منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 08 May 2021, 07:16 PM
أبو بكر يوسف قديري أبو بكر يوسف قديري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 286
افتراضي من نفائس فتح الباري: تحديد ليلة القدر

بسم الله الرحمن الرحيم
من نفائس فتح الباري: تحديد ليلة القدر

تنبيه: ما ببن [ ] زبادة مني توضيحًا

قال ابن حجر:
وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافا كثيرا، وتحصّل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولا، كما وقع لنا نظير ذلك في ساعة الجمعة، وقد اشتركتا في إخفاء كل منهما ليقع الجد في طلبهما.
- القول الأول: أنها رفعت أصلا ورأسا،
حكاه المتولي في التتمة عن الروافض، والفاكهاني في شرح العمدة عن الحنفية! وكأنه خطأ منه، والذي حكاه السروجي أنه قول الشيعة، وقد روى عبد الرزاق من طريق داود بن أبي عاصم عن عبد الله بن يُحَنَّسَ قلت لأبي هريرة: زعموا أن ليلة القدر رفعت قال: كذب من قال ذلك، ومن طريق عبد الله بن شريك قال: ذكر الحجاج ليلة القدر فكأنه أنكرها، فأراد زر بن حبيش أن يحصبه فمنعه قومه.
- الثاني: أنها خاصة بسنة واحدة وقعت في زمن رسول الله ﷺ،
حكاه الفاكهاني أيضا
- الثالث: أنها خاصة بهذه الأمة ولم تكن في الأمم قبلهم،
جزم به ابن حبيب وغيره من المالكية، ونقله عن الجمهور، وحكاه صاحب العدة من الشافعية ورجحه، وهو معترَض بحديث أبي ذر عند النسائي حيث قال فيه: قلت يا رسول الله أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت؟ قال: "لا بل هي باقية".
وعمدتهم قول مالك في الموطأ: بلغني أن رسول الله ﷺ تقاصَرَ أعمارَ أمته عن أعمار الأمم الماضية فأعطاه الله ليلة القدر.اه وهذا يحتمل التأويل فلا يدفع التصريح في حديث أبي ذر.
- الرابع: أنها ممكنة في جميع السنة،
وهو قول مشهور عن الحنفية، حكاه قاضيخان وأبو بكر الرازي منهم، وروي مثله عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وغيرهم،
وزيف المهلّب هذا القول، وقال: لعل صاحبه بناه على دوران الزمان لنقصان الأهلة، وهو فاسد، لأن ذلك لم يُعتبر في صيام رمضان فلا يعتبر في غيره حتى تنقل ليلة القدر عن رمضان. اه
ومأخذ ابن مسعود كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي بن كعب أنه أراد أن لا يتكل الناس.
- الخامس: أنها مختصة برمضان ممكنة في جميع لياليه،
وهو قول ابن عمر، رواه بن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه، وروي مرفوعا عنه أخرجه أبو داود. وفي شرح الهداية الجزم به عن أبي حنيفة، وقال به ابن المنذر والمحاملي وبعض الشافعية، ورجحه السبكي في شرح المنهاج، وحكاه ابن الحاجب رواية، وقال السروجي في شرح الهداية: قول أبي حنيفة إنها تنتقل في جميع رمضان، وقال صاحباه إنها في ليلة معينة منه مبهمة، وكذا قال النسفي في المنظومة:
وليلة القدر بكل الشهرِ. دائرةٌ وعيّناها فادرِ. اه
وهذا القول حكاه ابن العربي عن قوم، وهو السادس.
- السابع: أنها أول ليلة من رمضان،
