عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13 Oct 2013, 03:24 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

جزى الله الأخوين الكريمين: محمد مرابط وخالد حمودة على هذه الفوائد الفرائد, واستسمحهم عذرا بالمشاركة معهم, رجاء أن يعم النفع.

أولا: لا شك أن ترجمة الأشعري مما هي مثبتة في طبقات الشافعية للإمام ابن كثير, كما أن المثبت فيها هو أن الأشعري ممن تفقه على ابن سريج, فالكلام عائد على الأشعري وليس على الإمام زكريا الساجي, وهذا ظاهر لا خفاء فيه.

ثانيا: جاء في ترجمة الزبيدي التي نقلها الأخ الفاضل محمد مرابط رجل اسمه سهل بن سرح, ولا يدرى من هو هذا الرجل؟.

ومما هو معلوم أن الزبيدي رجل متأخر توفي سنة(1205هـ) فهو عالة على من تقدمه, فغالب تراجمه مأخوذة ممن تقدمه, ولم يأت فيها بجديد, اللهم إلا التراجم المستحدثة, فما ذكره من ترجمة الأشعري إنما أخذه ممن تقدمه, ويغلب على الظن أنه نقل كلام ابن كثير كما في الطبقات, لكن وقع في اسم سهل بن سرح اختلاف.

وقبل أن نتكلم في التصحيف أو نحوه, لابد أولا من التأكد من سهل هذا:
فينظر في سهل بن سرح من هو؟ فإن كان الرجل معروفا فتذكر ترجمته, وإن كان الرجلا موجودا لكنه مجهول العين فيذكر على أنه مجهول العين, وإن لم يكن للرجل وجود أصلا فينتقل بعد ذلك إلى دعوى التصحيف ونحوه.

ثالثا: هنا إشكال يرد على دعوى تفقه الأشعري على ابن سريج؛ وهو أن المعلوم من حال الأشعري أنه كان معتزليا إلى سن الأربعين, أو بقي على الاعتزال أربعين سنة بعد بلوغه أو تمييزه, فإن كان الأول: فيكون رجوع الأشعري عن الاعتزال سنة(300هـ) على القول بأنه ولد سنة(260هـ), وكان رجوعه بالبصرة على ما نقل إلينا, ووفاة ابن سريج كانت سنة(303هـ)

فهل تفقه الأشعري على ابن سريج حال كونه معتزليا؟
فهذا مما يستبعد جدا؛ لأنه كيف يترك ابن سريج الأشعري وهو رأس من روؤس الاعتزال وداعيتها ومناظرها يتفقه عليه, ولا يطرده من مجلسه, كما هو المعروف من حال السلف مع أهل البدع الدعاة والرؤوس.
ومثله مثل من يقول أن ابن أبي دؤاد الجهمي كان يتفقه بالإمام أحمد.

ثم إن الأشعري كان بالبصرة لما كان معتزليا, ثم لما رجع عن الاعتزال وهو بالبصرة انتقل بعدها إلى بغداد, وفيها أخذ عن الساجي, وجماعة من حنبلية بغداد, كما ذكر ذلك ابن تيمية في غير ما موضع, ولم يذكر ابن تيمية في موضع واحد مما وقفت عليه أنه تفقه بابن سريج.

قد يقول قائل: إنما تفقه عليه بعد رجوعه عن الاعتزال في بغداد في السنوات الثلاث الأخيرة من حياة الإمام ابن سريج.
الجواب: أن الأشعري عندما رجع عن الاعتزال سلك الطريقة الكلابية, وكان من دعاتها أيضا, فكما قيل في الأول يقال هاهنا, ومعلوم منافرة أبي العباس لأهل الكلام من المعتزلة والكلابية والأشعرية.

هذا كله على القول بأنه بقي على الاعتزال إلى سن الأربعين, أما على القول أنه بقي على الاعتزال أربعين سنة وذلك بعد بلوغه أو تمييزه, فيكون إنما رجع عن الاعتزال بعد وفاة ابن سريج, ورجوعه كان بالبصرة, ولمَّا ينتقل بعدُ إلى بغداد حيث الفقيه ابن سريج.

فالذي يظهر والله أعلى وأعلم: أن أبا الحسن الأشعري لم يتفقه بأبي العباس بن سريج, وما ذكره الإمام الحافظ العلامة ابن كثير محل نظر؛ لأن الحافظ ابن عساكر المعتني بترجمة الأشعري كما في كتابه تبيين كذب المفتري لم يذكر ذلك لا من قريب ولا من بعيد, وهو متقدم على الإمام ابن كثير؛ حيث كانت وفاته سنة(571هـ), وكذلك السبكي, وغيرهم ممن اعتنى بترجمة الأشعري, ومعلوم أن التفقه على هذا الإمام يعتبر منقبة عظيمة, ودعوى ذلك لإمام المعتزلة والكلابية ورئيسها في زمان ابن سريج له الأثر البالغ في منقبته, أما بعد رجوعه عن ذلك, وانتسابه للسنة فيمكن القول به.

فهذا كله هو من باب ملح العلم, ولا يعدم القارئ فائدة مما ذكره الإخوان جميعا, فاللهم انفعنا بما علمتنا, وزدنا يا كريم.
والله أعلى وأعلم


التعديل الأخير تم بواسطة عبد العزيز بوفلجة ; 13 Oct 2013 الساعة 04:35 PM