عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12 May 2008, 06:44 AM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي طرق إثبات المقاصد الشرعية عند الإمام الشاطبي -رحمه الله-

المقدمة

إنَّ الْحَمْدَ للهِ ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ؛ مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ؛ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له ؛ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ-
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: ١٠٢]
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: ١]
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: ٧٠ – ٧١]

أما بعد :
فإن أصدق الكلام كلام الله – تعالى - ؛ و خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه و سلم- ؛ و شر الأمور محدثاتها ؛ و كل محدَثة بدعة , و كل بدعة ضلالة , و كل ضلالة في النار.

أَمَّا بَعْدُ:
فلما كان كمال إرادة العبد بحسب كمال مراده ، وكان شرف العلم تابعا لشرف معلومه ، كانت نهاية سعادة العبد -التي لا سعادة له بدونها، ولا حياة له إلا بها- أن تكون إرادته متعلقة بالذي لا يبلى ولا يفوت ؛ وعزمات همته مرتبطة بالحي الذي لا يموت ؛ ولاسبيل إلى هذا الطلب الأسمى والحظ الأوفى إلا بالعلم الموروث عن نبيه ورسوله وحبيبه وخليله –صلى الله عليه و سلم- الذي بعثه بذلك داعيا، وجعله على هذا الطريق هاديا ؛ فحق على ما كان في سعادة نفسه ساعيا، وكان قلبه حيّا، وعن الله واعيا ، أن يكون هذا الأصل مدار أقواله وأفعاله (1): فإن كمال الإنسان إنما يتم بأمرين: همّة تُرقيه وعلم يُبصره ويهديه . وإن علم مقاصد الشريعة الإسلامية من أعظم العلوم ومن أجل الفنون التي يتوصل بها إلى معرفة الحكم والغايات التي جعلها الله –جلّ وعلا- من وراء تشريع الأحكام، وأنّها معللة بمصالح الأنام ؛ وحيث كان لا سبيل إلى استثمارها دون النظر في مسالكها، ولا مطمع في اقتناصها من غير التفات إلى مداركها ، كان من اللازم البحث في أغوارها، والكشف عن أسرارها ؛ و من طليعة العلماء الذين اهتموا بالمقاصد عامة، وبطرق كشفها خاصة ، العلاّمة أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي المتوفى سنة تسعين وسبعمائة بعد الهجرة النبوية المباركة ؛ فقد عقد خاتمة في آخر كتاب "المقاصد" من مؤلّفِه العظيم "الموافقات" ، ونص فيها على أربعة طرق يُعرف بها مقصد الشارع في تشريعه الأحكام ؛ ولقد عملنا في هذا البحث المتواضع على محاولة توضيح ما ذكره الإمام ، وتذييله بشيء من التفصيل والبيان ؛ وكان سبب اختيارنا لهذا الموضوع يتمثل في أهميته و رغبتنا في تزويد بضاعتنا بشيء من هذا الباب العظيم ؛ و كذا لقلة من كتب فيه .
وتكمن أهميته في أنه السبيل الأوحد الذي يُمكِّننا من إدراك مقاصد الأحكام ؛ فهو للمقاصد كمسالك العلة بالنسبة للعلّة والقياس.
وكانت منهجية بحثنا أننا نورد هذه الطرق ، ونذكر ما ذكره الإمام فيها إجمالا ، وبعد ذلك نفصل ما ذكره مع تحقيق المسائل الواردة -إن وُجدت- ، وتتميم كلامه -إن وُجد- ممّن تقدمه أو جاء بعده ؛ إلى جانب ذكر آراء الباحثين المعاصرين المختلفة حول هذه المسالك.
وسنحاول بإذن الباري –جلّ وعلا- في هذه الوريقات أن نبسط الكلام في هذه المسالك الأربعة التي ذكرها الشاطبي –رحمه الله- نصا وتصريحا ؛ و في مسالكَ أخرى ذكرها إشارة وتلميحا.
وقبل ذلك عقدنا فصلا تمهيديا في بيان المقاصد عند الشاطبي ، وبيان طرق كشفها عند غيره ممّن تقدمه، وقد كانت خطة البحث كالتالي:

المقدمة:
الفصل الأول: فصل تمهيدي
المبحث الأول: المقاصد الشرعية عند الإمام الشاطبي.
• المطلب الأول: تعريف مقاصد الشريعة.
• المطلب الثاني: ترجمة الإمام الشاطبي.
• المطلب الثالث: مقاصد الشريعة عند الإمام الشاطبي.
المبحث الثاني: طرق الكشف عن المقاصد قبل الشاطبي.
• المطلب الأول: معنى طرق الكشف عن المقاصد.
• المطلب الثاني: طرق الكشف عن المقاصد قبل الشاطبي.
الفصل الثاني: طرق الكشف عن المقاصد عند الإمام الشاطبي.
المبحث الأول: الطرق التي نص عليها الشاطبي
• المطلب الأول: مجرد الأمر والنهي الإبتدائي التصريحي.
• المطلب الثاني: اعتبار علل الأمر والنهي.
• المطلب الثالث: المقاصد الأصلية والمقاصد التابعة.
• المطلب الرابع: سكوت الشارع عن شرعية العمل.
المبحث الثاني: الطرق التي أشار إليها الشاطبي.
• المطلب الأول: الاستقراء.
• المطلب الثاني: مقتضيات اللسان العربي.
• المطلب الثالث: السياق والمقام.
• المطلب الرابع: آثار الصحابة.
الخاتمة
الفهارس.
وقد اعتمدنا في بحثنا على مصادر ومراجع تتعلق بمقاصد الشريعة وطرق كشفها ؛ وأخرى في علوم أخرى استدعاها البحث ؛ وكان من أهم المصادر المعتمدة:
- " كتاب الموافقات " للإمام الشاطبي، بتحقيق محمد دراز ؛ وقد رمزنا لها بالحرف "د" ؛ وبتحقيق الشيخ مشهور حسن آل سلمان، وقد رمزنا لها بالحرف "م".
- " كتاب الاعتصام " للمؤلف نفسه ؛ بتحقيق الشيخ سليم الهلالي.
- ومن أهم المراجع المعتمدة: "كتاب نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي" للدكتور أحمد الريسوني ؛ وكتاب " طرق الكشف عن مقاصد الشارع " للدكتور نعمان جغيم.
كما ترجمنا لأشهر الأعلام الواردُ ذكرُهم في البحث، وكذا الفِرق ؛ و عزونا الآيات إلى مواضعها في القرآن الكريم ؛ و خرجنا الأحاديث ؛ وعزونا –كذلك- النصوص الواردة لقائليها ، إمّا إلى المصادر أو إلى المراجع –حال التعذر-.
وفي الأخير وضعنا فهارس للآيات والأحاديث والأعلام والمصادر والمراجع والمواضيع.
و كذلك ، كان منهجنا في العرض على النحو التالي:
- عزونا الآيات إلى موقعها في المصحف مباشرة بعد ذكرها ، على هذا الشكل ﴿الآية﴾ [اسم السورة:رقم الآية] ؛ و اعتمدنا على الخط العثماني لكتابة الآيات.
- خرجنا الأحاديث في الحواشي على الشكل التالي : اسم الكتاب (رقم الصفحة) أو (الجزء / الصفحة) ؛ وكانت كتابة الأحاديث على النحو التالي : (( الحديث )).
- نسبنا كلام الأئمة و العلماء إلى المصدر أو المرجع الذي أخذناه منه ، على الشكل التالي : " كلام العالم " ، و العزو في الحاشية : اسم الكتاب (ص) أو (الجزء / الصفحة).
- عند عدم قدرتنا للرجوع إلى المصدر أحلنا إليه عن طريق المرجع بهذا الشكل : المصدر [عن طريق المرجع].

هذا ، وإننا نعترف بتقصيرنا و قلة خبرتنا و بضاعتنا ؛ فما كان فيه من صواب ، فمن الله العليّ الوهاب ؛ وما كان فيه من خطأ، فمنّا ومن الشيطان ؛ و اللّهَ نسأل حسن الثواب، والإخلاص في العلم والعمل ؛ وصلى الله على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

-----------------
(1) مفتاح دار السعادة (1/90).

رد مع اقتباس