عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 23 Jul 2010, 11:32 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

--------------------------------------------------------------------------------

هذا رثاء أحمد سحنون للخميني الرافضي
هوى النّسر!!
مهداة إلى روح الإمام الخميني رحمه الله (3/11/1409هـ)
من الذي مات يا (( غُماري ))؟ يا (( مصطفى )) كُن أخا اصطبارِ
مــات الخـمـيــني الإمــام حـقــاً يـا (( مـصـطفـى )) الشـعر لا تمار
لــقــد هـوى النســر مـن عُـلاه وكــان يــعـلــو بــلا انـحـدار!
مـــات الإمــــام فــمــن تُـــراه يــا (( مصـطفى )) حـامي الديار!
مـات كـأن لم يـعـش طــويــلا وهــكــذا تــخـتــفـي الـدراري
غــاب الخـمـيــني تـبـاًّ لـدنـيــا تـصــاب بــالـمــوت والـدَّمــار
لــكـن مـجـد الإمــام يــبـقــى بـــــــلا زوال ولا انـــــدثــــار
مـا مـات مـن كـان كـالخـميني قـد عــاش لـلـمـجـد والـفـخـار
إن لــم يـكـن مــوتـه الـمفاجي أصـــاب بــالثـــكـــل كـــلَّ دار
فـصُـغ أخـا الشـعـر كـل لـحـن يــلــيــق بــالـــقــادة الـــكــبـار
وإنّــمـا الشِّـعـر نـبــض قــلــب يـــنـــبـــئ عــــن لاعـــج الأوار
وومــض وحــي ونــبــع حــب بـــــــلا حــــــدود ولا قـــــرار
يــا قـاهـر (( الشـاه )) يـا مـجيـدا طــرد الــعـدوّ مـــــن الــديـــار
يـــا صـادق الـعـزم يـا مـحيـــلا ضـعـف الشـعـوب إلـى انـتـصار
يـا صـانــعـاً صـحــوة أحــالـت عـزّ الــطــغــاة إلـى انــدحـــار!
عــش فـي قـلوب الشعوب حيـاًّ يبـقــى مـدى الـلـيـل والـنـهـار!
ودُمْ مـــنــاراً إلـى الـمــعـــالــي أعــظـم بـذكـراك مــن مـنــار!
طـهـران بـعـدك سـوف تـمـضي تـقــفــو خــطــاك بـلا عــثــار
مـن هـذه الـقـبـسـات فــاقــدح واستوح من شعرك يا (( غماري ))
يـا رب لا تـحـرم (( الخـمـيـني )) مـن خــيــر دار وخــيــر جـــار
ولا تــــعــذّبــه يــا إلـــــهــــي بــــزمــــهـــريــــر ولا بـــنـــار
فــإنّــه عــاش فــي جــــهــــاد بـــــلا هـــــــدوء ولا قــــــرار

هذه صورة تعزية رابطة الدعوة الإسلامية الجزائرية للشعب الإيراني إثر هلاك الخميني، والتي من أعضائها: عباسي مدني، وعلي بن حاج، ومحمد سعيد الوناس
ومن طريف تربّص الأحزاب بعضها ببعض أن سحنوناً ـ على الرغم من اعترافه بأنه أديبٌ وليس عالماً بالشرع ـ يَعتذر بأن الذي وسوس إليه بأن ينظم هذه المرثية المخزية هو محفوظ نحناح أمير الإخوان المسلمين، فهل يريد نحناح أن يلعب على الحبلين كما هي عادته؟ حتى إذا أحرجَتْه معارفُه بإيران بسؤاله عن موقف الإخوان من موت الخميني، قال: " ألم نكن معكم؟! وهذه قصيدة شاعرنا سحنون تعبِّر عما في نفوسنا من ألم!! ". وإذا جاء يوم الجذاذ من عند دول الخليج، سواء ليجمع الأموال باسم السلفية ـ وقد فعله ـ أو باسم الإخوان قال: " أرأيتم حين انشقت ( الجزْأَرة ) المحلية عن أمّها العالمية هبط بها المستوى إلى حدّ رثائهم الرافضة!! ".
قلت: وقديمًا قيل: ( مصارع الرجال تحت بروق الطمع )، بل قال الله تعالى: {قُلْ إِنّ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}.