حُكي عن أبي رزين العقيلي الصحابي،
وروى ابن أبي عاصم من حديث أنس قال: ليلة القدر أول ليلة من رمضان. قال ابن أبي عاصم: لا نعلم أحدا قال ذلك غيره.
- الثامن: أنها ليلة النصف من رمضان،
حكاه شيخنا سراج الدين بن الملقن في شرح العمدة، والذي رأيت في المفهم للقرطبي حكاية قول أنها ليلة النصف من شعبان، وكذا نقله السروجي عن صاحب الطراز، فإن كانا محفوظين فهو القول التاسع، ثم رأيت في شرح السروجي عن المحيط أنها في النصف الأخير.
- العاشر: أنها ليلة سبع عشرة من رمضان،
روى ابن أبي شيبة والطبراني من حديث زيد بن أرقم قال: ما أشك ولا أمتري أنها ليلة سبع عشرة من رمضان ليلة أنزل القرآن. وأخرجه أبو داود عن ابن مسعود أيضا.
- القول الحادي عشر: أنها مبهمة في العشر الأوسط،
حكاه النووي وعزاه الطبري لعثمان بن أبي العاص والحسن البصري، وقال به بعض الشافعية.
- القول الثاني عشر: أنها ليلة ثمان عشرة،
قرأته بخط القطب الحلبي في شرحه، وذكره ابن الجوزي في مشكله.
- القول الثالث عشر: أنها ليلة تسع عشرة،
رواه عبد الرزاق عن علي، وعزاه الطبري لزيد بن ثابت وابن مسعود، ووصله الطحاوي عن ابن مسعود.
- القول الرابع عشر؛ أنها أول ليلة من العشر الأخير،
وإليه مال الشافعي، وجزم به جماعة من الشافعية، ولكن قال السبكي أنه ليس مجزوما به عندهم لاتفاقهم على عدم حنث من علّق يوم العشرين عِتقَ عبده في ليلة القدر أنه لا يعتق تلك الليلة بل بانقضاء الشهر على الصحيح بناءً على أنها في العشر الأخير، وقيل: بانقضاء السنة بناءً على أنها لا تختص بالعشر الأخير بل هي في رمضان.
- القول الخامس عشر: مثل الذي قبله إلا أنه إن كان الشهر تاما فهي ليلة العشرين وإن كان ناقصا فهي ليلة إحدى وعشرين وهكذا في جميع الشهر، وهو قول ابن حزم وزعم أنه يجمع بين الأخبار بذلك،
ويدل له ما رواه أحمد والطحاوي من حديث عبد الله بن أُنيس قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "التمسوها الليلة" قال: وكانت تلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين فقال رجل: هذه أُولى بثمانٍ بقين قال "بل أُولى بسبعٍ بقين فإن هذا الشهر لا يتمّ"
- القول السادس عشر: أنها ليلة اثنين وعشرين، وسيأتي حكايته بعد،
وروى أحمد من حديث عبد الله بن أُنَيس أنه سأل رسول الله ﷺ عن ليلة القدر وذلك صبيحة إحدى وعشرين فقال: "كم الليلة؟" قلت: ليلة اثنين وعشرين فقال: "هي الليلة أو القابلة"
- القول السابع عشر: أنها ليلة ثلاث وعشرين،
رواه مسلم عن عبد الله بن أُنيس مرفوعا: أُرِيتُ ليلة القدر ثم نسيتها فذكر مثل حديث أبي سعيد لكنه قال فيه: "ليلة ثلاث وعشرين" بدل إحدى وعشرين.
وعنه قال: قلت يا رسول الله إن لي بادية أكون فيها فمرني بليلة القدر قال: "انزل ليلة ثلاث وعشرين"
وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح عن معاوية قال: ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين. ورواه إسحاق في مسنده من طريق أبي حازم عن رجل من بني بياضة له صحبة مرفوعا،
