عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14 Dec 2009, 07:33 PM
سفيان الجزائري سفيان الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر MSN إلى سفيان الجزائري إرسال رسالة عبر Yahoo إلى سفيان الجزائري إرسال رسالة عبر Skype إلى سفيان الجزائري
افتراضي وقفة منهجية هادئة مع كتاب منهج الألباني في مسائل التبديع والتحذير من المخالفين

وقفة منهجية هادئة مع كتاب منهج الألباني
في مسائل التبديع والتحذير من المخالفين


الحمد لله والصَّلاة السَّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
أمَّا بعد :
لقد أبرز المؤلف -وفقنا الله وإياه للحقّ - في كتابه: " منهج الألباني في مسائل التبديع والتحذير من المخالفين " ثناء وتزكية للمدعو عدنان عرعور حيث قال المؤلف - سدده الله - في كتابه: [ط – دار الإمام مالك بالجزائر ] ص- (49 -50)
" الشيخ عدنان عرعور من أقدم تلاميذ الشيخ الألباني رحمه الله، قال الألباني ردا على من يطعن فيه : « أحذركم من أن تتبرءوا منه، ففيما علمت هو معنا على الدرب منذ كان أو كنا في سوريا، وهو لا يزال معنا إن شاء الله إلى آخر رمق من حياتنا جميعا، فهو شاب متحمس وسلفي وعنده نسبة معينة من الفقه في الكتاب والسنة ولا نزكي على الله أحدا، والتبرؤ منه تبرؤ من دعوته الحق وهذا لا يجوز» سلسلة الهدى والنور (752) وله أيضا تزكية بخط الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى نص فيها على أنه من أهل السنة والجماعة، ومؤلفاته وأشرطته تدل بكل وضوح على استقامة منهجه، وقال الشيخ محمد عيد عباسي في تقديمه لكتاب عدنان منهج الاعتدال :« فما زلت منذ ثلاثين سنة أعرف أخي العزيز الشيخ عدنان أبا حازم حفظه الله سباقا إلى طلب العلم وتحصيله ، منذ التحق بركب الدعوة السلفية وشارك في الأخذ عن أستاذنا العلامة محمد ناصر الدين الألباني - شفاه الله - منذ أكثر من ثلاثين سنة، ولقد كان لأخي عدنان منزلة خاصة عند أستاذنا، فكان يلقي دروسه في بيته ويبات فيه، حتى رغب شيخنا في مصاهرته ، ثم طلب العلم على كثير من كبار العلماء وبخاصة سماحة الإمام الجليل عبد العزيز بن باز رحمه الله » (كتب التقديم في 10ربيع الآخر 1420) إ.هـ . "
قلتُ:
وقَد عَلِمَ الكَّثير مِن السَّلفيين انحرافات عَدنان عرعور وَمِن أهمِّها خِدمته لمنهج سيِّد قُطب وتأيِّده للخَوارج بطَريقة مَاكرة ، ومِن العَجائب والغَرائِب وشرُّ البليَّة مَا يُضحِك إِيرَاد بَعض النَّاس -أصَلحهم الله - أنَّ ردود على عرعور من قَبيل كلام الأقران الَّذي يُطوى ولا يُروى ، فهذه شُبهة لاَ تقوى أن تَمشى على رجليها ، فانحرافات عرعور مُوثَّقة من أشرطته وكُتبه وردَّ عليها العُلماء وطَلبة العلم السَّلفيين ومن أقوى ردود وأهمِّها على عرعور، ردود الشَّيخ السَّلفي عبد المالك رمضاني حفظه الله .
فإليكَ أخي طالب الحقِّ والهِداية بَعض انحرافات عرعور - هَداه الله- الَّتي قام بنسفِها وإِبطَالِـها الشَّيخ الفاضل عبد المالك رمضاني فجزاه الله خيراً وجَعَلَ ما قام به في ميزان حسناته.
هذا الحق ليس به خفاء **** فدعني من بنيات الطريق
عدنَانُ يُؤَاخي الخَوَارج :
منَ الأسبَاب الَّتي جعلَتْني أَزْدَاد ريبَةً في دَعوةِ الرَّجل قَبلَ أن أطَّلعَ على حقيقَة ِ دَعوتِه ، أنَّني سمعتُه مرَّةً يقولُ : الخَوارجُ إخوَانُنا ، مِن غَيرِ سبَبٍ واضحٍ ، ولا مُناسبَةٍ ظاهرَةٍ ولاَ خفيَّةٍ ، فقلتُ : إمَّا أنَّه يَفْعلُ ذَلكَ ، ردًّا على الَّذين يتبرَّؤُون من أهل البِدَع ، وإمَّا أنَّه يفعله ، ردًّا على الّذين يكفِّرونهم ، فأمَّا هذه فلا تُقبَل منه ، لأنَّ تكْفيرَ الخَوارجِ هو مَذهبٌ لبعضِ السَّلَف ، قال ابن ُ تيْمية كما في مجمُوع فتَاوَاه (27/517):" فإنَّ الأُمَّة متَّفقون على ذمِّ الخَوَارج وتضلِيلِهم ، وإنما تنازَعوا في تكْفيرِهم ، على قَوْلَين مَشهورَين في مذهَب مالك ِ وأحمَد ، وفي مذهب الشَّافعيِّ أيضاً نزاعٌ في كُفْرهم "
ثمَّ القائلُ به اليَوْم ممن طلبَة العِلم أو العُلَماء قليلٌ جدًّا، فلم يَبقَ إلاَّ السَّبَب الأوَّل، لا سيمَا وللرَّجل قَواعدُ غريبَةٌ في حمايَة أهل البِدَع ، لم أجِدْها ولاَ هُو وجدَها في كتَابِ أحَدٍ من أهلِ العِلْم طيلةَ خمسَةَ عَشرَ قَرْناً كمِثْل قَوْله: " إذا حكمت حوكمت وإذا دعوت أجرت !!" وقوله:" نصحِّحُ ولاَ نجرِّحُ " ثم َّ يا تُرَى : هل نحنُ بحاجَةٍ إلى مُؤاخاةِ الخَوراجِ في هَذا الوَقت الَّذي طفحَ فيه كَيْلُهم ، ووصلَ إلى السَّهل والجَبَل شرُّهُم ؟!
شبهةٌ خطيرة والردّ عليها في استدلال عرعور بأثر علي بن أبي طالب
رضي الله عنه:إخواننا بغوا علينا
وقَد سُئلَ الشَّيخ عدنَان عَرْعُور كما في شريط: " بَراءَة السَّلفيِّين من مَطاعنِ المَدْخليِّين"(2/2) : عن قَوْله : "الخوارج إخواننا "
فأجاب بقَوْله : إيه قُلتُها ، وأقُولها إلى يومِ القيَامَة !!
اللِّي يبغرِّرني المُشكلَة أئمَّة ! مثْل ما غرَّرَني بكُتُب الشَّيخ نَاصر ، مَا سمعُوا هذَا الأَحمَق ! قوْل عليِّ في الخَوَارج : إخوَانُنا بَغَوا علَيْنا ؟!
