منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25 Feb 2011, 10:06 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}(الحج: 30) وقال تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ}(الحج: 32) فتعظيم أوامر الله ونواهيه، من تعظيم الرب تبارك وتعالى.
فالله تعالى هو الكبير العظيم، قال تعالى: {عَالِمُ الغَيبِ والشَّهَادَةِ الكَبِيرُ الـمُتَعَالُ}(الرعد: 9) وقال تعالى:{وَأَنَّ الله هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ}(الحج: 62) وقال تعالى: {وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ}(الشورى: 4) وقال تعالى: {فَسَبِّحْ باسْمِ رَبِّكَ العَظيمِ}(الواقعة: 74-96) وقال تعالى: {إنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بالله العَظِيمِ}(الحاقة: 33) وهذا يعني أنه لا يستحق أحد التعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيستحق على العباد أن يعظّموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبته والذّلّ له والخوف منه، ومن تعظيمه سبحانه أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.
ومما يزيد في تعظيم الربّ تبارك وتعالى النّظر والتأمّل في مخلوقاته سبحانه وتعالى فإنّ عظمة المخلوق تدلّ على عظمة الخالق سبحانه وقد حثّ الله تعالى في كتابه على النّظر والتأمّل فقال تعالى: {وَفي الأَرْضِ آيَاتٌ للمُوقِنِينَ (20) وَفي أَنْفُسِكُمْ أفلا تُبْصِرُونَ}(الذاريات: 20-21) وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا في مَلَكُوتِ السَّمَاواتِ والأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيءٍ}(الأعراف: 185) وقال: {إنمَّا أعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَرُوا}(سبأ: 46) وقال: {إنَّ في خَلقِ السَّمَاواتِ والأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَالفُلْكِ التِي تَجْرِي في البَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الـمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَعْقِلُونَ}(البقرة: 164) إلى غير ذلك من الآيات.
وقيل لأعرابي: بم عرفت ربك؟ قال:الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا يدل كل ذلك على اللطيف الخبير.
فكل هذه الآيات البينات تزيد في تعظيم الله تعالى في النّفوس، فإذا علم الإنسان أن الله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}(غافر: 19) و{مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ في ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إلا في كِتَابٍ مُبِينٍ}(الأنعام: 59) وأنه سبحانه يرى النَّملة السَّوداء في الليلة الظَّلماء على الحجرة الصّماء فكيف يستطيع أن يعصيَ العبد ربه وهو يراه قال تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيٌر}(الحديد: 4) فهذا كله راجع لضعف الإيمان وعدم استشعار مراقبة الله لنا وقال تعالى لنبيه: {وَمَا تَكُونُ في شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزِبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ في الأَرْضِ وَلَا في السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إلا في كِتَابٍ مُبِينٍ}(يونس: 61) وقد قال الله تعالى على لسان نبيه نوح -عليه السلام- وهو يصف قومه فقال تعالى: {مَالَكُمْ لا تَرْجُونَ لله وَقَارًا}(نوح: 13).
قال ابن كثير أي:عظمة .
قال ابن عباس ومجاهد والضّحاك وقال ابن عباس: لا تعظِّمون الله حقّ عظمته أي لا تخافون من بأسه ونقمته.
وقال سعيد بن جبير:مالكم لا تعظمون الله حق عظمته.
وقال الكلبي :لا تخافون الله حق عظمته.
قال الحسن:لا تعرفون الله حقا ولا تشكرون له نعمة.
قال ابن كيسان :مالكم لا ترجون في عبادة الله أن يثيبكم على توقيركم إياه خيرا.
فالعظمة إزار الربّ تبارك وتعالى كما في الحديث: «قال الله عز وجل : الكِبرياءُ رِدائي ، والعَظَمَةُ إزاري ، فمنْ نازعني واحداً منهُما قَذفتُهُ في النَّار»فكيف لا يعظَّم ولا يُقدَر حق قدره قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ والأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَومَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مُطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}(الزمر: 67).
