منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 07 Jan 2016, 01:51 AM
أبو عبد الرحمن فتحي المستغانمي أبو عبد الرحمن فتحي المستغانمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: الجزائر - مستغانم
المشاركات: 41
افتراضي تسليط الأضواء على ما احتوته كلمة بلعيد أبي سعيد من الجفاء والبلاء ( الحلقات الأخيرة )

الحلقة الثالثة
تسليط الأضواء على ما احتوته كلمة بلعيد أبي سعيد من الجفاء والبلاء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاهم.
أما بعد:
فهذه حلقة أخرى في بيان جهالات أبي سعيد بلعيد - هداه الله- وانتقاصه للمشايخ السلفيين وتلاميذهم بالسخرية والاستهزاء.
أسأل الله أن يرفع بها الحق وأهله.

قال: خذ الأمثلة على ذلك، كم يتكلمون في الأشخاص بذون تثبت؟ بل أخبرني الثقة !!
قال العلماء إذا قال الشافعي إمام الأمة ... - مشي [بمعنى: ليس] عبد الحكيم دهاس-، إذا قال أخبرني الثقة، العلماء لا يأخذون بكلمة ثقة حتى يدرسوا هذا الثقة إن كان ثقة فعلا، لأنه قد يكون ثقة فقط عند هذا الإمام.

قال المستدرِك عفا الله عنه:
لا يزال خطباء الفتنة وحاملي لوائها يشغبون حول هذه المسألة، ولعل أن يكون أول من بث السموم وحفها بالشبهات في هذه الأعصار المتأخرة على حدّ علمي هو الكوثري الحنفي، فقام عليه ذهبيّ العصر - كما كان يحلو لشيخ شيوخنا الإمام الألباني أن يلقبه به- عبد الرحمن بن يحيى المعلمي يومها في كتابه التنكيل، عليهما رحمة الله، فانكشفت الغمة. وتجرّعها أصحاب الشخصيات المهزوزة، منهم المأربي وصال وجال بالتقعيد والتأصيل لهذا المذهب الباطل، ثم كشف الله عواره وقيد له علماء جهابذة كالشيخ الوالد ربيع المدخلي حفظه الله فبيّن زوره وأظهر الله تعالى به السنة. ثم خلفه في هذه الحرب على أهل السنة الحلبي ثم انتقلت العدوى إلى الكل، ونطق بها اليوم صاحب التحري "بلعيد".
وهو يقيس المسألة بعقله وتجربته في مجتمع الناس هذا. ويقضي بها على منهج قائم منذ فجر التاريخ الإسلامي، ويفتح فرجة للمستشرقين والزنادقة والفجار والمنافقين يلجون من خلالها لضرب الإسلام من الداخل. فهنيئا له ولأضرابه هذه الخدمة العظيمة يقدمونها لأعداء الإسلام والملة.
وإذا كان يظن أن علماءنا يقبلون كل خبر ينقل إليهم ويبنون على إثره أحكام، فهذا من جهله بأحوالهم. ونحن كذلك نتكلم عن واقع ووقائع!
وبلعيد إذا ما كان عايش حادثة وقعت له مع أفراد، فمن أين له طردها على كل حال. ثم هذا مربط الفرس، فليذكر لنا بلعيد أو غيره، مخالفة نسبها مشايخنا إليه أو لغيره وهو غير قائل بها، ومن تلك هذه، وهي التشكيك في مسألة خبر الثقة، وأخرى لعلها تأتي مناسبة في إظهارها.
ضف إليه أنه بتحامله على أهل الحق، ومحاماته على الشيخ العيد، وعابدين، والحلبي، والمأربي... فهو عامل على تحمل كل المآخذ التي نسبت إليهم وهم يُقرون بها ولا يتبرؤون منها، وإلا فليُعلن لنا الشيخ أبو سعيد براءته منها ومنهم، ثم إن مشايخنا في استعداد لاستقباله عندهم وبحفاوة أيضا.
فإن أبيت فأنت مصر على مواصلة حربك على السنة وأهلها، وخصومات الدنيا خصومات يوم القيامة. فأعد للسؤال جوابا.
وكما هو صحيح أن أعراض المسلمين معصومة، إلا بحق، فالعلماء منهم آكد فلحومهم مسمومة.
ولكن عرفنا أنّ القوم وإن رفضوا خبر الثقة فإنما لعصبيه حزبية مساخة يكاد ينعكس الموقف منه لو جاء الخبر من أنفسهم. ومن ذلك تصديقه لمديرهم ومن دون تثبت أيضا. فهل يخرج هذا - على زعمه - عن مسمى خبر الثقة؟! أم أنه يقبل للحاجة وفي سبيل المحاماة عن الرؤساء والزعماء؟!
نعوذ بالله من الخذلان. وقد قيل: "وراء الأكمة ما وراءها".
ثم أعلم أنه من تستر وراء هذا فأمره مفضوح، فإنما العلماء جرحوا من جرحوا ليس فقط بناء على خبر الثقة – وإن كان كافيا في إصدار أحكام بموجبه - ولكن لِما عَرفوا أيضا من الانحراف المنضوي عليه والتمادي فيه والإصرار عليه من خلال كتاباته ومقالاته وبعض كلامه المسجل والمشهود عليه. كما هو في شأن مَشيَختكم.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين (1/82): " والمقصود أن الشارع صلوات الله وسلامه عليه لم يرُد خبر العدل قط، لا في رواية ولا في شهادة، بل قبِل خبر العدل الواحد في كل موضع أخبر به... فالخبر الصادق لا تأتي الشريعة برده أبدا، وقد ذم الله في كتابه من كذب بالحق، ورد الخبر الصادق تكذيب بالحق.
وكذلك الدلالة الظاهرة لا ترَد إلا بما هو مثلها أو أقوى منها، والله سبحانه لم يأمر برد خبر الفاسق، بل بالتثبيت والتبيين، فإن ظهرت الأدلة على صدقه قُبل خبره، وإن ظهرت الأدلة على كذبه رد خبره، وإن لم يتبين واحد من الأمرين وقف خبره...
فعلى المسلم أن يتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قبول الحق ممن جاء به من ولي وعدو وحبيب وبغيض وبر وفاجر، ويرد الباطل على من قاله كائنا من كان... والمقصود أن الحاكم يقضي بالحجة التي ترجح الحق إذا لم يعارضها مثلها، والمطلوب منه ومن كل من يحكم بين اثنين أن يعلم ما يقع ثم يحكم فيه بما يجب، فالأول مداره على الصدق والثاني مداره على العدل، وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا والله عليم حكيم" ا ه
قال بلعيد: فيا عبد الحكيم بعّد من هذي الطريق هذي، وراه جاي دورك اسنى راه جاي دورك يطيحوك ويهدروا فيك ويتكلموا فيك كيما راك تتكلم في خاوتك راه جاي".
قال المستدرِك عفا الله عنه:
انتهى كلام المخذِّلين.
أقول هذا لأنه سبقني إليه إمام من أئمة الهدى الشيخ العلامة السلفي الفقيه ابن عثيمين عليه رحمة الله، لما سئل عن قواعد عدنان عرعور، فقال: "هذه قواعد مداهنة". نصحح ولا نهدم ولا نجرح، الإجمال في المعايب والتفصيل في المحاسن، التثبت، وإذا دعوتَ أجرتَ وإذا حكمتَ حوكمتَ وإذا سكت سلمت...
يعني يؤمّل أن يسكت علماؤنا عن بيان الحق ويكتموا الحق ويدهنون في الباطل ولا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا. وباختصار شديد: ضرب الإسلام بسيف الإسلام.
وأجد فيما بيّن وأوضح الشيخ العلامة الوالد ربيع المدخلي حفظه الله في "دفع بغي عدنان على علماء السنة والإيمان" كفاية وغُنية عن التطويل. فإن مصاب القوم واحد، وبعضهم يتجرع شبهات بعض، ولكل قوم وارث.
وهذه القواعد يقول بها بعض أخدان بلعيد في بلدتنا وجرت علينا بسبب بعضها محن وإحن، وخاصم فيها وذهب يلبس بكلام ابن عثيمين رحمه الله نفسه وكلام السيحمي حفظه الله... ويعاند ويفجر في الخصومة... ونحن نعتبر الناس بأخدانهم، فإنَّ المرء لا يخادن إلّا من يُعجبه. كما قال ابن مسعود رضي الله عنه. أو هو أيضا كما قال عليّ رضي الله عنه بعد قدومه الكوفة بثلاثة أيام: "قد عرفنا خياركم من شراركم، قالوا: كيف؟ وما لك عندنا إلا ثلاثة أيام، قال: كان معنا خيار وشرار، فانضم خيارنا إلى خياركم، وشرارنا إلى شراركم" انتهى.
قال الناصح الأمين بلعيد: فأنصح هؤلاء المشايخ يكونون مع الله، عليك أن تسعى لإرضاء الله فإن الله سيرضى عنك ويرضي عنك الناس.
قال المستدرِك عفا الله عنه:
قد فعلنا ذلك بحمد الله ومنته من غير وصيته، ومن جملة ذلك رددنا لقوله وتبينا فضيحته، "نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، كما صح الخبر عند مسلم.
وأما هو، فإنه بهذا القول شابه من قال فيه صاحب تحريم النظر: "آمر بالبر وناس نفسه وناه عن منكر ومخالف إلى ما نهى عنه، والله تعالى يمقت على ذلك قال الله تبارك وتعالى {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}، وعيّر الله تعالى اليهود بقوله سبحانه وتعالى {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم}، وروينا في خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يؤتى برجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور فيها كما يدور الحمار برحاه فيشرف عليه بعض من كان يعرفه في الدنيا فيقول أي فلان ما هذا وإنما معك كنا نعلم منك فيقول إني كنت آمركم بالأمر ولا آتيه وأنهاكم عن الأمر وآتيه أو كما لفظ الخبر.
وقد أخبر الله تعالى عن شعيب عليه الصلاة والسلام قوله {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}
وقالت الشعراء في ذلك أقوالا منها قول أبي الأسود

يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم
أتراك تُلقح بالرشاد عقولنا ... صفة وأنت من الرشاد عديم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
إبدأ بنفسك فأنهها عن غيِّها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك ينفع إنْ وعظتَ ويقتدى ... بالقول منك وينفع التعليم

وقال أبو العتاهية
يا واعظ الناس قد أصبحت متهما ... إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها
كمُلبس الثوب من عُريّ وعورته ... للناس بادية ما إن يواريها
وأعظم الذنب بعد الشرك تعلمه ... في كل نفس عماها عن مساويها
عِرفانها بذنوب الناس تبصرها ... منهم ولا تعرف العيب الذي فيها

وقال أيضا
وصفت التقى حتى كأنك ذو تقي ... وريح الخطايا من ثيابك يسطع

وأما قوله: "ما تخاف[ش] كن مستقيما على الجادة" فهذا كالذي سبق. مثَله كما الأثر "كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه".
وليطالبه أتباعه، بالسؤال عن ماهية الجادة ومعناها؟ أهي في مفارقة علماء الأمة والانشغال عنهم بمتابعة أولئك المتشيخة في قناتكم الضرار؟!
ولكن {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.
قال بلعيد: أخبرني أحد الإخوة قال واحد من المشايخ اللي راهو يتكلم فيك يا شيخ أبا سعيد، نشرتْ جريدة من الجرائد أنه يعمل مع جهات معينة. فقلت له: الجريدة تلك لا أثق فيها، فقال لي: سبحان الله يتكلم فيك وتدافع عليه؟! وهما ماهم[ش] قدامك! فقلتُ: هذا منهجنا!!
قال المستدرِك عفا الله عنه:
وكذلك هو لكل من إِذا استراث الخبر، أن يتمثل بقافية طرفَة: ويأتيك بالأخبار من لم تُزَوِّدِ.
وقل لي بالله عليك! أين دفاع أبي سعيد بلعيد عن من نُشر عنه الخبر في الجريدة تلك التي لا يتق بها كما يزعم؟؟!
وعَلِمنا من هذه الإشارة، أنه ينتحل صفة الأستاذ عند أولئك الشباب هداهم الله وفتح بصيرتهم على الحق والهدى، والواجب عليه حالتئذ النصح لهم بأن لا يأخذوا علمهم عن الجرائد، تلك التي لا يتق بها أو بغيرها سواء.
هذا ثم، تنبيههم إلى أنّ من تكلموا فيه، ليس لهم همٌ سوى لتحيا السنن وتموت البدع، لا للحظوة والرياسات، بله للتشفي فيه.
وليستحي أولئك من الطعن في مسألة خبر الثقات الأمناء والعلماء، وتصديق خبر الصحفيين والكتاب وفيهم الفساق والملاحدة والرافضة الأخباث.
وهذه الأسماء ليس مني! بل هو باعتراف منهم وإفصاح عن ملتهم.
وبالمناسبة فإن ذلك الذي جاء في خبر الجريدة بهتان وزور، والعامة تضحك منه، وتلك الجريدة يَومها، إنما جعلت من نفسها محلا للسخرية، وكل من قرأ الخبر من روادها استفزه الأمر، وذهب يبحث له عن غيرها، إذ هو استهزاء بقرائها واستخفاف بعقولهم.
إلاّ ما كان من حزبكم فهو يفرح ولو لأدنى شيء، ويُظهر الشماتة فينا كعادته. ومن ذلك قوله: شيخ من أساطين التجريح طيحوه!، ولا حصل من ذلك شيء، بل إننا نرى أعراضنا دون أعراض مشايخنا وعلمائنا. والحاصل إنما هو برهان على أن السلفيين لا يقرون الخطأ إذا ثبت. ولكن تحفظ كرامة من عُرف بالسنة ودفاعه عنها فهو يَعلمها ويجتهد في تعليمها ونشرها.
ولا تثريب علينا إن كان عَميَ عنكم ذلك! فـ {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}. وإنّ الخلط واقع فيكم، وهو السبب في تنكبكم لمنهج السلف، واعتقادكم أن السلفيين يرفعون ويضعون، بل إنّ هذا لله تعالى وحده، لا يشركه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل، {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. ومما ذكره أهل العلم: أن الرجل يزكيه عمله، وأن الحي لا تأمن عليه الفتنة. سلمني الله وإخواننا من كل فتنة ما ظاهر منها وما باطن.
وأما زعمك بأنك دافعت عن الشيخ عبد الغني - حفظه الله وألبسه لباس العافية- بمثل تلك الكلمة الجوفاء، فمن غفلتك أُوتيت، وما قصدك إلا كأولئك الذين {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}، والله بصير بالعباد.
قال: أما هما لو كان يجيهم واحد، يقول لهم كنت بين المنام واليقضة رأيت أبا سعيد آآآآ (كذا) فيُجاب: نعم أَهْ، قلنا لكم ولا لا، يفعلها نعم!
(تمثيل وتصنُّع، ونسمع الضحك في القاعة)
قال المستدرِك عفا الله عنه:
وهذه كعادة أهل البدع إذا ما أفلسوا من الحجة وضاقت عليهم السبل، تروحوا إلى عيب أهل السنة وذمهم، ومدح أنفسهم؛ والواجب أن يتكلم الإنسان بعلم وعدل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} الآية.
وأهل السنة والحديث في كل مكان وزمان، هم محنة أهل الأرض، يمتاز أهل السنة والجماعة بمحبتهم، والثناء عليهم. ويُعرف أهل البدع والاختلاف بعيبهم، وشنايتهم، وما أحسن ما قيل في إمام السنة، شعراً:

أضحى ابن حنبل محنة مأمونة ... وبـحب أحمد يعرف المتنسكُ
وإذا رأيت لأحمد متنقّصاً ... فاعلم بأن ستوره ستهتّكُ

وقد جاء عن السلف "علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر". وقال الإمام أبو عثمان الصابوني: "وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة، وأظهر آياتهم وعلاماتهم: شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم واحتقارهم واستخفافهم بهم" انتهى
قال: خلونا من الموضوع ذا، ادخل موضوع آخر تاع الزواج تاع الورود...
(ونسمع أيضا الضحك في القاعة)
ولا عجب، فلم نلحظ أصلا إن كان اجتماعكم للعلم والدرس، وهو من أوله إلى آخره لم نسمع فيه لا آية ولا حديث. وما أشبهه بالغفلة والسمر.
وما زلت أحضر مجلس شيخنا فركوس حفظه الله ومن قديم، وهو يسيح علينا من درر العلم كأنه الياقوت، فنسمع من كلام الله ومن سنة رسول الله ومن أخبار السلف والأئمة، والناس كأن على رؤوسهم الطير.
وفي الأثر عن علي رضي الله عنه، قال: «إذا تعلمتم العلم فاكظموا عليه، ولا تخلطوه بضحك وباطل، فتمجه القلوب»
قال الخطيب البغدادي رحمه الله: في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (1/ 156): "يجب على طالب الحديث أن يتجنب اللعب والعبث والتبذل في المجالس بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، فإنما يستجاز من المزاح يسيره ونادره وطريفه الذي لا يخرج عن حد الأدب وطريقة العلم، فأما متصله وفاحشه وسخيفه وما أوغر منه الصدور وجلب الشر، فإنه مذموم.
وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر، ويزيل المروءة" انتهى.
قال أحدهم في مجلسه ذاك: واحد الأخ من المجرِّحين هذو، قلت له كيف تهجر إخوانك من أهل السنة بمجرد أن تظن فيهم بدعة أو شيء غير ذلك، وتصيبهم [تجدهم] مع تاركي الصلاة ويجلسوا معهم. قال لي: البدعة أخطر من الكبيرة.
فأجاب المعلم بلعيد: "أحسنت ... وهذا من العلم النافع.
أن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، لكن يا جماعة هذا فيه تفصيل هناك بدع لا تصل إلى درجة أنها أكبر من المعصية لا، وهذا لا يستلزم الهجر ولا عدم الهجر. الهجر هذا أمر آخر" انتهى جوابه؟!
قال المستدرِك عفا الله عنه:
فوالله يا إخوان! إني مشفق لحالكم ولما صرتم إليه.
كيف تقبلون منه هذا، وتُسَلّمون لقوله، وتكتفون به؟ وأين الدليل على هذا؟ وما هذه التربية الصوفية؟
ومتى وجدتم معصية أضر على الإسلام من البدعة؟ مثلوا لنا! ومن سبقه إلى هذا القول؟ أهكذا يمر بلا استفسار ولا استشكال؟ وهل يصلح لمثل بلعيد حتى يستدرك على أقوال السلف والأئمة؟
وكان هو وحزبه دائما ما يعلون عقيرتهم، نحن على طريقة الألباني وابن باز وابن عثيمين! ونحن كذلك نعتقد أن هؤلاء أئمة هدى، فليأتنا بكلمة واحدة قالها هؤلاء العلماء رحمهم الله، يعضد بها مقالته تلك... وهيهات!
وأما أنتم فإن شاء الله كلكم تحفظون ثلاثة الأصول، وقول مصنفها رحمه الله تعالى: "... ومعرفة دين الإسلام بالأدلة" ولعلكم سمعتم قول الإمام أحمد للميموني رحمهما الله تعالى " إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام" والشيخ الألباني عليه رحمة الله كثير ما كان يدندن حول هذه، وترَك القول بأحكام فقهية توصل إليها باجتهاده، قال: إذا وجدتم إمام سبقني إليه فأنا قائل به. ومفهومه: "وإلا فلا".
فأين أنتم من هذا؟ فالذي أنتم عليه مجانب تماما لما كان عليه هؤلاء الأئمة الشيخ الألباني وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله جميعا، ولا كانت هذه طريقتهم ولا هي تلك التربية التي نشأ في أحضانها أجيال من السلفيين، وفي أنحاء العالم.
ومعلوم أن حقيقة البدعة استدراك على الشارع وتهمة له، لأن هذا المبتدع الذي ابتدع شريعة وليست هي من دين الله تعالى، يقول بحاله إن الدين لم يكمل وقد بقي عليه هذه. وكفى به طعنا في الدين وتكذيبا لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. قال مالك رحمه الله: "مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمداً خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}؛ فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً"
والبدعة وإن كانت صغيرة فإن صاحبها يقصد التعبد إلى الله بها، بخلاف المعصية. ولهذا فهي قول على الله بلا علم، وقد غلّظ الله تعالى في ذلك وجعله أعظم إثم من الشرك، لأن به قام سوق الشرك. قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}. قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (1/ 378): "قال الله تعالى في المحرم لذاته {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه فقال {والإثم والبغي بغير الحق} ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه، فقال {وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا} ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه، فقال {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، فهذا أعظم المحرمات عند الله وأشدها إثما، فإنه يتضمن الكذب على الله، ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه وتبديله، ونفي ما أثبته وإثبات ما نفاه، وتحقيق ما أبطله وإبطال ما حققه، وعداوة من والاه وموالاة من عاداه، وحب ما أبغضه وبغض ما أحبه، ووصفه بما لا يليق به في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله.
فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه، ولا أشد إثما، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات، فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم.
ولهذا اشتد نكير السلف والأئمة لها، وصاحوا بأهلها من أقطار الأرض، وحذروا فتنتهم أشد التحذير، وبالغوا في ذلك ما لم يبالغوا مثله في إنكار الفواحش، والظلم والعدوان، إذ مضرة البدع وهدمها للدين ومنافاتها له أشد، وقد أنكر تعالى على من نسب إلى دينه تحليل شيء أو تحريمه من عنده بلا برهان من الله، فقال {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} الآية. ".
وعَودٌ إلى قول بلعيد، وبعد هذا الذي استطردنا، فمن أين يأتي استدراكه ذاك؟ "ولكن فيه تفصيل"
وأين هذا التفصيل المزعوم؟! ولقد رأيناه يثير مسائل ثم يتفلت من مناقشتها.
فإذا تبين ذلك، فالناصح لنفسه يبادر بالرجوع والإنابة، والتوبة هذه من أعظم العبادات التي يحبها الله تعالى، [[وما هي توبة لفلان ولا علان]] وإنما هي عبودية لله وحده سبحانه وتعالى، فلا يثبطك عنها أيها الصادق! هؤلاء المتحزبة، وإياك ووساوس الشيطان.
وتتمة للفائدة، أختم بما قاله الإمام البربهاري رحمه الله في شرح السنة (38): "واعلم - رحمك الله - أن الدين إنما جاء من قِبل الله تبارك وتعالى، لم يوضع على عقول الرجال وآرائهم، وعلمه عند الله وعند رسوله، فلا تتبع شيئا بهواك، فتمرق من الدين، فتخرج من الإسلام، فإنه لا حجة لك، فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته السنة، وأوضحها لأصحابه وهم الجماعة، وهم السواد الأعظم، والسواد الأعظم: الحق وأهله...
إلى أن قال: واعلم أن الناس لم يبتدعوا بدعة قط حتى تركوا من السنة مثلها، فاحذر المحدثات من الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، والضلالة وأهلها في النار.
واحذر صغار المحدثات من الأمور؛ فإن صغير البدع يعود حتى يصير كبيرا، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة، كان أولها صغيرا يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع الخروج منها، فعظمت وصارت دينا يدان به فخالف الصراط المستقيم، فخرج من الإسلام، فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك [خاصة] فلا تعجلن، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر هل تكلم به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء؟ فإن وجدت فيه أثرا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء، ولا تختر عليه شيئا فتسقط في النار" انتهى.
.........
(يتبع) 
الحلقة الرابعة
تسليط الأضواء على ما احتوته كلمة بلعيد أبي سعيد من الجفاء والبلاء