قال عن الجمعية: " ومن مشاهير علمائها الشيخ عمر العرباوي ـ رحمه
الله ـ الذي مات في الإقامة الجبرية في أول عهد ابن جديد، وهو شيخُ العالم السلفي الشهير علي بن حاج ـ كشف الله كربته ـ "!
النقد: الشيخ العرباوي ـ رحمه الله ـ مات في بيته عزيزاً مكرَّماً، ولم يكن تحت الإقامة الجبرية، وكان يزاول عمله الدعوي بكل حرية. ومن فراسة هذا الشيخ أنه كان يقول عن عباسي مدني قبل ميلاد الجبهة ـ لأنه توفي قبلها بنحو أربع سنين ـ: " أحذِّركم هذا الغِرّ ". كما أن علي بن حاج كان يلقي أحياناً دروسه بمسجده والشيخ كاره، فكيف يكون شيخاً له؟! مع أنه قد تقدم ما فيه.
قال: " أحبّ أن أذكّركم بأمر وهو أنّ إخوتنا الجزائريّين قد استفتوا الشيخين الإمامين العالمين: الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين في ذلك، فقالوا لهم: إذا كان هذا يحقّق مصلحة الإسلام ويتمّ من خلاله الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فإنّه لا بأس أن تدخلوا الانتخابات البرلمانيّة، وهذه، كما حدّثني أحد الإخوة الثّقات الجزائريّين مسجّلة في أشرطة ".
النقد: أما ما يخصّ استفتاء الشيخين من قبل الجبهة فهذا لا يلجؤون إليه إلا كما قال الله تعالى: {وإِن يَكُن لَهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إلَيْهِ مُذْعِنِين}؛ لأنهما عندهم من علماء أمريكا، لا يخرجان من الحيض والنّفاس! ويعلم الله كم وقعوا فيهما خاصة في قضيّة الخليج، وعلى رأسهم عباسي مدني فهو شديد البغض لهما، وكذا علي بن حاج على تستّر وتقيّة! أما محمد سعيد الونّاس وأصحابه
( الجَزْأَريُّون ) فإنّهم يعتبرونهما بدواً! لا جهاد لهما يعيشان القرون الوسطى على حدّ اعتقاد محمد الغزاليّ فيهما وما يلمزهما به!!.
أما ما يخصّ ابن باز فقد مضى. وأما الشيخ ابن عثيمين ـ حفظه الله ـ فصحيح أنّه جوّز لهم دخول البرلمان، لكن لا بدّ من التنبه إلى أنهم لم يستفتوا الشيخ إلا بعد أن دخلوا في العمل السياسي بنحو سنتين! فلو كانوا طلاب حقّ لعلموا قبل أن يعملوا كما قال البخاري: " باب العلم قبل القول والعمل "! ولو كانوا طلاَّب حقٍّ لأخذوا بعين الاعتبار الشروط التي اشترطها الشيخ في ذلك، وهي قيود أربعة ـ وليست واحدة كما زعم بِشر ـ لو تأمّلتها لرأيتَ أنّ الشيخ قد قيّدهم بوثاق شديد لا يَخْطون به خطوة واحدة، وإليكموها، قال:
ـ أولا: لايجوز الخروج على الأئمة ومنابذتهم إلا حين يكفرون كفرا صريحا لقول النبي : » إلا أن تروا كفراً بواحاً ... « الحديث متفق عليه.
ـ ثانياً: العلم بكفرهم، والعلماء هم الذين يقدّرونه، وأنا لا أَقْدر على أن أحكم على حكوماتكم؛ لأنّني لا أعرفها، وفي الحديث السابق: » عندكم فيه من الله برهان «.
ـ ثالثاً: تحقّق المصلحة في ذلك وانتفاء المفسدة، وتقديرها لأهل العلم أيضا.
ـ رابعاً: القدرة لدى المسلمين على إزاحة الحاكم الكافر.
ثم قدّم نصيحة ذهبيّة ـ حفظه الله ـ فقال ما معناه: " وعلى كل حال، فهذا الكلام نظريّ؛ لأنّ الغالب أنّ الشّوكة والقوّة لهذه الحكومات، وأنا أنصح بالرويّة والدعوة بالحكمة وترك الدّخول في هذه المواجهات ...
