منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 Oct 2017, 08:03 PM
عز الدين بن سالم أبو زخار عز الدين بن سالم أبو زخار غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
الدولة: ليبيا
المشاركات: 548
افتراضي التوكيل في النصيحة

الحمد لله الذي بعث الرسل بالنصح لأممهم حتى ختمهم - صلوات الله وسلامه عليهم - بخيرهم بنبينا الناصح الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على دربهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فالنصيحة في الإسلام شأنها عظيم فقد صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنها الدين، فقد أخرج مسلم في ((صحيحه)) عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة)).
قلنا: لمن يا رسول الله؟
قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
هذا الحديث أصل عظيم في النصيحة؛ حتى قال محمد بن أسلم رحمه الله: (هذا الحديث أحد أرباع الدين).
فالأصل في النصيحة أن تكون سرا، وإلا كانت فضيحة.
وقد يحتاج المرء لأن يُوكل من يقوم بهذه المهمة الجليلة، لعدة أسباب منها:
1) تعذر الوصول لمن أريد نصحه، لبعده أو رفيع مكانته.
2) لضعف خبرة الناصح، وقلة علمه وضعف حجته.
3) لعناد المنصوح، وقوة جداله، أو لمراوغته.
4) الخوف من حدوث جفوة بين الناصح والمنصوح، أو خجلا أو حيا أو خوفا منه.
5) ترك تقدم على من هو أعلم.
فلهذه الأسباب وغيرها يحتاج المرء إلى أن يوكل غيره ليقوم بهذه المهمة العظيمة وهي النصيحة.
ومما يستدل به على التوكيل في النصيحة ما أخرجه مسلم عن شقيق عن أسامة بن زيد قال: قيل له: ألا تدخل على عثمان فتكلمه.
فقال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح مرا لا أحب أن أكون أول من فتحه ولا أقول لأحد يكون علي أميرا إنه خير الناس بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه)).
فهذا حب رسول الله وابن حبه أسامة بن زيد رضي الله عنهما عندما طلبوا منه أن ينصح لخليفة المسلمين عثمان بن عفان رضي الله عنه لم ينكر عليهم طلب المناصحة منه لعثمان ولم ير أن هذا الأمر فيه غيبة لمن أريد نصحه.
وأخرج الدارمي في (السنن)) وغيره عن عمرو بن سلمة الهمداني قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.
فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد.
قلنا: لا فجلس معنا حتى خرج فلما خرج قمنا إليه جميعا.
فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد أنفا أمرا أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيرا.
قال: فما هو؟
فقال: إن عشت فستراه.
قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصا فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة.
قال: فماذا قلت لهم؟
قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك أو انتظار أمرك.
قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم.
فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟!
قالوا: يا أبا عبد الله حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح.
قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وأنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلي ملة هي أهدي من ملة محمد، أو مفتتحوا باب ضلالة،
قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير.
قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا ((أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم)).
فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.
خرج هذه القصة العلامة الألباني رحمه الله في ((السلسلة الصحيحة)) وقال: هذا إسناد صحيح.
فهذا الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه جاء لمن هو أعلم منه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لينكر على أصحاب الحلق ويقدم لهم النصيحة.
وأخرج البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب فكان يتعاهد كنته فيسألها عن بعلها.
فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه.
فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((القني به)).
فلقيته بعد فقال: ((كيف تصوم))؟
قال: كل يوم قال وكيف تختم قال كل ليلة قال صم في كل شهر ثلاثة واقرإ القرآن في كل شهر قال قلت أطيق أكثر من ذلك قال صم ثلاثة أيام في الجمعة قلت أطيق أكثر من ذلك قال أفطر يومين وصم يوما قال قلت أطيق أكثر من ذلك قال صم أفضل الصوم صوم داود صيام يوم وإفطار يوم واقرأ في كل سبع ليال مرة فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذاك أني كبرت وضعفت فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار والذي يقرؤه يعرضه من النهار ليكون أخف عليه بالليل وإذا أراد أن يتقوى أفطر أياما وأحصى وصام مثلهن كراهية أن يترك شيئا فارق النبي صلى الله عليه وسلم عليه
قال أبو عبد الله وقال بعضهم في ثلاث وفي خمس وأكثرهم على سبع
في هذا الحديث إشارة من عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى إرادته نصح ابنه عبد الله عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من باب الغيبة، بل من باب النصح وتغير المنكر وأمره بالمعروف.
القدح ليس بغيبة في ستة *** متظلم ومعرِّف ومحذر
ومجاهر فسقاً ومستفت ومن *** طلب الإعانة في إزالة منكر
من طلب الإعانة في إزالة منكر؛ وتغيير المنكر، هذا من النصيحة لمن وقع فيه، ولو باستعانة بغيره.
وأختم بسؤال وجه للشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحيم البخاري حفظه الله: كيف ينصح من هو أكبر منه في العلم أو في عِدادِ مشايخه؟
فأجاب:
هذا سؤالٌ أيضاً مهم، هذا سؤالٌ مهم فهذا الأخُ الكبير أو الذي أكبر منك في العلم أو من مشايخك هو أخٌ لك في الشرع وفي الدين، والنصح له أيضًا كذلك قد يتعين ولكن بأدب، بأدبٍ ورفق والرفق مطلوب مع الجميع والأدب مطلوبٌ مع الجميع، وإنما في حق هؤلاء قد يتأكد، لا تبذلها على شرط أنك قلت ولكن أبذلها على شرط ماذا؟ على شرطِ الاستفهامِ والسؤال أو على طريقة الاستفهام والسؤال يتنبه هو في ذلك.
وقد جرى يومًا بيني وبين أحدِ مشايخنا الكِبار -حفظه الله- هو من الأحياء، فقلت له بين يدي أمرٍ رغبت في نصحه قلت: شيخنا لا يتم انتظام عقدِ الطلب إلا بالنصيحة التي يبذلها الشيخ لتلميذه والاستفهام من التلميذ للشيخ أو مع الشيخ ما قلت النصح له، لأن النفوس فيها إقبال وفيها إدبار فالمعنى واحد أليس كذلك؟ قال: نعم، ثم أوردت ما عندي على سبيل الاستفهام وعَرَفَ أنه المراد، وفي أثناء الكلام قد قلت له: شيخنا قد وقع هكذا وهكذا وهكذا فما وجهه؟ أمَا هو هذا المراد؟ وقد حصل.
على كل حال؛ هذا بابٌ عظيم يجب التفقه فيه، إذا كنت في حاجة مرسل فأرسل حكيمًا ولتوصه)) اهـ [1].
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 22 المحرم سنة 1439 هـ
الموافق لـ: 12 أكتوبر سنة 2017 ف

--------
[1] موقع ميراث الأنبياء
https://miraath.net/ar/content/%D8%A...AE%D9%87%D8%9F


التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن سالم أبو زخار ; 23 Oct 2017 الساعة 09:25 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل, النصيحةوالتوكيل فيها


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013