منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07 May 2015, 02:11 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي المتَّبعُ والمقلِّد وما لكلٍّ منهما (مع التنبيه على فرق يُغفل عنه حصل بسبب إغفاله فساد عظيم)!!

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّدا عبده ورسوله.

أمَّا بعد:

فإنَّ من النِّعم على العبد أن ييسِّر الله له من مشايخه وإخوانه من يكفيه مؤنةَ التَّنبيه على خطأ شائع ذائع بين النَّاس طالما ضاق به ذرعًا فيوفِّقه الله للوقوف على كلام يحلُّ هذا الخطأ ويأخذ بأيدي النَّاس إلى الصَّواب وطريق السَّلامة.

فمن التَّنبيهات المهمَّة التي بسبب الإخلال بها حصل خلط كبيرٌ، وفساد عريضٌ، عدم التَّفريق بين مراتب النَّاس وأقسامهم تجاه الأدلَّة الشَّرعية وهي ثلاثةٌ: مجتهد، ومتَّبع، ومقلِّد.

وللآثار التي تنبني على هذا التَّفريق كان مهمًّا الوقوف عليه وعلى آثاره، وقد كفى مؤنة ذلك الشَّيخ خالد حمُّودة –حفظه الله- في «شرح مراقي السُّعود» وأشار إلى أنَّ كثيرًا من النَّاس يهملون هذه الآثار التي تنبني على الفرق بين المتَّبع والمقلِّد فحصل بسبب ذلك فسادٌ عظيم.

وهذا نقلٌ لكلام الشَّيخ –حفظه الله- مع الإشادة به وشكره على تنبيهه ومحاولته الإصلاح، فجزاه الله خيرًا ووفقه لكل خير.

قال –وفقه الله- بعد أن أورد كلامًا يتعلَّق بحاجة المجتهد إلى علم أصول الفقه وأنَّه به يتمكن من استنباط الأحكام من نصوص الكتاب والسُّنَّة وأورد بعده إشكالًا مفاده: ما دامت هذه حاجة المجتهد إلى علم أصول الفقه، فما الذي يستفيده طالب العلم ولم يرق بعدُ لدرجة الاجتهاد؟ وهل يقال: أنَّه ليس بحاجة لعلم أصول الفقه؟
فكان جواب الشَّيخ –وفقه الله- على هذا السُّؤال حاملًا في طيَّاته الكلام على أقسام الناس باعتبار الأدلَّة وبيان القول الراجح منها، وما الذي ينبني على التَّفريق بين المتبع والمقلِّد، فدونكم كلامه –وفقه الله- وبدايته جوابه عن الإشكال الذي أورد قبلُ في حاجة طالب العلم لعلم أصول الفقه:

«هو في حاجة ماسة إليه، وذلك:

لأنَّه به يفهم مباني كلام أهل العلم، ومداركهم في الفتوى؛ لأن العلماء إنما يبنون كلامهم على هذه الأصول التي قرروها في كتبهم كتب أصول الفقه، فإذا كان الإنسان لا يفهم هذه المدارك، ولا يفهم هذه المباني، فإنه غير مؤهَّل لفهم الفتوى، ولا هو مؤهل كذلك لنقلها إلى غيره.

ومن ههنا كان الصحيح عند أهل العلم، أنَّ الناس باعتبار الأدلة مقتسمون إلى ثلاثة طبقات: المجتهد، والمتبع، والمقلِّد، وإنما تفرقوا بحسب هذا العلم الذي هو أصول الفقه.

وبعض أهل العلم يقول: إنَّهم درجتان: إمَّا مجتهد وإمَّا مقلِّد، لأن الله تعالى يقول: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ فجعل الناس إما مجتهدا يُسألُ، وإما مقلدا يَسألُ.

والصَّواب أنها ثلاثة: مجتهد، ومتبع ويسميه بعض أهل العلم: المتبصِّر، ومقلِّد.

