منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 26 Jan 2012, 09:05 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي ..: تنبيه ذوي الأبصار إلى مسائل في العلو للقدير الغفار :..


بسم الله الرحمن الرحيم

..: تنبيه ذوي الأبصار إلى مسائل في العلو للقدير الغفار :..

الحمد لله الذي أرشد وعلّم, وأبان الحق وهدى وألهم, أحمده سبحانه حمدا كثيرا وهو الغني الأكرم, ثم أصلي وأسلّم, على محمد النبي المكلّم, وعلى آله وصحبه وكل من تعلّم وبعد.
فإن شرف العلم بشرف المعلوم, وأشرف معلوم هو العلم بالله عزّ وجلّ وأسمائه وصفاته, فإن من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه لا محالة,وهذا هو الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه؛ وله خُلِقَ الخلق؛ ولأجله نزل الوحي؛ وأرسلت الرسل؛ وقامت السماوات والأرض؛ ووجدت الجنة والنار، ولأجله شرعت الشرائع، وأسست الملة، ونصبت القبلة، وهو قطب رحى الخلق، والأمر الذي مداره عليه, وهو بحق أفضل ما اكتسبته القلوب، وحصلته النفوس، وأدركته العقول, وإذا كان القلب محبا لله وحده, مخلصا له الدين, لم يبتل بحب غيره, وتالله إن كل ما يتنعم به القلب من محبة غير الله, هو عذاب عليه ومضرة وألم في الحقيقة, والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. "الجواب الكافي"(99), "رسالة أمراض القلوب" (26), "طريق الهجرتين" (1/120), "الفتوى الحموية" (29).
وهذا من العلم الممدوح الذي دل عليه الكتاب والسنة وهو العلم الذي ورثته الأنبياء, بل هو أعظم أقسامه:
فالقسم الأول منه _ وهو المشار إليه آنفا _: العلم بالله وأسمائه وصفاته: وما يتبع ذلك، وفي مثله أنزل الله سورة الإخلاص، وآية الكرسي، ونحوهما.
والقسم الثاني: العلم بما أخبر الله به، مما كان من الأمور الماضية، وما يكون من الأمور المستقبلة، وما هو كائن من الأمور الحاضرة، وفي مثل هذا أنزل الله آيات القصص، والوعد، والوعيد وصفة الجنة والنار، ونحو ذلك.
والقسم الثالث: العلم بما أمر الله به من الأمور المتعلقة بالقلوب والجوارح من الإيمان بالله من معارف القلوب وأحوالها وأقوال الجوارح وأعمالها. "مجموع الفتاوى" (11/396).
و دعوة الرسل تدور على تعريف الرب المدعو إليه بأسمائه وصفاته وأفعاله, وكذا معرفة الطريق الموصلة إليه وهي ذكره وشكره وعبادته التي تجمع كمال حبه وكمال الذل له, ثم تعريفهم بما لهم بعد الوصول إليه في دار كرامته من النعيم الذي أفضله وأجله رضاه عنهم وتجليه لهم ورؤيتهم وجهه الأعلى وسلامه عليهم وتكليمه إياهم ومحاضرتهم في مجالسهم. "الصواعق المرسلة" (4/1489).
وأفضل الرسل صلوات الله وسلامه عليه قام بهذا أحسن قيام, فعرف الناس ربهم ومعبودهم, غاية ما يمكن أن تناله قواهم من المعرفة، وأبدأ وأعاد، واختصر وأطنب في ذكر أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه، حتى تجلت معرفته سبحانه في قلوب عباده المؤمنين, حتى لكأنهم يرونه سبحانه فوق عرشه المجيد, وانجابت سحائب الشك والريب عنها كما ينجاب السحاب عن القمر ليلة إبداره, ولم يدع لأمته حاجة في هذا التعريف لا إلى من قبله ولا إلى من بعده, بل كفاهم وشفاهم وأغناهم عن كل من تكلم في هذا الباب:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت:51]."جلاء الأفهام" (258).

ومن أجل الصفات بيانا في القرآن والسنة, ما وصف الله نفسه بالعلو في السماء, ووصفه بذلك رسوله محمد خاتم الأنبياء, وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء, والأئمة من الفقهاء, وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين, وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين, وجعله مغروزا في طباع الخلق أجمعين, فتراهم عند نزول الكرب بهم يلحظون السماء, بأعينهم ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم وينتظرون مجيء الفرج من ربهم وينطقون بذلك بألسنتهم, لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته أو مفتون بتقليد واتباعه على ضلالته."صفة العلو" (12).
وقد بحث أهل العلم في هذه الصفة مسائل مهمة, أردت أن ألخصها وأنقلها لإخواني في هذا المنتدى الطيب _ منتدى التصفية والتربية السلفية _ عسى الله أن يكتب لنا بها حسنة.

فصل


فليعلم في بداية هذا المباحث أن الأئمة الكبار كانوا يمنعون من إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة المشتبهة لما فيها من لبس الحق بالباطل, مع ما توقعه من الاشتباه والاختلاف والفتنة, بخلاف الألفاظ المأثورة والألفاظ التي بُيّنت معانيها, فإن ما كان مأثورا حصلت له الألفة, وما كان معروفا حصلت به المعرفة, كما يروى عن مالك رحمه الله أنه قال: "إذا قل العلم ظهر الجفاء, وإذا قلت الآثار كثرت الأهواء", فإذا لم يكن اللفظ منقولا ولا معناه معقولا ظهر الجفاء والأهواء. "درء تعارض العقل والنقل" (1 / 184).

لكن يجدر التنبيه أن أهل السنة لم يثبتوا بهذه الألفاظ صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة، بل بينوا بها ما عطله المبطلون من وجود الرب تعالى و مباينته من خلقه وثبوت حقيقته. " نقض تأسيس الجهمية "(1/445).
ولذلك لما اعترض الخطابي على استعمال لفظة "الحد" بقوله:
"وزعم بعضهم أنه جائز أن يقال: له تعالى حد لا كالحدود, كما نقول: يد لا كالأيدي, فيقال له: إنما أُحْوِجْنَا إلى أن نقول يد لا كالأيدي لأن اليد قد جاء ذكرها في القرآن وفي السنة فلزم قبولها ولم يجز رَدُّها, فأين ذكر الحد في الكتاب والسنة حتى نقول حد لا كالحدود، كما نقول يد لا كالأيدي؟!."اهـ
رد شيخ الإسلام ابن تيمية على قوله من وجوه منها:
أن هذا الكلام الذي ذكره إنما يتوجه لو قالوا: إن له صفة هي الحد، كما توهمه هذا الراد عليهم, وهذا لم يقله أحد، ولا يقوله عاقل؛ فإن هذا الكلام لا حقيقة له إذ ليس في الصفات التي يوصف بها شيء من الموصوفات -كما وصف باليد والعلم- صفة معينة يقال لها الحد. "نقض تأسيس الجهمية" (1/445).