قال بلعيد: ثم أقول لهؤلاء الذين يهجرون الناس، نقول لهم يا أخي! هذا الشيخ الذي قيل لك ما عنده علم لا ننصحك به، وقد يكون كذلك، خلاص أنا لا أدرس عنده، أنا أدرس عند الشيخ فلان وهذاك لا أدرس عنده لأنه... ما عمرليش عيني [هذه دارجة عامية، يراد بها: لا يعجبني]، يعني كما يقال، أو قيل أنه مستواه العلمي ... [كلمة غير مفهومة ولعله يريد: ضعيف]. لكن ما دخل الهجر، إذا رأيته في طريق غيرت الطريق وإذا التقيت به في حفلة زفاف أعطيه ظهرك [يريد: ولّيْته ظهرك] لماذا؟!
قال المستدرِك عفا الله عنه:
هذا محض افتراء، لا دليل عليه. ولا أحد من السلفيين فضلا عن مشايخهم يقول به.
وليمثل عن أعيان حُذر منهم، لا لشيء إلا أنه قيل فيهم لا تُعجب أجسامهم، أو أنه لم يبلغ مرتبة الإمام ابن باز أو الألباني في العلم.
ولكن لهم قاعدة يسيرون عليها هي منهجية في طلب العلم، "إنّ هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم" والأثر عن ابن سيرين رحمه الله تعالى. فمن كان من أهل السنة وحصلت له الأهلية للتدريس نصح به وبالأخذ عنه، أما غير هذا فلا يؤخذ عنه العلم صيانة للدين.
وذلك إما أن يكون مبتدعا، فيهجر حيا وميتا، ولا يلتفت إليه ولا لدروسه مكتوبة كانت أو مسموعة. كما هو الحال في مشيختكم.
وإما أن يكون سلفيا، لكنه فاقد لأهلية التدريس فيُنهى عنه، ويُهجر درسه، وتحفظ كرامته وتبقى الأخوة الإيمانية قائمة لا شوب فيها.
وقال مالك رحمة الله تعالى: "لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس، وصاحب بدعة يدعو إلى هواه، ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به".
قال بلعيد: قبل أيام ذهبنا إلى حفل زفاف تعشينا، لما جينا خارجين، شفونا الناس سلمنا عليهم، رأيت شابين ملتحيين، لما رأونا هربوا وتخباوْا وراء سيارة. لماذا تفعل هذا؟! لا تأتي عندي ولا تسمع خطبي لكن لماذا تهجرني؟! هذه افعلها مع شمس الدين، افعلها مع حسن نصر الله الرافضي، افعلها مع الخرافيين. أما اِلتقيت بي سلام عليكم كيف حالك؟ طيب لا باس، لكن أنا لا أطلب عنك العلم، خلاص ما فيش مشكل.
خلط كبير! ولكن الخلط من أين جاء من مشايخهم".

