منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 16 Mar 2018, 05:24 PM
أسامة لعمارة أسامة لعمارة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: عين الكبيرة سطيف
المشاركات: 82
افتراضي الحكم التشريعية لبعض أبواب دين الإسلام من تيسير العلام شرح عمدة الأحكام للعلامة البسام.

بسم الله الرحمن الرحيم.


الحكم التشريعية لبعض أبواب دين الإسلام من تيسير العلام شرح عمدة الأحكام للعلامة البسام.

الحمد لله وحده والصلة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

فهذه بعض الحكم التشريعية لبعض العبادات التي ذكرها الشيخ البسام في شرحه على عمدة الأحكام ، وقد اعتنى رحمه الله بهذا الباب عناية واضحة في شرحه سالكا سبيل شيخه العلامة السعدي؛ فقد كان الشيخ السعديّ يعتني بهذا الباب اعتناء بالغا في تأليفاته، ونحا نحو هذا المسلك تلاميذه من بعده؛ ولعل هذا يرجع لبروز قرن الإلحاد والدعوة إليه في زمانهم، فاعتنوا بهذا الباب، وهذا ما يومئ إليه كلام الشيخ البسام أثناء تطرقه لبعض هذه الحكم والأسرار، وفعلوا ذلك تثبيتا لقلوب المسلمين والدفاع عن عقيدة التوحيد والرد على المبطلين، فننقل هنا ما تيسر جمعه من هذه الحكم التي ضمّنها العلامة البسام شرحه رحمه الله، فإلى المقصود والله المستعان.


يقول رحمه الله في حديثه عن الزكاة: "وهي من محاسن الإسلام، الذي جاء بالمساواة، والتراحم، والتعاطف، والتعاون، وقطع دابر كل شر يهدد الفضيلة والأمن والرخاء، وغير ذلك من مقوِّمات البقاء لصلاح الدنيا والآخرة.
فقد جعلها الله طهرة لصاحبها من رذيلة البخل، وتنمية حسية ومعنوية من آفة النقص، ومساواة بين خلقه بما خوَّلهم من مال، وإعانة من الأغنياء لإخوانهم الفقراء، الذين لا يقدرون على ما يقيم أودهم من مال، ولا قوة لهم على عمل. وتحقيقا للسلام الذي لا يستقر بوجود طائفة جائعة ترى المال المحرومة منه، وتأليفا للقلوب، وجمعا للكلمة حينما يجود الأغنياء على الفقراء بنصيب من أموالهم. وبمثل هذه الفريضة الكريمة يعلم:
أن الإسلام هو دين العدالة الاجتماعية الذي يكفل للفقير العاجز العيش والقوت، وللغني حرية التملك مقابل سعيه وكدحه.
وهذا هو المذهب المستقيم الذي به عمارة الكون، وصلاح الدين والدنيا.
فلا شيوعية متطرفة، ولا رأسمالية ممسكة شحيحة. وقد حذر الله من منع الزكاة في نصوص كثيرة، وتوعد على ذلك بالعذاب الشديد، فمن ذلك قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم، بل هو شر لهم، يطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} .
وجاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع، يطوقه يوم القيامة ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك ". [كتاب الزكاة، ص 325].

وقال رحمه الله عن الصيام: " أما حكمه وأسراره فليس في مقدور هذه النبذة المختصرة أن تبين ذلك.
وإنما أشير إلى قليل من كثير، ليعلم القارئ شيئا من أسرار الله في شرعه، فيزداد إيمانا ويقينا في وقت تزعزعت فيه العقائد، وتضعضع فيه الإيمان. فإنا لله، وإنا إليه راجعون.
فمن تلك الحكم السامية عبادة الله، والخضوع له، ليكون الصائم مقبلا على الله تعالى، خاضعا خاشعا بين يديه، حينما ينكر سلطان الشهوة.
فإن القوة تغري بالطغيان والبطر {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} .
فليعلم أنه ضعيف فقير، بين يدي الله حينما يرى ضعفه وعجزه فينكر في نفسه الكبر والعظمة، فيستكين لربه، ويلين لخلقه.
ومنها حكم اجتماعية، من اجتماعهم على عبادة واحدة، في وقت واحد، وصبرهم جميعا، قويهم وضعيفهم، شريفهم ووضيعهم، غنيهم وفقيرهم، على معاناتها وتحملها، مما يسبب ربط قلوبهم وتآلف أرواحهم، ولم كلمتهم.
وليس شيء أقوى من هذه الإرادة المتينة، التي لا تحكمها أقوى الدعايات.
كما أنه سبب عطف بعضهم على بعض، ورحمة بعضهم بعضا، حينما يحس الغني ألم الجوع ولدغ الظمأ.
فيتذكر أن أخاه الفقير يعاني هذه الآلام دهره كله، فيجود عليه من ماله بشيء يزيل الضغائن والأحقاد، ويحل محلها المحبة والوئام، وبهذا يتم السلم بين الطبقات.
ومنها حكم أخلاقية تربوية، فهو يعلم الصبر والتحمل، ويقوي العزيمة والإرادة، ويمرن على ملاقاة الشدائد وتذليلها، والصعاب وتهوينها.
ومنها حكم صحية، فإن المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء.
ولابد للمعدة أن تأخذ فترة استراحة واستجمام، بعد تعب توالي الطعام عليها، واشتغالها بإصلاحه.
هذه نبذة يسيرة إلى شيء من حكم الله تعالى وأسراره.
واستقصاء ما يحيط به العقل البشري يحتاج إلى تصانيف مستقلة، وفضلا عما لا يعلمه إلا الله تعالى من الأسرار الحكيمة الرشيدة". [كتاب الصيام، ص 345].