فيعلم بهذا أن مثل لفظ "الحد" و "المماسة"، إطلاق السلف لها ليس من باب الصفات وإنما هو من باب الإخبار، ولهم في حال الإثبات والنفي توجيه تجده في هذا البحث."الصفات الإلهية" (45).

ثم اعلم أيها الألمعي اللوذعي أن باب الإخبار للسلف فيه قولان:
القول الأول: أن باب الإخبار توقيفي، فإن الله لا يُخْبَرُ عنه إلا بما ورد به النص، وهذا يشمل الأسماء والصفات، وما ليس باسم ولا صفة مما ورد به النص كـ:"الشيء" و "الصنع" ونحوها.
وأما مالم يرد به النص فإنهم يمنعون استعماله."رسالة في العقل والروح" لشيخ الإسلام ابن تيمية، مطبوعة ضمن "مجموعة الرسائل المنيرية" (2/46-47).

القول الثاني: أن باب الإخبار لا يشترط فيه التوقيف، فما يدخل في الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته، كـ: "الشيء" و"الموجود" و"القائم بنفسه"، فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا، فالإخبار عنه قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيِّئ، أي باسم لا ينافي الحسن، ولا يجب أن يكون حسناً، ولا يجوز أن يخبر عن الله باسم سيِّئ."بدائع الفوائد" (1/161)، "مجموع الفتاوى" (6/142-143).
فيخبر عن الله بما لم يرد إثباته ونفيه بشرط أن يستفصل عن مراد المتكلم فيه، فإن أراد به حَقًّا يليق بالله تعالى فهو مقبول، وإن أراد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده."رسالة في العقل والروح" (2/46-47).


التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:36 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 Jan 2012, 09:12 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي


لفظة "الحد" بين الإثبات والنفي

تعريف الحد: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "نقض تأسيس الجهمية" (1/443): " الحد : ما يتميز به الشيء عن غيره, من صفته وقدره."اهـ
والأقوال في هذه المسألة على النحو التالي:
* القول الأول: قول من يقول هو فوق العرش ولا يوصف بالتناهي ولا بعدمه إذ لا يقبل واحداً منهم, فعندهم أن الله فوق العرش ولا يوصف بأن له قدرا,ً وهذا يقوله بعض أهل الكلام والفقه والحديث والتصوف من الكلابية والكرامية والأشعرية ومن وافقهم من أتباع الأئمة من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم.
* القول الثاني: قول من يقول هو غير متناه إما من جانب وإما من جميع الجوانب، وهذا يقوله أيضاً طوائف من أهل الكلام والفقهاء وغيرهم وحكاه الأشعري في المقالات عن الطوائف.
* القول الثالث: قول السلف والأئمة وأهل الحديث والكلام والفقه والتصوف الذين يقولون: له حد لا يعلمه غيره.(1)

ثم إن السلف استعملوه إثباتا ونفيا, ففي استعمالهم له في حالة الإثبات, يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "نقض تأسيس الجهمية" (1/397):
"إن كثيراً من أئمة السنة والحديث أو أكثرهم (2), يقولون إنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه بحد."اهـ

وإنما استعمله السلف في مسألة إثبات علو الله على خلقه وتميزه وانفصاله عنهم وعدم اختلاطه بهم أو حلوله فيهم، فلما زعم الجهمية أن الخالق في كل مكان وأنه غير مباين لخلقه ولا متميز عنهم، قال بعض أئمة السلف: مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، وذكروا الحد، لأن الجهمية زعموا أنه ليس له حد وما لا حد له لا يباين المخلوقات ولا يكون فوق العالم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "نقض التأسيس" (1/442):
"ولما كان الجهمية يقولون ما مضمونه إن الخالق لا يتميز عن الخلق فيجحدون صفاته التي تميز بها، ويجحدون قَدْرَهُ؛ حتى يقول المعتزلة إذا عرفوا أنه حي، عالم، قدير: قد عرفنا حقيقته وماهيته، ويقولون إنه لا يباين غيره. بل إما أن يصفوه بصفة المعدوم؛ فيقولوا: لا داخل العالم ولا خارجه، ولا كذا ولا كذا, أو يجعلوه حالاً في المخلوقات أو وجوده وجود المخلوقات."اهـ


ومع هذا فهم يقولون إنه حد لا يعلمه إلا الله, قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "درء تعارض العقل والنقل" (2/35) بعد أن نقل الآثار الواردة عن السلف في إثبات الحد:
" فهذا وأمثاله مما نقل عن الأئمة، كما قد بسط في غير هذا الموضع، وبينوا أن ما أثبتوه له من الحد لا يعلمه غيره."اهـ


ثم ليعلم الأريب أن الإمام عثمان بن سعيد الدارمي أثبت معنيين للحد, فقال في "نقضه على المريسي" (1/244):
"وادعى المعارض أيضا أنه ليس لله حد ولا غاية ولا نهاية, وهذا هو الأصل الذي بنى عليه جهم جميع ضلالاته واشتق منها أغلوطاته وهي كلمة لم يبلغنا أنه سبق جهما إليها أحد من العالمين.
فقال له قائل ممن يحاوره: قد علمت مرادك بها أيها الأعجمي وتعني أن الله لا شيء, لأن الخلق كلهم علموا أنه ليس شيء يقع عليه اسم الشيء إلا وله حد وغاية وصفة وأن لا شيء ليس له حد ولا غاية ولا صفة فالشيء أبدا موصوف لا محالة ولا شيء يوصف بلا حد ولا غاية وقولك:" لا حد له" يعني: أنه لا شيء.
قال أبو سعيد:
والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه, ولكن يؤمن بالحد ويكل علم ذلك إلى الله.
ولمكانه أيضا حد وهو على عرشه فوق سماواته فهذان حدان اثنان."اهـ