قال المستدرِك عفا الله عنه:
وكأن الشيخ بلعيد صار يستهوي القصص وهو يبتغيه بدلا عن العلم والفقه.
والحقيقة أن هذا الكلام لا يحتاج إلى بيان، فمجرد حكايته تغني عن رده. ولكن نحتسب في بيان ما قد يخفى عن أولئك الأغرار.
فأما عن شمس الدين الخرافي فقد رد عليه مشايخنا وعلماؤنا كالشيخ فركوس حفظه الله ودونك موقعه الرسمي، والشيخ لزهر والشيخ عبد الخالق ماضي والشيخ عبد الغني عويسات حفظهم الله جميعا. وغير هؤلاء، وإنما اقتصرتُ على المذكورين، لأن أقوالهم مسجلة وانتشرت.
وأما عن الرافضة، فقد يسر الله تعالى إقامة دورة كاملة في بيان ضلالهم ومروقهم من الدين، في الصائفة التي قبل عام ويزيد، تحت إشراف شيخنا عبد الحكيم حفظه الله وصان قدره، شارك في تنشيطها ثلة من المشايخ، وسجل خلالها ما هو أكثر من خمسة عشر محاضرة أقيمت وهي متوافرة مبثوثة في المواقع السلفية لمن أراد أن يشنف بها سمعه!
ولا تزال رحى الحرب دائرة بين السلفيين والطرقيين والخرافيين وسائر المخالفين، بالرد عليهم والتحذير منهم وأفعالهم وأقوالهم. والمنصف يشهد بهذا.
وأما السؤال: فهل سُر الشيخ بلعيد وأتباعه لهذا؟!! ثم ليدلل هو عن ما قدمه خدمة للسلفية والسلفيين؟
لكن قضية بلعيد في كونه يعتقد أن مسألة أخذ العلم، إنما هي بالذوق، والظن العاري عن القرائن الدالة على أهلية المعلم للتصدر والتدريس.
ولا عجب! فإن أحد أخدانه رجع من بلد مصر، فسئل: هل كانت له زيارات للمشايخ السلفيين هنالك؟ كالشيخ حسن بن عبد الوهاب البنا حفظه الله وغيره، فأجاب بالنفي: "لا!"
ثم راح يمدح ويطري بعض الأزهريين بأنهم بحور في العلم والتفسير و.، وهو يعترف بأن هؤلاء لا يرفعون رأساً بالسلفية.
والكل يعرف بأن فيهم اعتزال وجُلهم أشاعرة وفيهم تصوف وإخوانية وكل بلاء، نسأل الله السلامة.
ولكن يبقى أنّ له فيه سابقة، فها هو شيخه بلعيد، لما سئل عن زيارة العلماء، فقال: الصحيح أن زيارة المشايخ ليست من واجبات العمرة!! (كذا!)
والسؤال: فمن بدأ بالمفارقة والمزايلة؟ ومن أين جاء الخلط؟ ومن هو الذي يُنسب إلى التخليط؟! أترك لكم الجواب، معاشر القراء!
قال بلعيد: مثل أحد الإخوة جزاه الله خيرا من بسكرة، شاب طيب التقى مع أحد المجرِّحين الكبار تاع العاصمة. فقال له، فضيلة الشيخ: لماذا تتكلم في أبي سعيد؟ قال: عنده أخطاء. فقال: أنت فضيلتك العلامة ما عنك أخطاء؟ فبهت الذي ظلم!
قال المستدرِك عفا الله عنه:
والظن بالشيخ بلعيد أنه سيقول أنّ هذا الشاب الطيب الذي جاءه من بسكرة، ثقة!
تَقبلون خبره ولا داعي للتشكيك في عدالته وضبطه، لأن بلعيد لا يحدث إلا عن ثقة ثبت!؟
وأما التمثيل بقضية الإمام الشافعي رحمه الله مع إبراهيم بن يحي، فهذه نوردها على عبد الحكيم دهاس والسلفيين فقط!
فاعجب له!
ثم ليَعلم هذا ("الشاب الطيب") - أنقضه الله من أوحاله -، أن العبرة بالمخالفة وبطر الحق وغمط الناس والتعصب للرأي اتباعا للهوى، لا بمجرد الخطأ. فإن هذا يَرِد على كل أحد "وخير الخطائين التوابون".
والسلفيون ومشايخهم خاصة لا يتنكرون للحق، وليس بينهم وبين الحق عداء، ونقبل الحق ممن جاء به قريب أو بعيد، حبيب أو بغيظ، لكن ليس من طريقة أهل الحق كذلك التماسه عند من عُرفوا بالمخالفة وتنكب السلفية... ولكنكم لا تفهمون!
قال بلعيد: قالوا: أنت ما عندك أخطاء يعني ملائكة، وقيل فيك البركة، دروك نتمسحوا بك". [يعني: الآن، بالعامية]
قال المستدرِك عفا الله عنه:
فما يسعني وأنا أتأمل في كلام بلعيد هذا إلا أن أقول: إن لله وإنا إليه راجعون!

تصدر للتدريس كل مهوس ... جهول تسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيت قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها وحتى استامها كل مفلس

