عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 Jan 2008, 10:56 AM
أبو البراء إلياس الباتني أبو البراء إلياس الباتني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 106
افتراضي تــابــع

فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والمبلِّغ عن الله -تعالى-، والذي كلمته الفصل في بيان الحلال والحرام، يصرّح باللفظ العربي المبين -في أدق حادث يمسّ أحبّ الناس إليه، وهي ابنته- بأنه لا يُحِلُّ حراماً ولا يُحرِّم حلالاً، ولكنه يستنكر أن تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله في عصمة رجل واحد.

وعندي وفي فهمي: أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يمنع عليّاً من الجمع بين بنته وبنت أبي جهل بوصفه رسولاً مبلغاً عن ربه حكماً تشريعياً، بدلالة تصريحه بأنه لا يحرّم حلالاً ولا يحلّ حراماً، وإنما منعه منعاً شخصياً بوصفه رئيس الأسرة التي منها عليّ ابن عمه وفاطمة ابنته، بدلالة أنّ أسرة بنت أبي جهل هي التي جاءت تستأذنه فيما طلب إليهم عليّ -رضي الله عنه-، وكلمة رئيس الأسرة مطاعة من غير شك، خصوصاً إذا كان ذلك الرئيس هو سيد قريش، وسيد العرب، وسيد الخلق أجمعين -صلى الله عليه وسلم-.

وليس بالقوم استدلالٌ أو تحرٍّ لما يدل على الكتاب والسنّة، ولا هم من أهل ذلك، ولا يستطيعونه، إنما بهم الهوى إلى شيء معين، يلتمسون له العلل التي قد تدخل على الجاهل والغافل.
بل إن في فلتات أقلامهم ما يكشف عن خبيئتهم، ويفضح ما يكنُّون في ضمائرهم.
ومن أمثلة ذلك: أنّ موظفاً كبيراً في إحدى وزاراتنا كتب مذكرة أضفى عليها الصفة الرسميّة، ونشرت في الصحف منذ بضع سنين، وضع نفسه فيها موضع المجتهدين، لا في التشريع الإسلامي وحده، بل في جميع الشرائع والقوانين!! فاجترأ على أن يعقد موازنة بين الدين الإسلامي في إحلاله تعدد الزوجات، وبين الأديان الأخرى -زعم-!! وبين قوانين الأمم حتى الوثنيّة منها! ولم يجد في وجهه من الحياء ما يمنعه من الإيحاء بتفضيل النصرانيّة التي تحرّم تعدد الزوجات، ومن ورائها التشريعات الأخرى التي تسايرها، بل يكاد قوله الصريح ينبئ عن هذا التفضيل!!

ونسي أنه بذلك خرج من الإسلام بالكفر البواح، على الرغم من أن اسمه يدل على أنه وُلِدَ على فراش رجل مسلم، إلى ما يدلّ عليه كلامه من جهله بدين النصارى، حتى عقد هذه المفاضلة!! فإنَّ اليقين الذي لا شكَّ فيه: أن سيدنا عيسى -عليه السلام- لم يحرّم تعدد الزوجات الحلال في التوراة التي جاء هو مصدِّقاً لها بنصّ القرآن الكريم، وإنما حرّمه بعض البابوات بعد عصر سيدنا عيسى -عليه السلام- بأكثر من ثمان مئة سنة على اليقين، بما جعل هؤلاء لأنفسهم حق التحليل والتحريم، الذي نعاه الله عليهم في الكتاب الكريم: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ}، والذي فسَّره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حين استفسر منه عدي بن حاتم الطائي -الذي كان نصرانيّاً وأسلم- إذ سمع هذه الآية فقال: إنهم لم يعبدوهم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "بلى؛ إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلّوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم".

رد مع اقتباس