وقال عن الحج: " أما حكمه وأسراره، فأكثر من أن تحصى، ولا يوفيها -بيانا- إلا التصانيف المستقلة في الأسفار المطولة.
ولنلم بنبذة منها ليقف القارئ على قُلٍّ من كُثْر من أسرار شريعته الرشيدة وأهدافها الحميدة، فيرى أن له دينا يهدف - بعباداته - إلى صلاح الدين والدنيا.
فهذا المؤتمر الإسلامي العظيم، وهذا الاجتماع الحاشد، فيه من المنافع الدينية والدنيوية والثقافية والاجتماعية والسياسية، ما يفوت الحصر والعد.
أما الدينية، فما يقوم به الحاج من هذه العبادة الجليلة، التي تشتمل على أنواع من التذلل والخضوع، بين يدي الله تعالى.
فمنها تقحم الأسفار وإنفاق الأموال، والخروج من ملاذ الحياة، بخلع الثياب واستبدالها بإزار ورداء، حاسر الرأس، وترك الطيب والنساء، وترك الترفه بأخذ الشعور والأظفار ثم التنقل بين هذه المشاعر.
كل هذا بقلوب خاشعة، وأعين دامعة، وألسنة مكبرة ملبية.
قد حدا بهم الشوق إلى بيت ربهم، ناسين- في سبيل ذلك ـ الأهل والأوطان والأموال، والنفس والنفيس، فما ترى ثوابهم عند ربهم؟
أما الثقافية، فقد أمر الله بالسير في الأرض، للاستبصار والاعتبار.
ففيه من معرفة أحوال الناس، والاتصال بهم، والتعرف على شؤون الوفود، التي تمثل أصقاع العالم كله، ما يزيد الإنسان بصيرة وعلما، إذا تحاك بعلمائهم، واتصل بنبهائهم، فيجد لكل علم وفن طائفة تمثله.
أما الاجتماعية والسياسية، فإن الحج مؤتمر عظيم، يضم وفودا متنوعة العلوم، مختلفة الثقافات، متباينة الاتجاهات والنزعات، فإذا اجتمع كل حزب بحزبه، وكل طائفة بشبيهتها، ومثلوا "لجان الحكومة الواحدة" ودرسوا وضعهم الغابر والحاضر والمستقبل، ورأوا ما الذي أخرهم، وما الذي يقدمهم، وما هي أسباب الفرقة بينهم، وما أسباب الائتلاف والاجتماع، وتوحيد الكلمة.
وبحثوا شئونهم الدينية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، على أساس المحبة والوئام، وبروح الوحدة والالتئام.
أصبحوا يدا واحدة ضد عدوهم، وقوة مرهوبة في وجه المعتدي عليهم.
وبهذا يصير لهم كيان مستقل خاص، له مميزاته وأهدافه ومقاصده.
يسمع صوته ويصغى إلى كلمته، ويحسب له ألف حساب.
وبهذا يعود للمسلمين عزهم، ويرجع إليهم سؤددهم، ويبنون دولة إسلامية، دستورها كتاب الله وسنة رسوله، وشعارها العدل والمساواة، وهدفها الصالح العام، وغايتها الأمن والسلام.
حينئذ تتجه إليهم أنظار الدنيا، وتسلم الزمام إليهم، فيمسكونه بأيديهم، ويقوضون مجالس بنيت على الظلم والبغي، ويبنون على أنقاضها العدل والإحسان.
وبهذا يقر السلام، ويستتب الأمن، وتتجه المصانع التي تصنع للموت الذريع أسلحة الدمار والخراب، إلى أن تخترع المعدات التي تساعد على التثمير والتصنيع، وإخراج خيرات الأرض، فتحقق حكمة الله بخلقه، ويحل الخصب والرخاء، والأمن والسلام مكان الجدب والغلاء، والخوف والدماء.
ولكن لابد لكمال تحقق أعمال هذا "المؤتمر" من لغة موحدة، يتفاهمون بها.
وأولى اللغات بذلك "لغة القرآن".
كما أنه لابد من التنظيم، والتنسيق، والرعايا من الحاكمين.
وإذا علمت ثمرات هذه الاجتماعات الإسلامية، فهمت جيدا - أيها المسلم المؤمن - أن لك دينا عظيما، جليل القدر، يقصد منه - بعد عبادة الله - صلاح الكون واتساقه، لأن الاجتماع هو أعظم وسيلة لجمع الأمة وتوحيد الكلمة.
ولذا فإنه عني بالاجتماعات عناية عظيمة، تحقيقا للمقاصد الكريمة.
ففرض على أهل المحلة الاجتماع في مسجدهم كل يوم خمس مرات.
وفرض على أهل البلد عامة الاجتماع للجمعة في كل أسبوع.
وفرض على المسلمين الاجتماع في كل عام.
وهذا موضوع خطير طويل، نكتفي منه بهذه الإشارة.
نسأل الله تعالى أن يعلي كلمته، ويظهر دينه، وينصر أولياءه، ويذل أعداءه. إنه قوي عزيز". [كتاب الحج، ص 397].

