منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 11 May 2013, 02:42 AM
أبو جميل الرحمن طارق الجزائري أبو جميل الرحمن طارق الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 414
افتراضي الإبهار في الدفاع عن أمهات المؤمنين الأطهار ...وشرح حديث رفقا بالقوارير


الإبهار في الدفاع عن أمهات المؤمنين الأطهار

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره
و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا
من يهده الله فهو المهتد و من يضلل فلا هادي له
و أشهد أن لا إلَه إلا الله وحده لا شريك له
و أشهد أن محمدا عبده و رسوله
صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
أما بعد
فهذا مقال اختزلته من رد لي سابق على من أظنه تراجع عن قوله
فأعدت المقال بعد تهذيبه وإبهام المردود عليه
راغبا لما بعد النصرة لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن وكبت شانأهن من أجر فهو من باب الذب عن عرض النبي والذود عن كرامته عليه أفضل الصلاة والسلام والدفاع عن أزواجه وحبيباته وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين

فقد ورد في السة المطهرة حديث أدى بمن أساء فهمه إلى تأصيل فاسد وتعليل كاسد وكلام ساذج قبيح في أمهات المؤمنين رضي الله عن جميع نسائه عليه الصلاة والسلام

فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ وَكَانَ غُلَامٌ يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ
وهذا الحديث حق وهو في البخاري ومسلم وغيرهما
لكن الغريب هو انصراف البعض إلى شرح الحديث بتفسير خاطئ مرجوح معرضا عن التفسير السلفي السليم الذي فيه صيانة لعرض النبي عليه السلام وحفاظا على كرامة أزواجه بل عول على ما يعين الرافضة ويقويهم وينعشهم فيما يذهبون إليه من طعن في الأمهات رضي الله عنهن

ففسروا قول النبي صلى الله عليه وسلم : يا أنجشة رويدك سوقا بالقوارير
أي احذر من أن تسمع صوتك النساء
والحقيقة
أنه ورد في هذا تفسيرين الأول أنه ضعف عزائمهن وقلوبهن وافتتانهن وغيرها من الكلام الذي لا يليق أبدا بأمهات المؤمنين ونساء النبي عليه أفضل الصلاة والسلام كما سيأتي وقد بالغ الهروي في الإفحاش حتى قال في هذا المقام " والغناء رقية الزنى "

وأما التفسير الصحيح لقوله عليه السلام " رويدك سوقا بالقوارير " أنه خشي سقوط النساء من هوادجهن لأن الإبل أعنفت في السير لحداء أنجشة كما جاء صريحا في بعض الروايات
فالأحاديث يفسر بعضها بعضا مما لا يبقي مجالا للشك

منها
ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ وَكَانَ غُلَامٌ يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ

وهذا صريح في كون النبي خشي من سوقه للإبل لأن أنجشة كان حسن الصوت وكانت تنفعل معه الإبل
وفي صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ حَسَنُ الصَّوْتِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوَيْدًا يَا أَنْجَشَةُ لَا تَكْسِرْ الْقَوَارِيرَ
وجاء في مسند أحمد صريحا لا غبار عليه قال :
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ يَسُوقُ بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ فَاشْتَدَّ فِي السِّيَاقَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ
فلاحظ قوله عليه الصلاة والسلام " فاشتد في السياقة " فالعلة من نهيه إذا هي الشدة والسرعة في سوق الإبل التي نتجت من شدة حدائه وحسن صوته فانفعلت معه الإبل فخشي النبي عليه السلام من سقوطهن فينكسرن كما تنكسر القوارير

وفي رواية أخرى قال الإمام أحمد : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ :
بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ وَحَادٍ يَحْدُو بِنِسَائِهِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ قَدْ تَنَحَّى بِهِنَّ قَالَ فَقَالَ يَا أَنْجَشَةُ وَيْحَكَ ارْفُقْ بِالْقَوَارِيرِ