هذه واحدَةٌ ، اصبِرْ ! فيه واحدةٌ ثانيةٌ : المسلمُ أخُوك ؟
النقد:
لقد أوهْمَ الشَّيخ عدنانُ أن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قالَ في الخَوَارج إخوانُنَا بَغَوا علَيْنا ، واستدلَّ به علَى قَوْله هو: " الخَوارجُ إخوانُنا!! "
مع أنَّ عليًّا قاله في أصْحاب الجَمَل لاَ الخَوارج ، كما روَى ابن أبي شَيْبة
في مُصنَّفه (15/256) والبيهقي في سُننه (8/183،172) وأبو العرَب في المحن (106،105) عن أبي البختُري قالَ : سُئل عليٌّ عنِ أهْل الجَمَل ، قالَ : قيلَ: أمُشركونَ هُم ؟ قالَ : مِنَ الشِّرْك فرُّوا ، قيلَ : أمُنافقُونَ هُم ؟ قالَ: إنَّ المُنافقينَ لا َ يَذْكرُون الله إلاَّ قليلاً ، قيلَ : فمَا هُمْ : قالَ إخواننا بغوا علينا
وأمَّا ما جاءَ في حقِّ الخَوارج، فقد روَى عبدُ الرَّزاق (10/150) وابنُ أبي شَيْبة (15/332) وابنُ نصر في: " تعظيم قَدْر الصَّلاة " (591-594) والبيهقي (8/174) عن طَارق بنِ شِهَاب قالَ : " كنتُ عندَ عليٍّ ، فسُئلَ عن أهل النَّهْر ، أهُم مُشْركون ؟ قالَ : مِنَ الشِّرك فرُّوا ، قيلَ : فمُنافقُون هُمْ ؟ قال: إنَّ المُنافقِين لاَ يَذْكرونَ الله إلاَّ قليلاً، قيلَ له فمَا هُم ؟ قالَ: قَومٌ بَغَوا علَيْنا
وفي سنَد عبد الرَّزَّاق انقطاعٌ ، إلاَّ أنَّ الَّذي عندَ ابنِ أَبي شَيْبة وابنِ نَصْر صَحيح ٌ مَوْصولٌ ، وهَذا لفظُه كمَا ترَى ، ليسَ فيه كلمةُ (إخوَانُنا )
وقد أوْردَ ابنُ كثير في البدَاية والنِّهايَة (10/591) روايةً بلَفْظ (إخواننَا) في حقِّ الخَوارجِ ، لكنَّه أحسنَ صُنعاً ، حيثُ ساقَها بسنَدها من (كتابِ الخَوارجِ) للهَيْثم بن عدِي عن إسماعيلَ بنِ أبي خَالد ، والهيثم هَذا مُنكَر الحَديثِ ، كما في ترجمتِه في تاريخ بَغدَاد (14/50) ، ويدلُّ على نكارَة ما روَى أنَّ ابنَ نَصْر روَى في كتابِهِ السَّابق (593) الأثَرَ نفسَه ، لكن من طريقِ وكيعٍ عن إسماعيل بنِ أبي خالد بإسنَادِهِ ، إلاَّ أنَّه بلَفْظ :" قَوْم حارَبُونا "، وهو إسنادٌ صحيحٌ ، فدلَّ على أنَّ لفظَ :" إخوَانُنا بغَوْا علَيْنا " من منكَرات الهيثَم
ولذلك قال ابن تَيْمية رَحمه الله في:" رسالة فضْل أهْل البَيْت وحُقوقهم " (ص29) : " وقد ثبتَ عن أميرِ المُؤْمنينَ عليٍّ رضي الله عنه من وُجُوه أنَّه :
لمَّا قاتلَ أهلَ الجَمَل لم يَسْبِ لهم ذرِّيَّة ، ولم يَغْنم لهم مالاً ، ولاَ أجْهز على جَريح ، ولاَ اتَّبع مُدْبرًا ، ولاَ قتلَ أسيراً ، وأنَّه صلَّى على قتلَى الطَّائفتَين بالجَمَل وصفِّين ، وقالَ : ( إخوَانُنا بَغَوا علَيْنا ) ، وأخبرَ أنَّهم ليسُوا بكفَّارٍ ولا مُنافقينَ ، واتَّبع فيما قاله كتَابَ الله وسنَّةَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم ، فإنَّ الله سمَّاهُم إخوَة ، وجعلَهم مُؤْمنينَ في الاقتتَال والبَغْي ، كمَا ذكَرَ في قوله تعالى: ﴿ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ﴾ [ الحجرات:9]
وقالَ أيضاً في (ص31): " ولاَ يَسْتوي القتلَى الَّذينَ صلَّى علَيْهم وسمَّاهم: (إخواننَا ) ، والقتلَى الَّذينَ لم يُصلِّ علَيْهم ، بل قيلَ له : مَن الَّذينَ ضلَّ سعيُهم في الحَياة الدُّنْيا وهُم يُحسبُون أنهم يُحْسنونَ صُنعاً ؟ فقالَ : هُم أهلُ حَرُوراء .
فهَذا الفَرْق بَينَ أَهْل حَرُوراء وبَينَ غَيرهم ، الَّذي سمَّاه أَميرُ المَؤْمنينَ فيِ خلاَفَته بقَوْله وفِعْله، مُوافقاً لكتَاب اللهِ وسُنَّة نبيِّه ، وهُو الصَّواب الَّذي لاَ مَعْدِل عنه لمن هُدِيَ رُشْده وكذلكَ قالَ في " مجمُوع الفتَاوَى " (27/518) وفي منهَاج السنَّة (4/497) و (7/407 ) وهَذا مِن دقَّته رحمَه اللهُ .
وما استَصْوبَه ابنُ تيمية هُنا هو الرِّوايةُ الَّتي اعتمدَها القًرطبيُّ في تَفْسيره :
(16/323-324)
لو فرَضنا أنَّ هذا الأثرَ قالَهُ عليٌّ رضي الله عنه في حقِّ الخَوارج ، فنسألُ الشَّيخ َ عدنانَ : هل قالَه عليٌّ ليكْسر حاجزَ الوَلاَء والبرَاء ، أم أنَّه قالَه لغَرَضٍ آخَر ؟
هل قالَه ليُثْبت لهم الولاءَ والأُخوَّةَ الَّتي تتبَعُهَا المحبَّةُ والغضُّ من فضَائحِهم ، كما يَفعلُ عدنَان نكايةً في السَّلفيِّين ؟!
لقد قالَه عليٌّ رضي الله عنه ليرفَعَ عنهُم وصْفَ الكُفْر فقَطْ ، لأنَّ قوماً كانُوا يُبْغضُونهم في الله وهُو المَطْلوب فجعَلُوا يَسْألون عن إسلاَمِهِم وكُفْرهم فكانَ الجوابُ على وفْقِهِ، فأيُّ محلٍّ لمقُولةِ عَدْنان هُنا ؟!
وانظُرْ لذلكَ - إن شِئْتَ - التَّمهيد لابنِ عبد البرّ رحمه الله (23/336)
هذا جوابٌ جدلي، أي على فرْض أن عليًّا قاله في الخَوارج ، وإلاَّ فقد علمتَ أنَّه قالَهُ في أصحَاب الجَمَل ، ولذلكَ روَى ابنُ أبي شَيْبة (15/292،277)
بسنَدٍ صَحيحٍ عن محمَّد بنِ عليٍّ البَاقر" أنَّ رجلاً ذكَرَ عند عليٍّ أصحابَ الجمَل حتى ذكرَ الكُفْر، فنَهاه عليٌّ "
ويوضِّحُه ما يَأتي :
وهو أنَّ النُّصُوص قد تواترَت في الأَمر بقتَال الخوَارج والتَّشْريد بهم وفَضْحهم والتَّبرُّؤ منهُم، فما هيَ نسبَةُ الأَثَر لو صحَّ أنَّه في الخَوارج أمامَ حشدٍ منَ الأَحاديث والآثَار الَّتي يَعْسر حَصرُها ؟!