صدّر رحمه الله كتاب البيوع والمعاملات بتقديم قال فيه: " الإسلام دين ودولة، فكما بين علاقة العبد بربه، واتصاله به، وآدابه معه، بيّن أنواع التصرفات؛ من البيع، والتأجير، والمشاركات، والعقود الخيرية؛ من الأوقاف، والوصايا، والهدايا.
كما بيّن أحكام النكاح والعلاقات الزوجية؛ من الشروط، والعشرة، والنفقات، والفرقة الزوجية، وآدابها، وأحكامها، والعدد، ومتعلقاتها. ثم ما تحفظ به النفس من عقوبة الجنايات؛ كالقصاص و الديات والحدود. ثم تطبيق هذه الاحكام وتنفيذها من أبواب القضاء وأحكامه.
فقد نظم العلاقات بين الناس في أسواقهم ومزارعهم وأسفارهم وبيوتهم وشوارعهم. فلم يدع شيئا يحتاجون اليه في شؤونهم إلا وبينه بأعدل نظام، وأحسن ترتيب.
فالناس يحتاج بعضهم إلى بعض في هذه الحياة الدنيا، لأن "النسان مدني بطبعه"، يحتاج إلى صاحبه، كما أن صاحبه محتاج إليه.
ولابد من قانون عادل، يسن لهم طرق المعاملات، وإلا حلت الفوضى، وتفاقم الشر، وأصبحت وسائل الحياة وسائل للهلاك والدمار.
فهو دين الحركة والنشاط والعمل، يحث عليه ويأمر به، ويجعله نوعا من الجهاد في سبيل الله، وقسما من العبادات، ويكره الكسل والخمول والاتكال على الغير، "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"، "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله".
وقال صلى الله عليه وسلم: " التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع الصديقين والشهداء". والنصوص في هذا كثيرة مستفيضة.
والإسلام بهذه الأحكام التي سنّ بها المعاملات وآدابها، أعطى كل ذي حق حقه بالقسط والعدل، ووجّه كل ذي طبع إلى ما يلائمه من الأعمال، ليعمر الكون بالقيام بشتى طرق الحياة المباحة.
ثم بعد هذا يأتي من يهرف بما لا يعرف، وينعق بما لا يسمع، فينعي على الإسلام،ويرميه جهلا بأن نظمه غير كافية للحياة المدنية، والتقدم الحضاري، فلا بد من استبدالها، أو تطعيمها بشي من القوانين البشرية الوضعية.
يريدون بذلك حكم الجاهلية، الذي تخلّقت به الوحوش الضارية من أعداء البشرية، الذين سفكوا الدماء، وقتلوا الأبرياء، وأيموا النساء، وأيتموا الصغار، وآذوا الضعفاء، وأكلوا أموال الفقراء بحكم الطاغوت، وشريعة الغاب.
وهذه النظم الجائرة، وتلك الأحكام القاطعة الظالمة هي النظم الملائمة عندهم للوقت الحاضر، والصالحة لمقتضيات الحياة الحديثة، والأوضاع المتجددة.
أما الشريعة السماوية، والدستور الإلهي، الذي سُنّ من قِبل حكيم خبير، عالم بأحوال البشر، في حاضرهم ومستقبلهم، ليكون النظام الأفضل؛ فهو غير صالح عند هؤلاء الذين يبغون حكم الجاهلية، " ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون".
بصّر الله المسلمين بما ينفعهم، وأعادهم إلى حضيرة دينهم، وأعزّهم به، وأعزه بهم، إنه حميد مجيد، سميع قريب. [المعاملات، ص499-500].