الفرق بينهم:

- أن المجتهد: هو الذي يستعمل أصول الفقه لاستنباط الأحكام والعقائد من الكتاب والسُّنة.

- أما المتَّبع: فهو الذي يقرأ كلام أهل العلم فيفهم مدارك الفتيا، ومبانيها التي بنى عليها كلامه.

- والمقلِّد أنزل منه: يأخذ الفتوى، الحلال أو الحرام، ليفعل أو يترك لكنه لا يعرف على ماذا بنى إمامه أو على ماذا بنى المجتهد المسألة من الأساس.

ويتحصَّل الفرق بينهما:

- (الفرق النَّظري): أنَّ هذا يأخذ الفتوى مجرَّدة عن معرفة مبناها ومدركها، والآخر يعرف مدركها.

يترتب على هذا (الفرق من جهة العمل)؛ وهذا الفرق يهمله كثير من الناس، وحصل بسببه فساد عظيم، وهو:

أنَّ الذي يفهم مبنى المسألة ومدركها، وهو الذي نسميه المتَّبع أو المتبصِّر ولا يحصِّل هذه الدرجة إلا بمعرفة الأصول، هذا يجوز له أن ينقل عن المفتي فتواه، لأنه عرف مدركه ومبناها، وقد أُمِنَ منه أن يضعها في غير موضعها.

بخلاف المقلد الَّذي لا يعرف مبنى المسألة، هذا يعمل بالفتوى في خاصَّة نفسه، لكن ليس له أن ينقلها لغيره إذا رآه وقع فيما وقع فيه، ولهذا نقل عن بعض الأئمة –رحمهم الله- أنه قال: "لا يحل لمن لم يعرف من أين أخذنا قولنا أن يأخذ به" يعني: أن يأخذ به فيفتي به الناس، أو ينقلهم إليهم.

وما أكثر ما يقع الناس بالخطأ بسبب هذا، يسمع فتوى العالم قال: هذا حلال وهذا حرام.

- ثم إذا كان طالب علم وله معرفة بمدارك المسائل يعرف على ماذا بنى العالم مسألته فيضعها في موضعها الصَّحيح، ويؤمن منه الخطأ فلا يضعها في الموضع الذي يجزم الإنسان أنه ليس موضعها المناسب.

أمَّا غيره ممن يأخذ الفتوى على عواهنها فيضعها في المواضع التي يجزم كل أحد بما فيهم العالم صاحب تلك الفتوى أن ذلك الموضع الذي نزلها عليه ذلك العامي ليس موضعها.

وبهذا يعرف أنه لا غنى لأحد من طلاب العلم عن علم الأصول، هذه فائدة أولى في حق طالب العلم من جهة معرفة الأصول، وهي أن يعرف مدارك الفتوى لنقلها.

ثمَّ له بعد ذلك فائدة مهمَّة وهي معرفة الترجيح: لأنَّ من لا يحسن أصول الفقه لا سبيل له إلى الترجيح بين أهل العلم المختلفين.

فطالب العلم الذي يتقن الأصول إذا اختلف عليه العالمان في مسألة فإنه ينظر إلى أقربها إلى الدليل فيأخذ به.

بخلاف العامي المقلد إذا اختلف عليه من يقلده من العلماء فإنه يقال له: "انظر إلى أوثقهما في نفسك علما ودينا فخذ بفتواه"، فأحيل إلى صفة التقليد المحض.

أمَّا طالب العلم فإنه يحال إلى أيِّ القولين يراه أو يظهر له أنه أقرب إلى الأدلة.

هذا كله يترتب على المسألة المهمة التي بدأ بها الكلام وهي فائدة أصول الفقه» اهـ.

قلت:

فليضع كلُّ واحدٍ نفسه في الموضع الَّذي يرى نفسه أهلا له، وليتَّقِ الله ربَّه، وليعمل بما يخصُّ درجته.

