عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25 Aug 2014, 12:18 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي نصيحة وتذكير حول معاناة المجتمع من غلاء الأسعار!

بسم الله الرحمن الرحيم



في زماننا هذا:
تُقام الدنيا عند غلاء الأسعار، وتُكال التهم للدولة ليل نهار، وتسمّى ثوارت باسم الخبز والطحين، ويُحشد للمسيرات والمظاهرات لارتفاع سعر البنزين.
وإذا أنكر المُصلحون على الثائرين هيجانهم بنصوص الإسلام -الذي يدينون به- يُصنّفون في خانات العمالة، ويُعلّقون في شمّاعات التخاذل، ويُلمزون بكل الألفاظ الجارحة.
فيا قومنا اقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حَكَما بيننا، وربنا وربكم سبحانه يقول في كتابه:{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} .

وإلاّ تفعلوا فقد أفسدتم دينكم ودنياكم.

يا قومنا اعلملوا أنّ القضية نفسها التي أشغلتكم، قد أشغلت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسارعوا -رضي الله عنهم- لحبيبهم وبيّهم وقدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم! فانقادوا رضي الله عنهم لحكمه، واستجابوا لكلامه. وكذلك هي سجيّتهم وطبائعهم! فهل من انقياد لجوابه صلى الله عليه وسلم يا أمة الإسلام؟!
نرجوا ذلك.

نصّ الجواب النبويّ:
روى الترمذي في (سننه: 1314)، وأبو داود في (سننه:3451)، وابن ماجة في (سننه:2200)، وأحمد في (مسنده:11809)، وصححه الإمام الألباني في (صحيح الجامع 1846) من حديث عن أنس بن مالك قال:
(غلا السِّعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله سعِّر لنا، فقال: " إن الله هو المسعّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى ربّي وليس أحد منّي يطلبني بمظلمة في دمٍ ولا مال)

معنى التسعير:

قال الشوكاني رحمه الله (نيل الأوطال 6 / 599): ( هو أن يأمر السلطان أو نوابه أو كل من ولي من أمور المسلمين أمرا أهل السوق أن لا يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا، فيمنعوا من الزيادة عليه أو النقصان لمصلحة)

وحكمه:
قال الصنعاني رحمه الله (سبل السلام 3 /53): (والحديث دليل على أن التسعير مظلمة وإذا كان مظلمة فهو محرم. وإلى هذا ذهب أكثر العلماء وروي عن مالك أنه يجوز التسعير ولو في القوتين)

ومجمل ما يستفاد من الحديث مما له متعلق بموضوعنا:
أن غلاء الاسعار من المصائب التي يبتلى بها أهل الإيمان فمن رضي فله الرضى و من سخط فله السخط، فالمجتمع النبوي أعدل المجتمعات، كيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو أميره وصحابته اكرام هم مكوّنه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى (8/520-523): «فالغلاء بارتفاع الأسعار، والرخص بانخفاضها هما من جملة الحوادث التي لا خالق لها إلا الله وحده، ولا يكون شيء منها إلا بمشيئته وقدرته، لكن هو سبحانه قد جعل بعض أفعال العباد سبباً في بعض الحوادث، كما جعل قتل القاتل سبباً في موت المقتول، وجعل ارتفاع الأسعار قد يكون بسبب ظلم العباد، وانخفاضها قد يكون بسبب إحسان بعض الناس..».
نقول هذا:
لأن الكثير من الناس يربط غلاء الأسعار بظلم الحاكم، ويظن الكثير منهم أن الحاكم لو عدل في سلطانه لانخفضت الأسعار! وهذا حق لا شك فيه. لكن كما ذكرنا: فالأسعار بيد الله يرفعها كما يشاء وهي عقوبة لا تقابل إلا بالتوبة والإنابة، وهذا ما يأمر به أهل السنة دائما.
فإذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجين للتذكير بأن الله هو القابض الباسط الرازق! فكيف بأهل زماننا من ضعاف الإيمان وتاركي الصلاة؟!
ولا يفهم من هذا ترك الأسباب المشروعة، التي تسهم في تخفيض الأسعار، بل الحديث يثبت واحدا منها وهو شكوى الرعية لولي الأمر، ولاتكون إلاّ بالتواصل المباشر باللقاء أو المراسلة.
فتذكر يا عبد الله هذا جيدا عندما تتضايق من غلاء الأسعار فهو -والله- من المصائب التي تكفر السيئات وتذهب الخطايا.
فقد روى البخاري في صحيحه (5641) عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما يصيب المسلم، من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه»

فيا عبد الله !

إن الهم والغمّ الذي تعاني منه عند غلاء الأسعار نعمة إن أنت عرفت حكمة الله فيها، فلا تفوّت عليك الفرصة من غير احتساب الأجر، وطلب ما عند الله سبحانه من الثواب الحسن الكبير.
{ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}
والحمد لله رب العالمين

أبو معاذ محمد مرابط
29/ شوال / 1435


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 03 Jan 2017 الساعة 01:14 PM
رد مع اقتباس