وقال في كلامه عن البيع: " أما الصيغة التي ينعقد بها فالصواب في ذلك ما قاله شيخ الإسلام " ابن تيمية " من أنه ينعقد بكل قول أو فعل عده الناس بيعا، سواء أكان متعاقبا أم متراخيا لأن الله تعالى لم يرد أن يتعبدنا بألفاظ معينة، وإنما القصد الدلالة على معناه، وبأي لفظ دل عليه، حصل المقصود.
والناس يختلفون في مخاطبتهم واصطلاحاتهم، تبعا لاختلاف الزمان والمكان.
فكل زمان ومكان، له لغته واصطلاحاته، والمراد من ذلك المعنى.
وينفعنا في هذه (الأبواب من المعاملات) أن نفهم قاعدة جليلة، تحد لنا المعاملات المباحة، وأن نفهم أيضا ضوابط تحيط بجميع المعاملات المحرمة، وترد إليها جميع جزئياتها، وهذه القاعدة هي:
أن الأصل في المعاملات، وأنواع التجارات والمكاسب، الحل والإباحة. فلا يمنع منها إلا ما حرمه الله ورسوله.
فهذا أصل عظيم، يستند إليه في المعاملات والعادات.
فمن حرم شيئا من ذلك، فهو مطالب بالدليل، لأنه على خلاف الأصل. وبهذا يعلم سماحة الشريعة وسعتها، وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وتطورها حسب مقتضيات البشر، ومصالح الناس.
وهي قاعدة مطردة، مبناها العدل والقسط، ومراعاة مصالح الطرفين.
ولا تخرج المعاملة عن هذا الأصل العظيم، من الإباحة إلى التحريم، إلا لما يقترن بها من محذور، يرجع إلى ظلم أحد الطرفين، كالربا، والغرر، والجهالة، والخداع، والتغرير.
فهذه معاملات- عند تأملها- نجدها تعود إلى ظلم أحد العاقدين.
والمعاملات المحرمة ترجع إلى هذه الضوابط وما حرمت إلا لمفاسدها وظلمها.
فإن الشارع الحكيم الرحيم جاء بكل ما فيه صلاح، وحذر عن كل ما فيه فساد...".[كتاب البيوع، ص 501-502].

وقال رحمه الله في حديثه عن النكاح: " كل هذا لما يترتب عليه من المنافع العظيمة، التي تعود على الزوجين، والأولاد، والمجتمع، والدين، بالمصالح الكثيرة.
فمن ذلك، ما فيه من تحصين فرجي الزوجين: وقصر كل منهما بهذا العهد نظره على صاحبه عن الخلان والخليلات.
ومن ذلك ما في النكاح من تكثير الأمة بالتناسل ليكثر عباد الله تعالى، وأتباع نبيه صلى الله عليه وسلم فتتحقق المباهاة ويتساعدوا على أعمال الحياة.
ومنها: حفظ الأنساب، التي يحصل بها التعارف، والتآلف، والتعاون، والتناصر.
ولولا عقد النكاح وحفظ الفروج به، لضاعت الأنساب ولأصبحت الحياة فوضى، لا وراثة، ولا حقوق، ولا أصول، لا فروع.
ومنها: ما يحصل بالزواج من الألفة والمودة والرحمة بين الزوجين.
فإن الإنسان لا بد له من شريك في حياته، يشاطره همومه وغمومه، ويشاركه في أفراحه وسروره.
وفي عقد الزواج سر إلهي عظيم يتم عند عقده- إذا قدر الله الألفة فيحصل بين الزوجين من معاني الود والرحمة مالا يحصل بين الصديقين أو القريبين إلا بعد الخلطة الطويلة.
وإلى هذا المعنى أشار تبارك وتعالى بقوله: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} .
ومنها: ما يحصل في اجتماع الزوجين من قيام البيت والأسرة، الذي هو نواة قيام المجتمع وصلاحه.
فالزوج يكد ويكدح ويتكسب، فينفق ويعول.
والمرأة، تدبر المنزل، وتنظم المعيشة وتربي الأطفال، وتقوم بشئونهم.
وبهذا تستقيم الأحوال، وتنتظم الأمور.
وبهذا تعلم أن للمرأة في بيتها عملا كبيرا، لا يقل عن عمل الرجل في خارجه، وأنها إذا أحست القيام بما نيط بها فقد أدت للمجتمع كله خدمات كبيرة جليلة.
فتبين أن الذين يريدون إخراجها من بياتها ومقر عملها، لتشارك الرجل في عمله، قد ضلوا عن معرفة مصالح الدين والدنيا، ضلالا بعيدا.
وفوائد النكاح، لا تحصيها الأقلام ولا تحيط بها الإفهام، لأنه نظام شرعي إلهي، سن ليحقق مصالح الآخرة والأولى.
ولكن له آداب وحدود، لابد من مراعاتها والقيام بها من الجانبين، لتتم به النعمة، وتتحق السعادة، ويصفو العيش، وهي أن يقوم كل واحد من الزوجين بما لصاحبه من حقوق، ويراعى ماله من واجبات.
فمن الزوج: القيام بالإنفاق، وما يستحق من كسوة ومسكن بالمعروف، وأن يكون طيب النفس، وأن يحسن العشرة باللطف واللين، والبشاشة والأنس، وحسن الصحبة.
وعليها أن تقوم بخدمته وإصلاح بيته، وتدبير منزله ونفقته، وتحسن إلى أبنائه وتربيهم، وتحفظه في نفسها وبيته وماله، وأن تقابله بالطلاقة والبشاشة
وتهيئ له أسباب راحته، وتدخل على نفسه السرور، ليجد فى بيته السعادة والانشراح والراحة، بعد نصب العمل وتعبه.
فإذا قام كل من الزوجين بما لصاحبه من الحقوق والواجبات، صارت حياتهما سعيدة، واجتماعهما حميدا. ورفرف على بيتهما السرور والحبور، ونشأ الأطفال فى هذا الجو الهادئ الوادع، فشبوا على كرم الطباع، وحسن الشمائل، ولطيف الأخلاق.
وهذا النكاح الذى أتينا على شيء من فوائده، ثم ذكرنا ما يحقق من السعادة، هو النكاح
الشرعي الإسلامي الذى يكفل صلاح البشر، وعمار الكون، وسعادة الدارين.
فإن لم يحقق المطلوب، فإن النظم الإلهية التي أمر بها وحث عليها لم تراع فيه، وبهذا تدرك سمو الدين، وجليل أهدافه ومقاصده".[كتاب النكاح، ص 639]

