حـدود طـاعـة ولـي الأمـر
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
عن ابن عباس – رضي الله عنهما - : "من خرج من الطاعة شبرا فمات، فميتته جاهلية" (1)
"الواقع أن مسؤولي الحكومة يعتبرون ولاة أمر، في رقابنا لهم بيعة على السمع و الطاعة في المنشط و المكره و العسر و اليسر، و ألا ننازعهم الأمر ما لم نر كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان.
هكذا جاء في السنة عن النبي – صلى الله عليه و سلم –، فلا ننازعهم أمرهم، و لكن لا نقول إنهم معصومون من كبائر الإثم، و من صغائره و من الخطأ. هم كغيرهم من البشر يخطئون و يصيبون...
فإذا رأوا مثلا إسكات واحد منا، قالوا: لا تتكلم، فلا أتكلم، لماذا؟ لأن بيان الحق فرض كفاية لا يقتصر على زيد و عمرو، لو علقنا الحق بأشخاص، مات الحق بموتهم، الحق لا يعلق بأشخاص.
و لنا في ذلك أسوة؛ فإن عمار بن ياسر – رضي الله عنه – كان يحدث عن النبي – صلى الله عليه و سلم – أنه يأمر الجنب أن يتيمم، و كان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لا يرى ذلك، فدعاه يوما و قال له: ما هذا الحديث الذي تحدث الناس به؟ يعني: "أن يتيمم الجنب إذا عدم الماء أو خاف البرد"، قال: "أما تذكر حين بعثني الرسول – صلى الله عليه و سلم – و إياك في حاجة فاجتنبت و تمرغت في الصعيد، و أتيت النبي – صلى الله عليه و سلم – و أخبرته، فقال: "يكفيك أن تقول بيديك هكذا" و ذكر التيمم؟ و لكن يا أمير المؤمنين إني لما أوجبه الله لك علي من الطاعة، إن شئت ألا أحدث به فعلت".
الله أكبر... صحابي جليل يمسك عن الحديث عن النبي – صلى الله عليه و سلم – بأمر من؟... بأمر الخليفة الذي له الطاعة، فإذا رأى ولي الأمر أن يمنع أشرطة ابن عثيمين، أو أشرطة ابن باز أو أشرطة فلان و فلان، يمتنع...
و أما أن نتخذ من مثل هذه الإجراءات سبيلا إلى إثارة الناس، و إلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور، فهذا – و الله – يا إخواني أحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس..."
- - -
(1): أثر صحيح: أخرجه عبد الرزاق في المصنف ج 11 ص 339، و الخلال في السنة ص 87، من طريقين عن أيوب عن أبي رجاء العطاردي به.
قلت و هذا سنده صحيح.
_ _ _ _ _ _ _ _ _
المصدر: "المنهج الإسلامي في معاملة الحكام" / للشيخ أحمد بن عبد العزيز التويجري، بتقديم الشيخ عبد الله القرعاوي – رحمه الله.
|