منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24 Sep 2017, 12:41 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي الأخ المادي

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ المادي

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أمابعد:

في هذه الحياة تكثر التقلبات التي تغير الأشخاص وهناك أسباب عديدة ومنها تمكن الماديات على القلب فيميل صاحبها بسببها إلى حب الدنيا على حساب من يحب ، فتتغير أقواله وأفعاله وتصرفاته اتجاه أصحابه لأن المادة استحكمت في قلبه ، لن أتكلم عن أهل الدنيا من الفساق أو الفجار ولكن سأتكلم في هذا المقال عن الأخ المادي نعم مظهره الاستقامة والتدين ، ولكن طغت المادة عليه فأصبح لا يبالي بمن حوله ليس لديه شعور و لا احساس بالأخوة ، لسانه حال يقول أنا مشغول بجمع المال وليس لدي وقت معك ولا السؤال ، وخاصة إذا كان هذا الأخ ضعيف الحال وقليل المال ، تأتي رياح المرفهين فيميل معها غابت ابتسامته عن إخوانه يوم غاب احساسه ونقص إيمانه وكثر ماله.
لقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أننا لا نستطيع أن نسع الناس بأموالنا ولكن نسعهم بأخلاقنا فقال صلى الله عليه وسلم : ( إنكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم ، ولكن يَسَعهم منكم بَسْطُ الوجهِ ، وحُسْنُ الخُلُقِ ). [ حسن لغيره ، صحيح الترغيب ٢٦٦١ ].
و نبينا صلى الله عليه وسلم علمنا أن الغنى ليس هو كثرة المال وكذلك علمنا أن الإفلاس ليس قلة المال ، فقال صلى الله عليه وسلم لإبي ذر رضي الله عنه: ( يا أبا ذرٍّ ! أترى كثرةَ المالِ هو الغِنى ؟ . قلتُ : نعم يا رسولَ اللهِ ! قال : فترى قِلَّةَ المالِ هو الفقرُ ؟ قلتُ : نعم يا رسولَ اللهِ ! قال : إنما الغِنى غِنى القلبِ ، والفقرُ فقرُ القلبِ . [صحيح الموارد ٢١٣٨].
و في الحديث الآخر يخبر أن الإفلاس هو إفلاس الحسنات : قال صلى الله عليه وسلم : (أتدرون ما المفلِسُ ؟ قالوا : المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ . فقال : إنَّ المفلسَ من أمَّتي ، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مالَ هذا ، وسفك دمَ هذا ، وضرب هذا . فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه . فإن فَنِيَتْ حسناتُه ، قبل أن يقضيَ ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه . ثمَّ طُرِح في النَّارِ.) [صحيح مسلم ٢٥٨١ ]
الأخ المادي أصابه الفقر القلبي حين تخلى عن إخوانه و تخلق معهم بخلق الجفاء و الغلظة فقسى قلبه عليهم فابتعد عنهم وأقصاهم من حياته من حيث شعر أو لم يشعر ، وهذا هو الخسوف القلبي كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى : (متى رأيت القلب قد ترحل عنه حب الله والاستعداد للقائه، وحلَّ فيه حب المخلوق، والرضا بالحياة الدنيا، والطمأنينة بها، فاعلم أنه قد خسف به). [ بدائع الفواءد 3 / 743 ]
والأخ المادي خالط أصحاب المادة فسحبوه إلى موائد الدنيا فوقع في فتنتها : قال ابن القيم: (إن فضول المخالطة هي الداء العضال، الجالب لكلِّ شرٍّ، وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة، وكم زرعت من عداوة، وكم غرست في القلب من حزازات، تزول الجبال الراسيات، وهي في القلوب لا تزول، ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة، وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة). [ بداءع الفوائد 2 /498 ].
فالأخ المادي تخلى عن أصحابه الأتقياء و فتن بالماديين فاختل الوازع الديني عنده :
كم رأينا و سمعنا وشاهدنا من تغيرات لبعض الإخوة عندما خالطوا أصحاب المادة أو وسع الله عليهم في دنياهم، فتغيرت معهم أفعالهم وأقوالهم وابتعدوا عن دينهم وأصحابهم بقدر قربهم من أصحاب الدنيا.
قال المناوي: (مخالطة غير التقي، يخل بالدين، ويوقع في الشبه والمحظورات،..إذ لا تخلو عن فساد، إمَّا بمتابعة في فعل، أو مسامحة في إغضاء عن منكر، فإن سلم من ذلك- ولا يكاد - فلا تخطئه فتنة الغير به) . [ فيض القدير 6 / 525 ].