وقال رحمه الله عن الطلاق: " والأصل في الطلاق الكراهة للحديث المتقدم، ولأنه حل لعرى النكاح الذي رغب فيه الشارع، وحث عليه، وجعله سببا لكثير من مصالح الدين والدنيا.
لذا فإن الطلاق سبب في إبطال هذه المصالح وإفسادها، والله لا يحب الفساد.
فمن هنا كرهه الشارع، لكنه عند الحاجة إليه نعمة كبيرة، وفضل عظيم، إذ يحصل به الخلاص من العشرة المرة، وفراق من لا خير في البقاء معه، إما لضعف في الدين، أو سوء في الأخلاق، أو غير ذلك مما يسبب قلق الحياة ونكد الاجتماع. والله حكيم عليم واسع الرحمة.
وبهذا تعرف جلال هذا الدين، وسمو تشريعاته، وأنها الموافقة للعقل الصحيح، والمتمشية مع مصالح الناس وبشرع الطلاق على الكيفية الآتية في وسط الأحكام وقوام للأمور، خلافا لليهود والمشركين، الذين يطلقون ويراجعون بلا عد ولا حد.
وخلافا للنصارى، الذين لا يبيحون الطلاق، فتكون الزوجة غلا في عنق زوجها وإن لم توافقه، أو لم تحقق مصالح النكاح، ولذا أخذت به أوربا وأمريكا لما رأوا مصالحه، ومنافعه. والله حكيم عليم".[كتاب الطلاق، ص681].

وقال في حديثه عن اللعان: " حكمته التشريعية:
الأصل أنه من قذف محصنا بالزنا صريحا فعليه إقامة البينة، وهي أربعة شهود.
وإن لم يأت بهؤلاء الشهود، فعليه حد القذف، ثمانون جلدة، كما قال تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} استثنى من هذا العموم إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، فعليه إقامة البينة -أربعة شهود- على دعواه.
فإن لم يكن لديه أربعة شهود، فيدرأ عنه حد القذف أن يحلف أربع مرات: إنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنا، وفي الخامسة يلعن نفسه إن كان من الكاذبين.
وذلك أن الرجل إذا رأى الفاحشة في زوجه فلا يتمكن من السكوت كما لو رآه من الأجنبية لأن هذا عار عليه، وفضيحة له، وانتهاك لحرمته.
ولا يقدم على قذف زوجه إلا من تحقق، لأنه لن يقدم على هذا إلا بدافع الغيرة الشديدة، إذ أن العار واقع عليهما، فيكون هذا مقويا لصحة دعواه." [كتاب اللعان، ص 699].
قال في كتاب الرضاع: " والأحكام المترتبة على الرضاع تحريم النكاح، وإباحة النظر والخلوة، والمحرمية في السفر، لا وجوب النفقة والتوارث، وولاية النكاح.
وحكمة هذه المحرمية والصلة ظاهرة؛ فإنه حين تغذى بلبن هذه المرأة نبت لحمه عليه، فكان كالنسب له منها.
ولذا كره العلماء استرضاع الكافرة، والفاسقة، وسيئة الخلق أو من بها مرض معد، لأنه يسرى إلى الولد.
واستحبوا أن يختار المرضعة الحسنة الخلق والخلق، فإن الرضاع يغير الطباع.
والأحسن أنه لا يرضعه إلا أمه لأنه أنفع وأمرى، وأحسن عاقبة من اختلاط المحارم التي ربما توقع في مشاكل زوجية.
وقد حث الأطباء على لبن الأم، لا سيما في الأشهر الأول.
وقد ظهرت حكمة الله الكونية، حين جعل غذاء الطفل من لبن أمه بالتجارب، وبتقارير الأطباء ونصائحهم. والله حكيم عليم."[الرضاع، ص 717].

