اثبات صفة اليدين لله تعالى
اقدم للاخواني كلاما نفيسا لشيخ العلامة محمد خليل هراس رحمة الله فى اثبات صفة اليدين :
فال تعالى {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} وقوله {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} تضمنت هاتان الايتان اثبات اليدين صفة حقيقية له سبحانه على ما يليق به فهو فى الاية الاولى يوبخ ابليس على امتناعه عن السجود لادم الذى خلقه بيديه ولا يمكن حمل اليدين هنا على القدرة فان الاشياء جميعا حتى ابليس خلقها الله بقدرته فلا يبقى لادم خصوصية يتميز بها.
و فى حديث عبد الله بن عمرو (ان الله عز وجل خلق ثلاثة اشياء بيده خلق ادم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده) فتخصيص هذه الثلاثة بالذكر مع مشاركتها لبقية المخلوقات فى وقوعها بالقدرة دال على اختصاصها بامر زائد.
وايضا فلفظ اليدين بالتثنية لم يعرف استعماله الا فى اليد الحقيقية و لم يرد قط بمعنى القدرة او النعمة فانه لا يسوغ ان يقال خلقه الله بقدرتين او بنعمتين على انه لا يجوز اطلاق اليدين بمعنى النعمة او القدرة او غيرهما الا فى حق من اتصف باليدين على الحقيقة ولذلك لا يقال للريح يد ولا للماء يد.
واما احتجاج المعطلة بان اليد قد افردت فى بعض الايات وجاءت بلفظ الجمع فى بعضها فلا دليل فيه فان ما يصنع قد بالاثنين قد ينسب الى الواحد تقول رايت بعيني وسمعت باذني والمراد عيناي واذناي وكذلك الجمع ياتي بمعنى المثنى احيانا كقوله تعالى {ان تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما} والمراد قلباكما.
وكيف يتاتى حمل اليد على القدرة او النعمة مع ما ورد من اثبات الكف و الاصابع و اليمين و الشمال و القبض و البسط وغير ذلك مما لا يكون الا لليد الحقيقية.
و فى الاية الثانية يحكي الله سبحانه مقالة اليهود قبحهم الله فى ربهم و وصفهم اياه حاشاه بان يده مغلولة اي ممسكة عن الانفاق.
ثم اثبت لنفسه سبحانه عكس ما قالوا و هو ان يديه مبسوطتان بالعطاء ينفق كيف يشاء كما جاء فى الحديث (ان يمين الله ملاى سحاء الليل و الهنار و تغيضها نفقة) ترى لو لم يكن على الحقيقة هل كان يحسن هذا التعبير ببسط اليدين الا شاهت وجوه المتاولين.
شرح الواسطية لشيخ محمد خليل هراس رحمه الله.
|