وأما من استعمله من الأئمة في حالة النفي, فذلك في مسألة نفي الإحاطة بالله علماً وإدراكاً، فإنه لا منازعة بين أهل السنة بأن الله تعالى غير مدرك الإحاطة والخلق عاجزون عن الإحاطة به، فهم لا يستطيعون أن يحدوا الخالق جل وعلا، أو يُقَدِّرُوه، أو يبلغوا صفته، فمن نفى الحد على هذا المعنى فهو مصيب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " نقض التأسيس" (2/162):
"المحفوظ عن السلف والأئمة إثبات حد لله في نفسه، وقد بينوا مع ذلك أن العباد لا يحدونه ولا يدركونه، ولهذا لم يتناف كلامهم في ذلك كما يظنه بعض الناس، فإنهم نفوا أن يَحُد أحدٌ الله."اهـ

ثم اعلم أيها الكريم أنه قد ثبت عن الإمام أحمد في أثر أنه نفى الحد عن الله, قال حنبل: "قلت لأبي عبد الله: ما معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُم}، و{مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ}؟, قال: علمه محيط بالكل، وربنا على العرش بلا حد و لا صفة" . (3)
وفي رسالة الإصطخري قال الإمام أحمد: "والله عز وجل على عرشه ليس له حد، والله أعلم بحده." (4)

ولا يظن ظان أن للإمام أحمد في هذا روايتان, فإن أصحابه منهم من ظن أن هذين الكلامين يتناقضان فحكى عنه في إثبات الحد لله تعالى روايتين وهذه طريقة الروايتين والوجهين, ومنهم من نفى الحد عن ذاته تعالى ونفى علم العباد به كما ظنه موجب ما نقله حنبل وتأول ما نقله المروذي والأثرم وأبو داود وغيرهم من إثبات الحد له على أن المراد إثبات حد للعرش. "بيان تلبيس الجهمية"(1/ 433).
فإن الأمر ليس كذلك, قال ابن القيم في "مختصر الصواعق" (2/213) موضحا وجه كلام الإمام أحمد:
" أراد أحمد بنفي الصفة نفي الكيفية والتشبيه، وبنفي الحد حدّاً يدركه العباد ويحدونه."اهـ
وقال شيخ الإسلام في "بيان تلبيس الجهمية" (1/ 433):
" فهذا الكلام من الإمام أبي عبد الله أحمد رحمه الله يبين أنه نفى أن العباد يحدون الله تعالى أو صفاته بحد أو يقدرون ذلك بقدر أو أن يبلغوا إلى أن يصفوا ذلك, وذلك لا ينافي ما تقدم من إثبات أنه في نفسه له حد يعلمه هو لا يعلمه غيره, أو أنه هو يصف نفسه وهكذا كلام سائر أئمة السلف يثبتون الحقائق وينفون علم العباد بكنهها كما ذكر من كلامهم في غير هذا الموضع ما يبين ذلك."اهـ (4)



_______
(1) انظر "درء تعارض العقل والنقل" ( 6/300- 301).
(2) كعثمان بن سعيد الدارمي، وعبد الله بن المبارك، ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل، والخلال، وحرب الكرماني، وإسحاق بن راهويه، وابن بطة، وأبي إسماعيل الأنصاري الهروي، وأبي القاسم ابن منده، وقوام السنة الأصبهاني، وإسماعيل بن الفضل التيمي، والقاضي أبي يعلى، وأبي الحسن بن الزاغوني، والحافظ أبي العلاء الهمداني، وغير هؤلاء.
انظر: "الرد على بشر المريسي" (ص23-24)، و"الرد على الجهمية" له (ص5)، و"التمهيد" لابن عبد البر (7/142)، و"إثبات الحد لله تعالى" لمحمود بن أبي القاسم الدشتي (ق3-6)، و"درء تعارض العقل والنقل" لابن تيمية (2/33-34، 56-60)، و"نقض تأسيس الجهمية" (1/397، 426-433) و(2/160، 180).
(3) أورده شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (5/496).
(4) انظر "طبقات الحنابلة" (1/29).
(4) وقد استفدت جل هذا المبحث من تحقيق التميمي لـ: "كتاب العرش" تصنيف الإمام الذهبي, مع ما أضفته والله الموفق.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:37 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 Jan 2012, 09:13 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي



مسألة المماسة
الناس لهم في هذه المسألة أقوال:
القول الأول: منهم من يقول هو نفسه فوق العرش غير مماس ولا بينه ولا بين العرش فرجة، وهذا قول ابن كلاب، والحارث المحاسبي، وأبي العباس القلانسي، والأشعري، وابن الباقلاني، وغير واحد من هؤلاء وقد وافقهم على ذلك طوائف كثيرون من أصناف العلماء من أتباع الأئمة الأربعة وأهل الحديث والصوفية وغيرهم, وهؤلاء يقولون: هو بذاته فوق العرش وليس بجسم، ولا هو محدود ولا متناه.
و منهم من يقول: هو نفسه فوق العرش، وإن كان موصوفاً لقدر له لا يعلمه غيره.
ثم من هؤلاء من لا يجوز عليه مماسة العرش، ومنهم من يجوز ذلك, وهذا قول أئمة أهل الحديث والسنة وكثير من أهل الفقه والصوفية والكلام غير الكرامية، فأما أئمة أهل السنة والحديث وأتباعهم فلا يطلقون لفظ الجسم نفياً ولا إثباتاً، وأما كثير من أهل الكلام فيطلقون لفظ الجسم كهشام بن الحكم، وهشام الجواليقي وأتباعهما. (1).

وليعلم أن لهذا اللفظ في كلام الأئمة موقفان:
1 _ استعملوه على سبيل النفي في مسائل العلو.
2 _ منعوه على سبيل الإثبات في مسائل الاستواء.


الموقف الأول: قد استعمل من استعمل من العلماء لفظ المماسة ليثبتوا أن الله بائن من الخلق وهم منه بائنون, قال الإمام أحمد بن حنبل:"إن الله عز وجل على عرشه فوق السماء السابعة، يعلم ما تحت الأرض السفلى، وإنه غير مماس لشيء من خلقه، وهو تبارك وتعالى بائن من خلقه، وخلقه بائنون منه." (2).

ورداً على مزاعم هؤلاء الباطلة أطلق من أطلق من علماء السلف لفظ المباينة وعدم المماسة تقريراً منهم لإثبات علو الله على خلقه واستوائه على عرشه ومباينته من خلقه.