وروى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا "مَن كان متحريها فليتحرها ليلة سابعة" وكان أيوب يغتسل ليلة ثلاث وعشرين ويمس الطيب.
وعن ابن جريج عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس أنه كان يوقظ أهله ليلة ثلاث وعشرين.
وروى عبد الرزاق من طريق يونس بن سيف سمع سعيد بن المسيب يقول: استقام قول القوم على أنها ليلة ثلاث وعشرين.
ومن طريق إبراهيم عن الأسود عن عائشة ومن طريق مكحول أنه كان يراها ليلة ثلاث وعشرين
- القول الثامن عشر: أنها ليلة أربع وعشرين؛ كما تقدم من حديث ابن عباس في هذا الباب. [بلفظ: "التمسوا في أربع وعشرين" وصله أحمد في مسنده]
وروى الطيالسي من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا: "ليلة القدر ليلة أربع وعشرين"
وروي ذلك عن ابن مسعود والشعبي والحسن وقتادة، وحجتهم حديث واثلة أن "القرآن نزل لأربع وعشرين من رمضان"
وروى أحمد من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي الخير الصُّنابِحي عن بلال مرفوعا: "التمسوا ليلة القدر ليلة أربع وعشرين" وقد أخطأ ابن لهيعة في رفعه؛ فقد رواه عمرو بن الحارث عن يزيد بهذا الإسناد موقوفا بغير لفظه كما سيأتي في أواخر المغازي بلفظ: "ليلة القدر أول السبع من العشر الأواخر".
- القول التاسع عشر: أنها ليلة خمس وعشرين،
حكاه ابن العربي في العارضة، وعزاه ابن الجوزي في المشكل لأبي بكرة.
- القول العشرون: أنها ليلة ست وعشرين،
وهو قول لم أره صريحا إلا أن عياضا قال: ما من ليلة من ليالي العشر الأخير إلا وقد قيل إنها فيه.
- القول الحادي والعشرون: أنها ليلة سبع وعشرين،
وهو الجادة من مذهب أحمد، ورواية عن أبي حنيفة،
وبه جزم أبي بن كعب وحلف عليه كما أخرجه مسلم،
وروى مسلم أيضا من طريق أبي حازم عن أبي هريرة قال: تذاكرنا ليلة القدر فقال ﷺ: "أيكم يذكر حين طلع القمر كأنه شقُّ جفنة؟" قال أبو الحسن الفارسي: أي ليلة سبع وعشرين فإن القمر يطلع فيها بتلك الصفة.
وروى الطبراني من حديث ابن مسعود: سئل رسول الله ﷺ عن ليلة القدر فقال: "أيكم يذكر ليلة الصهباوات؟" قلت أنا وذلك ليلة سبع وعشرين.
ورواه بن أبي شيبة عن عمر وحذيفة وناس من الصحابة،
وفي الباب عن ابن عمر عند مسلم: رأى رجل ليلة القدر ليلة سبع وعشرين.
ولأحمد من حديثه مرفوعا: "ليلة القدر ليلة سبع وعشرين"
ولابن المنذر: "مَن كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين"
وعن جابر بن سمرة نحوه أخرجه الطبراني في أوسطه،
وعن معاوية نحوه أخرجه أبو داود،
وحكاه صاحب الحلية من الشافعية عن أكثر العلماء.
وقد تقدم استنباط ابن عباس عند عمر فيه وموافقته له، [رواه عبد الرزاق وفيه ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻋﻠﻤﺖ ﺫﻟﻚ؟ ﻗﻠﺖ: ﺧﻠﻖ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﻊ ﺳﻤﺎﻭاﺕ ﻭﺳﺒﻊ ﺃﺭﺿﻴﻦ ﻭﺳﺒﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻭاﻟﺪﻫﺮ ﻳﺪﻭﺭ ﻓﻲ ﺳﺒﻊ ﻭاﻹﻧﺴﺎﻥ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﺳﺒﻊ ﻭﻳﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺒﻊ ﻭﻳﺴﺠﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻊ ﻭاﻟﻄﻮاﻑ ﻭاﻟﺠﻤﺎﺭ، ﻭﺃﺷﻴﺎء ﺫﻛﺮﻫﺎ. ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ: ﻟﻘﺪ ﻓﻄﻨﺖ ﻷﻣﺮ ﻣﺎ ﻓﻄﻨﺎ ﻟﻪ]
