الهـدايـــــة إلــى منهح السّـــلف في ذمهم تكديس الحديث و الإكثــار من الروايـة
بسم الله الرحمن الرحيم
الهداية إلى منهح السّلف
في ذمهم تكديس الحديث و الإكثار من الروايـة
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا وانتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا و نساء واتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )
( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار
أما بعد:
فهذه أحاديث نبوية و آثار سلفية و أشعار أدبية في ذم الإكثار من الحديث و التحديث و بيان طريقة السلف في رواية الحديث , نقلتها من كتب أهل العلم و ليس لي فيها إلا الجمع.
وهذه مسائل ضمنتها **** من كتب أهل العلم قد حصتها
وقول الشيخ بن عثيمين –رحمه الله-:
قَوَاعِدَ مِنْ قَوْلِ أَهْـلِ الْعِلْمِ = وَلَيْسَ لِي فِيهَا سِوَى ذَا النَّظْمِ
قال ابن وهب وحدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت :"ألا يعجبك أبو هريرة جاء يجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله يسمعني وكنت أسبح فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته لرددت عليه أن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم 1
و أخرجه البخاري2567 و أبو داود3654 من طريقين عن سفيان بن عيينة قال عن الزهري به بلفظ: "إن النبي صلى الله عليه و سلم كان يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه"
و أخرجه الترمذي 3639 و أحمد من طرق عن أسامة بن زيد الليثي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:" ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسرد سردكم هذا و لكنه كان يتكلم بكلام بينه فصل يحفظه من جلس إليه"
ومعنى يسرد الحديث: أي يتابعه استعجالا بعضه إثر بعض .
عن أبي هريرة قال :"حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين : فأما أحدهما فبثثته و أما الاخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم" 2
عن أبي الطفيل قال سمعت عليا على المنبر يقول:"أتحبون أن يكذب الله و رسوله لا تحدثون الناس إلا بما يعلمون" 3
ما روى مالك ومعمر وغيرهما عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب في حديث السقيفة أنه خطب يوم جمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فأني أريد أن أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها من وعاها وعقها وحفظها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته ومن خشي أن لا يعيها فإني لا
أحل له أن يكذب علي ان الله بعث محمدا بالحق وأنزل معه الكتاب فكان مما أنزل معه الرجم وذكر الحديث وهذا يدل على أنهيه عن الاكثار وأمره بالاقلال من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما كان خوف الكذب على رسول الله وخوفا أن يكونوا مع الاكثار يحدثون بما لم يتيقنوا حفظه ولم يعوه لأن ضبط من قلت روايته أكثر من ضبط المستكثر وهو أبعد من السهو والغلط الذي لا يؤمن مع الاكثار فلهذا أمرهم عمر من الاقلال من الرواية.
بيان أن الإكثار مطية للقول بالرأي
عن مورق العجلي قال :" كتب عمر تعلموا السنة والفرائض واللحن كما تتعلمون القرآن" 4
وحديث :" بلغوا عني ولو آية و حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج و من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" البخاري
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع"
من حديث شعبه عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. 5
عن معبد بن كعب بن مالك قال سمعت أبا قتادة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إياكم وكثرة الحديث ومن قال عني فلا يقولن إلا حقا" 6
قال ابن شبرمة :" أقلل الرواية تفقه" 7
الإكثار من الحديث حري بفقد النية و عدم استحضارها
عن أحمد بن أبي الحواري قال سمعت أبا سليمان الداراني يقول:" دخلنا على سفيان بن سعيد الثوري وهو بمكة في بيت جالسا في زاويته على جلد فقال لنا ما جاء بكم فو الله لأنا إذا لم أركم خير مني إذا رايتكم قال أبو سليمان فسكتنا وتكلم بعضنا بكلام فقطعه علينا فما برحنا حتى تبسم إلينا وحدثنا" 8
عن محمد بن علي قال حدثني أحمد بن عبد الله بن يونس قال سمعت الفضيل بن عياض يقول :"إن لم نؤجر على هذا الحديث لقد شقينا"
عن قطبة بن العلاء بن المنهال الغنوي قال سمعت سفيان الثوري يقول:" أنا فيه- يعني الحديث- منذ ستين سنة وددت أني خرجت منه كفافا لا على ولا لي" 9
عن سفيان الثوري قال:" ليتني أنفلت منه كفافا لا لي ولا عليّ" 10
عن يموت ابن المزرع قال :" إذا رأيت الشيخ يعدو فاعلم أن أصحاب الحديث خلفه" 11
عن سفيان بن عيينة قال سمعت مسعرا يقول:" من أبغضني جعله الله محدثا وددت أن هذا العلم كان محل قوارير حملته على رأسي فوقع فتكسر فاسترحت من طلابه" 12
عن مغيرة الضبي قال :"والله لأنا أشد خوفا منهم من الفسّاق -يعني أصحاب الحديث-" 13
قال شريح بن يونس سمعت يحيى بن يمان يقول:" يكتب أحدهم الحديث ولا يتفهم ولا يتدبر فإذا سئل أحدهم عن مسئلة جلس كأنه مكاتب" 14
في مثل هذا يقول الشاعر:
زوامل للأسفار لا علم عندهم .. بجيدها إلا كعلم الأباعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا .. بأحماله أو راح ما في الغرائر
وقال عمر الكلبي :
إن الرواة على جهل بما حملوا... مثل الجمال عليها يحمل الودع
لا الودع ينفعه حمل الجمال له... ولا الجمال بحمل الودع تنتفع
وأنشد الخشني -رحمه الله-:
قطعت بلاد الله للعلم طالبا.. فحملت أسفار افصرت حمارها
إذا ما أراد الله حتفا بنملة......... أتاح جناحين لها فاطارها
وقال منذر بن سعيد:
انعق بما شئت تجد أنصارا.... ورم أسفارا تجد حمارا
يحمل ما وضعت من أسفار....... مثله كمثل الحمار
يحمل أسفارا له وما درى.... إن كان ما فيها صوابا أو خطأ
إن سئلوا قالوا كذا روينا....... ما إن كذبناه ولا اعتدينا
كبيرهم يصغر عند الحفل......... لأنه قلد أهل الجهل
وقال آخر :
و إذا ساءلته عن علمه ... قال علمي يا خليلي في سفط
في كتب جياد أحكمت .... و بأي خط أي خط أي خط
و إذا ساءلته عن مشكل ...حك لحييه جميعا و امتخط
هذا ما تيسر جمعه، و الحمد لله رب العالمين
...............................................
1صحيح البخاري الرقم 3568 / مسلم 2493
2 البخاري في كتاب العلم 120 و في الغتن كما ذكر الألباني في التعليق على المشكاة 271
3 المصدر السابق 127
4 صحيح أخرجه ابن أبي شيبة 10/459 و الدارمي 2/341
5 مسلم 5
6 الحاكم 1/111 وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي
7 إسناده حسن ذكره في المحدث الفاصل 756
8 صحيح منقطع بهذا الإسناد ووصله أبو نعيم في الحلية 9/277
9صحيح : شرف أصحاب الحديث ص 117
10 صحيح جامع ابن عبد البر وجاء مثله عن الشعبي كما في السير
11 صحيح :المصدر السابق ص 1026
12 صحيح : الجامع للخطيب 420
13 صحيح الجامع لابن عبد البر 1028
14 صحيح السابق ص 1031
كتبه ليلة الثاني عشر من ذي الحجة 1430
شمس الدين
التعديل الأخير تم بواسطة شمس الدين حماش ; 09 Jan 2011 الساعة 03:41 PM
|