ولا حرج إن شاء الله أن نمد بعض إخواننا أولئك، بما لا يسعهم جهله، بما يفتح الله تبارك وتعالى بالتعليق على هذه الجملة.
وقبله أسأل الله لهم الخلاص والنجاة من شِراك أولئك الفتانين. ففروا بدينكم يا إخوان! والله ما كنتُ أظن بلغ بكم الحال إلى هذا.
ولكن ارجعوا إلى علمائكم وأكابركم «ألا وإن الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم» كما الأثر.
وأما أنا فتابع في هذا الخير، ولا يجرمنكم شقاقي أن تتركوا الحق وتتعصبوا للباطل حمية. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه مئاب.
قال أهل العلم: البركة وحقيقتها الثُّبُوت والاستقرار ومنه برك البعِير إِذا استَقر على الأرض.
ومعناها: حُصُول الخَير وثبوته ونماؤه.
والتبريك الدُّعَاء بذلك، ويقال: بارك الله له، وبارك الله فيه، وبارك الله عليه.
والبركة من أفعال الله تعالى ومما اختص به. ومن أفراد ربوبيته لا يشاركه فيها أحد مَن كان، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل. فالله سبحانه هو الذي يبارك. قال الله تعالى: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا}، وقال: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وعَلى إِسْحَاق}، وقال: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا}.
وفي حديث القنوت عن الحسن بن علي رضي الله عنه: "«وبارك لي فِيمَا أعطَيْت»" وفي حديث سعد بن الربيع رضي الله عنه: «بَارك الله لَك فِي أهلك وَمَالك» وقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم ومدهم» وقال: «بارك الله لك، أولم ولو بشاة».
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفّأ الإنسان إذا تزوج قال: «بارك الله لك وبارك عليكما وجمع بينكما في خير».
وكتاب الله مبارك، قال تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ}. والرب سبحانه وتعالى يُقال في حَقه تبَارك وَلا يقال مبارك. لأن البركة تحصل بفعله كما دلت عليه هذه النصوص. قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ}، وقال: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
قال ابن القيم رحمه الله: "وكل شيء لا يكون لله فبركته منزوعة. فإن الله تعالى هو الذي تبارك وحده، والبركة كلها منه، وكل ما نسب إليه مبارك".
وفي الصحيح البخاري رحمه الله "البركة من الله" قال الحافظ رحمه الله في الفتح (6/592): البركة مبتدأ، والخبر: من الله، وهو إشارة إلى أن الإيجاد من الله" اهـ
إذا تبيّن ذلك، فاعلم أنّ التبرك منه مشروع ومنه ما هو محضور.
فالمشروع منه: طلب الخير واستقراره وزيادته بفعل الأمر واجتناب النهي، والقيام بالطاعات وسائر العبادات. "فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته" كما الأثر عن علي رضي الله عنه. وقال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا () يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا () وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}، وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}.
وللاستئناس، فلما قفز الإمام أحمد رحمه الله وكان كبُر سِنّه، عَجِب له أصحابه، فقال: إنما حفظنا هذه الأجسام لله في الصغر فحفظها علينا في الكبر.
وأما التبرك الممنوع: فمنه ما هو شرك أكبر: ويقع باعتقاد أن المتبرَك به من سائر الأشياء يهب البركة بنفسه استقلالا. فهذا لا يليق إلا بمقام الربوبية.
وأما البدعي: فهو اعتقاد أن البركة تنال من الله بفعل شيء لم يخصه الشرع بها، وهذا شرك أصغر لأنه جعل ما ليس سبب سببا.
ومنه كي يُعلم أن التبرك في صفة التمسح بالشيخ الذي عناه "بلعيد" يندرج تحت هذا النوع الثاني، أي الممنوع:
1- فإما أن يكون قصد بكلامه أن الملائكة تهب البركة استقلالا. ثم لاشتراك العلة، يتبرك بالشيخ قياسا. وهذا شرك أكبر مخرج من الملة.
2- وإما أن يقول كنت مازحا - أو مستهزئا -، فعساه أن يدخل تحت قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ () لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}، وفي الحديث: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم»
3- وإما أن يقول قصدت التبرك البدعي وهو أهونها. وأنا تائب إلى الله من جميعها.
فانظر أيها تختار يا شيخ بلعيد! وانظر في حالك وتب إلى مولاك من قريب. وتأمل في قول السلف: "لحوم العلماء مسمومة".
قال بلعيد: - الهجر علينا أن نقتدي بأئمتنا: الإمام الألباني، الإمام ابن باز، الإمام ابن عثيمين.
- نفهم السلف الصالح على فهمهم.
- كيف تكون سلفيا كيف تكون من أهل السنة؟ عليك أن تفهم المسائل القديمة على فهم السلف الصالح، والمسائل المتجددة تفهمها على فهم العلماء الأحياء الذين عاشوا تلك الأحداث والحوادث.