قال ابن كثير: يقول تعالى: وما قدر المشركون الله حق قدره حين عبدوا معه غيره وهو العظيم الذي لا أعظم منه القادر على كل شيء المالك لكل شيء وكل شيء تحت قهره وقدرته.
قال البخاري:حدثنا سعيد بن غفير قال: الليث قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنّ أبا هريرة - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض. اهـ
فما قدر الله حق قدره، من عبد معه غيره، ممن لا يقدر على خلق أضعف حيوان وأصغره، وإن سلبه الذباب شيئا مما عليه لم يقدر على استنقاذه منه.
وكذلك ما قدره حق، قدره من قال: إنه لم يرسل إلى خلقه رسولا ولا أنزل كتبا، بل نسبه إلى ما لا يليق به، ولا يحسن منه من إهمال خلقه وتضييعهم، وتركهم سدى، وخلقهم باطلا وعبثا.
ولا قدره حق قدره، من نفى حقائق أسمائه الحسنى وصفاته العلى، فنفى بصره وسمعه وإرادته واختياره وعلوه فوق خلقه وكلامه وتكليمه لمن شاء من خلقه بما يريد، أو نفى عموم قدرته وتعلقها بأفعال عباده من طاعتهم ومعاصيهم فأخرجها عن قدرته ومشيئته.
وكذلك ما قدره حق قدره، من قال إنّه يعاقب عبده على ما لا يفعله العبد، ولا له عليه قدرة ولا تأثير له فيه ألبتة، بل هو نفس فعل الربّ جل جلاله، فيعاقب عبده على فعله هو سبحانه الذي جبر العبد عليه وجبره على الفعل أعظم من إكراه المخلوق للمخلوق.
وما قدره حق قدره، من لم يصنه عن نتن ولا حشٍّ، ولا مكان يرغب عن ذكره، بل جعله في كل مكان وصانه عن عرشه أن يكون مستويا عليه.
وما قدره حق قدره، من نفى حقيقة محبته ورحمته ورأفته ورضاه وغضبه ومقته، ولا من نفى حقيقة حكمته التي هي الغايات المحمودة المقصودة بفعله، ولا من نفى حقيقة فعله ولم يجعل له فعلا اختياريا يقوم به بل جعل أفعاله مفعولات منفصلة عنه، فنفى حقيقة مجيئه وإتيانه واستوائه على عرشه، وتكليمه موسى من جانب الطور، ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، إلى غير ذلك من أفعاله وأوصاف كماله التي نفوها وزعموا أنهم بنفيها قد قدروه حق قدره.
وكذلك لم يقدره حق قدره، من جعل له صاحبة وولدا، أو جعله سبحانه يحل في مخلوقاته، أو جعله عين الوجود.
وكذلك لم يقدره حق قدره، من هان عليه أمره فعصاه، ونهيه فارتكبه، وحقُّه فضيعه، وذكره فأهمله، وغفل قلبه عنه، وكان هواه آثر عنده من طلب رضاه، وطاعة المخلوق أهمَّ عنده من طاعته، فلله الفضلة من قلبه وقوله وعمله، وسواه المقدَّم في ذلك، لأنَّه المهمُّ عنده، يستخف بنظر الله إليه واطلاعه عليه، وهو في قبضته وناصيته بيده، ويعظم نظر المخلوق إليه، واطلاعه عليه بكل قلبه وجوارحه، يستحيي من الناس، ولا يستحيي من الله، ويخشى الناس، ولا يخشى الله، ويعامل الخلق بأفضل ما يقدر عليه، وإن عامل الله عامله بأهون ما عنده وأحقره، وإن قام في خدمة من يحبُّه من البشر قام بالجدِّ والاجتهاد وبذل النصيحة، وقد فرّغ له قلبه وجوارحه وقدّمه على كثير من مصالحه، حتى إذا قام في حق ربه –إن ساعده القدر-قام قياما لا يرضاه مخلوق من مخلوق مثله، وبذل له من ماله ما يستحيي أن يواجهه به مخلوقا لمثله، فهل قدر الله حق قدره من هذا وصفه؟
وهذا من آثار الذنوب أنَّها تضعف في القلب تعظيم الرب جل جلاله وتضعف وقاره في قلب العبد ولا بد، شاء أم أبى.
وكفى بالمعاصي عقوبة أن يضمحل من قلبه تعظيم الله جل وجلاله، وتعظيم حرماته، ويهون عليه حقه.
ولهذا قال الله تعالى في آية سجود المخلوقات له:(وَمَنْ يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)الحج18 فلمَّا هان عليهم السجود له واستخفوا به ولم يفعلوه أهانهم الله، فلم يكن لهم مُكرمٌ بعد أن أهانهم الله،ومن ذا يكرم من أهانه الله؟أو يهين من أكرمه الله؟
والذّنوب تميت القلب كم قال عبد الله بن المبارك:

رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ القُلُوبَ//////////وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا


وتَركُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ القُلُوبِ//////////وخَيرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا


وهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ إلاَّ المُلُوكَ//////////وأحبارُ سوءٍ ورُهبانها

هذا والله المستعان، وعليه التكلان، اللهم علمنا ما ينفعنا، وزدنا علما وعملا، وصلى وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه ومن والاه.

التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 12 Aug 2012 الساعة 06:20 AM
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013