منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 May 2013, 03:59 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي ولادة القلوب وأقسامها في ذلك!!! / كلام ماتع للعلامة ابن القيم -رحمه الله-.

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد:

قال ابن القيم –رحمه الله- في "طريق الهجرتين وباب السعادتين"[(ص28-31) طبعة: دار عالم الفوائد]: «...فصاحب هذه الدرجة متوسط بين درجتي الداخل بكليته في الدنيا قد ركن إليها، واطمأن إليها، واتخذها وطنا، وجعلها له سكنا؛ وبين من نفضها بالكلية من قلبه ولسانه، وتخلص من قيودها ورعوناتها وآثارها، وارتقى إلى ما يسبي القلب ويحييه ويفرحه ويبهجه من جذبات العزة. فهو في البرزخ كالحامل المقرب، ينتظر ولادة الروح والقلب صباحا ومساء، فإن من لم تولد روحه وقلبه، ويخرج من مشيمة نفسه، ويتخلص من ظلمات طبعه وهواه وإراداته، فهو كالجنين في بطن أمه الذي لم ير الدنيا وما فيها. وهكذا هذا الذي هو بعد في مشيمة النفس، والظلمات الثلاث التي هي: ظلمة النفس، وظلمة الطبع، وظلمة الهوى. فلا بد من الولادة مرتين كما قال المسيح للحواريين: «إنكم لن تلجوا ملكوت السماء حتى تولدوا مرتين».


ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم أبا للمؤمنين، كما في قراءة أبيَّ: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم». ولهذا تفرع على هذه الأبوة أن جعلت أزواجه أمهاتهم، فإن أرواحهم وقلوبهم ولدت به ولادة أخرى غير ولادة الأمهات، فإنه أخرج أرواحهم وقلوبهم من ظلمات الجهل والضلال والغي إلى نور العلم والإيمان وفضاء المعرفة والتوحيد، فشاهدت حقائق أخر وأمورا لم يكن لها بها شعور قبله.


قال تعالى: ﴿أَلَرَ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ﴾[إبراهيم: 1].


وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾[الجمعة: 2].


وقال: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾[آل عمران: 164].


والمقصود أن القلوب في هذه الولادة ثلاثة:


قلب لم يولد ولم يأن له، بل هو جنين في بطن الشهوات والغي والجهل والضلال.


وقلب قد ولد وخرج إلى فضاء التوحيد والمعرفة، وتخلص من مشيمة الطباع وظلمات النفس والهوى، فقرت عينه بالله، وقرت عيون به وقلوب، وأنست بقربه الأرواح، وذكرت رؤيته بالله، فاطمأن بالله، وسكن إليه، وعكف بهمته عليه، وسافرت هممه وعزائمه إلى الرفيق الأعلى. لا يقر بشيء غير الله، ولا يسكن إلى شيء سواه، ولا يطمئن بغيره. يجد من كل شيء سوى الله عوضا، ولا يجد من الله عوضا أبدا. فذكره حياة قلبه، ورضاه نهاية مطلبه، ومحبته قوته، ومعرفته أنيسه. عدوه من جذب قلبه عن الله «وإن كان القريب المصافيا»، ووليه من رده إلى الله، وجمع قلبه عليه، «وإن كان البعيد المناويا».


فهذان قلبان متباينان غاية التباين.


وقلب ثالث في البرزخ ينتظر الولادة صباحا ومساء، قد أشرف على فضاء التجريد، وآنس من خلال الديار اشعة التوحيد. تأبى غلبات الحب والشوق إلا تقربا إلى من السعادة كلها بقربه، والحظ كل الحظ في طاعته وحبه؛ وتأبى غلبات الطباع إلا جذبه وإيقافه وتعويقه، فهو بين الداعين تارة وتارة، قد قطع عقبات وآفات، وبقي عليه مفاوز وفلوات».


وقال -رحمه الله-(ص380-381): «...فإن من استعد للقاء الله عز وجل انقطع قلبه عن الدنيا ومطالبها، وخمدت من نفسه نيران الشهوات، وأخبت قلبه إلى ربه تعالى، وعكفت همته على الله وعلى محبته وإيثار مرضاته. واستحدث همة أخرى وعلوما أخر، وولد ولادة أخرى تكون نسبة قلبه فيها إلى الدار الآخرة كنسبة جسمه إلى هذه الدار بعد أن كان في بكن أمه، فيولد قلبه ولادة حقيقية، كما ولد جسمه حقيقة. وكما كان بطن أمه حجابا لجسمه عن هذه الدار، فهكذا نفسه وهواه حجاب لقلبه عن الدار الآخرة، فخروج قلبه عن نفسه بارزا إلى الدار الآخرة كخروج جسمه عن بطن أمه بارزا إلى هذه الدار. وهذا معنى ما يذكر عن المسيح صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا بني إسرائيل، إنكم لن تلجوا ملكوت السماء حتى تولدوا مرتين».


ولما كان أكثر الناس لم يولدوا هذه الولادة الثانية ولا تصوروها –فضلا عن أن يصدقوا بها- فيقول القائل: كيف يولد الرجل الكبير(!) أم كيف يولد القلب(!) لم يكن لهم إليها همة ولا عزيمة، إذ كيف يعزم على الشيء من لا يعرفه ولا يصدقه؟ ولكن إذا كشف حجاب الغفلة عن القلب صدق بذلك وعلم أنه لم يولد قلبه بعد».


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 15 May 2013 الساعة 04:03 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05 Jul 2013, 07:26 PM
معبدندير معبدندير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر العاصمة الولاية
المشاركات: 2,034
إرسال رسالة عبر MSN إلى معبدندير إرسال رسالة عبر Skype إلى معبدندير
افتراضي

جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013