وقال في حِكم القصاص: " حكمته التشريعية:
حكمته متجلية في هذه الآية الكريمة البليغة {ولكم في القصاص حياة} قال الشوكاني: (أي لكم في هذا الحكم الذي شرعه الله لكم حياة) .
وذلك لأن الرجل إذا علم أنه يقتل قصاصا إذا قتل آخر كف عن القتل وانزجر عن التسرع إليه والوقوع فيه، فيكون ذلك بمنزلة الحياة للنفوس الإنسانية.
وهذا نوع من البلاغة بليغ، وجنس من الفصاحة رفيع، فإنه جعل القصاص الذي هو موت حياة باعتبار ما يؤول إليه من ارتداع الناس عن قتل بعضهم بعضا، إبقاء على أنفسهم، واستدامة لحياتهم.
ولهذا نجد كثرة القتل والجرائم عند الأمم التي زعمت المدنية، فحكمت بالقوانين الوضعية، فلم تجاز الجاني بما يستحق، بل حكمت بالسجن تمدنا ورحمة.
ولم ترحم المقتول الذي فقده أهله وبنوه، ولم ترحم الإنسانية التي أصبحت غير آمنة على دمائها بيد هؤلاء السفهاء، والذين لا تلذ لهم الحياة إلا في غياهب السجون.
فهؤلاء الذين عدلوا عن القوانين السماوية إلى القوانين الأرضية، لم يفكروا في عواقب الأمور، لأنهم ليسوا من "أولى الألباب" الذين يتدبرون فيعقلون."[كتاب القصاص، ص 733-734].

وقال في كتاب الحدود: " حكمتها التشريعية:
لها حكم جليلة، ومعان سامية، وأهداف كريمة.
ولذا ينبغي إقامتها، لداعي التأديب والتطهير والمعالجة، لا لغرض التشفي والانتقام، لتحصل البركة والمصلحة، فهي نعمة من الله تعالى كبيرة على خلقه.
فهي للمحدود طهرة عن إثم المعصية، وكفارة عن عقابها الأخروي.
وهي له ولغيره رادعة وزاجرة عن الوقوع في المعاصي.
وهي مانعة وحاجزة من انتشار الشرور والفساد في الأرض.
فهي أمان وضمان للجمهور على دمائهم وأعراضهم وأموالهم.
وبإقامتها يصلح الكون، وتعمر الأرض، ويسود الهدوء والسكون، وتتم النعمة بانقماع أهل الشر والفساد.
وبتركها -والعياذ بالله- ينتشر الشر ويكثر الفساد، فيحصل من الفضائح والقبائح، ما معه يكون بطن الأرض خيرا من ظهرها.
ولا شك أنها من حكمة الله تعالى ورحمته. والله عزيز حكيم.
على أن الشارع الرحيم حين شرع الحدود، سبقت رحمته فيها عقابه.
فعفا عن الصغار وذاهبي العقول، والذين فعلوها لجهل بحقيقتها.
وصعّب أيضا ثبوتها، فاشترط في الزنا أربعة رجال عدول، يشهدون بصريح وقوع الفاحشة، أو اعترافا من الزاني بلا إكراه وبقاء منه على اعترافه حتى يقام عليه الحد.
وفي السرقة لا قطع إلا بالثبوت التام، وانتفاء للشبهة، وتمام لشروط القطع، إلى غير ذلك مما هو مذكور في بابه.
وأمر بدرء الحدود بالشبهات، كل هذا لتكون توبة العبد بينه وبين نفسه. والله غفور رحيم." [كتاب الحدود، ص 753-754].

وقال في كتاب القضاء: " قال في "المغني": وفيه فضل عظيم لمن قوى على القيام به، وأداء الحق فيه، ولذلك جعل الله فيه أجرا مع الخطأ، وأسقط عنه حكم الخطأ، ولأن فيه أمرا بالمعروف، ونصرة للمظلوم، وأداء الحق إلى مستحقه وردعا للظالم عن ظلمه، وإصلاحا بين الناس، وتخليصا لبعضهم من بعض، وذلك من أبواب القرب.
ولذلك تولاه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله، فكانوا يحكمون لأممهم.
وبعث صلى الله عليه وسلم عليا إلى اليمن قاضيا، وبعث معاذا قاضيا.
وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: لأن أجلس قاضيا بين اثنين، أحب إلي من عبادة سبعين سنة.
أما حكمته التشريعية:
فيكفيك منها ما ذكره "صاحب المغني.
ولا يمكن حصر ما فيه من حكم وأسرار.
وقال الإمام أحمد: [لابد للناس من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟] .
ولولا القضاء وفصل الخصومات، ورد المظالم، وتبيين الحق، لصارت الحياة فوضى، فيكفى أنه ضرورة من ضرورات الحياة."[كتاب القضاء،ص 809-810].