وزعم ابن قدامة أن ابن عباس استنبط ذلك من عدد كلمات السورة وقد وافق قوله فيها {هي} سابع كلمة بعد العشرين، وهذا نقله ابن حزم عن بعض المالكية وبالغ في إنكاره، نقله ابن عطية في تفسيره وقال: إنه من ملح التفاسير وليس من متين العلم.
واستنبط بعضهم ذلك في جهة أخرى فقال: ليلة القدر تسعة أحرف وقد أعيدت في السورة ثلاث مرات فذلك سبع وعشرون.
وقال صاحب الكافي من الحنفية وكذا المحيط: مَن قال لزوجته أنت طالق ليلة القدر طلقت ليلة سبع وعشرين لأن العامة تعتقد أنها ليلة القدر.
- القول الثاني والعشرون: أنها ليلة ثمان وعشرين،
وقد تقدم توجيهه قبل بقول.
- القول الثالث والعشرون: أنها ليلة تسع وعشرين،
حكاه ابن العربي.
- القول الرابع والعشرون: أنها ليلة ثلاثين،
حكاه عياض والسروجي في شرح الهداية،
ورواه محمد بن نصر والطبري عن معاوية،
وأحمد من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة.
- القول الخامس والعشرون: أنها في أوتار العشر الأخير،
وعليه يدل حديث عائشة وغيرها في هذا الباب، وهو أرجح الأقوال، وصار إليه أبو ثور والمزني وابن خزيمة وجماعة من علماء المذاهب.
- القول السادس والعشرون: مثله بزيادة الليلة الأخيرة،
رواه الترمذي من حديث أبي بكرة وأحمد من حديث عبادة بن الصامت.
- القول السابع والعشرون: تنتقل في العشر الأخير كله،
قاله أبو قلابة، ونص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحاق، وزعم الماوردي: أنه متفق عليه، وكأنه أخذه من حديث ابن عباس أن الصحابة اتفقوا على أنها في العشر الأخير ثم اختلفوا في تعيينها منه كما تقدم،
ويؤيد كونَها في العشر الأخير حديث أبي سعيد الصحيح أن جبريل قال للنبي ﷺ لما اعتكف العشر الأوسط: إن الذي تطلب أمامك. وقد تقدم ذكره قريبا، وتقدم ذكر اعتكافه ﷺ العشر الأخير في طلب ليلة القدر واعتكاف أزواجه بعده والاجتهاد فيه كما في الباب الذي بعده.
واختلف القائلون به فمنهم من قال: هي فيه محتملة على حد سواء، نقله الرافعي عن مالك، وضعفه ابن الحاجب،
ومنهم من قال: بعض لياليه أرجى من بعض؛
فقال الشافعي: أرجاه ليلة إحدى وعشرين، وهو القول الثامن والعشرون،
وقيل: أرجاه ليلة ثلاث وعشرين، وهو القول التاسع والعشرون،
وقيل: أرجاه ليلة سبع وعشرين، وهو القول الثلاثون.
- القول الحادي والثلاثون: أنها تنتقل في السبع الأواخر، وقد تقدم بيان المراد منه في حديث ابن عمر هل المراد ليالي السبع من آخر الشهر أو آخر سبعة تعدّ من الشهر، ويُخرّج من ذلك القول الثاني والثلاثون.
- القول الثالث والثلاثون: أنها تنتقل في النصف الأخير، ذكره صاحب المحيط عن أبي يوسف ومحمد، وحكاه إمام الحرمين عن صاحب التقريب.