قال المستدرِك عفا الله عنه:
هذه الجملة احتوت على مسائل جائرة ظالمة، يسعى من بعيد هو ومشيخته، لتأصيلها في الشباب.
أما الأولى: فحصر الاقتداء في مسألة هجر المبتدع في هؤلاء الأئمة فقط رحمهم الله، الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين.
والمقصود قد عُرف، حتى إذا تفلت من الحق الذي ليس له ولا لغيره مخالفته وطولب بالمخرج، قال: أنا على طريقة هؤلاء المذكورين.
وهل كانت طرقتهم غير طريقة السلف في معاملة المخالفين للسنة والحق؟!!
ولرُبّ سامع منه يريد أن يعرف:
- لماذا بلعيد يعمل على إقصاء العلماء الآخرين؟ الإمام مختار الذكر الشنقيطي صاحب أضواء البيان، الشيخ عبد الرزاق العفيفي، محمد أمان الجامي، أحمد بن يحي النجمي، حماد الأنصاري، حمود التويجري، زيد المدخلي رحمهم الله جميعا. ثم من الأحياء: صالح الفوزان، الشيخ اللحيدان، الشيخ ربيع، الشيخ عبيد، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ حسن، الشيخ عبد المحسن، الشيخ محمد بن هادي... حفظهم الله جميعا.
خاصة ونحن نعلم أن هؤلاء الأئمة ماتوا وهم راضون عن من ذكرنا بعدهم. ويحيلون عليهم في مسألة هجر المبتدع وغيرها في حياتهم، ويُوصون بهم، بل ويُقرِّضون كتبهم ويقدمون لها، ويشكرونهم ويشيدون بها. فما الذي تغير فيهم بعد ممات هؤلاء الأئمة حتى تغير رأي بلعيد؟
- وهل يجوز في نظر بلعيد أن يتمالأ هؤلاء العلماء جميعا ومشايخ الجزائر وغيرهم على إقرار الغلط في تطبيق هذه المسألة أو في التنظير لها؟
فإن أجاب بنعم. فما يمنعه ومشيخته من الاستدراك والتصحيح، وتبيين الحق بالأدلة الساطعة، ويشرح لها بما علمه من فهم الأئمة، الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين وفقط. وينقل لنا عنهم من كتبهم وأشرطتهم ويدلل عليها بالصفحة والرقم. حتى نقارن بين علمهم وتلاميذهم؟؟!
وأما الثانية: قال: نفهم السلف الصالح على فهمهم. (كذا! ولكن المقصود قد عُرف).
أي نفهم علوم السلف على وِفق ما فهموه هم. فاقتصر على ذكر أسماء الأئمة الثلاث، وأقصى الآخرين بل ومَن تقدمهم، فلا عاد شيخ الإسلام ابن تيمية ينفع ولا ابن القيم ولا الذهبي ولا ابن كثير ولا محمد بن عبد الوهاب ولا غير هؤلاء إلى يوم الناس هذا، فحصر العلم في ثلاثة وحجر واسعاً.
- فما دليل بلعيد على هذا الحجر والاقصاء؟
- ولو عكف طالب سلفي على مجالس علماء عصره أولئك الأحياء، ولم يحط خبرا بالمشايخ الثلاثة، أكان يخطئ العلم وفهم السلف للمسائل؟
- وهل أرشد هؤلاء الأئمة الثلاثة بلعيد إلى هذا، وأوصوه به، فإذا جاء الخبر عن غيرهم: فاضربوا به عرض الحائط ولا تلتفتوا إليه؟
- وهل يجوز على هؤلاء الثلاثة الخطأ في مسألة معينة ويكون الصواب في قول غيرهم؟ أم أنها العصبية المذهبية القديمة المتجددة؟
وبلعيد مطالب - اليوم أو بعد اليوم - بالإجابة عن هذا المسائل.
وقد كان علماء المدينة خبروا من حال سلمان العودة وأضرابه ما لم يحط به هؤلاء العلماء الثلاثة، ولا غضاضة، ولكنهم ما أنِ اكتشفوا ما خبأ لهم أولئك، نكلوا بهم بالتحذير منهم والبراءة من أعيانهم حتى أفتى الشيخ ابن باز عليه رحمة الله تعالى بحبسهم.
فإذا أقر بأنه يجوز أن يصيب غير هؤلاء الثلاثة رحمهم الله تعالى وغفر لهم، وهم يخطؤون، فقد نقض أصله.
والحاصل أنه من حق النصيحة لأتباعه أن يربطهم بالكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة. وكل من قال بالعلم يوزن قوله بهذه الأصول. ولا نحصر الحق بعد هذه الأصول المعصومة في أحد من كان.
قال في الثالثة: كيف تكون سلفيا كيف تكون من أهل السنة؟ عليك أن تفهم المسائل القديمة على فهم السلف الصالح، والمسائل المتجددة تفهمها على فهم العلماء الأحياء الذين عاشوا تلك الأحداث والحوادث.
وهذا تقسيم باطل لم يقل به لا الشيخ الألباني ولا ابن باز ولا ابن عثيمين عليهم رحمة الله ولا قال به مَن قبلهم ولا من بعدهم.
وإنما كانوا يدندنون جميعهم حول حتمية فهم الكتاب والسنة على ضوء فهم سلف الأمة. ولم نسمع بهذا التقسيم قط.
ولا أعلم أحدا سبق بلعيد إلى هذا القول: "نفهم المسائل العلمية القديمة بفهم السلف، ونفهم المسائل العلمية المتجددة بفهم الخلف". إلاّ أن تكون بلعيدية، كما كان يحلو لصاحبه نسبة أقواله الشاذة إلى اسمه.
وهل يكون المتجدد عند العرب غير ما سبقه وجود؟ فلا يخرج عن كونه قديم. فما صحة هذا التقسيم إذن؟!
وإنّ العلم الصحيح ما حوى علوم السلف وبلغوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نعلم نبيا بعده.
والحاصل أن هذا أقرب ما يكون إلى الهذيان أو من قبيل إشارات الصوفية التي لا يعقلها عاقل.
وأما الكلام: فما أفاد معنى صحيحا يشترك ذوو اللسان في إدراك مدلوله.
... ثم بدا لي فك عبارته تلك في شطرها الثاني، ثُم التعليق عليها في آخر هذه المباحث، لما وجدت من الفائدة في إجلائها والتنبيه عليها، وهي في قوله: "والمسائل المتجددة تفهمها على فهم العلماء الأحياء الذين عاشوا تلك الأحداث والحوادث".
وقبل ذلك يجب التنبه إلى قضية مهمة، ألا وهي في السؤال عن: من هم العلماء؟ وباختصار هم من أخذ علم الكتاب والسنة وتفقه فيهما على فهم سلف الأمة وأتقنه. كما أوضحه أهل العلم. وإنّ العالم من زكاه العلماء واعتبروه منهم، ولا عبرة بظنون أشباه العوام.
وأما إشارته تلك فهي تحتمل أمرين:
إما أنه يقصد: أنّ على المسلم أن يفهم ما استجد للأمة على وفق ما فهمه منها العلماء الأحياء، أي أهل الفتوى في النوازل. ومعلوم أن الطالب لا شأن له فيها، وإنما مثله مثل غيره ممن هم على أصل العمومية، يقتدي بفتواهم ويطيع لولاة أمره من العلماء.
(- إلا أن يكون له القدرة على التمييز فينظر في كيفية استدلالهم وإيرادهم للحجج وطرائق الاستنباط، يقصد الاستنارة بها ليزداد علمه بالمسائل-)
ولكن منع من هذا التأويل قوله في آخره: "عاشوا تلك الأحداث والحوادث". والمستجد الحادث لا يمكن أن يكون معاش من قَبل، فهذا جمع بين النقيضين. وهو من المحالات!
فلم يبق لنا إلا أن تكون كلمة "متجددة" مقصودة وهي على أصلها. والمعنى منه أنها أحداث وحوادث وقعت وأفل بريقها ثم ظهرت من جديد، بشكلها ووصفها. وبربط السباق واللحاق، أدركنا أنه إنما يريد تمييز المقالات ونسبتها إلى أهلها والحكم على منتحليها بما يقتضي المقام ذلك.
فكان التوجيه من الشيخ بلعيد إلى الرجوع إلى فهم من حضرها وعايشها.
فإذا سلم هذا من المعارضة، أجابنا عنه بما يناسب، والله المعين.
فبدأً يجب أن يعلم أنّ مقالات الخوارج والجهمية والمعتزلة وكذا الأشاعرة والماتريدية كلها متجددة، وهي مما بان عصر منشئيها ومؤسسيها، فإذا حصرنا العلم في من عايشها، أبطلنا ردها وإصدار الفتوى في حكم القائل بها في كل زمان ومكان بعد أئمة السلف الذين عاصروا القوم. ولا يخفى تعسفه وضعفه، لفساد لازمه. وهو في غاية المعارضة، كما يتضحه كل من له دراية بالكلام، صحيحه وسقيمه.
وإنما يؤخذ المرء بخدنه، ولكل قوم وارث. فمن قال بمقالتهم نسب إليهم. ومعلوم أن الشريعة لا تفرق بين متماثلين قط.
وقد حكم الشيخ الألباني رحمه الله على جماعة التبليغ بأنهم صوفية عصرية، ولم يكن لها سابقة إلا من حيث الرسم العام للطائفة. ومثله ما حكم به على جماعة سلمان العودة وسفر وناصر العمر، وقال عنهم خوارج عصرية، لموافقتهم للحرورية، ولم يحضرهم.
وتكلم الشيخ الوالد ربيع حفظه الله وإخوانه عن الحزبيات هذه، من زمان فتنة محمد بن سرور، ومحمود الحداد، عبد اللطيف باشميل، ففالح الحربي، والحجوري، وعدنان عرعور، فعبد الرحمن عبد الخالق، فالمأربي، فالحلبي، وبيّن ُبعد هذه الطرائق عن ما كان عليه السلف، لعلمه بالمنهج السلفي.
فظهرت مخالفاتهم، وعرفنا سبيلهم وميّزناه عن سبيل المؤمنين بفضل الله تعالى ثم الفضل لعلمائنا ومشايخنا حفظهم الله تعالى.
قال بابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم (1/ 264): " ومن سلك طريقة طلب العلم على ما ذكرناه [يعني: البحثُ عن معاني الكتاب العظيم وما يُفسِّرُهُ من السنن الصحيحة، وكلام الصحابة والتابعين لهم بإحسّان]، تمكَّن من فهم جواب الحوادث الواقعة غالباً؛ لأنَّ أصولها تُوجد في تلك الأصول المشار إليها" انتهى.
ثم إنّ القول بـ "المرجع للعلماء الأحياء"، فهذا يشمل الشيخ ربيع والشيخ عُبيد والشيخ صالح والشيخ فركوس والشيخ لزهر والشيخ عبد الحكيم والشيخ عبد الغني... في مجموعة من علماء السنة حفظهم الله تعالى. فما المانع من أن يأخذ المسلم بأقوال هؤلاء وأحكامهم وقد ثبتت لهم الأهلية.
إلا أن يكون قصده في غيرهم. فكان الواجب عليه أن يسميهم ليتضح المقال. فإنما هو بهذا التوجيه المقتضب يكون في حقيقة أمره قد أحال أتباعه على مجهول!! وهذا مناف لتمام النصيحة.
وما إخاله يقول: "أنا هو العلماء الأحياء الذين يرجع إليهم وعايشت تلك الأحداث والحوادث"
فإنا لا نرى له جهود في بيان ضلال تلك الفرق وانحرافهم عن منهج السلف، بقدر ما نجده يكيل لأولئك العلماء أصناف من الشتم والسب. والتنفير عنهم بأقبح الألقاب مع ما يلازمه من القدح فيهم والسخرية منهم والاستهزاء بهم والتخذيل لهم والتحذير عنهم.
إلّا أن يكون الشيخ بلعيد يرى أن المأربي والحلبي وأضرابهم من أهل السنة حقا. ولعلهم هم المقصودون بإشارته تلك!
وقد يكون هو السبب الرئيس الذي حنق لأجله على شيخنا حفظه الله تعالى، لعلمه بمواقفه الحازمة اتجاههم. فذهب يجادل عنهم ويُماري لأجلهم، ويضرب بما تيقنه من طريقة السلف عرض الحائط لا يلتفت إليه. كله تكرمة دين، وهو يدرك أن من تكلم فيهم إنما قصد بيان الحق، والمآخذ التي عليهم خرجت من فيهم وما كتبت أيديهم، وقد قيل: وما ذنبي، يداك أوكتا وفوك نفخ.
قال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا () يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا () هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}.
كذلك وخوفه على الرياسة جعله يغضب ويحامي عن أولئك وكل من هم على شاكلتهم، ويتهم المشايخ بالحسد له، فهو على الدوام سليط اللسان، قابع بسنن الطريق يتلقف الشارد عن السلفيين، فلا يزال به حتى يقطعه عنها.
وإنّ القول ما قاله عمر الفاروق رضي الله عنه، أو فيما هو معنى كلام له: "وإنما نأخذكم بما ظهر لنا من كلامكم وأعمالكم".
والله أعلم. والحمد لله رب العالمين.
فهذا ما أردت تسطيره في هذا المقال، دفاعا عن الحق وأهله، وقد يعتريه بعض النقص، ولكن لعل في ضيق الوقت، وكثرت الاشتغال ما يمهد لي العذر.
وكم صبر مشايخنا على أولئك، ونصحوا لهم، فلم نر منهم إلا الزيادة في الكبر وبطر الحق والاستعلاء على الخلق.
وإذا لم يكن إلا الأسنة مركب ... فما حيلة المضطر إلا ركوبها