والموقف الثاني: منعهم لاستعمال لفظ المماسة في مسألة الاستواء على العرش، وذلك رداً على الكرامية الذين خاضوا في شأن الكيفية وتعمقوا فيها.
وفي هذا يقول السجزي: "واعتقاد أهل الحق أن الله سبحانه فوق العرش بذاته من غير مماسة، وأن الكرامية ومن تابعهم على قول المماسة ضُلال"(3).
وقال قوام السنة الأصبهاني: "قال أهل السنة: خلق الله السموات والأرض، وكان عرشه على الماء مخلوقاً قبل خلق السموات والأرض ثم استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض وليس معناه المماسة، بل هو مستو على العرش بلا كيف كما أخبر عن نفسه"(4).
وقال الإمام أبو القاسم عبد الله بن خلف المقري: "إن الله تعالى في السماء على العرش فوق سبع سموات من غير مماسة ولا تكييف"(5).

فهذه النصوص تدل دلالة واضحة أن السبب في منع استعمال هذا اللفظ لما فيه من التعمق في شأن الكيفية، ومن عادة السلف أنهم عند تقريرهم لصفة الاستواء ولسائر الصفات لا يتعمقون في شأن الكيفية ويكلون علم ذلك لله عز وجل, كما جاء في عقيدة أبي حاتم وأبي زرعة الرازيين وفيها "أن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه بلا كيف"(6).


__________
(1) "درء تعارض العقل والنقل" (6/288-289).
(2) راجع "اجتماع الجيوش الإسلامية" (ص201).
(3) "الرد على من أنكر الحرف والصوت" (ص126-127).
(4) "نقض تأسيس الجهمية" (2/531).
(5) "اجتماع الجيوش الإسلامية "(ص55).

(6) "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للإمام اللالكائي (321), وقد استفدت جل هذا المبحث من تحقيق التميمي لـ: "كتاب العرش" تصنيف الإمام الذهبي, مع ما أضفته والله الموفق.




التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:13 AM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 Jan 2012, 09:15 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي

فصل
هل حملة العرش يحملون العرش فقط؟, أم يحملون العرش ومن فوقه؟!.
نقل شيخ الإسلام والمسلمين ووارث علم الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين (1) الإمام أبو العباس ابن تيمية الحراني عن أهل العلم في هذه المسألة قولان.
الأول: أنهم يحملون العرش.
الثاني: أنهم يحملون العرش وما فوقه لأن الله أقدرهم على ذلك.

راجع: "نقض تأسيس الجهمية" لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 565), و"نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد " (1/457, وما بعدها ).


وقد ضربت عن ذكر أقوالهما في ذا البحث صفحا, ذلك لأن المسائل الخبرية العلمية قد تكون واجبة الاعتقاد، وقد تجب في حال دون حال، وعلى قوم دون قوم، وقد تكون مستحبة غير واجبة، وقد تستحب لطائفة أو في حال، كالأعمال سواء.
وقد تكون معرفتها مضرة لبعض الناس فلا يجوز تعريفه بها، كما قال علي رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون؛ أتحبون أن يكذب الله ورسوله .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما من رجل يُحدِّث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان فتنة لبعضهم."
وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه لمن سأله عن قوله تعالى : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } الآية [ الطلاق : 12 ] ، فقال : ما يؤمنك أني لو أخبرتك بتفسيرها لكَفَرْتَ ؟ وكُفْرُك تكذيبك بها .
وقال لمن سأله عن قوله تعالى : { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [ المعارج : 4 ] هو يوم أخبر الله به، الله أعلم به، ومثل هذا كثير عن السلف .
فإذاكان العلم بهذه المسائل قد يكون نافعًا، وقد يكون ضارًا لبعض الناس. "مجموع فتاوى"( 6/ 59).


________
(1) كما وصفه العلامة محب الدين الخطيب رحمه الله في مقدمة "التوسل والوسيلة" (ص:3).



التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:11 AM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 Jan 2012, 09:16 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي



قول السلف في المعية إنها بمعنى العلم, تفسير بالمقتضى واللازم لغرض فتنبه !!.


قال الله تعالى:{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }.
فأنت ترى أخياه أن الله سبحانه وتعالى قد افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم, ولذلك أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم تفسير القرآن على أن تفسير الآية هو أنه معهم بعلمه.
وقد نقل هذا الإجماع الحافظ ابن عبد البر (1)، وأبو عمرو الطلمنكي، وابن تيمية (2)، وابن القيم (3).

قال الشيخ صالح آل الشيخ كما في "اللآلئ البهية" (2/125):
" كذلك يدل هذا الكلام (وَأَنَّهُ مَعَنَا حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهِ) الذي قاله شيخ الإسلام على أن المعية تفسر بمعية العلم ومعية التوفيق والتأييد يعني المعية الخاصة هذا التفسير بالمقتضى أيضا.
ولهذا رأى السلف ما تحتمله لفظة أن تفسير المعية العامة والخاصة أنها من مقتضيات المعية أنه يفتح الباب لأهل الحلول الذي يقولون بأنه حال في كل مكان فلم يقولوا إن تفسير المعية بمعية العلم أو معية الإحاطة والنصر والتأييد أن ذلك بالمقتضى, وفي الأصل هذا تفسير بالمقتضى.
يعني ما تقتضيه معية الله العامة أن تكون بالعلم، ما تقتضيه معية الله الخاصة أنها بالتوفيق والتأييد.
والسلف تركوا هذا اللفظ أن هذا تقتضيه المعية لأنه يكون فيه مجال أن يكون قول من قال إنه حال في كل مكان له شبهة, فقالوا معنى المعية العلم في الآيات العامة، ومعنى المعية النصر والتأييد في الآيات الخاصة ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ قالوا هذه معية نصر وتأييد وتوفيق ، ولم يقولوا معية تقتضي ذلك وذلك لأجل عدم فتح الباب لأولئك ولكن كما قال شيخ الإسلام هو جل وعلا معنا على حقيقة معنى المعية وما ذُكِرَ هو من مقتضياتها.
لكن لا يفصل القول في ذلك ولا يقال للناس إن هذا من المقتضيات يعني بشكل عام أو أنها معية ذات ومع استواء الله جل وعلا على عرشه لأن ذلك قد يفتح بابا للذين يقولون إن الله جل وعلا حال في كل مكان .
فالسلف تركوا لفظ معية ذاتية وتركوا لفظ معية مقتضاها كذا لأجل أن لا يدخل من قال إنه حال في كل مكان ، يدخل في تحريف العلو ونفي العلو لله جل وعلا بأدلة المعية."اهـ

وأنت تجد هذا الكلام مصرحا به في كلام شيخ الإسلام, قال في "مجموع فتاوى" (5/ 104):
"ففرق بين معنى المعية وبين مقتضاها، وربما صار مقتضاها من معناها، فيختلف باختلاف المواضع."اهـ

وقال أيضا في "مجموع فتاوى" (5/ 103):
" ثم هذه [ المعية ] تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال : { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} إلى قوله : { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [ الحديد : 4 ] دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم, وهذا معنى قول السلف: أنه معهم بعلمه، وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته.

