منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05 Jan 2011, 10:17 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي أسباب الإعراض عن الحق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فهذا تفريغ لمحاضرة ألقاها الشيخ محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله تعالى-:

إنّ الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد:

وقد يتساءل الإنسان أحيانا تساؤلا لا يجد له جوابا وهو ما الذي يمنع المرء إذا علم الحق أن يتّبعه وما الذي يمنع الإنسان إذا علم معلوما من الخير أن يأتي به في حياته فعلا للخير واجتنابا للشر وفي رصدٍ دقيق للجواب عن هذا السؤال ذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى– في كتابه العُجاب مفتاح دار السعادة ورصد تلك الأسباب وهي حَرِيَةٌ بأن يُنظر فيها وأن يُحرص على معرفتها حتى لا يتورط المرء في شيء من ذلك فيجانب الصواب ويقع فيما به يعاب وحتى لا يكون الإنسان مجانبا للحق متنكّبا لصراطه فيتورط في الباطل تورطا أراد أم لم يرد قال العلامة – رحمه الله تعالى– إنّ العلم بكون الشيء سببا لمصلحة العبد ولذّته وسروره قد يتخلف عنه عمله بمقتضاه قد يعلم الإنسان الشيء مما فيه صالحه وفيه لذّته وسروره ويتخلف عن العلم العمل بمقتضى ما علم لأسباب عديدة قال – رحمه الله –:

السبب الأول: ضَعف معرفته بذاته.

السبب الثاني: عدم الأهلية وقد تكون معرفته به تامة لكن يكون مشروطا بزكاة المحلّ أي بطهارته وقبوله للتزكية أي للطهارة والتطهير فإذا كان المحلّ غير زكي ولا قابل للتزكية كان كالأرض الصلبة التي لا يخالطها الماء فإنه يمتنع النبات منها لعدم أهليتها وقبولها فإذا كان القلب قاسيا حجريا لا يقبل تزكية ولا تؤثر فيه النصائح ولم ينتفع بكل علم يعلمه كما لا تنبت الأرض الصلبة ولو أصابها كل مطر وبُذِر فيها كل بذر كما قال تعالى في هذا الصنف من الناس:{إِنَّ الذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤمِنونَ(96)ولو جائتهم كُل آيةٍ حتى يروُا العَذَّابَ الأليمَ(97)}يونس:96-97 وقال تعالى:{ولوْ أنَّنا نزّلنا إليهِمُ المَلائِكَة وكَلّمَهُمُ الموتى وحَشَرْنا عَلَيْهِم كل شيء قُبُلاً ما كانوا ليؤمنوا إلا أنْ يشاء اللهُ}الأنعام:111 وقال تعالى:{قُلِ انظروا ماذا في السّمَواتِ والأرضِ وما تغني الآيات والنُّذُرُ عَن قومٍ لا يؤمنون(101)}يونس:101 وهذا في القرآن كثير فإذا كان القلب قاسيا غليظا جافيا لا يعمل فيه العلم شيئا وكذلك إذا كان مريضا مهينا مائيا رخوا لا صلابة فيه ولا قوة ولا عزيمة لم يؤثر فيه العلم فهذا سبب يدعو الإنسان بعد أن يعرف الحق لعدم اتباعه ويَحضه على مجانبته وتنكب سبيله ومثل هؤلاء لو أتيتهم بكل آية ما نفذ شيء من نور الحق إلى ظلمة قلوبهم كما قال ربنا جلت قدرته في شأن هؤلاء:{ولوْ أنَّنا نزّلنا إليهِمُ المَلائِكَة وكَلّمَهُمُ الموتى وحَشَرْنا عَلَيْهِم كل شيء قُبُلاً ما كانوا ليؤمنوا إلا أنْ يشاء اللهُ}الأنعام:111،{وما تُغني الآيات والنُّذُرُ عن قَومٍ لا يؤمنونَ(101)}يونس:101.