الأخ المادي تجده مفرط في فرائض الله تعالى لانهماكه في مصالحه الشخصية : فغالبا يتخلف عن صلاة الجماعة أو لا يصليها إلا في عمله أو بيته وقد يؤخرها عن وقتها ، وقد حذر نبينا صلى الله عليه وسلم عن ذلك فعن عُبَادة بن الصامت قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خَمْس صلوات افترضهنَّ الله على عباده، من أحسن وضوءَهنَّ وصلاتهن لوقتهنَّ، فأتمَّ ركوعهنَّ وسجودهنَّ وخشوعهنَّ، كان له عند الله عهْدٌ أن يغفرَ له، ومَن لم يفعلْ فليس له عند الله عهْدٌ؛ إنْ شاء غَفَر له، وإن شاء عذَّبه ) [رواه الإمام أحمد (21646) بإسناد صحيح ].
فالأخ المادي ابتعد عن صلاة الجماعة وصلاة الجماعة من أسباب الثبات على الدين، وتَرْكها من أسباب الانحراف ؛ فعن عبدالله بن مسعود قال: (مَن سرَّه أن يَلْقَى الله غدًا مسلمًا، فليحافظْ على هؤلاء الصلوات؛ حيث ينادَى بهنَّ، فإنَّ الله شرَعَ لنبيِّكم صلى الله عليه وسلم سُنن الهدى، وإنهنَّ من سُنن الهدى، ولو أنَّكم صلَّيتُم في بيوتكم كما يصلِّي هذا المتخلِّف في بيته، لتركتُم سُنَّة نبيِّكم، ولو تركتُم سُنَّة نبيِّكم، لضللتُم، وما مِن رجلٍ يتطهَّر، فيُحْسن الطهور، ثم يَعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلاَّ كتَبَ الله له بكلِّ خُطوة يخطوها حسَنَة، ويرفعه بها درجة، ويحطُّ عنه بها سيِّئة، ولقد رأيْتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤْتَى به يُهادَى بين الرجلين؛ حتى يُقام في الصف). [ رواه مسلم 654 ].
الأخ المادي تنافسه على الدنيا سبب هلاكه : ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم، أمته من التنافس على الدنيا وعلل ذلك بأنه سبب للهلاك، وأخبر بأن هذا الأمر قد وقع في الأمم السابقة. قال صلى الله عليه وسلم، قال: ( أبشروا، وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم) . [ رواه البخاري وسلم ].
لأن التنافس على الدنيا يؤدي إلى الحسد والحقد و التسلط التجبر والتكبر والطغيان و الاحتقار وهذه الأفات إذا دخلت القلب مرض وذهبت سلامته وهلك صاحبه وأفلس وافتقر من الإيمان ، ولو رضي العبد بما هو عليه لكان أغنى الناس وأسلمهم من هذه المهلكات قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ( إنَّ الرِّضا يفتح له باب السَّلَامة، فيجعل قلبه سليمًا نقيًّا من الغشِّ والدَّغل والغلِّ، ولا ينجو من عذاب الله إلَّا من أتى الله بقلب سَلِيم، كذلك وتستحيل سَلَامة القلب مع السَّخط وعدم الرِّضا، وكلَّما كان العبد أشدَّ رضى، كان قلبه أسلم). [ مدارج السالكين 2 / 201 ].
الأخ المادي يصبح لا يتأثر بالموعظة مع مرور الأيام ، بل يصبح لا يتقبلها لأن مزاحمة الدنيا لم تدع له وقتا لسماع أو طلب الموعظة أو طلب العلم ، فتجده مفرط في حلقات العلم ودروس المشايخ ولو كان العلم بجنب داره لتذرع بكثرةِ الأشغال – والله المستعان –
وهذا العذرُ جعلهُ الشيطانُ حاجزاً منيعاً، فالأخ المادي جعلَ الأشغالَ ذريعةً في التغيبِ عن حلقاتِ العلمِ، فلو جعلتَ العلمَ من أولويات لا ثانوياً لحصلت الشئَ الكثير، ولو تعلم حجمَ جهلنا، وحاجتنا للعلمِ لما تركت العلمَ أبداً، فحاجتنا للعلمِ وطلبه أشد من حاجتنا للطعامِ والشرابِ وطلب الدنيا.
ولذك كان الصحابة يخافون من قسوة القلب وشتاته بسبب كثرة الدنيا والانشغال بها : فكان أبو الدرداء يقول : اللهم إني أعوذ بك من تفرقة القلب . قيل : وما تفرقة القلب ؟ قال : أن يوضع لي في كل واد مال . [ حديث موقوف، الزهد والرقائق لابن المبارك ].
ويبقى علاج هذا الأمر هو أن يجعل الدنيا في يديه ولا يجعلها في قلبه ، لأنه لا يتعارض كثرة المال الحلال مع الصلاح والتقى ، قال صلى الله عليه وسلم : (نعم المالُ الصالحُ للمرءِ الصالحِ ) . [الألباني، مشكلة الفقر ١ صحيح ].
ويراعي بذلك شعور إخوانه و يتعاون معهم على البر و التقوى يعين محتاجهم و يساهم في الدعوة إلى الله و يحرص على طلب العلم وحضور مجالس الخير فيكون بذلك قد حقق الأخوة الإيمانية .


كتبه : أبو عبد السلام جابر البسكري
الأحد 04 محرم 1439هـجري

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد السلام جابر البسكري ; 24 Sep 2017 الساعة 12:43 PM
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, الأخ المادي, تزكية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013