![]() |
الجمع بين الصلاتين عند الحاجة
الجمع بين الصلاتين عند الحاجة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد :جاء في كتاب "نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد " لعبد اللطيف بن محمد بن أبي ربيع ـ جزاه الله خيراً ـ ( 1 / 302 ـ 305 ) ما يلي : ( باب / رفع الحرج عن الأمة بالجمع الحقيقي لا الصوري عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : ( جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، فقيل له ، فقال : " صنعت هذا لكي لا تُحْرَجَ أمتي " . يعني الجمع بين الصلاتين ) . حسن . " الصحيحة " برقم ( 2837 ) . * فائدة : واعلم أن الشوكاني ـ رحمه الله ـ ذهب إلى أن المقصود بالحديث إنما هو الجمع الصوري ، وأطال البحث في ذلك جداً ، وتكلف في تأويل الحديث وصرف معناه عن الجمع الحقيقي الثابت صراحة في أحاديث الجمع في السفر . واحتج لذلك بأمور يطول الكلام عليها جداً ، والذي أريد أن ألفت النظر إليه إنما هو أنه لم يتنبه إلى أن قوله : " كي لا يُحرج أمته " نص في الجمع الحقيقي ، لأن رفع الحرج إنما يعني في الاصطلاح الشرعي رفع الإثم والحرام ( راجع النهاية ) كما في أحاديث أخرى ، الأصل فيها المؤاخذة لولا الحرج ، كمثل ترك صلاة الجمعة والجماعة من أجل المطر والبرد ، كما في حديث ابن عباس لما أمر المؤذن يوم الجمعة أن يقول : " الصلاة في الرحال " ، فأنكر ذلك بعضهم فقال : " كأنكم أنكرتم هذا ، إن هذا فعله من هو خير مني ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، إنها عزمة ، إني كرهت أن أُحرجكم " . رواه البخاري ( 616 و 668 و 901 ) ، وابن أبي شيبة ( 2 / 153 ) نحوه ، ثم روى ( 2 / 234 ) الموقوف منه . وحديث نعيم بن النحام قال : ( نودي بالصبح في يوم بارد وهو مرط امرأته ، فقال : ليت المنادي نادى : ( ومن قعد فلا حرج ) ، فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أذانه : ( ومن قعد فلا حرج ) . رواه عبد الرزاق في " المنصف " ( 1 / 501 / 1926 ) ، وأحمد ( 4 / 320 ) ، والبيهقي ( 1 / 398 و 323 ) وأحد إسناديه صحيح ، وصحح الحافظ ( 2 / 98 ـ 99 ) إسناد عبد الرزاق ! وقد مضى تخريجه وما يستفاد منه في هذا المجلد برقم ( 2605 ) . ومن المعلوم وجوب الحضور لصلاة الجمعة والجماعة ، فإذا ثبت في الشرع أنه لا حرج على من لم يحضر في المطر . كان ذلك حكماً جديداً لولاه بقي الحكم السابق على ما كان عليه من العموم والشمول . فكذلك نقول : لما كان من المعلوم أيضاً وجوب أداء كل صلاة في وقتها المحدد شرعاً بفعله صلى الله عليه وسلم ، وإمامة جبريل عليه السلام إياه ، وقوله : " الوقت بين هذين " ، ثم ثبت أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين ، لرفع الحرج عن أمته صلى الله عليه وسلم ، كان ذلك دليلاً واضحاً على أن جمعه صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت ، كان جمعاً حقيقياً ، فحمله على الجمع الصوري والحالة هذه تعطيل للحديث كما هو ظاهر للمنصف المتأمل ، إذ إنه لا حرج في الجمع الصوري أصلاً . ولذلك فلم يبالغ الإمام النووي ـ رحمه الله ـ حين قال في حمل الحديث على الجمع الصوري : ( إنه باطل ، لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل ) . وإن مما يؤكد ذلك أمران : الأول : إن في حديث ابن عباس أن الجمع كان في غير خوف ولا مطر . ففيه إشارة قوية إلى أن جمعه صلى الله عليه وسلم في المطر كان معروفاً لدى الحاضرين . فهل كان الجمع في المطر صورياً أيضاً ؟ ! اللهم لا . يخبرنا بذلك نافع ـ مولى ابن عمر ـ قال : ( كانت أمراؤنا إذا كانت ليلة مطيرة أبطؤا بالمغرب ، وعجلوا بالعشاء قبل أن يغيب الشفق ، فكان ابن عمر يصلي معهم لا يرى بذلك بأساً . قال عبيد الله ( هو الراوي عن نافع ) : ورأيت القاسم وسالماً يصليان معهم في مثل تلك الليلة ) . أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ( 2 / 234 ) بسند صحيح غاية . قلت : فقوله : ( قبل أن يغيب الشفق ) صريح في أن جمعهم كان جمعاً حقيقياً ، لأن مغيب الشفق آخر وقت المغرب كما في حديث ابن عمرو عند مسلم ( 2 / 104 ـ 105 ) وغيره ، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 425 ) . والأمر الآخر : أن التعليل المتقدم برفع الحرج قد ثبت أيضاً في الجمع في السفر من حديث معاذ : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء . قال أبو الطفيل : فقلت : ما حمله على ذلك ؟ قال : فقال : أراد أن لا يحرج أمته ) . أخرجه مسلم ، وابن خزيمة ( 2 / 81 / 966 ) ، وغيرهما ، وهو مخرج في " الإرواء " ( 3 / 31 ) . وفي رواية لأبي داود وغيره : أن الجمع كان تقديماً تارة ، وتأخيراً تارة ، وهو مخرج في المصدر المذكور برقم ( 578 ) . وثبت نحوه من حديث أنس وغيره ، وهو مخرج هناك برقم ( 579 ) . قلت : وإذا عرفت ما تقدم تأكدت ـ إن شاء الله ـ أن الصحيح في الجمع المعلل برفع الحرج إنما هو الجمع الحقيقي ، لأن الجمع الصوري في اصله لا حرج فيه مطلقاً لا في السفر ولا في الحضر ، ولذلك كان من أدلة الجمهور على الحنفية الذين لا يجيزون الجمع الحقيقي في السفر أيضاً أنه ثبت فيه جمع التقديم أيضاً ، وهو يبطل تأويلهم الجمع بالجمع الصوري ، كما ثبت في بعض الأحاديث المشار إليها آنفاً جمع التأخير بلفظ صريح يبطل أيضاً تأويلهم ، كحديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا عجل عليه السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر ، فيجمع بينهما ، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق " متفق عليه . وبهذه المناسبة أقول : يبدو لي من تعليل الجمع في حديث ابن عباس برفع الحرج ـ أنه إنما يجوز الجمع حيث كان الحرج ، وإلا فلا ، وهذا يختلف باختلاف الأفراد وظروفهم ، ولعل القائلين بجوازه مطلقاً من السلف أشاروا إلى ما ذكرته حين اشترطوا أن يتخذ ذلك عادة كما تفعل الشيعة . ولا أتصور ذلك إلا لمن كان حريصاً على أداء الصلوات في أوقاتها الخمسة ، وفي المساجد مع الجماعة . والله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم ) اهـ . ـــــــــــ وإليك أيضاً فتوى للإمام محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله حول هذا الموضوع : حيث جاء في كتاب " فتاوى أركان الإسلام " للإمام ابن عثيمين رحمه الله والتي جمعها فهد السليمان ( ص 384 ـ 386 ) ما يلي : ( لا يحل تساهل الناس في الجمع ، لأن الله تعالى قال : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا ) ( النساء : 103 ) وقال تعالى : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق اليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهوداً ) ( الإسراء : 78 ) . فإذا كانت الصلاة مفروضة موقوته ، فإن الواجب أداء الفرض في وقته المحدد له ، المجمل في قوله تعالى : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) إلى آخرها وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مفصلاً فقال : " ووقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر ، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ، ووقت المغرب ما لم يغب الشفق ، ووقت العشاء إلى نصف الليل " . وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حدد الأوقات تحديداً مفصلاً فإن إيقاع الصلاة في غير وقتها من تعدي حدود الله ( ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) ( البقرة : 229 ) فمن صلى الصلاة قبل وقتها عالماً عامداً فهو آثم وعليه الإعادة ، وإن لم يكن عالماً عامداً فليس بآثم لكن عليه الإعادة ، وهذا حاصل بجمع التقديم بلا سبب شرعي فإن الصلاة المقدمة لا تصح وعليه إعادتها . ومن أخر الصلاة عن وقتها عالماً عامداً بلا عذر فهو آثم ولا تقبل صلاته على القول الراجح ، وهذا حاصل بجمع التأخير بلا سبب شرعي ، فإن الصلاة المؤخرة لا تقبل على القول الراجح . فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى ولا يتساهل في هذا الأمر العظيم الخطير . وأما ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر " فلا دليل فيه على التساهل في هذا الأمر ، لأن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ سئل : " ماذا أراد إلى ذلك ؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أراد أن لا يحرج أمته " ، وهذا دليل على أن السبب المبيح للجمع هو الحرج في أداء كل صلاة في وقتها ، فإذا لحق المسلم حرج في أداء كل صلاة في وقتها جاز له الجمع أو سن له ذلك ، وإن لم يكن عليه حرج وجب عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها . وبناء على ذلك فإن مجرد البرد لا يبيح الجمع إلا أن يكون مصحوباً بهواء يتأذى به الناس عند خروجهم إلى المساجد ، أو مصحوباً بنزول ثلج يتأذى به الناس . فنصيحتي لإخواني المسلمين ولا سيما الأئمة أن يتقوا الله في ذلك ، وأن يستعينوا الله تعالى في أداء هذه الفريضة على الوجه الذي يرضاه ) اهـ . منقول http://www.ahl-atar.com/showthread.php?p=2149#post2149 http://fatwa1.com/salafyat/viewtopic...6a3eb15ef21d5f |
الساعة الآن 06:07 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013