اتركوا شأن السياسة لأهل السياسة لا لأنها علم صعب بل لصيرورتها بركة ضحلة ملبدة كدرها غلب على صفاء موردها
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد:
فهذه كليمة من القلب ملؤها الحرص على فلاح الأصدقاء في هذه الصفحة مكللة بالشفقة والرحمة بمن يعنيني أمرهم ويعنيهم أمري وأخص منهم من يعرفني عن قرب ويعرف ما أنا عليه فأقول لكم جميعا يا من عرفتموني وعرفتكم في رحاب دعوة أهل الحق من سلف الأمة وصالحيها المهتدين:
(( اتركوا شأن السياسة لأهل السياسة لا لأنها علم صعب بل لصيرورتها بركة ضحلة ملبدة كدرها غلب على صفاء موردها وليس لمتقحميها فضل على المحجمين من أي وجه بل الإعراض عنها صنيع العاقلين المتميزين العارفين من جمعوا بين الخبر والمخبر فهما وتجريبا ونظرا وتجريدا وتحقيقا وتسديدا وتعلما وتسويدا عرفوا الخطر فكفوا وتقحم غيرهم فهلكوا وتهالكوا حسدا لمن لم يهلك في ثوب النصيحة للهالكين المتهالكين يتداعون إلى جفنة الردى طائعين مسلمين في غمرة عماهم الدفين ومجونهم الممحون بصنوف الهوى المستكين لنزغات الشياطين من الجن والآدميين ..
فيا أصدقائي :
منهجنا السلفي يحرم غيبة الأمراء وتنقصهم وينهى عن الدخول في هذي السياسات والتكتلات الجاهليات ولا فرق في ذلك بين ملك أو أمير ولا رئيس أو وزير ...
بل منتهى ما نحن به مأمورون هو السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن لا نخلع يدا من طاعة ولو تولى علينا عبد أي من غير الأحرار بل مملوك كان يشترى ويباع ما دام يأمر بطاعة رب العباد ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه ودين الله فوق كل منهج أو دستور ...
فيا أصدقائي :
رأيت الأصوات تعالت والهتافات تتالت ملؤها نصرة هذا الأمير وسباب ذاك الرئيس ووسمه بالغر الحقير وتحلية ذاك الملك بتيجان الصالحين بلا نكير ... فكل بلاد الإسلام بلادنا وكل حكامهم تحرم غيبتهم والتشنيع عليهم فليس تجويز الرد على المخالفات والجماعات الحزبية يبرر تجويز الرد على الحكام المنتمين إلى بعض الجماعات أو الحزبيات فالجهة منفكة بين بيان أخطاء المناهج وبين بيان خطأ رئيس يتبع ذاك المشرب المخالف فيجوز في الأول الجهر بالإنكار بشروطه ويحرم في الثاني لأنه تحريش ولابد من نصح الرئيس في السر لا بالعلن والحكمة والروية لا بالسب والهمجية الغبية ولو كان من كان مادام له حق الإسلام يا إخوان ...
فيا أصدقائي:
الوسطية في كل ذلك هو الكف ولزوم مجالس العلم والاشتغال بما يصلح الدنيا من أنواع المعايش بتوسط وخشية من رب الأرباب في السر والعلن ...
فيا أصدقائي:
نحن أتباع السلف الصالح لا نسب رئيسا أو دولته لأنها من حزب ما ونمدح ملكا لأنه ضد حزب ما ...
بل ننصر الحق وأعلاه توحيد رب العباد وترك البدع والمحدثات في دين رب البريات ومن البدع المحدثات غيبة الأمراء والولاة من أئمة المسلمين لما في ذلك من الفساد العميم والشر المقيم والضياع والبليات وفتح باب الفتنة والافتيات على العلماء والسلاطين ...
فيا أصدقائي:
ألا تكفون جميعا عن سب رئيس أو أمير ومدح سلطان أو وزير وتلزموا سبيل سلفنا الصالح من الدعاء لأئمتهم بالصلاح والبطانة التي تعينهم على فعل الخير وتدلهم عليه ولا نزيد على ذلك بما ينافي هذا الأصل العظيم ولا ندخل المناهج في خصام السلاطين لأن الشريعة جعلت للسلطان خصوصية ليست لآحاد الناس ودعاتهم من وجوب الكف عن أعراضهم وعدم التأليب عليهم والجهر بالرد عليهم والتشنيع بما لا مصلحة فيه غير التغرير بالسفلة والغمر ليلغوا في ما لا تحمد عقباه على البلاد والعباد والدين والدنيا في العاجل والآجل ...
فيا أصدقائي :
عساكم وعيتم نصحي السريع وحبي المنيع وخوفي المريع فجاءت كليماتي بلا تكلف بل حجلت رغم مدافعتي وتمكنت رغم منعتي فاللهم تقبلها عندك بقبول حسن وانفع بها من قرأها أو سمعها أو نظر فيها يا كريم ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين صلاة دائمة إلى يوم الدين .
وكتب مسارعا صديقكم:
أبو عبد الله بلال يونسي السكيكدي
|