فكم نرى ممَّن ينقل فتاوى أهل العلم –حفظهم الله- من غير معرفة ودراية بمأخذ قولها ومبناه بل ربَّما ينقلها على نقيض مقصد صاحبها وكان يكفيه الإحالة عن صاحبها فيستريح ويريح.

وكم رأينا ممَّن حقُّه سؤال أهل العلم والرجوع إليهم ليأخذ بأقوالهم يجتهد في أقوال العلماء الفحول ويرجِّح بينها حاشرًا أنفه في وسطهم داخلا فيما لا يعنيه.

بل كم رأينا من يجتهد في المسائل العلميَّة التي لا قول له فيها عن إمام من الأئمَّة بل تراه يحكِّم قاعدة سمعها فلم يع مقصدها!

وما أكثر هذه الأشياء في زمننا الَّذي فتحت فيه وسائل الإعلام ووسائل التَّواصل الاجتماعي حتى تصدَّر وارتقى من ربَّما لم يكن أهلا لحمل العلم فضلًا عن الكلام فيه والإدلاء برأيه، فالحزم الحزم، وليضع كل واحد نفسه في الموضع المناسب له: إن مجتهدًا فحيَّ هلا به فوالله إنَّا لنفرح به ونسرُّ، وإن طالبَ علمٍ فليجتهد في ربط العامَّة بفتاوى علمائهم وليفدهم بما فتح الله عليه ومنَّ به عليه وليحذر كلَّ الحذر أن يضمَّ نفسه لمرتبة الاجتهاد ولم يتأهَّل لها بعدُ، وإن عاميًّا فالنَّقص عدم تخليص نفسه من هذه المنزلة إن تاقت نفسه لما فوقها فليبذل جهده ووسعة فوسائل العلم كثيرةٌ وأهله متوافرون فما عليه إلا سلوك طريق الطَّلب، والعلم بالتعلُّم.

ولا يفوتني التَّنبيه أنَّ كلام الشَّيخ:

1-مفرَّغٌ غير محرَّر، ومعلوم الفرقُ بينَ الأمرين.

2-وهو كلام في غير مظانِّه، إذ هذه المسائل يتكلَّم عليها في مبحث "الاجتهاد والتقليد" فقد لا يكون الكلام عليها عرضًا لبيان فائدة أصول الفقه حاملًا صبغة التَّحرير اللائق بها.

والمقصود التَّنبيه على الفرق بين المتبع والمقلد وما لكلٍّ منهما.

فنسأل الله تعالى أن يرزقنا علمًا نافعًا، وأن يوفقنا للعمل الصَّالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

فتحي إدريس
17/رجب/1436


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 07 May 2015 الساعة 07:13 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07 May 2015, 05:53 PM
محمد طيب لصوان محمد طيب لصوان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 219
افتراضي

جزاك الله خيرا على النقل والتنبيه و جزى الله الشيخ خالدا على بيانه وتفصيله النافع.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07 May 2015, 07:14 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وجزاك الله خيرًا أخي الحبيب الطيِّب، شكرًا على مرورك.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08 May 2015, 12:00 AM
أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 196
افتراضي

فائدة مهمة جدًا !! جزاك الله خيرًا على إفرادها بالتنبيه
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 May 2015, 12:15 AM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وجزاك الله خيرًا أخي الفاضل عبد الحميد.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 May 2015, 06:31 AM
أبو عبد الله طارق أبو عبد الله طارق غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 123
افتراضي

بارك الله فيك أخي فتحي علي هذه الفوائد القيمة
وقد نبه كذالك الشيخ خالد علي هذا في حلقته ليوم الجمعة
في شرح كتاب مسائل الجاهلية
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 May 2015, 02:08 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حيَّا الله أخي طارقًا أسعدني مرورك بارك الله فيك، وسعدت أكثر بما ذكرته أنَّ الشيخ -وفقه الله- نبَّه عليه في مجلس الجمعة فلقد وددت أن أكون حاضرًا فأكتبه من فِيه مباشرةً.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013