منها قولُ النَّبي صلى الله عليه وسلم : "طُوبي لمَن قتَلَهم أو قَتَلوه "
وقوله صلى الله عليه وسلم: " هم شرُّ الخَلْق والخَليقَة "
وقوله صلى الله عليه وسلم : " لئن أدرَكْتُهم لأقتُلَنَّهم قَتْلَ عادٍ "
وقوله صلى الله عليه وسلم: " مَن لقيَهُم فَلْيقتُلْهم، فإنَّ في قَتْلهم أجراً لمن قتَلَهم يومَ القيامة " رواها كلها البخاري ومسلم
" الخوارج كلاب النار " رواه الترمذي (3000) وابن ماجه (176) وغيرُهما ، وهو صَحيحٌ
والنُّصوصُ فيهم كثيرةٌ ، بل لا َيوجَدُ مثلُها ولا معشارُهَا في حقِّ غَير الخَوارج ، وقد أَخبرَني أحدُ الإخوَةِ أنَّه قالَ للشَّيْخ عدنَان عقبَ محاضَرَته : إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:( الخوارجُ كلابُ النَّار )، وأنتَ تقولُ الخَوارج إخوانُنا ؟! قالَ : فما أحارَ جواباً !!
إنَّ عَدْنان يقعِّد لنَسْف قاعدَةِ الوَلاَء والبرَاء قاعدَتَه هَذه في الأخوَّةِ ، وهَذا مِن ْ أَفْسد ما أتَى به هَدَاه الله ، لأنَّه يَرفعُ حُكْم البرَاءَة من أَهْل البدَع ، بناءً على أنهم مُسْلمون ، وهَذا من أَعْجَب ما تَسْمع ، وإلاَّ فقَدْ أمَرَ اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يتبرَّأ من كلِّ من فرَّق دينَه إلى فِرَق و أحزَابٍ ، فقالَ :﴿ إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فيِ شَيءٍ إنَّما أَمرُهُمْ إلَى الله ثُمَّ يُنَبئُهُم بمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [ الأنعام :159]
وتبرَّأ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من بَعْض المعَاصي ، كمَا تبرَّأَ مِن أهْلها ، مع أنَّها دُون بدَعِ الخَوَارج ، كمِثْل قوله صلى الله عليه وسلم :" أنَا بَريءٌ من كلِّ مُسْلِم ٍ يُقيمُ بَين أَظْهرِ المُشْركينَ " رواه الترمذي، وهو حسَنٌ
ولاَ يزالُ السَّلف يتبرَّؤون من أَهْل البدَع ، فقَدْ ظهرَتْ القدريَّةُ في عَهْد عبد الله بنِ عُمر رضي اللهُ عنهُما ، فلم يَقُل ، هَؤلاَء إخوانُنَا ! وأنتُمْ يا مَن شُغْلُكم الشَّاغل الرَّدُّ على إخوَانِكُم ! منفِّرُون ، ويَنقُصُكم الأدبُ والحكمَةُ بل روَى مسلمٌ عن يحي بن يَعْمر قال :" كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ في القَدَرِ بِالبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الجُهَنيُّ ، فَانْطَلَقتُ أنَا وَحمُيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحمَنِ الحِميَريُّ حَاجَّينِ أوْ مُعْتَمِريْنِ ، فَقُلْنَا : لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلاءِ في القَدَرِ ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ بنِ الخَطَّاب دَاخِلاً المَسْجِدِ فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي ، أَحَدُنَا عَنْ يَميِنِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَظَنَنْتُ أنَّ صَاحبِيِ سَيَكِلُ الْكَلامَ إليَّ ، فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ! إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَؤُونَ القُرآنَ ويَتَقفَّرُونَ العِلْمَ ، وَذَكَرَ منْ شَأْنِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَن لاَ قَدَرَ ، وأنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ ، قَالَ : فَإذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرهُم أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُم بُرَآءُ مِنِّي ...
بل روَى ابنُ أبي شَيْبة (7/557) أنَّ عمَرَ بنَ عبدِ العَزيز تبرَّأ من الخَوارجِ أنفُسِهم، فهَل يكُونُ قد تبرَّأَ مِن إخوَانه ؟
وإذا كان عدنانُ يحرصُ على تسميَة الخَوارِج بـ ( إخوَانِهِ) ، فإنَّ أصحابَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم كانُوا يُسمُّونهم ( أعداءَ الله ) ، ويَأمُرُون بقتَالهم ، بل منهُم مَنْ أمرَ بقتَال غُلاَمه حينَ لحِقَ بهم ، كما روَى ابنُ سَعْد (4/301) وأحمدُ (4/357،382) وابنُ أبي عَاصم في السنَّة (906) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2312) بإسناد حسنَّه الألبانيُّ في ضلاَل الجنَّة عن سَعيد بن جمهَان قالَ : كُنَّا نقاتل الخوارج ، وهم من ذلك الشَّطِّ ونَحْنُ مِنْ ذَا الشَّطِّ ، فَنَادَيْنَاهُ أبَا فَيْرُوزَ! أبَا فَيْرُوزَ! وَيْحَكَ هَذَا مَوْلاكَ عَبْدُ الله بنُ أَبِي أَوْفَى ؟! قَالَ: نعْمَ الرَّجُلُ هُوَ لَوْ هَاجَرَ، قَالَ: مَا يَقُولُ عَدُوُّ اللهِ ؟ قَالَ : قُلْنَا: يَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ لَوْ هَاجَرَ، قَالَ: فَقَالَ: أهجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَتِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟! ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: طُوبَي لمِنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ
وفي صَحيح البخَاري (4728) عن مصعَب قالَ: وكانَ سعدٌ أي ابن أبي وقَّاص رضي الله عنه يُسميِّهم الفَاسقِينَ ، هكذَا والشَّيخ عدنَانُ يؤَاخِيهم!
وقال البُخاري في صحيحه (12/282-الفتح ): وكان ابنُ عمرَ يرَاهم شِرارَ خَلْق اللهِ ، هكذا والشَّيخ عدنَانُ يؤَاخيهم !
وكانَ الصَّحابَة مَن يتعوَّذُ منهُم ، والشَّيخ عدنَان يُؤاخِيهم ، فقَدْ روَى ابنُ المنذِر في تفسِيرِه (242) بسنَدٍ حسَنٍ في قصَّةِ جماعَةٍ من الخَوارجِ بالشَّام ، وجزِّ رُؤوسهم عن أجسَادِهم ، وقد أُلقيَت بدَرَج المسجِدِ ، قالَ أبو غالبٍ :" كنتُ في المسجد جالساً ، فجاءَ أبو أُمامَةَ فدخَلَ المسجِدَ ، فصَّلى رَكْعتَين خَفيفتَين ، قالَ : ثمَّ توجَّهَ نحوَ الرُّؤُوس ، فظننتُ أنَّه سيَكونُ له فيهَا كلامٌ ، قال : فاتَّبعتُه وهو لا َ يَشْعر ، فلمَّا رآها قالَ : كلاَبُ النَّار ، كلاَبُ النَّار ، كلاَبُ النَّار ، شرُّ قَتْلَى تحتَ ظلِّ السَّماءِ ، شرُّ قَتْلَى تحتَ ظلِّ السَّماءِ ! خَيرُ قَتْلَى مَن قتَلُوه ، خَيرُ قَتْلَى مَن قتَلُوه! قالَ: وكانَ يتكلَّمُ بهَذا الكلاَمِ وهو يَبْكى، قالَ: فدنَوْتُ منه، فقالَ: أبو غالِب ؟ قلتُ : نعَمْ! قالَ : أمَا إنهم قِبَلَك كَثيرٌ ، قلتُ: أجَلْ! قالَ :عافاكَ اللهُ منهم ، أعاذَكَ الله منهم ، أعاذني اللهُ منهم .... "
إنَّ استدلاَلَ الشَّيخ عدنَان بقَوْلِ عليٍّ رضي الله عنه (إخوانُنَا بَغَوا علَيْنا) يذكِّرُك بأصحَاب الشُّذُوذ الَّذينَ يترُكُونَ المُحْكَم من النُّصُوص ويتعلَّقونَ بالمتشَابِهِ ، الَّذينَ قالَ اللهُ فيهم : ﴿ فأمَّا الَّذِينَ فيِ قُلُوبهِم زَيغٌ فَيَتَّبعُونَ مَا تشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَة ِوابْتِغَآءَ تَأْويِلِهِ ﴾ [ آل عمران:7] ، وإلاَّ فلمَاذا يُعْرِض عن تلكَ النُّصُوص المتواتِرَة والمتَظاهِرَة في ذمِّ الخَوَارج وفي التَّبرُّؤ منهُمْ إلى هَذا الأَثَر اليَتيمِ ، معَ أنَّه لم يُرِد به صاحبُه الخوارجَ كمَا سبقَ ؟!
