عالم الافتراض

[أبو أيوب صهيب زين]

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله القائل في كتابه : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )[1]. و الصلاة و السلام على من قال :( إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر )[2] . و على اله و صحبه و من والاه, أما بعد :

فهاهنا ننبه الى مسألة مهمة جدا, و هي من جملة ما ابتلينا به في هذا العصر من اهانة العلم و أهله بوضع الرفيع منهم و رفع الوضيع , بل هناك من تعدى حده و راح يقارن جهودهم بالانترنت , مساوين بقولهم هذا أنفسهم بمن يثني عند العلماء الركب و يعكف على مجالسهم للنهل مما عندهم... يا سبحان الله !!

ولعل في ما رواه الامام ابن عبد البر -رحمه الله في كتابه "جامع بيان و فضله" ردا على أمثال هؤلاء المخرفين الجاحدين لفضل العلم و العلماء . اذ قال رحمه الله :أَنْشَدَنِي بَعْضُ شُيُوخِي لِأَبِي بَكْرِ بْنِ دُرَيْدٍ:

يَا طَالِبِي عِلْمَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ مَا أَنْتُمُ وَسِوَاكُمُ بِسَوَاءِ .[3]

و قال : وَيُنْسَبُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ مِنْ شَعْرِهِ سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ يُنْشِدُهُ لَهُ:

وَضِدُّ كُلِّ امْرِئٍ مَا كَانَ يَجْهَلُهُ وَالْجَاهِلُونَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَعْدَاءُ.[4]

ولقصر علمي وقلة زادي فيه أحببت أن أدعم ما ذكرت انفا بكلام أهل العلم و البصيرة ممن تكلم في هذه المسألة - ثبتهم الله و سددهم- , و للشيخ الفاضل أسامة بن سعود العمري -حفظه الله- كلمة فيها أسأل الله ان ينفع به الجميع .

قال الشيخ :
و هنا انبه عن شيء ذكّرنا به ’’قوقل’’ ، انبه على شيء ، بعض الناس يقولون ان بعض المسائل العلمية أصبحت الان ماذا ؟سهلة ، و الرجوع اليها سهل(ة) ، و اخذ الاحكام الشرعية سهل ، و ذلك بكتابة المسالة و ياتيك ماذا ؟ ياتيك ’’القوقل’’ و يتكلم ، و أن العلم الشرعي الان أصبح سهل و هذا من أبطل الباطل . و قد تناقشت مع بعض الأطباء في هذا الباب و ذكرت شيئا من هذا ، فقلت له أنت طبيب ، و الان لو أن انسان أصابته وعكة و دخل على ’’قوقل’’ و كتب مرضه ثم بعد ذلك أخرج الدواء و استعمل الدواء ، ايش تقول ؟ قال : هذا غلط !.. قلت لم ؟ قال : لأنه لا يميز . نقول نحن كذلك ، لا يميز من ذهب الى هذا البحث بين المسائل الشرعية حتى يستطيع ان يرجح بينها ، كما قالوا الاطباء ،و انا ايضا أردت هذا الجواب ، لكن اردت ان يخرج من فمه هو ، فكما انتم تقولون لا يميز و قد يصيبه بعض المضاعفات و البدن يختلف من بدن الى اخر ، فكذلك نحن في علم الشريعة. يدخل الى هذا البحث المتحرك او هذا البحث الحركي ، قد يجد مئات النتائج لكن لا يميز الراجح و المرجوح ، لا يميز بين الحق من الباطل ، لا يميز بين الحق و الفاسد، لا يميز الصحيح من الضعيف ، فلابد في ذلك ان يكون على طلب و على علم ، حتى ياخذ ، بل ان بعض الألفاظ قد يقول هذا المتكلم ، أو هذا الذي خرجت له نتائج :... و قال شيخ الاسلام ، ... و قال الشيخ ابن العثيمين و الناظر و المدمن في النظر في كلام شيخ الاسلام و ابن العثيمين ، يرى من أول وهلة ان هذا الكلام منسوب لشيخ الاسلام و ابن العثيمين ، اما الذي يتحدث و لا يدري و لا يقرا و لم يدمن النظر في كلام الأئمة فانه تنطلي عليهم مثل هذه المسائل في الواتساب ، ياخذ كلام و أمور من الانترنت و يقول : قال شيخ الاسلام ... و يجد بعض العبارات العصرية التي مستحيل ان يكون شيخ الاسلام قال بها ، و بعض الامور منسوبة للائمة و هي مستحيل ان هم قالوا به ، وقد نبهت في رسالة لبعض الاقوال المنسوبة لشيخ الاسلام و بعض الاقوال للشيخ ابن العثيمين ، فالشاهد انه ليس كل من يبحث في هذه الانترنت يستطيع ان يميز بين الغث و السمين .

المادة في المرفقات
-----------------------------------------------------------------------------------------------
[1]- [ال عمران :18]
[2]- أخرجه أبو داود في سننه (3/317رقم3641) ، والترمذي في سننه (5/48رقم2682) وصححه العلامة الألباني.
[3]- جامع بيان العلم وفضله:[ 1/ 151 ] .
[4]- جامع بيان العلم وفضله:[ 1/ 218 ].