إلخ ".
قيد خامس مهمّ: وهو أن الشيخ يشترط فيمن يمارس السياسة أن يكون من أهل العلم الذين بلغوا درجة أهل الاستنباط؛ بدليل قوله: " السياسة لها قوم، والدين له قوم؛ وقد أشار الله إلى هذا في قوله تعالى:{وإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} ... وليس قولي هذا فصل السياسة عن الدين أبداً! الدينُ نفسُه سياسة ".
قلت: وهذا قيد في غاية الأهمية؛ لأن جُلّ ـ إن لم أقلْ كلهم ـ الذين يريدون خوض غمار السياسة اليوم لا يصلح أن يقال لهم: ( طلبة علم! ) فكيف يقال لهم:( علماء؟! ) أم كيف يُتَصوَّر فيهم ( علماء مستنبِطون؟! )، وكل منصف يفهم هذا الكلام.
قيد سادس: نقول لهؤلاء: لو تنزّلنا معكم جدلاً إلى أنكم سألتم الشيخ فأيّدكم فيما أنتم فيه، فلماذا تلجؤون دائماً إلى العنف بعد أن تستنفدوا قواكم في لعبة ( البرلمان )؟! فهلاّ سألتم الشيخ عن ذلك أيضاً؟! لماذا لا تسألونه عن حملكم السلاح ضدّ النظام الحاكم أو ضدّ الأحزاب التي تواجهكم؟!
والجواب هو: لأنكم لا تسألون سؤال متعلِّم! وإنما تسألون سؤال مَن حمل معتقداً، ويبحث له عن مؤيِّد!! والدليل على ذلك هو أنكم إذا قيل لكم: اسألوه: هل هذا العنف جهاد؟ قلتم: الشيخ لا يعرِف واقعنا!!
وإذا قيل لكم: إذن وَضِّحوا له واقعكم!
قلتم: الشيخ مداهن لأنظمة الطواغيت!!
فهذه ثلاثة أشياء:
ـ الأول: ليس فيكم علماء مجتهدون.
ـ الثاني: تتخذون من فتوى الشيخ متكأً للوصول إلى التكفير، ثم إلى العنف الذي تُبَيِّتونه! وأنتم تعلمون أن الشيخ يُخالفكم فيهما جميعاً؛ ولكنه الهوى ...
ـ الثالث: أن الشيخ عندكم لايعرف واقع الحكومات! أو هو مغفَّل! أو هو مداهن! فمنكم مَن صرَّح ومنكم مَن ينتظِر!! وما بدَّلْتم تبديلاً!
ثم يشاء الله أن يتأخَّر نشر هذا البحث حتى يُسمعني أحد الإخوة شريطا سُجِّل مع الشيخ في شوال (1414هـ) فيه قول السائل:
وهل كذلك أنكم قلتم باستمرار المواجهة ضد النظام بالجزائر؟ فأجاب: " ما قلنا بشيء من ذلك! ".
قال السائل: في اشتداد هذه المضايقات هل تُشرَع الهجرة إلى بلاد الكفر؟
قال: " الواجب الصبر؛ لأن البلاد بلاد إسلام، يُنادَى بها للصلوات وتقام فيها الجمعة والجماعات، فالواجب الصبر حتى يأتي الله بأمره ".
قلت: فلمَ هذا التّمويه وهذه الخيانة في النّقل؟! ألا يعلمون أنّ الله لا ينصر إلا الصادقين؟! قال الله تعالى: {فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}. أما يخافون أن يكون الشيخ خصمهم يوم القيامة؟! ما هذه الغفلة عن المعاد؟! {أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونُ. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ. يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ}. هؤلاء ـ يا محاضرنا! ـ هم ثقاتك؟! وعلى كواهلهم تقوم وزارة الإعلام في دولة الإسلام؟!، وهذا هو فقه الواقع؟!