أذكِّر القَارىءَ بشَيءٍ سبقَ أن أشرتُ إلَيْه ، وهو أنَّه لمَّا ذكَرَ له الشَّيخُ العيد شَريفي أنَّ جماعات التَّكْفير أعدَاؤُنا ، تلقَّفَها الشَّيْخُ عدنَانُ في الهَواء ولم يترُكْ له وقتًا لاستِرْجاعِ نفَسهِ ، وقالَ بقوَّةٍ : ليسُوا أعدَاءَنا !!
بل سمعتُه في محاضرَة في " التَّكفير" يذكُرُ جماعَات التَّكْفير، فكرَّرَ وَصْفَهم
بـ : ( إخوَاننا ) ما لاَ أُحصِي ، وذكرَ أنَّه يتعمَّدُ ذلكَ !!!
هَذا يوضِّحُ لكَ أنَّ القضيَّةَ ليسَتْ في أنَّ عليًّا رضي الله عنه قالَ أو لم يَقُلْ ، وإنَّما القضيَّةُ أنَّ الشَّيْخَ عدنَان مستَميتٌ في الذَّبِّ عن القَوْم .
وتأمَّلْ أيضاً كيفَ يُثْني على الخَوَارج بأحسَنِ بابٍ مِنْ أَبْواب الشَّريعَة ، ألاَ وهو الإخلاَصُ ، قالَ كما في شَريط:" مَعالم في المَنْهج " (5) :" إنَّنا جميعاً لَن نَصِل إلى درَجَة إخلاَصِ الخَوَارج وصَفَاء نيَّاتهم وحتى كثرَة عِبَادتهم ، وقد تقرَّحَت جباهُهُم وتشقَّقَت جباهُهُم !! "
هَكذا يجعلُ الخَوَارجَ أعلَى درجَةً في الإخلاَصِ مِن جميعِ الأُمَّة : بصُلحائهَا وأوليَائهَا وعُلمائهَا !!
ولم يَكتَفِ الشَّيخُ عدنانُ بتَزْكيةِ قُلوب الخَوَارج حتى زكَّى عِلْمَهم ، فقالَ في محاضَرَةٍ له في مَدينَة دَنهاج بهُولندَا في رمَضَان 1419هـ بَيْني وبَيْنكُم سِّرٌّ : ظوَاهرُ النُّصُوص معَ الخَوَارج ! مِثْل حَديث :(لاَ يَزْني الزَّاني حينَ يَزْني وهُو مُؤْمنٌ ، ولاَ يَسرقُ السَّارقُ حينَ يَسرقُ وهُو مُؤمنٌ ) ، وغَير ذلكَ مِن مِثْل هَذه الأَحَاديثِ!!
ويزيدُ هَذا الضَّلالَ قوَّةً، فيقولُ كما في شريط:" التَّكْفيرُ بينَ التَّأْصيل والتَّجْهيلِ " ولاَ أُخفيكُمْ سرًّا أنَّ ظَوَاهرَ الأدلَّة معَهُم، وهيَ قويَّةٌ !!!
وقالَ أيضاً كما في شَريط:" الوِحْدة الإسلاَميَّة ": " الخوارِجُ إنَما أخَذُوا الأدلَّةَ من الكتَابِ والسنَّة، وهُم أَنقَى في هذه القَضيَّةِ مِن كَثيرٍ مِنَ المسلمِينَ الَّذينَ لا َ يَدْرونَ نُصُوص الكتَاب والسنَّة !!! "
قلت: وهذا دليلٌ على أنَّ الرَّجلَ متأثِّرٌ بمَذْهبهم، لأنَّ شبُهاتهم عَلقَت بقَلْبه حتى سمَّاها (أدلَّةً ) ، ووَصَفها بـ ( القوَّة).
ويزيدُ الشَّيخُ عدنانُ في ضَلالِهِ قائلاً في محاضرَةِ: " الوِحدة الإسلاَميَّة وَجه(أ) " عندَ قَوْل الله تَعَالى: ﴿ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ، فَإِنَّ لَهُ ، نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدينَ فيهَآ أَبَدًا ﴾[الجن:23] ، قالَ : الآيَةُ واضحَةٌ في ظاهِرِهَا أنَّ مَن فعَلَ مَعصيَةً ، مَن عصَى الله َ عزوجل أو عصَى رَسولَه صلى الله عليه وسلم كانَ منَ الخَالدينَ في النَّار ، فمَا حجَّتُكُم يا إخوَة علَى الخَوَارج؟
هَذه حجَّةُ الخَوَارج ، فمَا حُجَّتُكم ؟!
أو تَظنُّونَ أنَّ الخَوَارجَ درَسوا في فرنسَا ، وأخذُوا شهادةً بالفَلْسفة وعِلْم الإجتمَاع، وجاؤُوا للدِّينِ ؟!
الخَوارجُ إنما أَخَذوا الأدلَّة من الكتَاب والسنَّة ! وهُمْ أَنقَى في هَذه القضيَّةِ من كَثيرٍ منَ المسلمِينَ والَّذينَ لاَ يَدْرون نصوصَ الكِتابِ والسنَّة !!
قلتُ: إنَّا لله وإنَّا إلَيْه رَاجِعُون ! ، فلتقَرَّ عينُ الخَوَارج بهذَا المحَامي المحتَسِب !
قولُه :" الخَوارجُ لَيْسوا هُم الَّذينَ يخرُجُون على الحُكَّام ، ويُكفِّرُون بالكَبيرة ! " ، هَذا قالَه في تخفِيفِ اللَّوْم عنهُمْ، أو في التَّخْفيف مِن جَريمَة الخُرُوج والتَّكْفيرِ، وكلُّ هَذا أَعْرفُه عنه، ولولاَ ضِيقُ المقامِ لنقَلْتُ عنه أشيَاء حقُّها أن تُفْرَد بكتابٍ خاصٍّ لطُولها وكَثرتها.
وقوله : " ظوَاهرُ النُّصُوص معَ الخَوَارج ! " هَذا قاله في تَزْكيةِ عِلْمهم .
وقولُه: " هُمْ أصْفى سَريرةً مِن كَثيرٍ مِنْ أَهْل السنَّة !! ، هَذا قالَه في تَزْكيَة بَوَاطنهم ، وغَيرُه كَثيرٌ ...
فيا تُرى ما السِّرُّ في اجتهَادِ الشَّيخ عَدْنان لتَبْيض التَّاريخِ الأَسْودِ للخَوَارجِ ؟ وارْبِطْ هَذا بما سبقَ أن بيَّنتُ لكَ مِنْ رَأْي عَدْنان في الخُرُوج وتَشْجيعه على قرَاءةِ الكُتُب الَّتي تُؤيِّدُ التَّفْجيرَات والاغتيَالاَت ، كمِثْل قَوْله عنِ سيِّد قُطب :" كتَبَ في هَذا العَصْر في قضَايَا المنهَاج ، ومُعظَم ما كتبَه كانَ مُصيبا ً فيه رَحمَه اللهُ ! وأَحْلَى كتابٍ له في المنهَاجِ كتابُه ( لماذَا أَعْدَموني ؟) !!
