
01 Jan 2008, 12:14 AM
|
bachir-dellys.blogspot
|
|
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر
المشاركات: 600
|
|
جناية الفهم السقيم للجهاد
جناية الفهم السقيم للجهاد
الشيخ عبدالمحسن العبيكان
ونحن نتحدث عن الجهاد نتطرق لبعض مباحثه، وفي المقدمة نستعرض تعريف الجهاد. فتعريفه لغة: الجهاد مصدر جاهد جهاداً ومجاهدة، وجاهد فاعل من جَهَدَ إذا بالغ في قتل عدوّه وغيره، ويقال: جَهَدَه المرض، وأجهده إذا بلغ به المشقة، وجَهَدته الفرس، وأَجْهَدتُه إذا استخرجت جُهده، والجهد بالفتح المشقة، والضم الطاقة، وقيل: يقال بالضم وبالفتح في كلُّ واحدٍ منهما فمادة ج هـ د حيث وُجدت فيها معنى المبالغة. وشرعاً: بذل الجهد في قتال الكفار خاصة بخلاف المسلمين من البغاة وقطاع الطريق وغيرهم. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني «الجهاد شرعاً بذل الجهد في قتال الكفار ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس والشيطان والفسّاق، فأما مجاهدة النفس فعلى تعلم أمور الدين ثم على العمل بها ثم تعليمها وأما مجاهدة الشيطان فعلى ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات. وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب وأما مجاهدة الفسّاق فباليد ثم اللسان ثم القلب «وجنسه فرض عين»، كما قال ابن القيم وغيره، إما بالقلب وإما باللسان وإما بالمال وإما باليد فعلى كل مسلم ان يجاهد بنوع من هذه الأنواع. المبحث الثاني: الجهاد في الشريعة الاسلامية (مشروع لغيره) وهو إقامة دين الله في الأرض وليس مقصوداً لذاته، فليس مقصود الشارع الحكيم قتال الناس وقتلهم ولو كانوا غير مسلمين، حتى إن المرتد عن دينه الذي هو أعظم ذنباً من الكافر الاصلي، لم يأمر الشرع بقتله حتى يستتاب ثلاثة أيام ويحسن إليه خلال تلك المدة، كما أمر بذلك عمر رضي الله عنه فإن تاب وإلا قتل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما خيرهم بين ثلاثة أمور إما الاسلام، أو البقاء على الكفر مع دفع الجزية، وإما القتال فهو آخر الخيارات الثلاثة، والسبب صدهم عن سبيل الله ووقوفهم ضد نشر دعوة الإسلام.
وقد كان في العصور المتقدمة لا يسمح لمسلم بأن ينشر دعوته في بلاد الكفار ولا أن يجاهر بشعائر دينه. أما اليوم فقد كفى المسلمين القتال وتحمّل اعبائه لنشر دعوة الاسلام حيث فتحت جميع الدول الابواب امام دعوة المسلمين وأذنت لهم بانشاء المساجد وفتح المراكز الاسلامية، وكان ينبغي من المسلمين استغلال هذا الفتح العظيم ونشر الدعوة اكثر فربما أتى يوم يصبح المسلمون فيه الغالبية الغالبة في تلك الدول، لكن للأسف اصبح بعض المسلمين معول هدم لهذا الخير، والسبب فهمهم السقيم للاسلام ونظرتهم القاصرة للمصالح والمفاسد وعدم تعمقهم في فهم القواعد الاصولية فقاموا بأعمال استفزازية لاعدائهم، وارتكبوا محرمات في الدين لإرضاء رغباتهم وتنفيذ مخططاتهم ظنا منهم انهم ينصرون الدين وينتصرون للمظلوم وما علموا ـ هداهم الله ـ انهم اساءوا الى الدين، وشوهوا صورته، ووقفوا بتلك الاعمال حجر عثرة في طريق نشر الاسلام، ولم ينصروا مظلوما، بل زاد الظلم وتوسعت دائرة الاضرار. ولا أدل على ذلك من حادث الاعتداء على برجي مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر وما نتج عنه من سلبيات كثيرة على الاسلام والمسلمين، فأسقطت حكومة طالبان ودبت الفوضى في افغانستان واحتل العراق، وضيق الخناق على الدعوة في كثير من الدول وحد من تصرفات المسلمين فيها وفقدوا بعض ما كانوا يتمتعون به من حرية وغير ذلك من السلبيات والمفاسد الكثيرة.
* فقيه سعودي
السبـت 16 رمضـان 1425 هـ 30 اكتوبر 2004 العدد 9468
جريدة الشرق الأوسط
|