ثم لما كان احتراف الكذب لتأييد الرأي صنعة الحزبيين، ولمعرفتي بأنه قد نُسِب للشيخ إباحةُ المظاهرات والاعتصامات وغيرها من مبتدعات الغرب الكافر، فلا بدّ من نقل كلامه ـ حفظه الله ـ في ذلك، فقد سئل في محرّم (1416هـ) عما يأتي:
ـ ما مدى شرعية ما يسمّونه بالاعتصام في المسـاجــد وهم ـ كما يزعمون ـ يعتمدون على فتوى لكم في أحوال الجزائر سابقا أنها تجوز إن لم يكن فيها شغب ولا معارضة بسلاح أو شِبهِه، فما الحكم في نظركم؟ وما توجيهكم لنا ؟ فأجاب:
ـ أما أنا، فما أكثر ما يُكْذَب عليَّ! وأسأل الله أن يهدي من كذب عليَّ وألاّ يعود لمثلها. والعجب من قوم يفعلون هذا ولم يتفطَّنوا لما حصل في البلاد الأخرى التي سار شبابها على مثل هذا المنوال! ماذا حصل؟ هل أنتجوا شيئاً؟ بالأمس تقول إذاعة لندن: إن الذين قُتلوا من الجزائريين في خلال ثلاث سنوات بلغوا أربعين ألفا! أربعون ألفا!! عدد كبير خسرهم المسلمون من أجل إحداث مثل هذه الفوضى! والنار ـ كما تعلمون ـ أوّلها شرارة ثم تكون جحيماً؛ لأن الناس إذا كره بعضُهم بعضاً وكرهوا ولاة أمورهم حملوا السلاح ـ ما الذي يمنعهم؟ـ فيحصل الشرّ والفوضى ... وقد أمر النبيّ عليه الصلاة والسلام من رأى من أميره شيئا يكرهه أن يصبر، وقال: » من مات على غير إمام مات ميتة جاهلية «. الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نظهر المبارزة والاحتجاجات عَلَناً فهذا خلاف هَدي السلف، وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تَمُتّ إلى الشريعة بصلة ولا إلى الإصلاح بصلة، ما هي إلا مضرّة ... الخليفة المأمون قَتل من العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خَلْق القرآن، قتل جمعاً من العلماء وأجبر الناس على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحدا منهم اعتصم في أي مسجد أبدا، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يَحمل الناسُ عليه الحقد والبغضاء والكراهية ... ولا نؤيِّد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نؤيِّدها إطلاقا، ويمكن الإصلاح بدونها، لكن لا بدّ أن هناك أصابع خفيّة داخلية أو خارجية تحاول بثّ مثل هذه الأمور ".
فقه واقع الجزائر عند عائض القرني
أما عائض القرنيّ فقد وقع في الخطأ الذي تواصوا به جميعا وهو زعمهم أنّ جبهة الإنقاذ امتداد لجمعية العلماء الجزائريين! وقال في خطبة جمعة:
" والذي نفسي بيده لقد خرج في الجزائر في يوم واحد سبعمائة ألف امرأة مسلمة متحجّبة يطالبن بتحكيم شرع الله ".
النقد: يا لها من مصيبة حين يهون عليك اسم الله فتقسم به على عدد وهميّ خياليّ، و تقسم على قضيّة خاسرة دنيا وأخرى، أفي المظاهرة الموروثة من الكفار والشّيوعيّين يبذل اسم الله الأعظم؟ ألم يقل الله: {ولاَ تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُمْ عَن سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}؟ أبأمّة انقرض ذكورها حتى خرج إناثها تفتخر ـ أيّها الخطيب؟! ـ أبالخروج من البيت تحكم المرأة بشرع الله؟ أليس في شرع الله قول الله عزّ وجلّ: {وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ الأُولَى}؟! كان عليك أن تقول لهن: ابدأن بأنفسكنّ فحكّمن الشرع، ثم طالبن غيركنّ بذلك بالطريق المشروع. أم أنّ السياسة الوضعيّة لم تترك لك مجالاً ـ أيها الخطيب! ـ ولا لمن افتخرتَ به لتفكّروا في حدود الشرع؟
لقد خرجت عائشة رضي الله عنها يوم الجمل فلم يحمدها عليه الصّحابة ولا هي حمدت فعلها، فقد قال ابن حجر: " وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن أبي يزيد المديني قال: قال عماربن ياسر لعائشة لمّا فرغوا من الجمل: " ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليكم يشير إلى قوله تعالى: {وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ}، فقالت: أبو اليقظان؟ قال: نعم! قالت: والله! إنّك ما علمتُ لقوّالٌ بالحق، قال: الحمد لله الذي قضى لي على لسانك ".