فماذا عساهم أن يقولوا في هذه الرواية وهل دل ضحكه عليه السلام إلا على إقراره لأنجشة حداءه
وقوله "فإذا هو قد تنحى بهن " أي تقدم بهن لسرعة الإبل كما تؤيده رواية أخرى لأحمد قال :
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الْمَسِيرِ وَكَانَ حَادٍ يَحْدُو بِنِسَائِهِ أَوْ سَائِقٌ قَالَ فَكَانَ نِسَاؤُهُ يَتَقَدَّمْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ يَا أَنْجَشَةُ وَيْحَكَ ارْفُقْ بِالْقَوَارِيرِ

فمن هذه الروايات يتبين أن النبي عليه الصلاة والسلام إنما أنكر على أنجشة طريقة سوقه بالقوارير التي فيها تعنيف للإبل وسرعتها ومن ثم إمكانية سقوط نسائه من هوادجهن فينكسرن كما تنكسر القوارير
إذا إنكار النبي عليه السلام لطريقة سوقه للإبل لا لخشيت افتتان قلوب نسائه حاشاهن عليهن رضوان الله
كما توضحه هذه الرواية كذلك عن أحمد قال :
حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَبِي الْحَلَالِ الْعَتَكِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا أَنْجَشَةُ كَذَاكَ سَيْرُكَ بِالْقَوَارِيرِ

وكما توضحه كذلك هذه الرواية التي في مسند الحميدي
قال حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِخَادِمِهِ :« يَا أَنْجَشَةُ رِفْقًا قَوْدَكَ بِالْقَوَارِيرِ »

ولأحمد كذلك قال حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ وَعَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يَحْدُو بِالرِّجَالِ وَأَنْجَشَةَ يَحْدُو بِالنِّسَاءِ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ فَحَدَا فَأَعْنَقَتْ الْإِبِلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ

فتبين من هذه الروايات أن العرب كانت تحدوا إبلها بالشعر كي تسرع في السير وأن الإبل تنفعل مع الصوت الحسن وقد تعنف في سيرها وكان أنجشة يحدوا بإبل نساء النبي عليه السلام فأعنفت الإبل لحدائه وأسرعت حتى تنحت عن القوم وتقدمت بين يديهم فخشي النبي عليه السلام سقوطهن من هوادجهن فيحصل لهم الأذى وقد كانت معهن السيدة عائشة رضي الله عنها فأنكر عليه طريقة سوقه وقوده للإبل
أما ما يدعيه البعض من ضعف العزائم عندهن وخشية افتتانهن فلا يصلح أن يقال في آحاد نساء المؤمنين فكيف بنسائه عليه الصلاة والسلام
فالله سلم سلم

أما شرح بعضهم
رويدك = أي احذر من أن تسمع صوتك النساء
فلم أقف عليها عند أحد من شراح الحديث
وكذلك قول بعضهم أن هذا التفسير هو المأخوذ من رواية الحاكم وقد صححها ووافقه على ذلك الذهبي "
فهذا ليس بصحيح بل هو تدليس وتلبيس واضح لأن هذا التفسير ليس مأخوذ من الرواية وإنما هو مأخوذ من شيخ الحاكم وهو أبو معين محمد بن عيسى العطار وإليكم الرواية
قال أبو عبد الله الحاكم في مستدركه تحت حديث 5277
أخبرني أبو معين محمد بن عيسى العطار ، بمرو ، ثنا عبدان بن محمد الحافظ ، ثنا إسحاق بن منصور ، ثنا عبد الرحمن بن معن ، أنبأ محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أنس ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : كان البراء بن مالك رجلا حسن الصوت ، فكان يرجز لرسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، فبينما هو يرجز إذ قارب النساء ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إياك والقوارير » قال : فأمسك قال محمد : « كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمع النساء صوته » « هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه »

فيظهر جليا أن هذا التفسير ليس مأخوذا من الرواية أبدا وإنما هو مأخوذ من قول محمد ابن عيسى العطار وهو شيخ الحاكم
وأما الذهبي إن وافق فعن الرواية التي هي كسابقتها وتحمل على الصريح منها
أما الزيادة التي عند شيخ الحاكم فقد قال الذهبي رحمه الله في أقل منها قبح الله رافضيا افتراه

