منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   أثـر الـمـؤازرة فـي إظـهـار الـحـق (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=981)

أبو البراء إلياس الباتني 15 Dec 2007 11:39 AM

أثـر الـمـؤازرة فـي إظـهـار الـحـق
 
و هنا أمر مهم جدا ينبغي أن يفطن له شبابنا و المهتمون بالدعوة الإسلامية؛ إذ ثبت بالتجربة أن الحق لا يظهر و لا ينتشر بين الناس ليثبت في الأرض فيتبعه الناس، إلا برجلين اثنين:
- أحدهما: داعية شجاع يصدع بالحق و يجهر به.
- و ثانيهما: مؤازر قوي، شجاع صادق في مؤازرته يتبنّى الدفاع عن الحق، بل الدعوة إليه، مهما كلفه ذلك، و لا تأخذه في ذلك لومة لائم، بل يصبر و يحتسب.
فلو أمعنا النظر في تجديد الأئمة الثلاثة المشاهير: الإمام أحمد بن حنبل، و الإمام ابن تيمية، و الإمام محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله، تجد أنه لم يقـيَّـض لتجديد الإمام أحمد بن حنبل، و لا لتجديد الإمام أحمد بن تيمية أيضا، لم يقـيَّـض لهما مؤازر كالذي قُيّض لدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، و هو أمر غير خاف.

فأما الإمام أحمد؛ فقد كان خصمه هو الخليفة المأمون نفسه، كما أسلفنا، فلما هلك المأمون، تبنى الدعوة إلى القول بخلق القرآن، و نفي الصفات، و تعذيب الإمام لرفضه عقيدة الاعتزال، و ثبوته على عقيدة السلف، تبنى ذلك الخليفة الثامن "المعتصم بالله"، و هو الذي تولى تعذيب الإمام أحمد، ثم الخليفة التاسع "الواثق بالله"، و لم ترفع المحنة إلا في عصر "المتوكل على الله" الخليفة العاشر من خلفاء بني العباس، كما تقدم تفصيل ذلك.
فالإمام أحمد فريد وقته، يدعو وحده، و يدافع وحده، و يعذَّب وحده، في سبيل الدعوة السلفية و الثبات عليها، فضلا من أنة يكون له عليها مؤازر، رحمه الله و رضي عنه.

و أما الإمام ابن تيمية، فإنه وإن كان له قبول عظيم في أوساط عوام المسلمين؛ لما عرف عنه من نصحه، و تعليم الناس العلم، و له هيبة و تقدير لدى السلاطين؛ لما عرف عنه من بذل النصح و التحريض على الجهاد في سبيل الله في "أيام التتار"، و لكن علماء السوء ضاقوا منه صدرا، و اتفقوا على عداوته، و مقاومة دعوته السلفية؛ مما جعله وحيد وقته، مثل إمامه، دون وجود مؤازر لدعوته.
لذلك لم يستفد من دعوتهما و تجديدهما و إنتاجهما في وقتهما على الوجه المطلوب، حتى هجرت مؤلفاتهما، بل هاجرت بعضها إلى خارج بلاد المسلمين، و لم تظهر لتطبع و تنشر بين الناس إلا في عهد التجديد الثالث المبارك، تجديد الإمام محمد بن عبد الوهاب، الذي توافر له الأمران المذكوران: داعية يصدع بالحق و يجهر به – وهو الإمام المجدد نفسه –، و مؤازر شجاع قوي صادق – و هو محمد بن سعود.
هذه سنة الله في المصلحين دائما و أبدا: {سنة الله في الذين خلوا من قبل و لن تجد لسنة الله تبديلا} (الأحزاب 62).

و يشهد لهذه الحقيقة التي أشرنا إليها أن الرسول – صلى الله عليه و سلم – كان في بداية دعوته يعرض نفسه على القبائل، فيطلب من يحميه حتى يؤدي رسالة ربه (1)، و قد قيض الله لنبيه – صلى الله عليه و سلم – من يحميه، و يحمي دعوته و يؤازره، حتى من بعض من لم يؤمن برسالته؛ مثل عمه أبي طالب، و قد كان أبو طالب ينافح و يدافع عنه – صلى الله عليه و سلم –، و هو لم يؤمن بدينه،و لكن بحكم المحبة الذاتية القرابية، فيقول أبو طالب في ذلك:
و لقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذر مسبَّة لوجدتني سمحا بذاك مبينا (2)
و بالمناسبة هذا يؤكد لنا أن الإيمان أمر زائد على المعرفة، و هو المذهب الحق، و لم يقل بأن الإيمان هو المعرفة فقط إلا جهم بن صفوان، و هو مذهب باطل، و هو بحث معروف في موضعه.

- - - - - - - - - - - - -
(1): أنظر "دلائل النبوة" للبيهقي (2/422)، و "فتح الباري (7/220)، و "الدر المنثور" (7/380)، و "السلسلة الصحيحة" (4/591 رقم 1947).
(2): أنظر "تاريخ الإسلام للذهبي"، قسم السيرة (ص 150)، و انظر تخريج الأبيات هناك، تعليق رقم 4.


/-/-/-/-/-/-/-/-/-/
المصدر: "حقيقة الشورى في الإسلام" / للشيخ محمد أمان الجامي – رحمه الله.

أبو تميم يوسف الخميسي 15 Dec 2007 11:47 AM

بارك الله فيك


الساعة الآن 01:29 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013