قلت: أما بلغكَ أنّ عائشة رضي الله عنها كانت تبكي على خروجها هذا بكاء شديدا؟ فعن قيس بن حازم قال: لمّا أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا فنبحت الكلاب، فقالت: أيّ ماء هذا؟ قالوا: ماء الحَوْأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة، فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراكِ المسلمون فيصلح الله ذات بينهم، قالت: إنّ رسول الله e قال لها ذات يوم: » كيف بإحداكنّ تَنْبح عليها كِلاب الحَوْأَب « رواه أحمد وابن حبّان وصحّحه هو والحاكم والذّهبيّ وابن كثير وقال ابن حجر: " وسنده على شرط
الصحيح "، وقال الألبانيّ: " إسناده صحيح جدّا "
فتأمّل قوله: " فيراكِ المسلمون فيصلح الله ذات بينهم "، وما بين هذه النيّة ونيّة المتظاهرات في أن يراهنّ النّاس فيتشجّع بهنّ المؤمنون ويتصاغر المجرمون في زعمهنّ، مع الفرق الواضح بين فعل عائشة هذا الذي لم تبتغ به سوى الإصلاح بين أبنائها المؤمنين وحقن دمائهم، وبين فعل المتظاهرات الداخلات في السياسة.
وقال الزيلعي: " وقد أظهرتْ عائشة الندم، كما أخرجه ابن عبد البر في كتاب »الاستيعاب « عن ابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن! ما مَنعَك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيتُ رجلا غلب عليكِ ـ يعني ابن الزبير ـ فقالت: أمَا والله لو نهيتني ما خرجْتُ ".
قال الذهبي: " وذكره، ثم ذكر رواية أخرى منه فيها أن خروجها هذا جعلها تعدل عن تَحديث نفسها بالدفن في حجرتها كما كانت تأمل، فعن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: قالت عائشة وكانت تُحَدِّث نفسها أن تُدفن في بيتها، فقالت: " إني أَحْدَثتُ بعد رسول الله حَدَثاً، ادفنوني مع أزواجه، فدُفِنَت بالبقيع رضي الله عنها ".
قال الذهبي: " قلت: تعني بالحدَث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمَت ندامة كلية وتابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متَأوِّلة قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة بن عبدالله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار، رضي الله عن الجميع ".
ولا تنس أنّ عائشة أمٌّ للمؤمنين جميعا، فأين هؤلاء منها، ولذلك روى البخاريّ عن أبي مريم عبد الله بن زياد الأسديّ قال: " لمّا سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي فقدِما علينا الكوفة فصعدا المنبر، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه، وقام عمار أسفل من الحسن فاجتمعنا إليه، فسمعت عمّارا يقول: إنّ عائشة قد سارت إلى البصرة، والله إنّها لزوجة نبيّكم في الدنيا والآخرة، ولكنّ الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلمَ إيّاه تطيعون أم هي؟ ".
ورحم الله زمانا كان أهله يستنبطون حكم الله في المسائل السياسية بمجرد دخول النساء فيها ويجزمون بفسادها ولو كان فيها أمّ المؤمنين، فقد روى البخاري أيضا عن أبي بكرة قال: " لقد نفعني الله بكلمة سمعتُها من رسول الله ، أيام الجمل بعد ما كدتُ أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم، قال: لما بلغ رسولَ الله أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال:» لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة «.
فكيف يزعم سفر الحوالي في شريط رقم (185) من 187 \شرح العقيدة الطحاوية « أنّ المظاهرة النسوية أسلوب من أساليب الدعوة والتأثير؟! وهذا سلمان يُسَرُّ بخروج النساء للمظاهرة فيقول في شريط » للنساء فقط «: " إننا سمعنا في البلاد الأخرى أخبارا سارة على العودة الصادقة ـ خاصة في أوساط الفتيات ـ إلى الله تعالى، كل الناس سمعوا بالمظاهرة الصاخبة في الجزائر، وقادتها مجموعة من النساء، وبلغ العدد فيها ما يزيد على مئات الألوف ".