وأما ما ادعاه البعض عن ابن القيم والحاكم والبخاري والخطابي وأبو عبيد الهروي والقاضي عياض وغيرهم من العلماء أن نهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنجشة عن إنشاد هذا النوع من الشعر لأن لا تفتتن بصوته النساء
فهذا ليس قول محقق
ولا رأي مدقق
أما البخاري فخرج حديث أنس برواياته تحت باب
ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه
و باب ما جاء في قول الرجل ويلك
و باب المعاريض
فليس عند البخاري ما يوافق تلكم العلة العلولة لا في الرواية ولا في التبويب فمن أين أتوا بها ؟؟

وأما الحاكم فتقدم أن الكلام من شيخه محمد بن عيسى العطار وليس من كلامه فضلا عن روايته وقد أخرجها في باب ذكر البراء ابن مالك الأنصاري رضي الله عنه فليس لهم به متعلق

أما النووي فذكر القولين ولم يرجح فلا يسب إليه القول المعلول ويترك القول الثاني وهو الحق الموافق لباقي النصوص بل وساقه سياق المقر له وعلل بما يومه إلى اختياره له وترجيحه
قال رحمه الله كما في شرحه على مسلم
" وَالْقَوْل الثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد بِهِ الرِّفْق فِي السَّيْر ، لِأَنَ، الْإِبِل إِذَا سَمِعْت الْحُدَاء أَسْرَعَتْ فِي الْمَشْي وَاسْتَلَذَّتْهُ ، فَأَزْعَجَتْ الرَّاكِب ، وَأَتْبَعَتْهُ ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النِّسَاء يَضْعُفْنَ عِنْد شِدَّة الْحَرَكَة ، وَيُخَافُ ضَرَرُهُنَّ وَسُقُوطُهُنّ " أهــ

وأما الهروي قد أحسن الرد عليه الإمام السلفي أبو الفضل محمد بن ناصر السّلامي صاحب كتاب " التنبيه على الألفاظ التي وقع في نقلها وضبطها تصحيف وخطأ في تفسيرها ومعانيها وتحريف في كتاب الغريبين عن أبي عبيد أحمد بن محمد المؤدب الهروي "
قال رحمه الله :
ومن ذلك ما وقع أيضاً الخطأ في تفسيره ، ما ذكره في باب القاف مع الراء قال " أي الهروي ": " وفي الحديث أنه قال : لأنجشة – وهو يحدو بالنساء – : ( رفقاً بالقوارير ) شبههنّ بها لضعف عزائمهن ، والقوارير يُسرع إليها الكسر ، وكان أنجشة يحدو بهن ، وينشد من القريض ، والرجَز ما فيه تشبيبٌ ، فلم يأمن أن يصيبهن ، أو يقع في قلوبهن حداؤه ، فأمره بالكف عن ذلك ، وقيل الغناء رقية الزنا " .
قلت : هذا ما ذكره في كتابه , وهذا الذي ذكره من التفسير في قوله صلى الله عليه :"رفقًا بالقوارير " يعني النِّساء , وهنَّ أزواجه عليه السلام ، ورضي الله عنهنَّ ؛ لا يجوزُ ولا يَسوغُ أن يُحْمَل قوله عليه السلام على ذلك , إذ قد نزَّهَ اللهُ أزواجَ نبيه صلى الله عليه عن ذلك بقوله تعالى : ﴿الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ﴾ , وبقوله : ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ﴾ , وإنما أراد صلى الله عليه أنَّ الإبل إذا سمعت الحداء أعتقت وأسرعت السير , فربما قلق وضِينُ الهودج فوقعت إحداهنَّ من البعير لشدَّةِ السَّير ، فينكسر بعض أعضائها أو ينخلع . فشبههن بالقوارير لضعفهن , وأن الزجاج سريع الانكسار , ولم يُرد عليه السلام ما ذكره المصنف من ضعف العزائم , معاذ الله مما ظن فلقد أخطأ ظنه , وضعف عقله إذ حمل كلام الرسول عليه السلام على مالا يجوز في الشرع , ولا يسوغ في العقل .
ومما يقوي ما ذكرته ويوضحه ما أخبرناه المبارك بن عبد الجبار المروزي - قراءة عليه من كتابه – ثنا عبدالعزيز بن علي القرميسينيّ ، قال : أبنا محمد بن أحمد المفيد بجرجرايا قال : ثنا أحمد بن عبدالرحمن السقطيّ قال : ثنا يزيد بن هارون قال : أبنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال :
كان البراء جيد الحداء ، وكان حادي الرجال , وكان أنجشة يحدو بالنساء , فحدا ذات يوم فأعتقت الإبل فقال النبى صلى الله عليه وسلم :" رويدك يا أنجشة , رويدك سوقك بالقوارير"