قال في باب الأضاحي: " حكمة مشروعيتها: في الأضحية، التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدماء، لأنها من أفضل الطاعات وأجمل العبادات.
وقد قرنها الله تعالى مع الصلاة في آيات من القرآن الكريم. منها قوله تعالى: {إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}
وقوله سبحانه: {فصل لربك وانحر} والأضحية التي تقع في ذلك اليوم العظيم، يوم النحر الأكبر فيها الصدقة على الفقراء والتوسعة عليهم.
وفيها القيام بشكر الله تعالى على توالى نعمه بسلامة العمر والعقل والدين، واقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين قدم ولده قربانا لله تعالى، طاعة ورضا بأمر الله، ففداه الله تعالى بكبش، فكانت سنة من بقبة أبينا إبراهيم، جددها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وفيها الفرح والسرور والتوسعة على النفس، والأهل، في هذا العيد الإسلامي الكبير.
وفيها حكم وأسرار لله تعالى، تدرك منها الأفهام والعقول بقدر طاقتها".[باب الأضاحي، ص 842-843].

وقال في كتاب العتق: " وهنا مبحثان: أحدهما في فضله، والثاني: في موقف الإسلام من الرق والعتق.
أما فضله، فيكفيك فيه هذا الحديث الصحيح[أظن يقصد: ما في الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: {من أعتق رقبة مسلمة، أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار، حتى فرجه بفرجه} ]، وما رواه الترمذي عن أبي أمامة وغيره من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرئ مسلم أعتق امرءا مسلما كان فكاكه من النار".
والأحاديث والآثار الحاثة على العتق والمرغبة فيه كثيرة.
وقد جعله الله تعالى أول الكفارات لما فيه من محو الذنوب، وتكفير الخطايا والآثام، والأجر العظيم، بقدر ما يترتب عليه من الإحسان.
وليس إحسان أعظم من فكاك المسلم من غل الرق، وقيد الملك فبعتقه تكمل إنسانيته بعد أن كان كالبهيمة في تصريفها وتدبيرها.
فمن أعتق رقبة، فقد فاز بثواب الله، والله عنده حسن الثواب.
المبحث الثاني: نعى بعض أعداء الدين الإسلامي إقرار الشريعة الإسلامية الرق الذي هو- في نظرهم- من الأعمال الهمجية جملة.
لذا نحب أن نبين حال الرق في الإسلام وغيره، ونبين موقف الإسلام منه بشيء من الاختصار، لأن المقام لن يخصص لهذه البحوث.
فالإسلام لم يختص بالرق، بل كان منتشرا في جميع أقطار الأرض.
فهو عند الفرس والروم والبابليين واليونان، وأقره أساطينهم من أمثال (أفلاطون) و(أرسطو) .
وللرق- عندهم- أسباب متعددة في الحرب، والسبي، والخطف، واللصوصية.
بل يبيع أحدهم من تحت يده من الأولاد، وبعضهم يعدون الفلاحين أرقاء.
وكانوا ينظرون إلى الأرقاء بعين الاحتقار والازدراء، فكانوا يمتهنونهم في الأعمال القذرة، والأعمال الشاقة.
فـ (أرسطو) من الأقدمين، يرى أنهم غير مخلدين، لا في عذاب، ولا في نعيم، بل هم كالحيوانات.
والفراعنة استعبدوا بني إسرائيل أشنع استعباد، حتى قتلوا أبناءهم، واستحيوا نساءهم.
والأوربيون- بعد أن اكتشفوا أمريكا- عاملوا الأمريكيين أسوأ معاملة.
هذا هو الرق بأسبابه وآثاره، وكثرته في غير الإسلام.
ولم نأت إلا على القليل من شنائعه عندهم.
فلننظر الرق في الإسلام.
أولا: إن الإسلام ضيّق مورد الرق، إذ جعل الناس كلهم أحرارا لا يطرأ عليهم الرق إلا بسبب واحد: وهو أن يؤسروا وهم كفار مقاتلون، مع أن الواجب على القائد أن يختار الأصلح من الرق، أو الفداء، أو الإطلاق بلا فداء، حسب المصلحة العامة.
فهذا هو السبب وحده في الرق، وهو سبب كما جاء في النقل الصحيح، فإنه يوافق العقل الصحيح أيضا.
فإن من وقف في سبيل عقيدتي ودعوتي، وأراد الحد من حريتي، وألب عليّ وحاربني، فجزاؤه أن أمسكه عندي، ليفسح المجال أمامي وأمام دعوتي.
هذا هو سبب الرق في الإسلام، لا النهب والسلب وبيع الأحرار واستعبادهم كما هو عند الأمم الأخرى.