وتالله إن أمر هؤلاء لعجب! مَن كان يتصور أن جزيرة العرب ـ بعد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ سوف تلد أمثال هؤلاء؟! أبعد حياة العفة التي حافظ عليها مسلموها يجيء سفر وسلمان والقرني إلى النساء ليخرجوهن من بيت عزهن تكثرا بهن وتقوِّيا بالقوارير؟! سفر يبيِّن الأثر العميق في خروج المرأة للمظاهرة! والقرني يؤكده بالقَسَم!! وسلمان يهيِّجها لتصبر على الدبابات!!! يا له من دين غريب!
شبهتان والرد عليهما
الأولى: كثيرا ما نلقى بعض المخلصين لدعوة الإسلام، المشاركين المسلمين أحزانهم إذا أبلغناهم حقيقة الدعوة بالجزائر، يصابون بيأس وصدمة حتى ينقدح في نفوس ضعاف الأخلاق منهم أنّ بياننا هذا تعويق لمسار الدعوة وتعطيل للجهاد، أو خرّجوه مخرج حسد الأقران حتى لا يُتّهموا بالعناد، خاصة وأنّ كلمتهم وكلمة دعاتهم التي بيّنا مخالفتها للشرع والواقع قد طارت في الآفاق، ولا تتحمّل صدورهم تخطئتهم لأنّ ذلك إضعافٌ لمِصداقيتهم السياسية وتشكيك في الدّعاية لهم بالفطنة وسعة الاطّلاع على أحوال المسلمين، فيقولون ـ إمّا مجاملة لنا أو بعد أن لم يكن بدّ من تصديق أخبارنـا ـ: " على كل حال أنتم ترون أنّ وقت الجهاد لم يحِن بعد، وغيركم يخالفكم في ذلك، والمسألة اجتهادية، فلا معنى لأن ينكر بعضكم على بعض لأنّ
من أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر، والعدوّ لا يرضى منكم إلا
بالخلاف ... "، وغيره من زخرف القول الذي يجهضون به النصيحة والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر. وأحسن الظنّ بهم أنهم ـ مع إخلاصهم إن شاء الله ـ يعيشون اضطرابا في منهجهم الدّعويّ؛ أيّ إخلاص مع جهل بالطريق الإصلاحي الذي سلكه رسول الله e، وإلا فلو عرفوا شروط الجهاد، وضمّوا لإخلاصهم متابعة الرسول بعد معرفتها لانكشف عنهم كثير من الغبش، ولكان عمدتهم خطوات الرسول لا التخمينات والتجارب والنتائج المتخيّلة.
فنقول أولا: كيف جعلتم دماء المسلمين ودعوة الإسلام في مختبر تجربة طلبة العلم؟ وبأيّ شرع سوّغتم لهم الاجتهاد؟ كلاّ! لا يكون الاجتهاد في المقامرة بأرواح المسلمين والمغامرة بدعوة الإسلام.
ثم هاك ثانيا الجواب العلمي المفصّل: قال الشافعي ـ رحمه الله ـ: " ومن تكلف ما جهل وما لم تُثْبِته معرفته كانت موافقته للصّواب ـ إن وافقه من حيث لا يعرفه ـ غير محمودة والله أعلم، وكان بخطئه غير معذور، إذا ما نطق فيما لا يحيط علمه بالفرق بين الخطإ والصّواب "، وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: " فإنّ من النّاس من يكون عنده نوع من الدين مع جهل عظيم، فهؤلاء يتكلم أحدهم بلا علم فيخطئ، ويخبر عن الأمور بخلاف ما هي عليه خبرا غير مطابق، ومن تكلم في الدين بغير الاجتهاد المسوّغ له الكلامَ وأخطأ فإنّه كاذب آثم كما قاله النبيّ e في الحديث الذي في السنن عن بريدة عن النبي e أنّه قال: » القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة، رجل قضى على جهل فهو في النار، ورجل عرف الحق وقضى بخلافه فهو في النار، ورجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة « ثم قال في الرجل الأول: فهو الذي يجهل وإن لم يتعمّد خلاف الحق فهو في النار، بخلاف المجتهد الذي قال فيه النبي :
(( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر ))، فهذا الذي جعل له أجرا مع خطئه؛ لأنّه اجتهد فاتّقى الله ما استطاع، بخلاف من قضى بما ليس له به علم وتكلم بدون الاجتهاد المسوِّغ له الكلام، فإنّ هذا كما في الحديث عن ابن عباس عن النبيّ أنّه قال: » من قال في القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار « وفي رواية: » من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ، ومن أخطأ فليتبوّأ مقعده من النار«، وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو عن النبيّ e أنّه قال: » إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من النّاس ولكنّه يقبضه بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالما اتّخذ النّاس رؤوسا جهّالا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا «، وفي رواية للبخاري: » فأفتوا برأيهم «. وهذا بخلاف المجتهد الذي اتّقى الله ما استطاع، وابتغى طلب العلم بحسب الإمكان، وتكلم ابتغاء وجه الله، وعلم رجحان دليل على دليل فقال بموجب الرّاجح، فهذا مطيع لله مأجور أجرين إن أصاب، وإن أخطأ أجرا واحدا ... والمقصود أنّ من تكلم بلا علم يسوغ وقال غير الحق فإنّه يسمّى كاذبا ... ويطلق عليه الكذب، كما قال النبيّ : »كذب أبو السّنابل « ومثل هذا كثير ".