وكذلك في قوله: { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى قوله: { هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [ المجادلة: 7 ].
ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار : { لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} [ التوبة : 40 ] كان هذا ـ أيضًا ـ حقًا على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع، والنصر والتأييد .
وكذلك قوله تعالى : { إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [ النحل : 128 ] وكذلك قوله لموسى وهارون : { قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [ طه : 46 ] .
هنا المعية على ظاهرها، و
حكمها في هذه المواطن النصر والتأييد ."اهـ

وقال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (188):
"فهذه المعيةُ الخاصةُ تقتضي النَّصر والتَّأييدَ ، والحفظ والإعانة بخلاف المعية العامة المذكورة في قوله تعالى : { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا }، وقوله : {وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ }، فإنَّ هذه المعية تقتضي علمَه واطِّلاعه ومراقبته لأعمالهم. "اهـ

وقد سئل العلامة الفقيه محمد بن صالح بن عثيمين,كيف نوفق بين ما قاله السلف أن معنى المعية العلم, وبين ما قاله شيخ الإسلام في أن المعية حقيقية؟.
فأجاب:
الواقع أنه لا منافاة بين القولين؛ لأن السلف فسروها بلازمها، فإن من لازم المعية أن يكون عالماً بالخلق، سامعاً لهم، مبصراً لهم، له السلطان عليهم، كل ما تتضمنه الربوبية داخل في قوله: { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ } [الحديد:4].
وتفسير الكلام باللازم لا بأس به، لا سيما وأنه فيما سبق كان قد فشا مذهب الجهمية الحلولية ، الذين يقولون: إن الله معنا بذاته فيما كان في الأرض، ولهذا قال عبد الله بن المبارك : (ولا نقول: إنه هاهنا في الأرض).
أي: كما تقول الجهمية ، ومن المعلوم أن عامة الناس لا يتصورون معنى المعية حقيقة مع علو الله عز وجل، فكان أقرب ما يكون لأفهامهم أن يقال أنها هي العلم، وكذلك السمع والبصر وما أشبه ذلك، والتفسير باللازم لا بأس به.
فالعامة لا يعرفون، وكما قلت لك أنه شاع مذهب الجهمية هناك، لو قلت -مثلاً- للعامة الذين شاع عندهم مذهب الجهمية : أن الله بذاته في الأرض، وقلت: معنا حقاً ماذا سيفهم؟ يفهم أنه في الأرض، لكن لو قلت معنا يعني: يعلمنا؛ والذي يعلمك كأنه معك، يسمعنا؛ والذي يسمعك كأنه معك، ويبصرنا؛ والذي يبصرك كأنه معك، فلهذا فسروها باللازم. "سلسلة لقاء الباب المفتوح" ( 65ب ), "شرح القواعد المثلى" (262).

________
(1) "التمهيد" (7/138).
(2) "مجموع الفتاوى" (5/193), (5/519), (11/249).
(3) "اجتماع الجيوش الإسلامية" (33).


التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:10 AM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 Jan 2012, 09:19 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي

القول بخلو العرش حال نزوله مرتبط بمسألة هل يقال: أن نزوله بحركة وانتقال

اعلم أخي الكريم أن حديث النزول متواتر وممن صرح بتواتره:
ابن كثير وابن حجر والشوكاني "تمام المنة"(79), وشيخ الإسلام ابن تيمية "مجموع الفتاوى" (5/470), العلامة ابن القيم كما في "مختصر الصواعق" (322), وفي "تهذيب السنن" (7/107), والإمام الذهبي في "العلو" (73), وابن عبد الهادي في "الصارم المنكي" (304), وأبو زرعة كما في "عمدة القارئ" (7/199), والكتاني في "النظم المتناثر" (191), والحافظ عبد الغني المقدسي "تذكرة المؤتسي" (110), والعلامة ابن سعدي في "توضيح الشافية الكافية" (48), والعلامة ابن عثيمين في "شرح العقيدة الواسطية" (398), والعلامة الألباني في "تخريج الطحاوية" (522), قال في "تمام المنة"(79):"وقد كنت جمعت في بعض المناسبات الطرق الصحيحة فقط لحديث النزول فجاوزت العشرين طريقا عن تسعة عشر صحابيا, فهل التواتر غير هذا؟.", وقال الحافظ أبو القاسم الأصبهاني في كتابة " الحجة " (ق 42/ 2):"رواه ثلاثة وعشرون من الصحابة ، سبعة عشر رجلا، وست امرأة."اهـ
ونقل الحافظ ابن عبد البر اتفاق أهل الحديث على صحته, قال في "التمهيد" (7/131):"هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته."اهـ

و قبل نقل أقوال الأئمة فلنقف مع إثبات لفظ الحركة لله عز وجل, فليعلم أنه قد أثبته طوائف من أهل السنة والحديث وهو الذي ذكره حرب بن إسماعيل الكرماني في السنة التي حكاها عن الشيوخ الذين أدركهم كالحميدي وأحمد بن حنبل وسعيد ابن منصور وإسحاق بن إبراهيم وكذلك هو الذي ذكره عثمان ابن سعيد الدارمي في نقضه على بشر المريسي وذكر أن ذلك مذهب أهل السنة وهو قول كثير من أهل الكلام والفلسفة من الشيعة والكرامية والفلاسفة الأوائل والمتأخرين كأبي البركات صاحب المعتبر وغيرهم.
ونفاه طوائف منهم أبو الحسن التميمي وأبو سليمان الخطابي وكل من اثبت حدوث العالم بحدوث الأعراض كأبي الحسن الأشعري والقاضي أبي بكر بن الباقلاني وأبى الوفاء بن عقيل وغيرهم ممن سلك في إثبات حدوث العالم هذه الطريقة التي أنشأها قبلهم المعتزلة وهو أيضا قول كثير من الفلاسفة الأوائل والمتأخرين كابن سينا وغيره.
والمنصوص عن الإمام أحمد إنكار نفي ذلك ولم يثبت عنه إثبات لفظ الحركة, وإن أثبت أنواعا قد يدرجها المثبت في جنس الحركة فإنه لما سمع شخصا يروى حديث النزول ويقول ينزل بغير حركة ولا انتقال ولا بغير حال أنكر أحمد ذلك وقال: قل كما قال رسول الله فهو كان أغير على ربه منك. "الاستقامة" (1/70).