وأخبرنا أبناء العم , عبدالرحمن بن أحمد ، وعبدالقادر بن محمد ، أبنا عبدالقادر بن محمد اليوسفي ، وهبة الله بن محمد الكاتب – بقراءتي على كل واحد منهم منفرداً – قالوا : أبنا أبو علي التميمي قال : أبنا أحمد بن جعفر القطيعي ، ثنا عبدالله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : ثنا ابن أبي عدي عن حُميد عن أنس قال :
كان رجل يسوق بأمهات المؤمنين , يقال له أنجشة ، فاشتد في السياقة , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أنجشة , رويدك سوقك بالقوارير"

وأخبرنا أبو الحسين بن الحمامي - قراءة عليه - قال : أبنا أبوالحسين الحراني قال : أبنا أبو بكر القطيعي ، قال ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ، قال : ثنا أبي ، ثنا حجاج ، قال حدثني شعبة ، عن ثابت البُناني , عن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فيمسير ، وكان حاد يحدو بنسائه أو سائق , قال : وكان نساؤه يتقدمن بين يديه فقال : " ياأنجشة ويحك أرفق بالقوارير"

فهذا الحديث يبين ما قلت من أن النبى صلى الله عليه وسلم , خشي على النساء أن يقعن من شدة السير من هوادجهن فتنكسر أعضاؤهن ، فأمره أن يرفق بهن في السوق , وشبههن لضعفهن بالقوارير مجازاً .
ولم تكن الحداة على عهد النبى صلى الله عليه وسلم , يحدون بالتشبيب كما ذكر هذا المؤلف , فقد حفظ ذلك ، ونقل في مغازيه وحجه عليه السلام , فمن ذلك ما ذكر أن عامر بن الأكوع كان يحدو بهم في طريق خيبر , وقد أمره النبى عليه السلام بذلك في تلك الغزاة فقال:
والله لولا الله ما أهتدينا ***** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينـا ***** وثبت الأقدام إن لاقينا
ومن ذلك قول عبدالله بن رواحة في يوم فتح مكة , وقد حدا بهم :
خلّوا بني الكفار عن سبيله ***** يارب إنى مؤمن بقيله
نحن ضربناكم على تنزيله ***** ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
ومن ذلك قول ذي البجادين وهو يحدو بهم أيضًا في غزوة أخرى
إليك تغدو قلقًا وضينها ****** مخالفًا دين النصارى دينها
معترضًا في بطنها جنينها
في أشباه لهذا كثيرة , ولم يكونوا يحدون بالتشبيب ولا بالنسيب , ولا ينشدون الشعر بألحان الغناء التى أحدثها المخنثون ، بل كان إنشادهم للشعر كالنصب للركبان ودعاء الرعيان وطريقة العرب العربان ، لا تخليع الشعر كفعل الفساق المجان ، فكيف يظن أن ذلك كان على عهد النبى عليه السلام ، وصحابته الأعيان الذين أثنى الله عليهم في القرآن ، ونزههم من كل دنس ولغو وطغيان ، وكذلك أزواجه المطهرات المبرءات من كل إفك وبهتان ؟
كيف يجوز لمسلم أن يظن بهن رضوان الله عليهن أنهن يملن الى سماع الغناء ، والتشبيب بالنساء وقد ميزهن الله تعالى على سائر نساء العالمين بقوله تعالى ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ وقد كان فيهن من تحفظ الكثير من الأشعار والقصائد الطوال ، مثل عائشة وزينب وأم سلمه رضي الله عنهن ؟
قالت عائشة : كنت أنشد النبي صلى الله عليه وسلم الشعر حتى يزبب شِدقاي ، ولقد أنشدته يومًا ألف بيت للبيد بن ربيعة ، ولم يغيرهن حفظ الشعر فكيف سماعه ، فهذا خطأ ممن يحمل قول النبى عليه السلام على هذا المعنى الركيك ، ويقول فيه : " الغناء رقيه الزنا " لو قيل هذا في حق أزواج المؤمنين كان قبيحاً لا يجوز أن ينطق به ، ولا يعتقد في المحصنات المؤمنات أنهن إذا سمعن الغناء كان داعياً لهن إلى الزنا ، فمُعْتَقِدُ ذلك فيهنّ آثمٌ كاذبٌ ، يجب عليه في ذلك إن صرح به الحد ، فكيف في حق أزواج النبى صلى الله عليه ، ورضي عنهن ، وهن المنزهات الطاهرات المبرءات من كل دنس وعيب وشين وريب ، إن أعتقد فيهن ذلك كان كافراً لقوله تعالى ﴿ يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ وهذا من المؤلف محمولٌ على السهو والغفلة وإن كان قصد هذا التفسير على عمد منه ولو كان منه كان فسق وضل وخسر وذل عفا الله عنا وعنه
أهــ
ما أعظم كلام هذا الإمام الجهبذ السلفي وكان رحمه الله شافعيا وكان قد أصابه شيئا من علم الكلام لكنه رحمه الله تراجع إلى عقيدة السلف وصدع بها
بل لما قال له الإمام أبا منصور المقرئ مذهب الشافعي حسن ، فتكون على مذهب الشافعي في الفروع و على مذهب أحمد و أصحاب الحديث في الأصول . فقال أبو الفضل : ما أريد أن أكون لونين و أنا أشهد الله و ملائكته و أنبياءه ، و أشهدك علي أني منذ اليوم لا أعتقد و لا أدين الله و لا أعتمد إلا على مذهب أحمد في الأصول و الفروع
كما ذكر قصته ابن قدامة مفصلا في كتابه التوابين