ثانيا: أن الإسلام رفق بالرقيق، وعطف عليه وتوعد على تكليفه وإرهاقه: فقال صلى الله عليه وسلم "اتقوا الله وما ملكت أيمانكم".
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: "للمملوك طعامه وقوته؛ ولا يكلف من العمل ما لا يطيق " رواه مسلم.
بل إن الإسلام رفع من قدر الرقيق حتى جعلهم إخوان أسيادهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "هم إخوانكم وخولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم"، متفق عليه.
ورفع من مقامهم عند مخاطبتهم حتى لا يشعروا بالضعة. ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي".
كما أن المقياس في الإسلام لكرامة الإنسان في الدنيا والآخرة لا يرجع إلى الأنساب والأعراق، وإنما يرجع إلى الكفاءات والقيم المعنوية {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} .
وقد بلغ شخصيات من الموالى- لفضل علمهم، وقدرتهم- ما لم تبلغه ساداتهم، إذ قادوا الجيوش، وساسوا الأم، وتولوا القضاء والأعمال الجليلة بكفاءتهم التي هي أصل مجدهم.
ومع ما رفعه الشارع من مقام المملوك، فإن له تشوفا وتطلعا إلى تحرير الرقاب، وفك أغلالهم، فقد حث على ذلك، ووعد عليه النجاة من النار، والفوز بالجنة، وقد تقدم بعض من ذلك، ثم إنه جعل لتحريرهم عدة أسباب، بعضها قهرية وبعضها اختيارية، فمن القهرية أن من جرح مملوكة عتق عليه.
فقد جاء في الحديث: أن رجلا جدع أنف غلامه، فقال صلى الله عليه وسلم. "اذهب فأنت حر".
فقال: يا رسول الله فمولى من أنا؟ قال: "مولى الله ورسوله".
ومن أعتق نصيبه من مملوك مشترك عتق نصيب شريكه قهرا، في الحديث "من اعتق شركا له في مملوك، وجب عليه أن يعتق" رواه البخاري على تفصيل فيه يأتي.
ومن ملك ذا رحم محرم عليه عق عليه قهرا لحديث "من ملك ذا رحم محرم فهو حر" رواه أهل السنن.
فهذه أسباب قهرية تزيل ملك السيد عن رقيقه خاصة في هذا الباب، لما له من السراية الشرعية، والنفوذ القوي الذي لم يجعل في عنقه خيارا ولا رجعة.
ثم إن المشرع- مع حثه على الإعتاق- جعله أول الكفارات في التخلص من الآثام، والتحلل من الأيمان.
فالعتق هو الكفارة الأولى في الوطء في نهار رمضان، وفي الظهار، وفي الأيمان، وفي القتل.
دين العزة والكرامة والمساواة:
فكيف- بعد هذا- يأتي الغربيون والمستغربون فيعيبون على الإسلام إقراره الرق، ويتشدقون بالحرية والمناداة بحقوق الإنسان، وهم الذين استعبدوا الشعوب، وأذلوا الأمم، واسترقوهم في عقر دارهم، وأكلوا أموالهم، واستحلوا ديارهم؟!
أفيرفعون رؤوسهم، وهم الذين يعاملون بعض الطبقات في بلادهم أدنى من معاملة العبيد؟
فأين مساواة الإسلام مما تفعله أمريكا بالزنوج، الذين لا يباح لهم دخول المدارس، ولا تحل لهم الوظائف، ويجعلونهم والحيوانات سواسية؟!
وأين رفق الإسلام وإحسانه، مما يفعله الغرب بأسارى الحرب الذين لا يزالون في المجاهل والمتاهات والسجون المظلمة؟
وأين دولة الإسلام الرحيمة، التي جعلت الناس على اختلاف طبقاتهم وأديانهم وأجناسهم- أمة واحدة في مالها وما عليها، مما فعلته (فرنسا) المجرمة بأحرار الجزائر، في بلادهم وبين ذويهم؟! إنها دعاوى باطلة.
بعد هذا؛ ألم يأن للمصلحين ومحبي السلام أن يبعدوا عن أعينهم الغشاوة، فيراجعوا تعاليم الإسلام بتدبر وإنصاف، ليجدوا ما فيه من سعادة الإنسانية في حاضرها ومستقبلها؟!
اللهم انصر دينك، ووفق له الدعاة المصلحين."[كتاب العتق، ص 883-886].


جزى الله خيرا الشيخ العلامة البسام على دفاعه ونصرته لدين الإسلام، ونفع بعلمه الأنام.

وصلى الله وسلم على النبي المصطفى المختار وآله وصحبه الأطهار.


أبو أمامة أسامة بن الساسي لعمارة.

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, مسائل, تيسيرالعلام, حكمةالتشريع, فقه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013