- القول الرابع والثلاثون: أنها ليلة ست عشرة أو سبع عشرة،
رواه الحارث بن أبي أسامة من حديث عبد الله بن الزبير.
القول الخامس والثلاثون: أنها ليلة سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين،
رواه سعيد بن منصور من حديث أنس بإسناد ضعيف.
- القول السادس والثلاثون: أنها في أول ليلة من رمضان أو آخر ليلة،
رواه بن أبي عاصم من حديث أنس بإسناد ضعيف.
- القول السابع والثلاثون: أنها أول ليلة أو تاسع ليلة أو سابع عشرة أو إحدى وعشرين أو آخر ليلة،
رواه بن مردويه في تفسيره عن أنس بإسناد ضعيف.
- القول الثامن والثلاثون: أنها ليلة تسع عشرة أو إحدى عشرة أو ثلاث وعشرين،
رواه أبو داود من حديث ابن مسعود بإسناد فيه مقال،
وعبد الرزاق من حديث علي بإسناد منقطع،
وسعيد بن منصور من حديث عائشة بإسناد منقطع أيضا.
- القول التاسع والثلاثون: ليلة ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين،
وهو مأخوذ من حديث ابن عباس في الباب حيث قال "سبع يبقَين أو سبع يمضِين"
ولأحمد من حديث النعمان بن بشير: "سابعة تمضي أو سابعة تبقى" قال النعمان: فنحن نقول ليلة سبع وعشرين وأنتم تقولون ليلة ثلاث وعشرين.
- القول الأربعون: ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، كما سيأتي في الباب الذي بعده من حديث عبادة بن الصامت [بلفظ: فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة]،
ولأبي داود من حديثه بلفظ: "تاسعة تبقى، سابعة تبقى، خامسة تبقى" قال مالك في المدونة: قوله "تاسعة تبقى" ليلة إحدى وعشرين إلخ.
- القول الحادي والأربعون: أنها منحصرة في السبع الأواخر من رمضان؛ لحديث ابن عمر في الباب الذي قبله [بلفظ: "فمن كان متحرّيها فليتحرّها في السبع الأواخر"].
- القول الثاني والأربعون: أنها ليلة اثنتين وعشرين أو ثلاث وعشرين؛ لحديث عبد الله بن أنيس عند أحمد.
- القول الثالث والأربعون: أنها في أشفاع العشر الوسط والعشر الأخير، قرأته بخط مُغلطاي.
- القول الرابع والأربعون: أنها ليلة الثالثة من العشر الأخير أو الخامسة منه،
رواه أحمد من حديث معاذ بن جبل.
والفرق بينه وبين ما تقدم أن الثالثة تحتمل ليلة ثلاث وعشرين وتحتمل ليلة سبع وعشرين فتنحلّ إلى أنها ليلة ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين، وبهذا يتغاير هذا القول مما مضى.
- القول الخامس والأربعون: أنها في سبع أو ثمان من أول النصف الثاني.
روى الطحاوي من طريق عطية بن عبد الله بن أنيس عن أبيه أنه سأل النبي ﷺ عن ليلة القدر فقال: "تحرها في النصف الأخير" ثم عاد فسأله فقال "إلى ثلاث وعشرين" قال: وكان عبد الله يحيي ليلة ست عشرة إلى ليلة ثلاث وعشرين ثم يقصر.
- القول السادس والأربعون: أنها في أول ليلة أو آخر ليلة أو الوتر من الليل،
أخرجه أبو داود في كتاب المراسيل عن مسلم بن إبراهيم عن أبي خلدة عن أبي العالية أن أعرابيا أتى النبي ﷺ وهو يصلي فقال له: متى ليلة القدر؟ فقال "اطلبوها في أول ليلة وآخر ليلة والوتر من الليل" وهذا مرسل رجاله ثقات.

