وقفات مع الدخول الاجتماعي الجديد

[رضا عثمان]

إنّ استفتاحنا لدخولٍ اجتماعيٍّ جديدٍ حادثةٌ مهمّة تستدعي منّا وقفاتِ تفكّرٍ وتدبّر...
وهذا هو حال المؤمن -الذي يسعى في تحصيل الخير-؛
أن يحرص على الاستفادة من دروس الزمان، وعِبَرِ الأحداث...


- فأوّل وقفة نقفها: سرعة تتابع الأيّام وانقضاء الزمان

قال الله تعالى:

ﮋﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮊ.
فكم منّا من يتذكّر الدخول المدرسي حينما كان تلميذا أو طالبا...
وكم منّا من يرأى نفسه -بعد ذلك- يُدخِل ابنَه إلى المدرسة في السنة الأولى، ثمّ الثانية، فالثالثة...
وكم منّا من يرى ابنه ينتقل إلى المتوسّطة، ثمّ الثانوية، فالجامعة...
ولو نظرنا قليلا إلى الوراء؛
لوجدنا ذكريات الطفولة والصبى غَضّة طريّة؛
كأن لم يَمْضِ عليها إلّا أيّامٌ قلائل...

وما من عام يمضي من حياتنا، إلّا وهو عام يقرّبنا من قبرنا...

فيا سعدك يا فاعل الخير...


- أمّا الوقفة الثانية مع الدخول الاجتماعي الجديد:
فهي وقفة محاسبة على أعمال السنة الماضية...

وقد قال النّبيّ -صلى الله عليه وآله وسلّم-:
« لَا تَزُولُ قَدِمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ:
عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟
وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟
وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟
وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟ ».

فما هي حصيلة أعمالنا في السنة الماضية؟
ماذا قدّمنا لأنفسنا، أو لأهلنا، أو لأمّتنا، أو لديننا...؟!
ماذا تعلّمنا من أمور ديننا... ؟!
ماذا طبّقنا ممّا تعلّمنا...؟!

وكلّ يوم لا يزداد فيه المسلم علما وعملا؛
إلّا كان حسرة عليه يوم القيامة؛

فما بالك -أيا أخا الإسلام- بعام بكامله...؟!


- أمّا الوقفة الثالثة مع الدخول الاجتماعي الجديد:
فهي وقفة عزيمة وهمّة للعام الجديد...

فالذي فات فات، والذي فات مات...

لكن ماذا عن العام المقبل، لمن أطال اللهُ عُمُرَهُ...؟!
ماذا سطّرنا لعامنا الجديد
من أهداف نأمل بلوغها،
وغايات نطمح في تحقيقها؟

أكانت آمالنا في أن نكون أناسا فاعلين مؤثّرين -خيرا وإيجابا-...؟

أما أنّنا رضينا لأنفسنا بحياة عقيمة،
لا نترك خلفنا ذكرا ولا أثرا، ولا عملا صالحا مدّخرا...

- أمّا الوقفة الرابعة مع الدخول الاجتماعي الجديد:
فهي وقفة مع أبنائنا وبناتنا في دراستهم...

حيث ينبغي للمسلم أن يحبّب العلوم والمعارف لأولاده،
وأن يحثّهم على تحصيلها؛
وأن يعينهم عليها...

لكن لا على حساب الدين، والأخلاق، والمبادئ السامية...

لذا يجب على الآباء اختيارُ أفضلِ تعليمٍ لأولادهم؛
ويجب عليهم تحذيرُهُم ممّا يتعارض مع دينهم، وأخلاقهم، ومبادئهم...
مع مراقبة ما يتعلّمونه،
لتصحيح المفاهيم، ودفع الشبهات والتشكيكات...

وكما يجب على الآباء تعليمُ أولادِهِم مبادئَ الإسلامِ الحسان: عقيدة، وعملا، وأخلاقا.

وقد قال النّبيّ -صلى الله عليه وآله وسلّم-:
«أَلا كلُّكُمْ راعٍ وكلُّكُمْ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ...».


نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق والسداد، واللطف والرحمة يوم المعاد.