هذا ولا يزال بلعيد وأشياعه يتوعدوننا ويغضبون له ويتهددوننا. وأما الدين فليس لمن غلب.
وكان السلف إذا ذُكرت هذه الأهواء لا يغضبون لشيء منها، وشتان بين الثرى والثرية، فإن "الهدى والرشاد والرحمة ليس في طائفة من طوائف الأمة أكثر منه في أهل الحديث والسنة المحضة الذين لا ينتصرون إلا للرسول صلى الله عليه وسلم، فإنهم خاصته وهو إمامهم المطلق الذين لا يغضبون لقول غيرهم إلا إذا اتبع قوله، ومقصودهم نصر الله ورسوله" كما ذكره شيخ الإسلام في منهاج السنة (6/ 368).
ويطمعون في إخافتنا وإضعافنا. وإنا قد اعتدنا الصبر نتخلّقه حتى صار سجية لنا وهو طبع فينا، فليس لكم إلى ذلك سبيلا. وقد صبر أسلافنا على أكثر من ذلك وما ضعفوا وما استكانوا.

ولئن نحن خفنا في زمان عدوكم ... وخفناكمُو إنّ البلاء لراكدُ

ومن عادة أصحاب العاطفة الهائجة والحماسة المفرطة، إنكار المشاهد بالعين في رائعة النهار، والتنكر للحق الذي استبان فلا يحتاج إلى أكثر برهان، حتى للبليد أو لكل من يعلم أن الليل يعقبه النهار. وقد عموا وصمُّوا وحالهم: {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ}.
وإنما العيب فيكم، ومن عجمتكم أوتيتم.
أما بخصوص الشتم والسب والقدح في الأعراض بغير حق فهذه بضاعة كل مفلس. ولا يكترث شيخهم لما يراه من فجور خصومتهم ولا ينكره عليهم، ولا هو ينهاهم. ومعلوم أن كل سجية هي نزعة في الفرع المتعلِّم، إنما تحن إلى الأصل المعلِّم.
فيكون عنده هذا من أعظم المعروف والإحسان!
ولعله أنكره بقلبه وذلك أضعف الإيمان!

بئس أخو العشيرة أنت!!
...

(انتهى)

وصلى الله على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاهم وسلم تسليما.
وكتب/ أبوعبد الله حُميد بن مصطفى الجزائري
عفا الله عنه
مستغانم، في: 22 ربيع الأول 1437 هجرية


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 23 Jan 2018 الساعة 10:54 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07 Jan 2016, 08:10 PM
شعبان معتوق شعبان معتوق غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
الدولة: تيزي وزو / معاتقة.
المشاركات: 331
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي فتحي المستغانمي و بارك لك في هذه الجهود، حفظ الله شيخنا الفاضل عبد الحكيم دهاس من كيد الكائدين الحاقدين، فقد ضاقت نفوسهم و قلوبهم بدعوة الشيخ حفظه الله تعالى.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08 Jan 2016, 09:59 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي فتحي المستغانمي ونفع بك وبما سطرته من رد ودفاع وجعل ذلك في ميزان حسناتك .
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, ردود

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013