عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03 Apr 2018, 06:06 PM
أبو محمد حسين أبو محمد حسين غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2017
الدولة: الجزائر
المشاركات: 39
افتراضي

المجموعة الرابعة من التغريدات والخواطر لابن حزم الأندلسي في كتابه الأخلاق والسير فيها حكمٌ فوائدٌ وعبر
31- من عجيب تدبير الله عز وجل للعالم ،أن كلَّ شيء اشتدت الحاجة إليه كان ذلك أهون له وتأمل ذلك في الماء فما فوقه.
وكل شيء اشتدّ الغنى عنه كان ذلك أعز له، وتأمل في الياقوت الأحمر فما دونه. [ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص148]
32- صدق من قال: إن العاقل معذّبٌ في الدنيا.
وصدق من قال إنه فيها مستريح.
فأما تعذيبه فبما يرى من انتشار الباطل وغلبة دُوَله وبما يحال بينه وبينه من إظهار الحق،
وأما راحته فمن كل ما يهتم به سائر الناس من فضول الدنيا. [ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 148/149]
33- الاتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم في وعظ أهل الجهل، والمعاصي و الرذائل واجب.
فمن وعظ بالجفاء والاكفهرار ،فقد أخطأ وتعدّى طريقته صلى الله عليه وسلم وصار في أكثر الأمر مغْرياً للموعوظ بالتّمادي على أمره لجاجاً ،وحَرَداً ( غضبا ) ومغايظة للواعظ الجافي فيكون في وعظه مسيئاً لا محسناً.
ومن وعظ ببشر وتبسم ولين وكأنه مشير برأي، ومخبر عن غير الموعوظ بما يُسْتَقْبَحُ من الموعوظ فذلك أبلغ وأنجع في الموعظة.
فإن لم يتقبل فلينتقل إلى الموعظة بالتحشيم وفي الخلاء فإن لم يقبل ففي حضرة من يستحي منه الموعوظ فهذا أدب الله في أمره بالقول واللين.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يواجه بالموعظة لكن كان يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا".
وقد أثنى عليه الصلاة والسلام على الرفق.
وأمر بالتيسير ونهى عن التنفير.
وكان يتخول بالموعظة خوف الملل.
وقال تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ".
وأما الغلظة والشَّدَة فإنما تجب في حد من حدود الله تعالى فلا لين في ذلك للقادر على إقامة الحد خاصَّة.
ومما ينجع في الوعظ أيضاً الثناء بحضرة المسيء على من فعل خلاف فعله فهذا داعية إلى عمل الخير. وما أعلم لحب المدح فضلاً إلاّ هذا وحده وهو أن يقتدي به من يسمع الثناء.
ولهذا يجب أن تؤرخ الفضائل والرذائل لينفر سامعها عن القبيح المأثور عن غيره، ويرغب في الحسن المنقول عمن تقدمه ويتعظ بما سلف. [ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص149/153]
34- وإن أعجبت بآرائك فتفكّر في سقطاتك واحفظها، ولا تَنْسَها وفي كل رأي قدرته صواباً فخرج بخلاف تقديرك ،وأصاب غَيرُك وأخطأت أنت. فإنّك إن فعلت ذلك فأقل أحوالك أن يوازن سقوط رأيك بصوابه فتخرج لا لك ولا عليك، والأغلب أن خطأك أكثر من صوابك وهكذا كل أحد من الناس بعد النبيين صلوات الله عليهم. [ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 157]
35-وإن أعجبت بعملك فتفكر في معاصيك، وفي تقصيرك وفي معاشك، ووجوهه ،فو الله لتجدنّ من ذلك ما يغلب على خيرك ويُعَفِّي على حسناتك، فليطل همك حينئذ وأبدل من الْعُجْب تنقصاً لنفسك. [ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 157]
36-وإن أعجبت بعلمك، فاعلم أنه لا خصلة لك فيه وأنه موهبة من الله مجرّدة وهبك إياّها ربك تعالى فلا تقابلها بما يسخطه، فلعله ينسيك ذلك بعلَّةٍ يمتحنك بها تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت. [ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 157/158]
37- وإن أعجبت بمدح إخوانك لك ،ففكر في ذم أعدائك إياّك فحينئذ ينجلي عنك الْعُجْب .
فإن لم يكن لك عدو فلا خير فيك ،ولا منزلة أسقط من منزلة من لا عدو له فليست إلاَّ منزلة من ليس لله تعالى عنده نعمة يحسد عليها عافانا الله.
فإن استحقرت عيوبك ففكر فيها لو ظهرت إلى النّاس وتمثل إطلاعهم عليها، فحينئذ تخجل وتعرف قدر نقصك، إن كانت لك مُسكة من تمييز. [ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 161/162]
38- فإن تعدّى بك الْعُجْب إلى الامتداحٍ، فقد تضاعف سقوطك لأنه قد عجز عقلك عن مقاومة ما فيك من الْعُجْب هذا إن امتدحت بحق فكيف إن امتدحت بالكذب!
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 165]
39- إذا حضرت مَجْلِس علم فلا يكن حُضُوْر ك إلا حُضُوْر مستزيد علماً وأجراً ،لا حُضُوْر مستغن بما عندك طالباً عثرة تشيعها ،أو غريبة تشنعها ، فهذه أفعال الأرذال الذين لا يفلحون في الْعِلْم أبداً.
فإذا حضرتها على هذه النية فقد حصلت خيراً على كل حال وإن لم تحضرها على هذه النية فجلوسك في منزلك، أروح لبدنك وأكرم لخلقك وأسلم لدينك. [ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص193]
40- فرضٌ على النّاس تعلم الخير والعمل به ،فمن جمع الأمرين فقد استوفى الفضيلتين معاً ومن عَلِمَه ولم يعمل به فقد أحسن في التعليم وأساء في ترك العمل به فخلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً وهو خير من آخر لم يعلم ولم يعمل به، فهذا الذي لاخير فيه ،أمثل حالةً، وأقل ذّما، من آخر ينهى عن تعليم الخير ويصدّ عنه .
ولو لم ينه عن الشر إلا من ليس فيه منه شيء ،ولا أمر بالخير إلا من استوعبه لما نهى أحد عن شرٍّ ولا أمر بخير بعد النبي صلى الله عليه وسلم وحسبك بمن أدّى رأيه إلى هذا فساداً وسوء طبعٍ، وذمَّ حالٍ، وبالله تعالى التوفيق. [ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص195]

ونختم بما ختم راجين من الله أن يغفر الزلل " جعلنا الله ممن يوفق لفعل الخير والعمل به وممن يبصر رشد نفسه فما أحد إلا له عيوب إذا نظرها شغلته عن غيره وتوفانا على سنة محمد صلى الله عليه وسلم آمين رب العالمين. "
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
إنتقاها لكم أخوكم : أبو محمد حسين
جمادى الاخرة 1439 مارس 2018

رد مع اقتباس