تجدُ كلاَمَه هَذا بصَوْته في شَريط: " ردَّ الدُّكتُور عَبْد الله الفَارسي على عدنَان عرعور "
معَ أنَّ هَذا الكِتابَ الَّذي أَشادَ به الشَّيخُ عدنانُ قد بيَّن فيه مُؤلِّفُه طريقتَه في إرشَادِ (الإخوَان المُسْلمِينَ ) إلى اغتيَالِ الشَّخصيَّات وهَدْم المنشَآتِ ، انظُرْ منه ص (50) إلى مَا بَعْدَها
عدنَان عرعُور لا ينصَح بوَضْع السِّلاَح
زار الشَّيخ عدنان عرعور الجزائر والأحزاب السياسية في نشوتها ، لا سيما ما كان منها ذا توجه إسلامي ، فكان له بعض الكلام الجيِّد في الموضوع ، الأمرُ الَّذي جعلني وبعض طلبة العلم نسَرُّ بذلك، لكن سرعان ما تكدَّر سرورنا ببعض التَّصرفات ، منها أنَّه لفتَ انتباهي عدَمُ رضَى الشيخ عدنان عرعور عنَّا في رُدُودنَا على جَبْهة الإنقَاذ يومها ، فكنَّا إذَا فتَحنا مَوْضوع انتقادهم نرَى علَى وَجْهه علاَمات الاستياء ، ولكنَّه لم يكن يُصرِّح لنَا بذَلكَ ، وإنَما يُعرِّض بنَا ، فاتَّهَمْنا أنفُسنا ، وحملنا الأمر علَى حسْن الظَّنِّ به .
والأمر الثاني : هو أنَّنا شرَحْنا له قصَّة حملِ السِّلاح في الجزائر مِن قِبَل المُسمَّى مُصْطفَى بُويعلي وجماعته ، فكان يحكِي لنَا أنَّه وَقَعَ في سوريا مِثْلُ ذلك ،وأنَّه استفْتاه في تلك البلاد بعض مَن يُسَمِّيهم ( مجاهدين !) في أنَّه هَمَّ بوَضْع السِّلاح، فأخبره بعدم الجواز ذلكَ ، لأنَّ من فِقْه الشَّيخ عَدنان أنَّه لاَ يحلُّ لمَن حَمَل السِّلاح ولو مخطئا ! أن يتراجع ، فقد قال في محاضرة " أهميَّة معرفة المنهاج وخطورة الخروج عنه " :" إذَا تمكَّن النَّاسُ من الجهاد في بلدٍ ما فلا يحلُّ لهم أن يتركوه أبداً، ولو أخطأُوا في البَدْء به !! "
قال هذا في الجزائر في الوقت الذي كانت تضطرب ربوعها بالفتن، وهو يعلم أن جماعات فيها قد حملتِ السِّلاح باسم الجهاد !
الثَّالث: في الوقت الَّذي كان يشرح لنا - ظاهرًا -أن جهاد أولئك السوريِّين خطأٌ ، فقد كان يحكي لنا من بطُولاَتهم قصصًا عجيبةً في مدْحٍ واغتباط !
الرابع: أنه كان يتكلم بلسانٍ سلفيِّ في مساجد السَّلفيِّين فإذا خلا بغيرها لوَى لسَانَه
وهذا كلُّه تجاوزْناه يَومَها ، إلى أن مرَّت السَّنوات ، فإذا بي أُفاجَأُ بشريطٍ له بعنوان " معالم في المنهج " رقم (3) فسمعتُ الشَّيخ عدْنان عرعور يقُولُ : حزب من الأحزاب : الجبهة الإسلامية في الجزائر ، فيه عاقلٌ يقف في وجْهها ؟! لكن فيه ناس يَنصحونها ، هذا الطريق ، انتبهوا ، احذروا ، لكن هل يوجد مُسلمٌ يجئ يقف في وجهها ؟! فإذا كانت على الخطأ في هذا السَّبيلِ، ونحن ما نراه، لكن هل يجوز أن يأتي مسلم فيَقف أمام حزب إسلاميِّ، ويكون هو مشعلةً بيْنه وبينَ هَذا الِحزْب ؟! فكُلُّ على شاكلته يَعْمل ، فهذه الجَبْهة ترى الوصول الآن السَّريع بدل ما يَستَلم الشُّيوعيُّون أو العلمانيُّون أو الجزأريُّون أو غير ذلك ...!! "
قلت : ( الجزأريَّون ) هُم أحد حَناحىْ الجبْهة الإسلاميَّة للإنقاذ ، فكيف جمعَهَا الشَّيخ عَدْنان عرعور معَ الشُّيُوعيِّينَ والعلمانيِّين الَّذين يَنبَغى أن يُحارَبوا وفي الوَقْت نَفْسه يَستَغْربُ صَنيعَ مَن يُواجِهُ الجَبْهة ؟!
وعندَ سمَاعي لهَذا الهَذيَان أيقَنتُ أنَّ الرَّجُل لا يستحقُّ منَّا هَذا النَّفس كلَّه في تحسين الظَّنَّ به، والتَّغافل عَن زلاته.
ثمَّ تمرُّ السَّنواتُ أيضاً ويخبرُنا بعضُ إخواننا الَّذين كانوا يُناظِرُونَ بَعْض الجَماعات المسلَّحة في الجزائر ، أنّ منهم من كانت تحدِّثه نفسهُ بالتَّوبة والإقلاع عن إراقة الدِّمَاء ، ولكن أصحابه يثبطونه عن ذلك بفتوى من الشَّيخ عدْنان عَرْْعور!!

ثمَّ استمعتُ إلى حوارٍ بينه وبين أحد إخواننا ، ألا وهو الشَّيخ العيد بن سَعْد شَريفي ، والشريط معروف عند أهل الجزائر متداوَلٌ باسم " مكاملة هاتفيَّة بين عدْنان والعِيد "
سأله هذا الأخير بصراحةٍ محرجةً : هل افتيت الجماعة المسلَّحة بالجزائر بالبَقَاء على ما هيَ عليْه ؟فتَلَعْثم ...ثمَّ جحَدَ حين تكلَّم ..!
ثمَّ ألزمه السَّائلُ بكلامه المحفوظ عند الجماعة المسلَّحة ، فإذا بالشَّيخ عدْنان يتذكَّر أمرًا مُهمًّا عندهُ : فيَقولُ ، هَذه المكالمةُ الآنَ مُسجَّلةٌ؟
فقيلَ لَه: نعم !
فجعلَ يَلوذُ بالفِرَار مِنَ المَوْضوع بإحيَاءِ مَوْضوعاتٍ أُخرَى كموضوع التَّحزُّب والدَّعوة، بل حتى موْضوع تعدُّد الزَّوجَات !
وجعل يمنُّ على الدّعوة الإسلاميَّة بأنَّه كانَ في الجزائر ينْهى عن التَّحزُّب والفتَن (1) ، مع أنَّ كلاَمَه الَّذي نقلتُهُ عنه قَريبًا يُناقضُه، لأنَّه لم يَعتبِرْ في العُقلاء مَن يردُّ على جَبْهة الإنقَاذ ، ذلكَ الحزب السِّيَاسيّ المعرُوف ، فكيفَ يكونُ الشَّيخُ عدنَان من العُقَلاء وقد كانَ يردُّ على جَبْهةِ الإنقَادِ فيما زعَمَ ؟!