السبب الثالث: قيام مانع فذكر ضعف المعرفة أولا وذكر عدم قبول المحلّ ثانيا ثم ذكر قيام المانع ثالثا وهو إما حسد أو كبر فهذا مانع قائم في القلب يمنع نفاذ نور الحق إلى ظلمة القلب لتُبدِّل أنوار الحق ظلمته وهو إما حسد أو كبر وذلك مانع إبليس من الانقياد للأمر وهو داء الأولين والآخرين إلا من عصم الله وبه تخلف الإيمان عن اليهود الذين شاهدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعرفوا صحة نبوته ومن جرى مجراهم وسار على نهجهم واتبع سبيلهم وهو الذي منع عبد الله ابن أبي من الإيمان وبه تخلف الإيمان عن أبي جهل وسائر المشركين فإنهم لم يكونوا يرتابون في صدق النبي الأمين وأن الحق معه ولكن حملهم الكبر والحسد على الكفر وبه تخلف الإيمان عن أمية وأطرابه ممن كان عنده علم بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم هذا سبب أيضا يمنع من الانقياد للحق ومن قبوله مع التسليم به باطنا ولكن لا ينقاد له ظاهرا وهو قيام المانع من الكبر أو الحسد وهو داء الأولين والآخرين إلا من رحم الله رب العالمين.

السبب الرابع: مانع الرياسة والملك وإن لم يكن بصاحبه حسد ولا كبر يمنعه عن الانقياد للحق لكن لا يمكنه أن يجتمع له الانقياد وملكه ورياسته فيضن بملكه ورياسته كحال هرقل وأضرابه من ملوك الكفار الذين علموا نبوة النبي المختار وتيقنوا من صدقه صلى الله عليه وآله وسلم وأقروا بذلك باطنا وأحبوا الدخول في دينه صلى الله عليه وسلم لكنهم خافوا على ملكهم هذا داء أرباب الملك والولاية والرياسة وقلّ من نجى منه إلا من عصم الله وهو داء فرعون الذي قبله داء إبليس وهذا داء فرعون وقومه ولهذا قالوا:{أَنُؤمِنُ لِبشريْنِ مِثْلِنا وقومُهُمَا لنا عَابِدَونَ(47)}المؤمنون:47 أنفوا أن يؤمنوا ويتبعوا موسى وهارون وينقادوا لهما وبنو إسرائيل عبيد لهم ولهذا قيل إن فرعون لما أراد متابعة موسى وتصديقه شاور هامان وزيره فقال بينما أنت إله تُعبد تصير عبدا تَعبد غيرك فأبى العبودية واختار الرياسة والإلهية المحاه هذا أيضا سبب خطير من الأسباب التي تمنع من قبول الحق و الانقياد له وتمنع من الانتفاع بالعلم إذا تحصل.

سبب خامس: وهو مانع الشهوة والمال وهو الذي منع كثيرا من أهل الكتاب من الإيمان خوفا من بطلان مأكلهم وأموالهم التي تصير إليهم من قومهم وقد كانت كفار قريش يصدون الرجل عن الإيمان بحسب شهوته فيدخلون عليه منها فكانوا يقولون لمن يحب الزنى والفواحش إن محمدا صلى الله عليه وسلم يحرّم الزنى فيرجع ولمن يحب الخمر إنه يحرم الخمر فيرجع كما صدوا الأعشى الشاعر عن الإسلام بهذا وقد فاوض العلامة ابن القيم – رحمه الله – غير واحد من أهل الكتاب في الإسلام وصحته قال فكان آخرَ ما كلمني به أحدهم أنا لا أترك الخمر و أشربها أمنا فإذا أسلمت حلتم بيني وبينها وجلدتموني إن شربتها قال وقال آخر منهم بعد أن عرف ما قلت له قال لي أقارب أرباب أموال وإني إن أسلمت لم يصل إلي من أمواله شيء و أنا أأمل أن أرثهم أو كما قال ولا ريب أن هذا القدر في نفوس خلق كثير من الكفار فتتفق قوة دواعي الشهوة والمال وضعف داعي الإيمان فيجيب داعي الشهوة والمال ويقول لا أرغب بنفسي عن آبائي وسلفي.

التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 10 Mar 2011 الساعة 11:19 PM
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013