ومما يبين تأثر الإبل بالحداء أيضاً قول الشاعر

إِن كُنْتَ تنكِرُ أَن في ال ... أَلحَانِ تَأثِيراً ونَفْعَا
فَانْظُرْ إِلَى الإبِلِ الَتِي ... لاَ شَك أَغْلَظُ مِنْكَ طَبْعَا
تُصْغِي إِلَى صَوْتِ الحُدَا ... ه فَتَقْطَعُ الفَلَوَاتِ قَطْعَا

وذكر هذا الشعر العصامي في كتابه سمط النجوم العوالي وقال منكرا فيه على من انتحل القول المعلول الذي ينتحله البعض
فقال : والعجب من صاحب المواهب كيف جعل المعنى الأول هو المراد من الحديث فجعل علة النهي خوف أن يصيبهن أو يقع في قلوبهن حداؤه. وأردفه بإيراد المثل الذي أورده فليته لم يورده، وهو معنى غير لائق التعليل به في آحاد حرائر نساء المسلمين، فكيف يعلل به في المحدو بهن في الواقع وهن أمهات المؤمنين. على أن تشبيه النساء بالقوارير من الزجاج في الضعف وسرعة الكسر إليها إنما يلائم المعنى الثاني الذي حكاه بصيغة التمريض، فما مرضه هو الصحيح، وما صححه فقدمه هو المريض، إذ لا تمكن صحته إلا بضرب من المجاز، مع أنك أيها المنصف لو نظرت إليه في جادة الشرع وجدته قريباً من عدم الجواز.
والله أعلم
أهــ