فهو بين إحدى اثنين:
إمَّا أنَّ له مذهباً قديماً، كان يَرى فيه الرَّدَّ على جبهَةِ الإنقَاذ، وذلكَ يومَ أن اختُلسَ عقْلُه، ومَن كانَ كذلكَ فقَد رُفعَ عنه القَلَم حتى يُفِيقَ!
- ثم انتحلَ مذهَبا جَديداً، ألا وهو مذَهبُ ( العُقَلاء!)، فمنَعَه ( عقلَهُ! ) من الرَّدِّ علَيْهم، لكن يُشْكلُ علَيْه أنَّه في هَذا الوَقْت يتمدَّحُ بكوْنه كانَ يردُّ علَيْهم، فبأيِّ ( العَدْنانَيْن ) نعتَدُّ ؟!!
- وإمَّا أنَّه كاذبٌ فيمَا ادَّعَى، لأنَّكَ تجِدُه في مَرَاكزِ السَّلفيِّين يّردُّ على الحِزْبيِّين، كمَا تجِدُه في مَراكزِ الحِزْبيِّين يردُّ على السَّلفيِّين ، وستَرَاه إن شاء الله، وحقيقَةُ أَمْره أنَّه يؤيِّدُ المنَاهجَ الثَّوْريَّة ، لكن على تقيَّة !!
إلاَّ أنَّ هَذا ( الذَّكاءَ ! ) لم يُفلته مِنَ القَبضة، لأنَّ الذَّنبَ لاَ يُنسى والدَّيَّان لاَ يمُوت، ففي الوَقتْ الَّذي كَانَ يُطاَلِبُهُ فيهِ السَّائِلُ بِأَن يَنْصَحَ لهَذهِ الجَمَاعَاتِ بِوَضْعِ السِّلاَحِ وَالدُّخُولِ في السِّلْمِ ، كانَ عدنَانُ يرفُضُ أن يُقدِّمَ لهم النُّصْح في ذلك، يَعْني : مَادُمْتَ تَزْعُمُ أنَّكَ لَم تَتَكَلَّم بِمَا نُسِبَ إِليكَ، فَيَسَعُكَ الآن أن تَنْصَحَ لَهُم بِخِلافِ مَا نُسِبَ إِليكَ !
بل كَرَّرَ السَّائِلُ عَلَيْه خَبَرَ أنَّ الحُكُومَةَ قَدْ أَمَّنَت المُقاتِلينَ إنْ هُمْ سَلَّمُوا أنفُسَهُم، وبَيَّنَ لَهُ صِدْقَ ذَلِكَ في الوَاقِع، فَاسْتَمَاتَ الشَّيخُ عَدْناَنُ في إِبَائِهِ ، عَلَى الرَّغم مِن مَعْرفَته بِالسَّائِلِ وَثقَتِهِ بِهِ !!
وَأصَرَّ عَلَى التَّعْميَة، إِلى أَن سَلَّ الُله لسَانَه مِن جَوْفه ، فقالَ : " أنَا قُلتُ لهُم: لاَ تَبْدؤوهُم بقتَالٍ !!! "
وقد ظنَّ أنَّه بهَذا الجَوَابِ لم يَقُلْ شيئًا ، فإذَا بها الفَضيحة الَّتي كانَ الشَّيخُ عدنَان يُريدُ كتمَانها ، ولكنَّ الله أرادَ لَها الظُّهُورَ عن طَريِقهِ هو نَفْسِهِ .
وقد قلتُ : هيَ فضِيحةٌ ، لأَنَها تتضمَّنُ ثلاَثَةَ أمُورٍ :
الأوَّل: البقاءُ في جبَالِ الإرهَابِ: إرهَابِ المسلمِينَ !
الثَّاني: المحافَظَةُ علَى السِّلاَح !
الثَّالثُ: الإذنُ بالقِتَال، إن هُمْ قُوتِلوا !!
إذًا ، فما نُسب إلى الشَّيخ عَدْنان صِدْقٌ لاَ كَذِب .
وكيفَ يجوزُ له أن يَسوِّغ لهم مُقابَلةَ القتَال بقِتَال، وأَصلُ حمْلِهم للسِّلاَح حرَامٌ ؟!
وهل يُداوَى خطأُ حملِ السِّلاَح بأَفْظَع منه، ألاَ وهُو استِعْمالُ السِّلاَح واستحلاَلُ الأروَاحِ المعصُومَة؟!
وقد سبَقَ أن نقَلْتُ أنَّ القَوْل بقتَالِ السُّلْطان دِفاعاً عن النَّفْس هو مَذْهبُ بعضِ الخَوَارج، واللهُ المستَعَان.
يُضافُ إلى هَذا أنَّه سُئلَ في الجَزَائر بعدَ محاضرَة " قَوَاعد مَعرِفة الحقِّ " عن المُظَاهَرات والمسِيرَات ، بعدَ أن ظهَرَ من هَذه المُظاهَرَات والمسيرَات شرٌّ كبيرٌ من دِماءٍ وتخريبٍ وفُرْقةٍ فقَالَ :" في الأصلِ أنَّ هَذه المُظاَهرَات والمسِيرَات ليسَت مِن دينِ الله في شيءٍ ...."
ثمَّ نسخَ هَذا مُباشرَةً بقَوْله:" لكن لاَحِظْ المسألةَ، أوَّلاً: أنَّ هَذا إذَا كانَ عالماً فاضلاً راشداً، ثمَّ نظَرَ معَ الشُّورَى، فنَظَرَ في ( المصلَحة والمفسَدَة!!) ، ثمَّ اتّخذَ أمرَه بهذَا ، بالأَمْر ، فإن رأيتَ جوازَ ذلكَ فاخُرُجْ!! وإن رأيتَ عدَمَ جوَاز هَذا فلاَ تخرُجْ، لأنَّه ليسَ بملزمٍ !! لكن المسيرَة إذَا صحَّتْ – وأنا لاَ أَدْرى – إذَا صحَّتْ، أنَّ المسيرَةَ إذَا صحَّتْ (2) ، فكانَتْ مسيرَةً دعَويَّةً لاَ مسيرَةً سياسيَّة!!!
فانظُرْ إلى هَذا الجَوَاب، هَلْ تخرُجُ منه بنتِيجَةٍ ؟!
وهَلْ هَذا الجَوَاب يُخفِّفُ من شرِّ المسيرَات أو يَزيدُها؟!
وهَلْ هَذا الجَوَاب يحسِمُ مادَّةَ الحزبيَّة أو يَزيدُها ؟!
والشَّيْخ عَدْنان يَعْلَم أنَّ الحزبيَّةَ الإسلاَميَّةَ اليَوْم تتحرَّقُ على هَذه الوَسائلِ المستَوْرَدة من الكُفَّار ولاَ تُفرِّطُ فيهَا !!
لم يهمَّنا كثيراً قَوْلُه: " لاَ أَدْرى "، لأنَّه لاَ عَيْب على مَن لاَ يَدْري مَا طالباً للعِلْم، لكن العَيْب الأَكبرُ أن يُفتيَ في دينِ اللهِ مَن لاَ يَدْري ، وشرُّ مِن ذلكَ أن يُفتيَ بفَتوَى ذات لِسانَين كما ترَى !
