عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10 Mar 2013, 01:50 PM
مصطفى قالية
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله أخي أبا عبد الله خيرا على ما نقلت عن الشيخ حفظه الله، وإن كنتَ لم تذكر المصدر الذي نقلت منه هذا أولا، وثانيا كلام الشيخ هنا مختصر لا يوضح تمام الفرق بينهما خاصة في بيان الفرق من حيث ما يحمد عليه وله كلام أوضح من هذا الكلام في مظان أخرى.
وجزى الله أخي أبا همام خيرا على ما نقل أيضا، وإن كان الأصوب في عبارة الشيخ هو: (الفرق بين الشكر والحمد: الشكر يكون ...)، وليس (الفرق بين الثناء والحمد...)، وإن كان كذلك هو كلام الشيخ فلعله سبق لسان منه حفظه الله، وسأذكر من باب الفائدة مجمل ما يذكره أهل العلم في بيان الحمد والفرق بينه وبين الثناء وكذا الفرق بينه وبين الشكر:
أوَّلا/معنَى الْحمد:
لُغَـةً:نقيض الذَّم، ويقال حَمدْتُه على فعله، ومنه الْمَحْمَدةُ خلافُ الْمَذمَّة[1].
اصْطِلاحاً:هُـوَ وَصْـفُ الْمَحْمُـودِ بِالكَمَالِ مَحَبَّـةً وَتَعْظِيـمًا.
فإِنْ وَصَفَهُ بِالكَمَالِ لاَ مَحَبَّة وَلاَ تَعْظِيمًا، وَلكِنْ خَوْفاً ورهبةً أو طمعًا ورغبةً سُمِّيَ ذلك مَـدْحاً لا حَمْداً[2]، فالْحَمدُ لابدَّ أن يكون مقرونا بِمحبة الْمحبوب وتعظيمه، فإنْ كُرِّرَ هذا الْحمدُ قيلَ عنه: ثناء.
قال ابن القيم-رحمه الله-: (فالحمد لله الإخبار عنه بصفات كماله سبحانه وتعالى مع محبته والرضاء به، فلا يكون المحب الساكت حامداً ولا المثني بلا محبة حامداً حتى تجتمع له المحبة والثناء، فإن كرر المحامد شيئاً بعد الشيء كانت ثناء)[3].
قال الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-: (وقول بعضهم: الحمد هو الثناء بالجميل الاختياري، أي: أن يثني على المحمود بالجميل الاختياري، أي الذي يفعله اختياراً من نفسه، تعريف غير صحيح، يبطله الحديث الصحيح: (أن الله قال: ((قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ،فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "حَمِدَنِي عَبْدِي"، وَإِذَا قَالَ: { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي)) [م(598)]، فجعل الله تعالى الثناء غير الحمد، وهو كذلك)[4].
ثانياً/ الفرق بين الحمد والشكر:
يقول العلماء: بين الْحمد والشُّكر عمومٌ وخصوصٌ وجهِي[5].
فالشُّكر والْحمد يَجتمعان فيما إذا كان باللِّسان فِي مقابلة النِّعمة, وينفرد الْحمد فيما إذا كان باللِّسان لا فِي مقابلةِ نعمةٍ، وينفردُ الشُّكر فيما إذا كان بغيْرِ اللِّسان فِي مقابلة نعمةٍ.
فالْحمدُ أعمُّ سَبَباً وَأَخَصُّ مَوْرِداً، والشُّكْر أعمُّ مَوْرِداً وَأَخَصُّ سَبَباً.
فمَوْرِدُ الْحمدِ باللِّسَانِ وَالْجَنَانِ فَقَطْ، وَمَوْرِدُ الشُّكرِ بِاللِّسانِ والْجَنَانِ وَالأَرْكَانِ.
وسببُ الْحمدِ شاملٌ للنِّعمةِ والنِّقمة، بِخلافِ الشُّكر الذي لا يكونُ إلاَّ فِي مقابلِ النِّعمة، قال الشاعر:

وَمَا كَانَ شُكْرِي وَافِياً بِنَوَالِكُمْ وَلَكِنَّنِي حَاوَلْتُ فِي الْجُهْدِ مَذْهَبَا


أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَـاءُ مِنِّي ثَـــلاَثَــــــــــةً يَدِي وَلِسَانِي وَ الضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَا

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.
-- -------------------------------------------------------------------------------------
[1] لسان العرب(3/155).
[2] انظر الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري(202)، و الشرح الممتع(7/107). هذا والزمخشري لم يفرق بينهما، قال في الكشاف(1/8): (الحمد والمدح أخوان)، بمعنى واحد. وانظر معجم الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري(139)
[3]الوابل الصيب (ص 88).
[4] الشرح الممتع(7/107-108)
[5] هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم، خلافا لِمن سوى بينهما كابن جرير الطبري وغيره. انظر تفسير الطبري(1/138)، وتفسير ابن كثير (1/128).


التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى قالية ; 10 Mar 2013 الساعة 01:52 PM
رد مع اقتباس