عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 12 May 2008, 07:10 AM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

ومن الأمر والنهي الضمنيين: الأمر والنهي عن الوسائل (يعني القاعدة السابقة "مالايتم الواجب إلاّ به") في حالة عدم التنصيص عليهما ؛ فهما ضمنيان وليسا من مقصد الشارع.

وعلى كل حال ، فإن هذا الأمر والنهي إن قيل بهما فليسا من قصد الشارع ؛ وإن كان فهو بالقصد الثاني ؛ لأنه يشترط في المقاصد التصريح كما عرفنا.
5- أن الامتثال للأمر أو النهي ، ينبغي فيه مراعاة ما ينجر من فعل هذه الأوامر والنواهي من مصالح ومفاسد ؛ فإذا كان الفعل يؤدي إلى مفسدة راجحة تُلحق ضرراً عظيما، فإن في هذا الفعل نظر ؛ كقطع الأيدي في الحروب والمجاعات... لأن عدم الوقوع ليس متجها بالنقض إلى الانصياع (الامتثال)، بل لتحقيق مقصد آخر قريب.(1)

المطلب الثاني: اعتبار علل الأمر والنهي.
هذا هو الطريق الثاني من الطرق التي نص عليها الإمام الشاطبي -رحمه الله- للتوصل إلى كشف مقاصد الشارع من تشريع الأحكام ؛ فقد علمنا أن الأمر والنهي يمثل بمجرده قصد الشارع بامتثال المكلف للطلب ؛ وهذا الوجه في الغالب يكون القصد الأصلي إذا لم يكن النص –أي الأمر والنهي- معلّلاً؛ فإذا كان الأمر والنهي معللين فإنه يمكن معرفة مقصد الشارع من خلال ربط الأمر والنهي بالعلّة؛ وهذه العلّة اشترط الشاطبي فيها أن تكون معلومة ويكون ذلك بمسالك العلة المعروفة في علم أصول الفقه؛ وفيما يلي شيء من البسط في كلامه:
1- أن تعليل الأحكام الشرعية بمصالح العباد هو القول الحق وقول السلف وأكثر العلماء؛ وهو الذي انتصر له الإمام الشاطبي –رحمه الله-؛ فقد تعرض لمسألة تعليل الشريعة وأحكامها؛ ونصّ فيها على أن وضع الشرائع إنّما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معاً؛ وأن هذا القول هو قول المعتزلة (2) واختيار أكثر الفقهاء المتأخرين، خلافا للرازي والأشاعرة والظاهرية، الذين زعموا أنّ أحكام الله ليست معللة بعلة البتّة، كما أن أفعاله كذلك (3).
2- كون الأوامر والنواهي المعللة تمثل مسلكا من مسالك الكشف عن المقاصد يكون من خلال البحث عن المناسبة التي ربط فيها الشارع فيها بين الحكم وعلته؛ فمثلا قوله –تعالى-: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: ٣٨] ؛ فمن خلال تعليل حكم القطع بالسرقة يمكن أن نستخلص مقصد الشارع من ذلك، وهو الحفاظ على المال؛ قال الساطبي:"كالنكاح لمصلحة التناسل، والبيع لمصلحة الانتفاع بالمعقود عليه، والحدود لمصلحة الازدجار"؛ فمن خلال تمثيل الشاطبي نجد أنه قد علّل بالحكمة؛ فكأنه يقصد بالعلة ههنا الحكمة؛ والتعليل بالحكمة

----------------------------

(1) مسالك الكشف عن مقاصد الشريعة بين الشاطبي وابن عاشور(ص39)
(2) فرقة ضالة ، أتباع واصل بن عطاء، سمّوا بذلك لأنه اعتزل مجلس الحسن البصري. أصولهم خمسة: التوحيد والعدل والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين...انظر: مقالات الإسلاميين (1/235)، الموسوعة الميسرة (1/69)
(3) الموافقات (2/6)د، وانظر: تعليل الأحكام لشلبي(97)، مقاصد الشريعة لليوبي(80).


رد مع اقتباس