وإن كانَ يَرى أنَّه بهَذا الجَواب المعلَّقِ بجِبَال المَكْر والخَديعَة قَد نالَ به حَظْوةً عندَ حزب (جَبْهة الإنقَاذ ) ومَن يُسايرُها مِن أصحَاب الثَّورَات ، وأنَّه في المُقابِل قَد أَبْقَى على الشَّعْرة الَّتي بَيْنه وبينَ السَّلفيِّين ، فلْيَعلمْ أنَّ اللهَ يَغارُ علَى دِيِنه مِن أن يتلاعَب به المُتشبِّهُون بأهلِ الفَتْوَى ، فُيوشِك أن يجعلَ حامِدَهم لهم ذامًّا ، فاتَّقِ اللهَ يا عدنَان ! ولْيَكُن جوابُكَ تديُّناً ، لا تزيُّناً ، قالَ اللهُ عزوجل ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَه لَكُمْ لِيُرضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرضُوهُ إِن كَانُوا مُؤمِنِين ﴾ [ التوبة:62]
ومِن ذلكَ أنَّه سُئلَ في الجزائر عن جمَاعَات التَّكفير، فأَجاب ببُرُودةٍ، وسمَّاهُم إخوَاناً له، وأمَرَهم فقَطْ بأن يَكونُوا حكمَاء، كما في آخِرِ شَريط " تفسير سُورَة محمَّد رقم (1) " !
ومن ذلكَ إيجابُه على مُسْلمي الجَزَائرِ التَّعاوُن معَ الحِزْبيِّين ، وهَذا لاَ يحتَاجُ إلى أن أُحيلَ فيه على شَريطٍ ، لأنَّه في أكثرِ المحاضَرَات الَّتي أَلْقاهَا في تلكَ البِلاَد .
ومن ذلكَ أيضاً قَوْلُه : " وأنَّ كلَّ مَن يَظْلم المسلمِينَ ، وكلَّ من يُعادي دينَ الإسلاَمِ ، وكلَّ مَن لا يُقيمُ حُكْمَ الله عزوجل وجَبَ عَلَيْه أن يَتنحَّى بأيِّ وَسيلَةٍ هُو يَتنحَّى بها ، وإلاَّ نُحِّيَ إن وُجد الرِّجال !!
ثمةَ سُؤالٌ: إذَا قامَ مُسْلمونَ بانقلاَبٍ، في بَلَدٍ ما، وأنتَ تَقولُ: هَذا لاّ يجوزُ، فما عَلَيْهم ؟ أقولُ : وقَد وقَعَ الأمرُ وتمَّ ، فوجَبَ علَيْنا دعمُهم ونصرَتهم ، فهُمْ إخوَانُنَا وأحبابُنَا ، فإذَا أخطَؤُوا في الطَّريق وقَد وَصَلوا ، فالحَمدُ لله الَّذي نَجَوْا ، فيَجبُ أن نتسَارَع ونتعاوَنَ سريعاً لخَلْق هَذا المجتَمَع المُؤْمن المُسْلم الَّذي لاَ يَصْلحُ بَيْنه وبَينَ حُكُومتِهِ اختلاَفٌ ! من شَريط " براءةُ السَّلفيِّين مِن مَطاَعن المَدْخليِّين (1/1)
لقد جَعلَ الشَّيخُ عدنان مُسْتحقِّي الخُروج من الحكَّامِ ثلاَثةَ أصنَافٍ :
الأوَّل: الظَّالمُون
الثاَّني: المُعادُون لِدينِ الإسلاَم
الثَّالث: الَّذينَ لا يُقيمُونَ حُكْم الله.
وأنت ترى أخي القارئ ! أنَّ في هذا الإطلاق خطورةٍ ظاهرَةً، لأنَّ مجرَّد ظُلْم وليِّ الأَمْر لاَ يُخوِّلُ لأحَدٍ الخُرُوجَ علَيْه، فقد روَى البخَاري (7054) ومسلم (1849) عن ابنَ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا عَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَن رَأَى منْ أَميرِه شَيْئًا يَكْرَهُهُ، فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَماعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إلاَّ مَاتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً "
وأنَا أَعلمُ أنَّ الشَّيْخَ عدنَان يَستْعملُ هَذا الأُسلُوبَ غَير الدَّقيق ليَضْمن لنفسِه ِ المخَارجَ عندَ المضَايقِ ، فيَقُول هَذا ليحْمدَه الحركيُّونَ على أنَّه دعاَ بإطلاَق ٍ للخُرُوج ، وتكلَّمَ عن الحُكْم بغَيرِ ما أنزَلَ الله على طَريقَتِهم ، فلاَ يَنفضُّوا عنه ، وإذَا عَارضَه السَّلفيُّون بالاعترَاضِ السَّابق سارعَ للقَوْل: إنَّهم مترصِّدون ، ولا يَفْهمونَ كلاَمي، فإنَّني أقصدُ من الحكَّامِ مَن اجتمَعَ فيه تلكَ الأَوصَافُ كلُّها : ظلمٌ ، ومُعادَاةٌ للإسلاَم، وحُكْمٌ بغَير ما أنزلَ الله !
وهَذه الطَّريقةُ في التَّلبيسِ يَعرفُها كلَّ مَن يَعْرف الشَّيخَ عدنَان، ولي علَيْه مِن أمثَالها ما يُقاربُ كتاباً كاملاً ، بل لقد كتبتُ فيه هو نَفْسه هَداه اللُه كتابةً، فماَ شعَرْتُ إلاَّ وهو مجلَّدٌ ضَخْمٌ ، وقد نظَرْتُ في فصُوله ، فوَجَدتُ بينَ يديَّ فصليْن هما أطوَل فُصُول الكتَاب ، ألاَ وهما : فَصْل تلبيسَات عدنَان ، وفَصْل كذِبَات عدنَان ، وذلكَ مِن كَثْرة ما عندَ الرَّجلِ من هَذا النَّوْع ، ثمَّ لَّما رأيتُ طُولَ الكتَاب ، أعرَضْتُ عن ذلكَ كلِّه ، واعتصَرْتُ منه هَذا المُختصَر الَّذي بينَ يدَيْكَ .
ومِن ذلكَ أيضاً قَوْلُه في شَريط " معَالم في المنْهَج " (3) :" إذا جماعَةٌ مِن الجَمَاعات رفضَتْ الإنضِمَامَ للدَّوْلة الإسلاَميَّة فمَا علَى المُسْلمينَ إلاَّ أَن يُذَبحُوهم ، حتى ولَوْ يَتَّموا بأطفَالهم ، هُمْ وأطْفَالهم بيحَرِّقُوهم ويُبيدُوهم !! "
قلتُ : كيفَ تكُونُ فَرْحةُ خَوَارج هَذا الزَّمَان وهم يَسْمعونَ هَذا الكلاَم ؟! هَذه هي حجَّةُ الغُلاةِ مِنَ الخَوَارجِ عندَنا بالضَّبْط، وهيَ حجَّةُ ابن الأَزْرَق قديماً !
