عرض مشاركة واحدة
  #79  
قديم 04 Dec 2020, 03:38 PM
عبد المجيد تالي عبد المجيد تالي غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Aug 2019
المشاركات: 33
افتراضي


أدعوى سلفية... وخلق يهودي
من الغباء والحماقة أن يركب مدعي السلفية أو منتسبوها مراكب الهوى أو طرائق أهل الضلالة، أو يسلكوا صنائع أهل الفسق والغواية، فالسلفية كمنهج رباني تأبى مثل هذه المسالك أو تلك المراكب والصنائع، يقول -جل وعلا-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ(108)} [سورة يوسف].
يقول الشيخ ابن سعدي : «يقول تعالى لنبيِّه محمد : {قُلْ} للناس {هَذِهِ سَبِيلِي} أي: طريقي التي أدعو إليها، وهي: السبيل الموصلة إلى الله وإلى دار كرامته، المتضمنة للعلم بالحقِّ والعمل به وإيثاره، وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له، {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} أي: أحثُّ الخلق والعباد إلى الوصول إلى ربهم، وأرغِّبهم في ذلك وأرهِّبهم مما يبعدهم عنه.
ومع هذا فأنا {عَلَى بَصِيرَةٍ}من ديني، أي: على علم ويقين من غير شك ولا امتراء ولا مرية. {وَ} كذلك {مَنِ اتَّبَعَنِي} يدعو إلى الله كما أدعو على بصيرة من أمره..» اهـ.
فمعالم هذه الدعوة المباركة قائمة على الإخلاص لله والصدق معه -سبحانه-، «متضمنة للعلم بالحقِّ والعمل به وإيثاره»، لا الجهل بالحقِّ والعمل به وإيثاره عن الحقِّ الذي جاء به إمام هذه الدعوة وقدوة أهلها والدعاة إليها!!
إن مخالفة السلفي لهذه المعالم ما يبقي له حظًّا في سلفيته المزعومة فضلا عن أن يكون من دعاتها أو مصلحيها، فالسلفية ليست بالتمني، وإنما هي: ما وقر في القلب وصدَّقه العمل، السلفية ما وقر بالقلب وصدقه القال والحال، فالسلفية ليست شعارا ولا أوسمة ونياشين توزع أو تعلق لأصحاب بطولات ومآثر زائفة، السلفية منهج رباني قائم على أصل عظيم؛ أصل المتابعة والاقتداء فانظر محلَّك منه.
قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)} [سورة آل عمران].
وقال -سبحانه-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [سورة الأحزاب].
وعليه أقول: لقد أسفرت هذه الفتنة العمياء «فتنة المفرقة» عن خلقٍ سافرٍ سافل، وعن طريقةٍ هوجاء في التعامل مع الخلق في مسائل الخلاف والاختلاف فاقت كلَّ التوقعات، وسبقت كل الأحداث التأريخية فيها. معاملة قائمة على بهت المخالف وغمطه، ونبش ماضيه العملي.
هذا الخلق السافل السافر ما عهدناه في تأريخ أمتنا الدِّيني إلا في قوم حذَّرنا ربُّنا -سبحانه- ونبيُّنا محمَّد صنيعهم وركوب سننهم؛ إنَّهم أمَّة اليهود إخوان القردة والخنازير -برَّأنا الله من سوء صنيعهم وجنَّبنا اتباع طرائقهم-.
جاء في «الصحيح» -صحيح البخاري (3938)- عن عبد الله بن سلام ، قال:
يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَجَاءَتِ الْيَهُودُ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ فِيكُمْ»؟
قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ : «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ»؟! قَالُوا: أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، قَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَتَنَقَّصُوهُ، قَالَ: هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللهِ.
وكذلك الشأن فيمن انتهج هذا المنهج الوحش في هذه الفُرقة، يبهت القوم شيوخ وأبواق وأتباع إخوانهم ممن كانوا معهم على باطلهم، وينهشون أعراضهم وتدينهم إن هم تركوا ما كانوا عليه من باطل وراجعوا دينهم ومنهجهم.