وجميع هذه الأقوال التي حكيناها بعد الثالث فهلم جرا متفقة على إمكان حصولها والحث على التماسها،
وقال ابن العربي: الصحيح أنها لا تعلم وهذا يصلح أن يكون قولا آخر،
وأنكر هذا القول النووي وقال قد تظاهرت الأحاديث بإمكان العلم بها وأخبر به جماعة من الصالحين فلا معنى لإنكار ذلك.
ونقل الطحاوي عن أبي يوسف قولا جوّز فيه أنه يرى أنها ليلة أربع وعشرين أو سبع وعشرين، فإن ثبت ذلك عنه فهو قول آخر.

هذا آخر ما وقفت عليه من الأقوال وبعضها يمكن رده إلى بعض وإن كان ظاهرها التغاير،
وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجاها أوتار العشر، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين على ما في حديث أبي سعيد وعبد الله بن أنيس، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين، وقد تقدمت أدلة ذلك.
قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها كما تقدم نحوه في ساعة الجمعة، وهذه الحكمة مطردة عند من يقول إنها في جميع السنة وفي جميع رمضان أو في جميع العشر الأخير أو في أوتاره خاصة، إلا أن الأول ثم الثاني أليق به.

واختلفوا هل لها علامة تظهر لمن وفقت له أم لا؟ فقيل: يرى كل شيء ساجدا. وقيل: الأنوار في كل مكان ساطعة حتى في المواضع المظلمة. وقيل: يسمع سلاما أو خطابا من الملائكة. وقيل: علامتها استجابة دعاء من وفقت له. واختار الطبري أن جميع ذلك غير لازم وأنه لا يشترط لحصولها رؤية شيء ولا سماعه.

واختلفوا أيضا هل يحصل الثواب المرتب عليها لمن اتفق له أنه قامها وإن لم يظهر له شيء؟ أو يتوقف ذلك على كشفها له؟ وإلى الأول ذهب الطبري والمهلب وتبن العربي وجماعة، وإلى الثاني ذهب الأكثر، ويدل له ما وقع عند مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ "من يقم ليلة القدر فيوافقها" وفي حديث عبادة عند أحمد "من قامها إيمانا واحتسابا ثم وفقت له" قال النووي: معنى يوافقها أي يعلم أنها ليلة القدر فيوافقها ويحتمل أن يكون المراد يوافقها في نفس الأمر وإن لم يعلم هو ذلك وفي حديث زر بن حبيش عن ابن مسعود قال: من يقم الحول يصب ليلة القدر. وهو محتمل للقولين أيضا.
وقال النووي أيضا في حديث من قام رمضان وفي حديث من قام ليلة القدر: معناه من قامه ولو لم يوافق ليلة القدر حصل له ذلك ومن قام ليلة القدر فوافقها حصل له. وهو جار على ما اختاره من تفسير الموافقة بالعلم بها وهو الذي يترجح في نظري، ولا أنكر حصول الثواب الجزيل لمن قام لابتغاء ليلة القدر وإن لم يعلم بها ولو لم توفق له، وإنما الكلام على حصول الثواب المعين الموعود به.
وفرّعوا على القول باشتراط العلم بها أنه يختص بها شخص دون شخص فيكشف لواحد ولا يكشف لآخر ولو كانا معا في بيت واحد وقال الطبري: في إخفاء ليلة القدر دليل على كذب مَن زعم أنه يظهر في تلك الليلة للعيون ما لا يظهر في سائر السنة إذ لو كان ذلك حقا لم يخف على كل من قام ليالي السنة فضلا عن ليالي رمضان. وتعقبه ابن المنيّر في الحاشية بأنه لا ينبغي إطلاق القول بالتكذيب لذلك بل يجوز أن يكون ذلك على سبيل الكرامة لمن شاء الله من عباده فيختص بها قوم دون قوم والنبي ﷺ لم يحصر العلامة ولم ينف الكرامة، وقد كانت العلامة في السنة التي حكاها أبو سعيد نزول المطر ونحن نرى كثيرا من السنين ينقضي رمضان دون مطر مع اعتقادنا أنه لا يخلو رمضان من ليلة القدر. قال: ومع ذلك فلا نعتقد أن ليلة القدر لا ينالها إلا من رأى الخوارق بل فضل الله واسع ورب قائم تلك الليلة لم يحصل منها إلا على العبادة من غير رؤية خارق وآخر رأى الخارق من غير عبادة والذي حصل على العبادة أفضل، والعبرة إنما هي بالاستقامة فإنها تستحيل أن تكون إلا كرامة بخلاف الخارق فقد يقع كرامة وقد يقع فتنة والله أعلم

وفي هذه الأحاديث ردّ لقول أبي الحسن الحولي المغربي أنه اعتبر ليلة القدر فلم تفته طول عمره وأنها تكون دائما ليلة الأحد فإن كان أول الشهر ليلة الأحد كانت ليلة تسع وعشرين وهلم جرا ولزم من ذلك أن تكون في ليلتين من العشر الوسط لضرورة أن أوتار العشر خمسة.
وعارضه بعض من تأخر عنه فقال إنها تكون دائما ليلة الجمعة وذكر نحو قول أبي الحسن.
وكلاهما لا أصل له بل هو مخالف لإجماع الصحابة في عهد عمر كما تقدم وهذا كاف في الرد وبالله التوفيق.

انتهى كلامه رحمه الله

أعده يوسف قديري
26 رمضان 1442 الموافق 8 ماي 2020

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013