ثمَّ بيَّن أنَّه يَنبَغي تَعْطيل الجِهَاد مِن أجلْ هَذا، فقال:" وهَذا مِنْ أوْجب الواجبَاتِ على الدَّوْلة الإسلاميَّةِ قَبلَ مُقَارعَة الأعدَاءِ، ولا يجُوزُ للدَّوْلة
الإسلاَميَّة أن تَفْتحَ الحُصُون ، وهُناكَ حزبٌ رافضٌ البَيْعة ، اقتدَاءً بقَوْله ( عَلَيْكم بسُنَّتي وسُنَّة الخُلَفاء الرَّاشِدِين مِن بَعْدي !! )
(1): كيفَ ذلكَ وقَدْ سمعتُه في مُحاضرة " صفات الطَّائفة المنصُورَة " ألقَاها في الجزَائر يَقولُ: " نتجمَّعُ على السِّياسة !!! " وقيلَ له: هَل تُعتبَرُ الأحزابُ السِّياسيَّة المَوْجودة حاليًّا من الفِرق الَّتي ذكَرَها النَّبي في حديثه الَّذي يّذكُر الفِرق؟ فقالَ: " أَقول هذه أوَّلُ زِيارَةٍ للجزائر، فأُحبُّ أن آتيَ زيارةٍ ثانيةً !! "
قلتُ : فأينَ شّجاعة عَدْنان ، وأينَ الرَّدُّ على الحزبيِّين
(2) : يُريدُ القصَّة الَّتي جاءَ السُّؤالُ عنها في المحاضَرَة ، ألاَ وهيَ خُرُوج الصَّحابَة في شِعَاب مكَّة ، وهيَ ضَعيفَةٌ، فإنَّ فيها إسحَاق بن أبي فَرْوة ، وهو لاَ يُحتجُّ به ، كمَا بيَّنَه العلاَّمةُ ابنُ بَازٍ – رحمه الله – في ردِّه على الشَّيخ عَبد الرَّحمن الخَالق لَّما استدلَّ بهَذه القصَّة ، راجعْ الفَتْوى في " مجمُوع فتَاوَى ومقَالاَت متنوِّعة " للشَّيْخ رحمَه الله (7/245-246)، وهي بتاريخ : ( 14/4/1415هـ )
عدنان يبرِّر التَّكْفير والتَّفْجير
بدأَت فتنةُ الشَّيْخ عدنَان لمَّا أخذَ يَجوبُ أمريكاَ وأُوربا وغَيْرها بإثَارَة ردُودٍ على العلاَّمَة المحدِّث ربيع بن هَادي المَدْخَلي، وفرَّغَ مِن عُمرِه وعُمرِ الدَّعْوة سنتَين صَريحتَيْن خالصَتَين لمثَالب الشَّيْخ ، لاَ سيَّما في شَريط " جَلْسة في الأَندَلُس " الَّذي أَتى فيها بشَريطٍ للشَّيْخ ، كانَ الشَّيخُ ربيع يَذكُر فيهِ كلاَمَ زَيْنب الغَزَالي في مَدح سيِّد قُطْب ، وردَّ عليْه فيه ، فقَالَ عدنان : لمَاذا ينقِمُ عليَّ مَدْحي سيِّداً وقَد فعلَ أكثَرَ منه ؟! فقَطعَ عدنَانُ كلامَ الشَّيْخ، فخرَجَ النَّاسُ ناقمينَ على الشَّيخِ رَبيعٍ ، وورَّطَ الشَّيخَ محمَّداً المَغَراوي في غَمزِ الشَّيخ، معَ أنَّ صَاحبَه الحقيقيَّ هُو تلكَ المرأَة !
وزعَمَ الشَّيْخُ عَدنانُ بفرَنسا سنَة (1420هـ ) في شَريط " بَراءَة السَّلفيِّينَ في الرَّدِّ على المَدخَليِّين (2/2) " أنَّ هذا كانَ في مسجِدِ الرِّضا بمنطقَة الخَرْج ، معَ أنَّه لاَ وُجودَ لهذَا المسجِدِ بتلكَ المنطقَةِ ، وإنَّما هُو في جُدَّة !
كمَا زعَمَ فيه أنَّ الشَّيْخ ربيعاً قالَ الكلاَمَ في سيِّد قُطْب ، منذُ سنَتين ونصف تَقريباً ، أى بعدَ أن عرفَ سيِّداً وحذَّرَ منه عادَ ليُثْنيَ علَيْه، معَ أنَّ تَاريخَ الشَّريط الَّذي هو " جَلْسة في مسجِدِ الرِّضَا " كانَ قبلَ ذلكَ بِتسْع سنواتٍ !!! والحَقيقةُ أنَّني استَبنتُ وِجْهةَ هَذا الرَّجل بعدَ مُبَالغةٍ في تحسينِ الظَّنِّ به عندَ استِماعي لهَذا الشَّريط ، وبانَ لي أنَّه آيةٌ في التَّلبيسِ !!
وممَّا قاله في رِحْلته إلى أوربا ، كما في شَريط " بَراءة السَّلفيِّين من مَطاعنِ المَدْخليِّين (4/4) " : أسبابُ التَّطرُّف ( بَعضُ الشُّيُوخ !!) وبَعضُ قُوَى الأَمْن في العَالم الإسلاَميِّ بخاصَّةٍ ، فإنَّ كَثيراً من الشُّيوخِ لم يحسِنُوا التَّربيَةَ ، وإنَّ كثيراً مِن قُوَى الأَمْن لم يحسِنُوا المُعالجَة ، نحنُ لاَ نرَى التَّكْفيرَ ، ولاَ نرَى التَّطرُّف ، لَكن ماذَا ترَوْن مِن شابٍّ سُجنَ في سُجُون عبدِ النَّاصر ، وقيِّدَت يدَيْه ( هَكذا) ، شابٌّ عُمرُه عشْرين ، ثلاَثين (هكَذا) ، مَا عندَه مِنَ العَلْم إلاَّ قليلاً ( هكَذا)، سُجنَ ورُبِّط ، ورُبِّطَت يدَاه ، وكُبِّل، ثمَّ أُطْلِق علَيْه كلبٌ جائعٌ يَنهشُ مِن بدَنِه ، باِللهِ علَيْكم : مَاذا يقولُ هذَا الشَّابُّ ؟
ثمَّ أجابَ : " يكفِّر! ويُكفِّر! ويُكفّر! ويُفجِّر! ويُفجِّر! ويُفجِّر ! "
هذه ما كانَتْ مُعالجَة ، هَذه مُعالجَةٌ يَهوديَّةٌ !
شابٌّ أخطَأَ، حتى ولو دخَلَ في تنظيمٍ سرِّى، كانَ يَنبَغي على قُوَى الأَمْن أن تُعالجَ هذِهِ القضيَّةَ، لاَ أن تنتَقمَ مِنْ هؤلاَء الشَّبابِ، فضلاً عن الظُّلْم الصَّريح ِالواضحِ في رَدِّ الشَّريعَة، في الكُفْر بالشَّريعة، في كَذا وكَذا وكَذا....
عن الصَّدِّ عن سَبيلِ الله !!!
شابٌّ دخَلَ السِّجنَ عُمرُه عشرُونَ سَنَة، مَاذا ترَاه يَفعلُ ؟!
فهَذا هو مِنْ أسبَابِ التَّطرُّف، هَذان السَّبَبان.
قلتُ : كأنَّ هَؤلاَء هم أوَّل مَن يُؤذَى ، حتى يُجابُوا بهَذا الجَوَاب العَاطفِي!
إنَّ هَذا التَّحليلَ لاَ يَزيدُ صاحبَ الفِتن إلاَّ رُسُوخاً في الفِتَن، وطُمأنِينَةً إلى الحلُولِ الدَّمَويَّة، مَا دامَ يُسنِدُ قضيَّتَه إلى هَذا المَحامي.
لقَد شكَى الصَّحابَةُ إلى رَسول الله ما كانُوا يَلْقَون من قُرَيشٍ ، فما كانَ جوابُه ؟
روَى البُخَاري (6943) عَن خَبَّابِ بنِ الأَرَتِّ قَالَ : " شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَة ً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَة ، قُلْنَا لَهُ : أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ؟ أَلاَ تَدْعُو الله لَنَا ؟ قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بالمِنشَارِ ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَتيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلكَ عَنْ دِينِهِ ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاط الحَديدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ منْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلكَ عَنْ دِينِهِ ، واللهِ ! لَيُتمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ منْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا َيَخافُ إلاَّ الله أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ "
فانظُرْ كم بينَ العلاَجَيْن : علاَج عدنَان ، وعلاَج سيِّد ولَدِ عَدْنَان !


التعديل الأخير تم بواسطة سفيان الجزائري ; 06 Apr 2011 الساعة 10:12 PM
رد مع اقتباس