يا أخي معبد بما أنك أقحمتني بذكر اسمي في موضوعك ولم تكن ثمة حاجة لذكره- عفا الله عني وعنك- أردت المشاركة في ما ذكرت فأقول: أولا: المثل المعروف عندنا-والله أعلم- ليس كما ذكرت وإنما بلفظ: (لا تكثر على الملوك فيملوك) والمقصود بالملوك جمع ملك أي السلطان والمعنى إن حمل على الإقلال من الزيارة في غير هجر كان مقبولا ويؤيده قوله-صلى الله عليه وسلم-: ((زر غِبا تزدد حبا)) رواه الطبراني في الكبير والأوسط والحاكم في المستدرك وغيرهما وقال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(2583) صحيح لغيره. وقد قيل: قلة الزيارة أمان من الملالة وكثرة التعاهد سبب التباعد. ومما أنشد في ذلك من الشعر:
اغبب زيارتك الصديق ... يراك كالشيء استجده
إن الصديق يمل من ... أن لا يزال يراك عنده
وقال أبو تمام:
وطول مقام المرء في الحي مخلقٌ ... لديباجتيه فاغترب تتجدد
فإني رأيت الشمس زادت محبةً ... إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد
وقال آخر:
عليك بإغباب الزيارة إنها ... تكون إذا دامت إلى الهجر مسلكا
فإني رأيت الغيث يسأم دائماً ... ويسأل بالأيدي إذا هو أمسكا
ولأبي محمد بن هارون القرطبي راوي الموطأ:
أقل زيارة الإخوان تزدد عندهم قربا ... فإن المصطفى قد قال زر غبا تزد حبا
وقد قيل: إن هذا الحديث يحمل على من ليست له خصوصية ومودة ثابتة فلا ينقص كثرة زيارته من منزلته قال ابن بطال الصديق الملاطف لا يزيده كثرة الزيارة إلا محبة بخلاف غيره.
ولعل الأخذ بالحديث أولى مع ضرورة التنبه إلى أن هذا الإقلال يختلف من أناس لغيرهم ومرد ذلك إلى عرفه ومعرفته لمن يتعامل معهم والله أعلم.