قلت: جاء بالإسناد الصحيح بعد حديث: » القضاة ثلاثة ... « قول قتادة: فقلت لأبي العالية: " ما بال هذا الذي اجتهد رأيه في الحق فأخطأ؟ قال: لو شاء لم يجلس يقضي وهو لا يحسن يقضي "، وعند البغوي: " ذنبه ألاّ يكون قاضيا إذا لم يعلم "، قال البيهقي: " تفسير أبي العالية على من لم يحسن يقضي دليل على أنّ الخبر ورد فيمن اجتهد رأيه وهو من غير أهل الاجتهاد، فإن كان من أهل الاجتهاد فأخطأ فيما يسوغ فيه الاجتهاد رُفع عنه خطؤه إن شاء الله بحكم النّبيّ e في حديث عمرو بن العاص وأبي هريرة
رضي الله عنهما وذلك يرد وبالله التّوفيق ".
يريد هنا حديث : » إذا اجتهد الحاكم ... «. وقال البغويّ: " قوله :
» اجتهد فأخطأ فهو في النار «، أراد به إذا كان اجتهاده على غير علم، فأما من كان من أهل الاجتهاد ففرضه الاجتهاد فيما يعنّ له من الحوادث، والخطأ فيه عنه موضوع ).
وبعد، فهل آن لإخواننا المجتهدين اليوم في السياسة ـ بغير الاجتهاد المسوِّغ لهم ذلك ـ أن يعتبروا فيتأنّوا ويتنحّوا ويعطوا القوس باريها؟
فإن قالوا: هذا الكلام منصبّ على غيرنا لأنّنا لم نتكلم في واقع أمّة إلا بعد الإحاطة به، ألا ترون أنّ أخبارنا جديدة وأنّ متابعتنا لوسائل الإعلام شديدة؟!.
قلنا: لئن زعمتم أنّ وسائل الإعلام مغنيتكم شيئا من الحق لقد أخطأتم مرّتين:
الأولى: هذا دليل غفلة شديدة إذ كيف يتصور مسلم أنّ عدوّه يأتيه بنبأ يقين؟ وتتبّعكم لأخباره متصورينه موضوعيا، وبناؤكم الأحكام عليه دليل على أنكم لا تفقهون من واقع عدوّكم شيئا.
الثانية: لا يمحّص الأخبار ويَحْكم عليها بما تستحق من صحّة أو ضعف إلا أهل الحديث أو من أمسك بغربالهم، وقد رأيناكم لا تفعلون شيئا من ذلك، بل أعماركم في تتبُّعها تضيع، وتُدوَّن فتاواكم فيها ويوم القيامة تَشِيع، قال سبحانه: {ستُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ ويُسْئَلُون}، ثم أيضا قد دلَّت التجربة على أن خطأكم في نقل الواقع أكثر من إصابتكم، كما بيَّنتُه لكم في رقعة واحدة من العالم الإسلامي فقط، فكيف لو تتبَّعناكم في غيرها وأنتم لا تتورَّعون عن الخوض في أخبار العالم بأسره! وقد قيل: " من ثمارهم تَعرِفونهم "، وقد تبيَّنا خطورة مسلككم هذا حين وجدناكم وراء كل فتنة، مغرِّرين بأهلها بتسميتها جهادا، ونهايتها سحق الدعوة الإسلامية.