فيعلم بهذا كما قرر شيخ الإسلام أن كثيرا من أهل الحديث والسنة يقول: المعنى صحيح لكن لا يطلق هذا اللفظ لعدم مجيء الأثر به كما ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر وغيره في كلامهم على حديث النزول. "مجموع الفتاوى" (5/575).

ثم إن القول بخلو العرش حال نزوله سبحانه وتعالى مرتبط (1) بمسألة: هل يقال في النزول والإتيان والمجيء إنه بحركة وانتقال؟.
وقد اختلف أصحاب الإمام أحمد وغيرهم من المنتسبين إلى السنة والحديث في هذه المسألة على ثلاثة أقوال ذكرها القاضي أبو يعلى في كتاب "اختلاف الروايتين والوجهين".
وهذه الأقوال هي:
2_ أنه نزول انتقال, وهو قول أبي عبد الله بن حامد. (2)
2_أنه نزول بغير انتقال, وهو قول أبي الحسن التميمي وأهل بيته، وأن معناه: قدرته.
3_الإمساك عن القول في المسألة، وهو قول أبي عبد الله بن بطة وغيره.
ثم هؤلاء فيهم من يقف عن إثبات اللفظ مع الموافقة على المعنى وهو قول كثير منهم، ومنهم من يمسك عن إثبات المعنى وعن اللفظ (3)."اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع فتاوى" (5/ 131):
"وقد ذكرنا في غير هذا الموضع ما قاله السلف في مثل ذلك؛ مثل حماد بن زيد، وإسحاق بن راهويه، وغيرهما، من أنه ينزل إلى سماء الدنيا ولا يخلو منه العرش، وبينا أن هذا هو الصواب، وإن كان طائفة ممن يدعى السنة يظن خلو العرش منه.
وقد صنف أبو القاسم عبد الرحمن بن منده في ذلك مصنفًا، وزيف قول من قال : ينزل ولا يخلو منه العرش، وضعف ما قيل في ذلك عن أحمد بن حنبل في رسالته إلى مُسَدَّد، وطعن في هذه الرسالة .
وقال : إنها مكذوبة على أحمد وتكلم على راويها البردعي أحمد بن محمد . وقال : إنه مجهول لا يعرف في أصحاب أحمد .
وطائفة تقف، لا تقول : يخلو، ولا : لا يخلو، وتنكر على من يقول ذلك, منهم: الحافظ عبد الغني المقدسي.
والصواب: قول السلف؛ أنه ينزل ولا يخلو منه العرش؟."اهـ

والله أعلم
__________________
(1) ربط شيخ الإسلام بين المسألتين في شرح "حديث النزول" (ص210-211)، وكذا ابن القيم كما في "مختصر الصواعق" (2/253).
(2) وقال ابن القيم رحمه الله في "مختصر الصواعق" (2/254-255):
" أما قول ابن حامد أنه نزول انتقال فهو موافق لقول من يقول يخلو منه العرش، والذي حمله على هذا إثبات النزول حقيقة، وأن حقيقته لا تثبت إلا بالانتقال، ورأى أنه ليس في العقل ولا في النقل ما يحيل الانتقال عليه، فإنه كالمجيء والإتيان والذهاب والهبوط، وهذه أنواع الفعل اللازم القائم به، كما أن الخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، والقبض، والبسط أنواع للفعل المتعدي، وهو سبحانه موصوف بالنوعين، وقد يجمعهما كقوله {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف 54].
والانتقال جنس لأنواع المجيء، والإتيان، والنزول، والهبوط، والصعود، والدنو، والتدلي ونحوها؛ وإثبات النوع مع نفي جنسه جمع بين النقيضين.
قالوا: وليس في القول بلازم النزول والمجيء والإتيان والاستواء والصعود محذور البتة ولا يستلزم ذلك نقصاً، ولا سلب كمال، بل هو الكمال نفسه، وهذه الأفعال كمال ومدح، فهي حق دل عليه النقل ولازم الحق حق."اهـ
وقال أيضا كما في "مختصر الصواعق" (2/257-258):
"الانتقال يراد به:
1انتقال الجسم والعرض من مكان هو محتاج إليه إلى مكان آخر يحتاج إليه.
وهو يمتنع إثباته للرب تبارك وتعالى، وكذلك الحركة إذا أريد بها هذا المعنى امتنع إثباتها لله تعالى.
2ويراد بالحركة والانتقال حركة الفاعل من كونه غير فاعل إلى كونه فاعلاً، وانتقاله أيضاً من كونه غير فاعل إلى كونه فاعلاً.
فهذا المعنى حق في نفسه لا يعقل كون الفاعل فاعلاً إلا به فنفيه عن الفاعل نفي لحقيقة الفعل وتعطيل له.
3وقد يراد بالحركة والانتقال ما هو أعم من ذلك، وهو فعل يقوم بذات الفاعل يتعلق بالمكان الذي قصد له وأراد إيقاع الفعل بنفسه فيه.
وقد دل القرآن والسنة والإجماع على أنه سبحانه يجيء يوم القيامة، وينزل لفصل القضاء بين عباده، ويأتي في ظلل من الغمام والملائكة، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وينزل عشية عرفة، وينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، وينزل إلى أهل الجنة.
وهذه أفعال يفعلها بنفسه في هذه الأمكنة فلا يجوز نفيها عنه بنفي الحركة والنقلة المختصة بالمخلوقين، فإنها ليست من لوازم أفعاله المختصة به، فما كان من لوازم أفعاله لم يجز نفيه عنه، وما كان من خصائص الخلق لم يجز إثباته له.
وحركة الحي من لوازم ذاته، ولا فرق بين الحي والميت إلا بالحركة والشعور، فكل حي متحرك بالإرادة وله شعور فنفي الحركة عنه كنفي الشعور، وذلك يستلزم نفي الحياة."اهـ
(3) شرح "حديث النزول" (ص210-211), "مختصر الصواعق" (2/253-254), وهذا المبحث جله مستل من تحقيق "كتاب العرش" للذهبي (1 / 201) لمحمد خليفة التميمي.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:32 AM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 Jan 2012, 09:24 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي

في صحة ثبوت لفظة "أين الله" في حديث الجارية

قال الشيخ صالح آل الشيخ في "اللآلئ البهية" (2/82):
"النفاة للعلو اعترضوا على هذا باعتراضات مرت معنا في القسم الأول لكن الذي يناسب الدليل من هاهنا أنهم قالوا : قوله (أين الله) هذا اللفظ ليس بثابت في بعض نسخ مسلم ، قالوا ولهذا أنكره البيهقي في كتاب الأسماء والصفات وقال ليس في نسختنا من مسلم لفظ (أين الله) في الحديث, وهذه شبهة أدلى بها بعض المعاصرين الذين ينفون صفة العلو لله تبارك وتعالى .
والجواب عن ذلك:
أن مسلما رحمه الله لم يروِ كتابه عنه إلا رجل واحد .
وكتاب مسلم ليس كالبخاري ، البخاري ثَم له رواة فيرويه عنه الفِرَبْرِي ويرويه عنه حماد بن شاكر ويرويه عنه فلان وفلان ، وكل من هؤلاء له رواة أيضا ورواية الفربري المشهورة في البخاري أيضا فيه ثَم رواية أبي ذر ورواية أبي الوقت ورواية ابن عساكر والكُشْميهَني وهذه الاختلافات موجودة في نسخ البخاري تابعة لرواية الفربري وحده ، أما مسلم رحمه الله فإن كتابه الصحيح لم يروه عنه إلا شخص واحد وهو ابن سفيان رحمه الله وقد رواه عنه مسموعا في أكثر الكتاب وفاته سماع أو لم يُقرئ مسلم الراوي ثلاثة مواضع ، فلم يسمعها من مسلم أصلا ، ثلاثة مواضع كبيرة بعض المواضع يأتي على عشرين ثلاثين صفحة ، فليس له إلا رواية واحدة لأن مسلما ما تيسر له أن يُقرئ كتابه قبل وفاته بل اخترمته المنية قبل أن يُقرئه وإنما رواه عنه ابن سفيان وحده وهذا يدل على أنه ليس ثَم في مسلم اختلاف روايات بل هو رواية واحدة فما يقال في مسلم أن في بعض رواة مسلم رواها كذا وبعض رواة مسلم رواها كذا ، هذا من الجهل .
وأما نسخة البيهقي التي ذكرها بأنه ليس في نسختنا فالنسخ معلوم أن النسخ قد يحصل فيه غلط قد يحصل فيه نقص والرواية إذا كانت ثابتة عن الذي روى عن مسلم هذه اللفظة فإنه يُعتمَد عليها وتكون هي الحجة ، وأما أن يكون في بعض النسخ محذوف فيه هذه فإن ذلك ليس بدليل على نفيها لأن الرواية رواية واحدة وليست بروايات متعددة حتى يقال إن مسلما رجع عن هذه أو اختلفت نسخ مسلم إنما هي نسخة واحدة فيكون الخلل من جهة النُسّاخ وليس من جهة الرواية."اهـ


علو الله اتفقت عليه الأمم دون تواطؤ منهم, لكن أهل البدع تواطئوا على إنكاره !!.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "درء تعارض العقل والنقل" (7/5):
" علو الخالق على المخلوق وأنه فوق العالم، أمر مستقر في فطر العباد، معلوم لهم بالضرورة، كما اتفق عليه جميع الأمم، إقراراً بذلك، وتصديقاً من غير أن يتواطؤا على ذلك ويتشاعروا، وهم يخبرون عن أنفسهم أنهم يجدون التصديق بذلك في فطرهم.
وكذلك هم عندما يضطرون إلى قصد الله وإرادته، مثل قصده عند الدعاء والمسألة، يضطرون إلى توجه قلوبهم إلى العلو، فكما أنهم مضطرون إلى أن يوجهوا قلوبهم إلى العلو إليه، لا يجدون في قلوبهم توجهاً إلى جهة أخرى، ولا استواء الجهات كلها عندها وخلو القلب عن قصد جهة من الجهات بل يجدون قلوبهم مضطرة إلى أن تقصد جهة علوهم دون غيرها من الجهات.
فهذا يتضمن بيان اضطرارهم إلى قصده في العلو وتوجههم عند دعائه إلى العلو، كما يتضمن فطرتهم على الإقرار بأنه في العلو والتصديق بذلك."بتصرف.

ولا تعجب أخي من تواطو أهل البدع على إنكار علو الله تعالى, فإن الجماعة الذين يقلدون مذهبا تلقاه بعضهم عن بعض يجوز اتفاقهم على جحد الضروريات كما يجوز الاتفاق على الكذب مع المواطئة والاتفاق, ولهذا يوجد في أهل المذاهب الباطلة كالنصارى والرافضة والفلاسفة من يصر على القول الذي يعلم فساده بالضرورة.
فإذا لقنوا قولا بشبهة وحجج واعتقدوا صحته جاز أن يصروا على اعتقاده, وإن كان مخالفا لضرورة العقل, وإن كانوا جماعة عظيمة ولهذا يطبع الله على قلوب الكفار فلا يعرفون الحق.
وإنما تؤخذ الضروريات من القلوب السليمة, والعقول المستقيمة, التي لم تمرض بما تقلدته من العقائد وتعودته من المقاصد. "بيان تلبيس الجهمية" (1 / 7).

وكذلك الكفار قد يتواصون ويتواطئون على كتمان الحقائق التي أتتهم بها رسلهم, قال العلامة ابن قيم الجوزية في "عدة الصابرين" (357):
" فالقوم كانوا يعلمون أنهم كانوا في الدنيا على باطل وأن الرسل صدقوهم فيما بلغوهم عن الله وتيقنوا ذلك وتحققوه ولكنهم أخفوه ولم يظهروه بينهم بل تواصوا بكتمانه."اهـ

وقال عن اليهود في كتابه القيم "هداية الحيارى" (115):
"ومن ذلك تواطؤهم على تعطيل أحكام التوراة وفرائضها وتركها في جل أمورهم إلا اليسير منها وهم معترفون بذلك وانه أكبر أسباب زوال ملكهم وعزهم."اهـ


ماذا لو صح البيت المشهور الذي يتمسك أهل البدع:
قد استوى بشر على العراق ** من غير سيف ولا دم مهراق
بم تجيب أيها السني؟.