فقول بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم إنما نهى أنجشة عن الحداء لخشية افتتان نسائه فحاشاهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
سبحانك هذا بهتان عظيم
نساء النبي عليه الصلاة والسلام وعلى رأسهم عائشة رضي الله عنهن نساء عفيفات عابدات ساجدات صائمات قانتات لربهن زاهدات ذاكرات حبيبات محببات إلى رسول الله عليه السلام وعليهن رضوان الله أجمعين , قد قرت أعينهن بخير البشر واطمأنت نفوسهن إلى ما فضلهن الله بزواجهن من رجل في منتهى الأخلاق والآداب والطيب والجمال والرجولة والشهامة والشجاعة والفصاحة والذكاء وللين والرحمة والشفقة مع ما فيه من علو مقام الرسالة والنبوة وهو في أعلى درجات العلا في الجنة
فوالله ما تمنين رضي الله عنهن غيره أبدا
ووالله لا يبغين عنه حولا ولا يرضين به بدلا
ففي حديث أم علقمة مولاة عائشة :
أن بنات أخي عائشة رضي الله عنها خفضن فألمن ذلك فقيل لعائشة : يا أم المؤمنين ألا ندعو لهن من يلهيهن ؟ قالت : بلى قالت : فأرسلت
إلى فلان المغني فأتاهم فمرت بهم عائشة رضي الله عنها في البيت فرأته يتغنى ويحرك رأسه طربا وكان ذا شعر كثير فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها :
أف شيطان أخرجوه أخرجوه
فأخرجوه
قال الألباني
أخرجه البيهقي ( 10 / 223 - 224 ) والبخاري مختصرا في " الأدب المفرد " ( 1247 ) بسند حسن أو يحتمل التحسين وقد أوردته في " صحيح الأدب المفرد " رقم ( 945 ) محسنا وصححه الحافظ ابن رجب في " نزهة الأسماع " ( ص 55 - طيبة )
رضي الله عنك يا أماه كم كثر منتقصيك
مع أن شعرهم لم يكن من جنس غنائنا اليوم الذي فيه النغمات الموسيقية وكلمات الغزل والمجون
قال الإمام الشاطبي في " الاعتصام " ( 1 / 368 ) بعد أن أشار إلى حديث أنجشة وهو في صدد الرد على بعض الصوفيين :
وهذا حسن لكن العرب لم يكن لها من تحسين النغمات ما يجري مجرى ما الناس عليه اليوم بل كانوا ينشدون الشعر مطلقا ومن غير أن يتعلموا هذه الترجيعات التي حدثت بعدهم بل كانوا يرفقون الصوت ويمططونه على وجه يليق بأمية العرب الذين لم يعرفوا صنائع الموسيقى فلم يكن فيه إلذاذ ولا إطراب يلهي وإنما كان لهم شيء من النشاط كما كان
أهــ


وأسأل الله جل في علاه أن يتوب على من تفوه به فالخطب جلل وقائله واقع في الزلل ولا ينفعه إلا صدق الرجوع إلى الله والبراءة مما صدر منه
ويظهر جليا أنه من يعتمد التفسير المعلول فهو لا يخلوا من أن يكون سوء فهم للحديث أو خيانة علمية وعدم تحقيق في نسبة القول إلى صاحبه أو إعمال لقول مرجوح يخالف الفطرة وتمجه النفوس السليمة مجا وترك لما يوافق النصوص الصحيحة الصريحة والتي فيها الحفاظ على كرامة الصحابة وعرض رسول الله عليه السلام وغلق الباب على الرافضة الزنادقة

والواجب على من يتصدر للدعوة أن يشحد همته في إبراز محامد الصحابة رضي الله عنهم ونبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وزوجاته الطاهرات المطهرات وأن يضرب لهم أروع الأمثلة في كل مجالات الدعوة والعمل وأن يبعد كل ما يتوهم منه انتقاصا لهم فضلا عما يكون صريحا في الطعن والسب
أما ما كان طعن غير مباشر وغير صريح وقد ذهل عنه صاحبه وفلتت منه عبارة غير مقصودة فهذا لا عيب فيه إذا تراجع عنه وتركها وحذر المسلمين من تقليده فيها فهذا نفتخر به ولا نعيبه وخطأه مما يدل على بشريته وأنه غير معصوم فيعامل معاملة السني السلفي الذي يرد خطأه وتحفظ كرامته
وأما من أصر على رأيه الفاسد قياسه الكاسد وذهب يبحث من سبقه بعبارة زل فيها وكبوة يحتج بها ليقر على ذنبه ومسبته ومنقصته فهذا ساقط لا كرامة له عند أهل السنة
وأما ما كان صريحا في الطعن والسب فهذا شأنه شأن الرافضة وزندقته مكشوفة نسأل الله السلامة والعافية

هذا والله أعلى وأعلم
وصلى الله على نبينا وسلم
أخوكم أبو جميل الرحمن طارق ابن أبي سعد الجزائري




رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أمهات المؤمنين, صحابة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013