الشبهة الثانية: فإن قيل: إذا كان لا يفتي في الأحكام السلطانية أو ما يسمّى بالقضايا السياسية إلا عالم متبحّر، فكيف يُعرف، وهل يَعرف نفسه أنّه كذلك؟
الجواب: كما اصطفى الله تعالى من البشر رجالا فجعلهم مرجع النّاس فقال: {اللهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ}، فإنّ الرسول ـ أيضا ـ قد اصطفى لنا قدوتنا في العلم والتّقوى حين قال: » خيرُ النّاس قَرْنِي، ثم الذين يَلُونَهم، ثم الذين يَلُونهم ... « متفق عليه.
ولا يزال أهل العلم من هؤلاء يزكّون من يجئ من بعدهم، وما أظنّ أنّ ما يسمّى بـ( الإجازة ) يخفى عليكم؛ فإنّه لحفظ هذا الدين من أن يقول فيه مَن شاء ما شاء، قد درج أهل العلم على إجازة النابغين من تلامذتهم، إما إجازةً خاصةً، وإمّا عامةً، إمّا في فنٍّ، وإمّا في أكثر، وقد قال الإمام مالك ـ رحمه
الله ـ: " ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أنّي أهل لذلك "، وقال: " لا ينبغي لرجل أن يَرَى نفسَه أهلاً لشيء حتى يسأل من كان أعلم منه ".
وينبغي أن يراعى دقّة التّعبير في هذه الإجازات؛ فإنّ تزكية امرىء بالتّقوى لا تغنيه كبير شيء في التّبليغ عن دين الله تعالى، كما أنّ تزكيته بالعلم عموماً وبإجمال لا تغنيه كثيراً في فقه النوازل، وقد قال ابن سيرين: " إنّ هذا العلم دين، فانظروا عمّن تأخذون دينكم " رواه مسلم في مقدمة » الصحيح «.
قال ابن رشد في شروط من يتصدى للفتوى في النوازل:
ـ " أن يراه الناس ( أي العلماء كما سيأتي في كلام الشاطبي ) أهلاً لذلك.
ـ الثاني: أن يرى نفسه قد جمع شروط الاجتهاد.
فإذا اجتمعت فيه هذه الخصال مع العدالة والخير والدين صحَّ استفتاؤه فيما يَنزل من الأحكام ... ".
وأوضح هذا الشاطبيُّ بأبدع بيان حيث قال: " والعالِم إذا لم يَشْهَد له العلماءُ فهو في الحكم باقٍ علىالأصل مِن عدَم العلم حتى يَشْهَد فيه غيره، ويَعْلَم مِن نفسه ما شُهِد له به، وإلا فهو على يقين من عدَم العلم أو على شكّ، فاختيار الإقدام في هاتين الحالتين على الإحجام لا يكون إلا باتباع الهوى؛ إذ كان ينبغي له أن يَستفتي في نفسه غيره، ولم يَفعل! وكان من حقه أن لا يقدم إلا أن يقدِّمه غيره، ولم يَفعل! ".
قال الألباني في المصدر السابق: " هذه نصيحة الإمام الشاطبي إلى
( العالِم ) الذي بإمكانه أن يتقدّم إلى الناس بشيء من العلم، ينصحه بأن لا يتقدّم حتى يَشهد له العلماءُ، خشيةَ أن يكون مِن أهل الأهواء، فماذا كان ينصح ـ يا تُرى ـ لو رأى بعض هؤلاء المتعلِّقين بهذا العلم في زمننا هذا؟! لا شكّ أنه كان يقول له: ( ليس هذا عُشّكِ فادرجي )، فهل من معتبر؟! وإني ـ والله! ـ لأخشى على هذا البعض أن يَشملهم قوله : (( ينزع عقول ذلك الزمان، ويخلف لها هباء من الناس، يحسب أكثرهم أنهم على شيء، وليسوا على شيء!! )).

يتبع

رد مع اقتباس