اعلم أولا أن باب التنـزل في المناظرة أمر معروف في فنون الجدل, فالمناظر إذا أراد أن يفحم خصمه سلم له مقدمة تسليما جدليا ليمكنه أن يفحمه, لأنه إن نفى مقدمته لا يمكن له ذلك, لأنه لا بد للخصمين من أن يتفقا على قاعدة, ومن ذلك قوله تعالى:" أي شركائي" فنسب لنفسه الشريك سبحانه, وليس له شريك, ليقرعهم ويوبخهم. "العذب النمير" (1/354).

ثم إن المعتزلة والجهمية والحرورية استدلوا بهذا البيت على أن معنى قوله تعالى: ( الرحمن على العرش استوى ) أنه استولى وملك وقهر، وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، ولو كان هذا كما قالوا كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة السفلى، لأن الله تعالى قادر على كل شيء والأرض والسماوات وكل شيء في العالم
فقال لهم أهل الحق على فرض صحة البيت إلى قائله فإنه لا حجة لكم به من وجوه:

1_ أنه لو صح هذا البيت وصح أنه غير محرف لم يكن فيه حجة بل هو حجة عليهم، وهو على حقيقة الاستواء، فإن بشرا هذا كان أخا عبد الملك بن مروان، وكان أميرا على العراق، فاستوى على سريرها كما هي عادة الملوك ونوابها أن يجلسوا فوق سرير الملك مستوين عليه، وهذا هو المطابق لمعنى هذه اللفظة في اللغة كقوله تعالى : ( لتستووا على ظهوره ).


2_ استواء الشيء على غيره يتضمن استقراره وثباته وتمكنه عليه كما قال تعالى في السفينة : ( واستوت على الجودي ) أي رست عليه واستقرت على ظهره، وقال تعالى : ( لتستووا على ظهوره ) وقال في الزرع : ( فاستوى على سوقه )، فإنه قبل ذلك يكون فيه ميل واعوجاج لأجل ضعف سوقه، وإذا استغلظ الساق واشتدت السنبلة استقرت، ومنه :
قد استوى بشر على العراق **......................
فإنه يتضمن استقراره وثباته عليها ودخوله دخول مستقر ثابت غير مزلزل، وهذا يستلزم الاستيلاء أو يتضمنه.


3_ لو كان المراد بالبيت استيلاء القهر والملك لكان المستوي على العراق عبد الملك بن مروان، لا أخوه بشر، فإن بشرا لم يكن ينازع أخاه الملك ولم يكن ملكا مثله، وإنما كان نائبا له عليها وواليا من جهته، فالمستولي عليها هو عبد الملك لا بشر، بخلاف الاستواء الحقيقي وهو الاستقرار فيها والجلوس على سريرها، فإن نواب الملوك تفعل هذا بإذن الملوك.


4_ أنه إذا دار الأمر بين تحريف لغة العرب وحمل لفظها على معنى لم يعهد استعماله فيه البتة، وبين حمل المضاف المألوف حذفه كثيرا إيجارا واختصارا، فالحمل على حذف المضاف أولى، وهذا البيت كذلك، فإنا إن حملنا لفظ استوى فيه على استولى حملناه على معنى لم يعهد استعماله فيه البتة، وإن حملناها على حذف المضاف وتقديره قد استوى على سرير العراق حملناه على معهود مألوف، فيقولون : قعد فلان على سرير الملك، فيذكرون المضاف إيضاحا وبيانا، ويحذفون تارة إيجازا واختصارا، إذ قد علم المخاطب أن القعود والاستواء والجلوس الذي يضاف ويقصد به الملك يستلزم سرير الملك، فحذف المضاف أقرب إلى لغة القوم من تحريف كلامهم، وحمل لفظ على معنى لفظ آخر لم يعهد استعماله فيه. "مختصر الصواعق" (2/126).


العلو نوعان: مطلق ونسبي
الجهات نوعان:
جهات ثابتة لازمة لا تتحول.
وجهات إضافية نسبية تتبدل وتتحول.

فأما الأولى: وهي الجهة الثابتة اللازمة الحقيقية فهي جهة العلو والسفل, فالسماء أبدا في الجهة العالية التي علوها ثابت لازم لا يتبدل وكلما علت اتسعت, والأرض أبدا في الجهة السافلة التي سفلوها ثابت لازم لا يتبدل.
والثانية: فهي الجهات الست, وهي بالنسبة والإضافة إلى الحيوان وحركته, ولهذا تتبدل بتبدل حركته وأعضائه, فما حاذى رأسه كان فوقه وما حاذى رجليه كان تحته, فهو مثلا يؤم جهة فتكون أمامه، ويخلف أخرى فتكون خلفه، وجهة تحاذى يمينه، وجهة تحاذي شماله، وجهة تحاذي رأسه، وجهة تحاذي رجليه، وليس لهذه الجهات الست في نفسها صفة لازمة، بل هي بحسب النسبة والإضافة، فيكون يمين هذا ما يكون شمال هذا، ويكون أمام هذا ما يكون خلف هذا، ويكون فوق هذا ما يكون تحت هذا.
فإذا مشت نملة تحت سقف: رجلاها إلى السقف وظهرها إلى الأرض, كان هذا الحيوان باعتبار الجهة الحقيقية السماء فوقه والأرض, وباعتبار الجهة الإضافية السماء تحته والأرض فوقه.
وكذلك من يكون على الأرض من الحيوان والنبات والأثقال لا يقال: إنه تحت أولئك الذين في الجهة الأخرى منها، وإنما هذا خيال يتخيله الإنسان، وهو تحت إضافي.
"بيان تلبيس الجهمية "(2/ 217),"درء تعارض العقل والنقل" (6/328), "مجموع الفتاوى" (6/565).

والله جل وعلا في العلو المطلق الذي هو العلو بالنسبة لجميع جهات الأرض, فيكون العلو لله تبارك وتعالى العلو المطلق والعبد إذا دعا الله ورفع يديه إليه سواء كان في أي جهة من الأرض سواء كان في شمالها أم في جنوبها في ظهرها أم في الجهة الأخرى فإنه إذا رفع يديه فإنه يرفع يديه إلى العلو المطلق. "اللآلئ البهية" (2/82).

والله أعلم
وهو الموفق لا إله غيره ولا رب سواه
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله



جمعه أخوكم/
أبو أنس عبد الله الجزائري
الجزائر المحروسة
1433هـ

التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:35 AM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 Jan 2012, 08:29 PM
رائد علي أبو الكاس رائد علي أبو الكاس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: فلسطين
المشاركات: 90
افتراضي

بارك الله فيكم أخي
إجعلها

ملف ورد
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 Jan 2012, 09:07 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي

وفيكم بارك الله.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التوحيد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013