عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08 Sep 2017, 10:40 PM
أبو إكرام وليد فتحون أبو إكرام وليد فتحون غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,798
افتراضي حتى لا ننسى-06|(لا يفوتك): تاريخ المذاهب والاعتقادات في الجزائر للشيخ مبارك الميلي رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

حتى لا ننسى-06|
تاريخ المذاهب والاعتقادات في الجزائر
للشيخ مبارك الميلي رحمه الله


كان مبنى اعتقاد المسلمين في الإله على الكتاب والسنة ، يثبتون له من الصفات ما أثبتاه، وينزهونه عما نزهاه ، ثم ظهرت بعد ترجمة كتب اليونان وغيرهم أيام العباسيين طريقتا النظر والرياضة لمعرفة الله - وطريقة الرياضة نفرد لها فصلا بعنوان التصوف – وطريقة والاستدلال بالطبيعيات على الإلهيات مع التقيد بالدين هي المسماة كلاما وأهلها متكلمين .

نكر أهل السنة طريقة الكلام ، وسموا أهلها معتزلة ،
حتى جاء أبو الحسن الأشعري ، فقرأ على أبي علي الجبائي المعتزلي ، ولازمه إلى الأربعين من عمره ، ثم اعتزل الاعتزال ، ونصر السنة بطريقة الكلام نفسها ، وألف كتبا كثيرة ، منها تفسيره المسمى المختزن ، في خمسمائة مجلد ، وكانت منه نسخة واحدة بدار الخلافة ، فبذل الصاحب بن عباد – وكان يميل إلى الاعتزال – لخازن المكتبة عشرة آلاف دينار ليحرقها ، فاحترق ذلك التفسير فيما احترق من الكتب ، وكانت وفاة الأشعري ببغداد سنة 324.

وانقسم أهل السنة إلى سلفيين يؤمنون بآيات وأحاديث الصفات كما جاءت ، ولا يعتمدون على الكلام ، وإلى أشاعرة يعتمدون على الكلام، ويؤولون بعض آيات وأحاديث الصفات .

وكان أهل المغرب سلفيين حتى رحل ابن تومرت إلى المشرق ، وعزم على إحداث انقلاب بالمغرب سياسي علمي ديني ، فأخذ بطريقة الأشعري ونصرها وسمى المرابطين السلفيين مجسمين ، وتم انقلابه على يد عبد المؤمن ، فتم انتصار الأشاعرة بالمغرب ، واحتجبت السلفية بسقوط دولة صنهاجة ، فلم ينصرها بعدهم إلا أفراد قليلون من أهل العلم في أزمنة مختلفة ، ولشيخ قسنطينة في القرن الثاني عشر عبد القادر الراشدي أبيات في الانتصار للسلفيين ، طالعها :
خبرا عني المؤول أني ** كافر بالذي قضته العقول

ومنذ أعلن المعز بن باديس مذهب مالك أصبح هو مذهب السنة بالمغرب ، وزاده المرابطون تأييدا ، فكان لا يقطع أمر في مملكتهم إلا بمشورة الفقهاء المالكيين ، فعظم شأنهم، ونفقت كتب المذهب ؛ قال صاحب المعجب : « وكثر العمل بكتب المذهب ، ونبذ ما سواها ، حتى نسي النظر في كتاب الله ، وحديث رسوله – صلى الله عليه وسلم - فلم يكن أحد يعتني بهما كل الاعتناء ، ودان الناس بتكفير من يخوض في علم الكلام ، وقرر الفقهاء عند علي بن يوسف بن تاشفين تقبيحه ، وكراهة السلف له ، وأنه بدعة في الدين ، وربما أدى إلى اختلال في العقائد ، فكان يكتب عنه في كل وقت بالتشديد في نبذه ، وتوعد من وجد عنده شيء من كتبه ، وأمر بإحراق كتب أبي حامد الغزالي ، لما دخلت المغرب ، وتقدم بالوعيد الشديد من سفك الدم واستئصال المال على من وجد عنده شيء منها ، واشتد الأمر في ذلك » .

ولم يكن يومئذ بالمغرب غير مذهب مالك ، وربما كان من أهل الأندلس من أخذ بمذهب الشافعي ، أو بأبي سليمان داوود إمام أهل الظاهر ، وولادته سنة 202 ووفاته سنة 270 ، وأظهر من أيد مذهبه بالأندلس ابن حزم المتوفى سنة 456 .

وعكست دولة الموحدين كل ما كان أيام المرابطين ، ففي سنة 550 بنى عبد المؤمن المساجد وأصلحها ، وحرق كتب الفروع ، ورد الناس على قراءة الحديث ، ثم جاء حفيده المنصور ، فجرد كتب الفقه من الآيات والأحاديث ، ثم حرقها ، فأحرقت مدونة سحنون ، ونوادر ابن أبي زيد ومختصره ، وتهذيب البرادعي ، وواضحة ابن حبيب وغيرها ، ومنع الاشتغال بعلم الرأي ، وأمر جماعة من المحدثين بجمع أحاديث من الموطإ والصحيحين والترمذي وأبي داود والنسائي والبزار وابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي ، فجمعوا منها أحاديث في الصلاة وما يتعلق بها ، يملي هذا المجموع على الناس ، ويأخذهم بحفظه ، فانتشر في جميع المغرب ، وحفظه العامة والخاصة ، وجعل لمن حفظه جعلا من كسي وأموال ، قال صاحب المعجب : « وكان قصده في الجملة محو مذهب مالك وإزالته من المغرب مرة واحدة ، وحمل الناس على الظاهر من القرآن والحديث ، وكان هذا مقصد أبيه وجده إلا أنهما لم يظهراه » .
قال ابن الأثير : « واستقضى يعقوب المنصور آخر أيامه الشافعية على بعض البلاد ، ومال إليهم » .
______________________________________
تاريخ الجزائر في القديم والحديث
للشيخ مبارك الميلي
الشاملة 337/2-340

رد مع اقتباس