إن هذا الخلق الجديد في التعامل مع المخالف ما عهدته -وأحسب إخواني على ذلك- فيما علمت أو قرأت وطالعت في صحائف ما كتب أهل العلم أو حاضروا، لا سلفاً ولا خلفاً، وأنا ضارب لذلك مثلا حيًّا في تأريخ سلفنا الصالح، بل في خير أمة أخرجت للناس فيما ذكر ونوَّه ربُّنا -سبحانه- في كتابه الكريم، فأقول:
كل يستذكر قصة عبدالله بن سعد بن أبي السرح وما وقع له مع نبيِّنا محمد ، من ردَّة ولحوق بالكفار، وأذيَّة لرسول الله ، حتى أهدر النَّبي دمَه في جملة من أهدر دماءَهم عام الفتح «فتح مكة»، فقال : «اقْتُلُوهُمْ، وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ» رواه النسائي (4078)، وغيره.
وفيه: وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بن سَعْدِ بنِ أَبِي السَّرْحِ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللهِ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللهِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ، فَيَقْتُلَهُ؟».
فَقَالُوا: وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَا فِي نَفْسِكَ، هَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ، قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ».
أسلم بعد وحسن إسلامه، وشارك في فتوح مصر وإفريقية، وغيرها، قال الحافظ في «الإصابة» (6: 177- 179):
«قال ابن يونس: شهد فتح مصر، واختطَّ بها، وكان صاحب الميمنة في الحرب مع عمرو بن العاص في فتح مصر، وله مواقف محمودة في الفتوح»..
«وذكره ابن سعد في تسمية من نزل مصر من الصحابة، وهو: الّذي افتتح إفريقية زمن عثمان، وولى مصر بعد ذلك، وكانت ولايته مصر سنة خمس وعشرين، وكان فتح إفريقية من أعظم الفتوح؛ بلغ سهم الفارس فيه ثلاثة آلاف دينار، وذلك سنة سبع وعشرين»..
مات «سنة تسع وخمسين في آخر سني معاوية» .
فهل سمعتم إخواني أو قرأتم لعلم من أعلام الأمة -خلفا فضلا عمَّن سلف- عن أحد من أصحاب النَّبي أو التابعين أو تابعيهم ذكر عبدالله بن سعد بنقيصةٍ، أو ذكر من ماضيه تشنيعاً عليه بعد توبته وأوبته إلى ربِّه -سبحانه-، وإحسان في عمله، اللهم لا! ما عهد مثل هذا إلا في قوم سوء وهم: الرافضة.
ولمثل هذا الذي ذكرت نظائر وأشباه فما بال جماعة المنهج الأخس يخرجون علينا بمثل هذه المعاملة وهذه المشابهة والمشاكلة في التعامل مع التائبين والراجعين عن منهجهم الوحش، نعم تشابهت القلوب وتشاكلت الصنائع، فهنيئا لجماعة «الصعفقة» بتوجههم الجديد.
فصبرا إخواني على رجوعكم إلى المنهج الحقِّ، وأوبتكم إلى حضيرة أهل الحق، واعلموا أنكم مبتلون، وذلك بحسب صلابة دينكم وتمسككم بالحق، فاصبروا فاصبروا، فالحق والتمسك به من سلعة الله وسلعة الله غالية، فلا يثبت لها إلا الأقوياء الأوفياء، فاثبتوا حفظني الله وإياكم.
وعليه فإني أبارك في هذا اليوم الفضيل لأخي «د/عبدالعزيز بوفلجة» أوبته ورجوعه عن ذاك المنهج الوحش، كما أبارك له نصرته للحق وأهله، وكشفه لخطط أهل الفُرقة والتفريق، ورده على شبههم وتلبيساتهم في بيانه الكريم.
كما أدعوه إلى الصبر على أذى القوم وما قد يلحقه منهم، فالقوم قد عوَّدونا هذا الصنيع فيمن خالفهم أو رجع عن قالتِهم، ولك في ذلك سلوى منهم وفيهم.
فاصبر -بارك الله فيك- واثبت فإن الله ناصرك وناصر إخوانك.
والحمد لله أولا وآخرا.
وكتب أخوكم: عبدالمجيد تالي
عصر الجمعة لـ: 19-04-1442هـ
04 / 12 / 2020 ن


التعديل الأخير تم بواسطة عبد المجيد تالي ; 05 Dec 2020 الساعة 10:58 PM
رد مع اقتباس