الخَليلَان والهِدَايَتَان
<بسملة1> الخَلِيلَان والهِدَايَتَان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له. وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله، اللَّهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين. أمَّا بعدُ: فالخليلان هما إبراهيم عليه السَّلام الَّذي قال الله في حقِّه: «واتَّخَذَ اللهُ إبراهيمَ خَلِيلًا»، ومحمَّد صلى الله عليه وسلم الَّذي قال: «إنَّ الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إبراهيمَ خَلِيلًا». وأمَّا الهدايتان فهما القرآن الَّذي قال الله فيه: «هدًى للنَّاس»، والكعبة الَّتي قال الله فيها: «هُدًى للعالمين». فهما هدايتان: علميَّة لهداية القلوب، وعمليَّة لإخلاص التَّوجُّه. فالعلميَّة هي القرآن، وهي أشرف الهدايتين وأعلاهما، ولذلك أنزله الله على أفضل الخَلِيلَيْنِ، وهو محمَّد صلى الله عليه وسلم. والعمليَّة هي الكعبة، والَّذي بناها هو إبراهيم عليه السَّلام. ومحمَّد صلى الله عليه وسلم وإن كان اختصَّ بالهداية العلميَّة فإنَّ له نصيبًا في الهداية العمليَّة فإنَّه هو رَغِبَ في التَّوجُّه إليها في صلاته: «قد نرى تقلُّب وجهك في السَّماء فلَنُوَلِّينَّكَ قبلةً تَرضَاهَا»، وهو الَّذي طهَّرها من الأصنام. وإبراهيم عليه السَّلام وإن كان اختصَّ بالهداية العمليَّة إلَّا أنَّ له نصيبًا في الهداية العلميَّة، فإنَّه هو الَّذي دعا بها وبحاملها أثناء بنائه الكعبة: «وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيتِ وإسماعيلُ ربَّنا تقبَّل منَّا إنَّك أنت السَّميع العليم، ربَّنا واجْعَلْنَا مُسْلَمَيْنِ لَكَ ومِن ذُرِّيَّتِنَا أمَّةً مسلمةً لَكَ وَأَرِنَا مناسِكَنَا وتُبْ عَلينَا إِنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ، ربَّنَا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا منهم يَتْلُو عَلَيهِمِ آياتك»، ولذلك قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أنا دعوة أبي إبراهيم» [«الصَّحيحة» (1545)]. ومِنْ قيامِ إبراهيم عليه السَّلام بالهداية العلميَّة محاجَّتُه لقومِهِ في عبادة الأصنام، وفي عبادة النُّجوم والكواكب، ومحاجَّته للَّذي حاجَّه في ربِّه،ولذلك وصفه الله عزَّوجل هو وبَنِيهِ بالهِدَايتين العلميَّة والعمليَّة، قال تعالى: «واذْكُرْ عِبَادَنَا إبرَاهِيمَ وإسْحَاقَ ويعقُوبَ أولِي الأيدِي والأبْصَارِ» قال السَّلف من المفسرين: «الأيدي» القوَّة على الدِّين، و«الأبصار» البصيرة بالحقِّ، فالأيدي من الهداية العمليَّة، والأبصار من الهداية العلميَّة. ولمَّا كانت الكعبة في مكَّة، كانت أخصَّ بإبراهيم الَّذي حرَّمها ودعا لها وأسْكَنَ فِيها ذريَّته، فلهذا كانت مكَّة هي مستقرَّ الهداية العمليَّة، حيث تجتمع أنواع العبادة الَّتي لا توجد في مكانٍ غيرها من الصَّلاة والطَّواف والاعتكاف والتَّكبير والإهلال بالتَّوحيد ونحر الذَّبائح والوقوف بالمشاعر وغير ذلك. ولمَّا كانت المدينة هي مهاجر النَّبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم كانت هي مستقرَّ الهداية العلميَّة، ولهذا قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّ الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحيَّةُ إلى جحرها» [متَّفق عليه]، ورُوِيَ عنه في الحديث ـ وفيه ضعفٌ ـ: «يوشِكُ أن يضرب النَّاس أكبادَ الإبلِ يطلبون العلمَ فلا يجدونَ أحدًا أعلم من عالم المدينة» [«سنن التِّرمذي» (2680)]، ففيها من العلم وآثار النُّبوَّة ما ليس في غيرها من البلادِ إلى يوم النَّاس هذا، وإلى أن تقوم السَّاعة. ولا يزال النَّاس يقولون: من كان يريد العبادة فمكَّة، ومن كان يريد العلم فالمدينة. وكمالُ الدِّين وتمامُه في اجتماعهما، ولذلك نزل قولُ الله جلَّ وعلا: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي» على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو بمكَّة واقفٌ بعرفة يوم النَّحر، فَتَمَّ نزول الهداية العلميَّة وهي القرآن، فهذه الآية من آخر ما نزل منه، وتمَّ تطهير الكعبة من الأوثان، فكمل الدِّين تشريعًا وعلمًا، وتمَّت النِّعمة تعبُّدًا وعملًا، ورضي الله لنا الإسلام دينًا قائمًا على هِدَايَتَيْ العلم والعمل. ومن اجتماع الهِدَايَتَين أنْ شرع لنا أن يقوم الإنسان في صلاته متوجِّها إلى الكعبة فيتلو في كلِّ ركعةٍ يصلِّيها سورة الفاتحة الَّتي يقول فيها: «اهدنا الصِّراط المستقيم صراط الَّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضَّالين»، فَيَسْأَلُ الله الهداية إلى الصِّراط المستقيم الجامع بين هداية العلم وهداية العمل، وهو قائمٌ بإحداهما، متوجِّهٌ إلى الأخرى. فاللَّهم اهدنا صراطك المستقيم، وصلِّ وسلِّم وبارك على محمَّد كما صلَّيت وباركت على إبراهيم. |
بارك الله فيك شيخنا على هذه الفوائد والدرر أسأل الله أن يهدينا صراطها المستقيم ودينه القويم إنه سميع مجيب.
|
أعـــــزك الله أخانا أبو البراء وحفظك الباري جـــــلا وعــــلا
جــــــزاك الله خيرا مقال جميـــــــــل مــــــــــوفق |
مقالة بديعة، ومعان شريفة رفيعة، قد عفا عن مثلها الزمان، وضنت بها أقلام الإخوان، وهي لعمري آخذة بحظ مما كان يغوص فيه الامام أبو زيد السهيلي من المباحث المبتكرة، و المعاني التي لم يسبق إليها، وقد جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:" إلا فهما يؤتيه الله في كتابه"، فجزاك الله خيرا على ما أجدت و أفدت من معاني القرآن في شهر القرآن٠
|
فوائد جليلة، ودرر نفيسة.
رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح. جزاك الله خيرا شيخنا خالد وبارك فيك. |
جزاك الله خيرا شيخنا خالد على هذه التحفة القيمة النافعة - نفع الله بعلمك القاصي والداني -
|
فاللَّهم اهدنا صراطك المستقيم، وصلِّ وسلِّم وبارك على محمَّد كما صلَّيت وباركت على إبراهيم.
جزاك الله خيرا اخونا الشيخ خالد و بارك الله فيك و في جهودك وزادك الله علما وحرصا وفهما وتعليما . |
بارك الله فيك شيخنا الكريم على هذا المقال النافع الماتع سلمت يمينك ورزقنا الله وإياك العفو والعافية في الدنيا والآخرة
|
جزاك الله خيرا شيخ خالد
|
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذه الفوائد ،وجعلها في ميزان حسناتك.
|
جزى الله خيرا أخي الشيخ خالد على هذه الدرّة الجليلة
ما شاء الله تبارك الله رائعة |
ماتعة
جزاك الله خيرا يا شيخ |
بارك الله فيكم إخواني الكرام، وجزاكم خيرا على دعائكم.
أسأل الله أن يتقبل منا أجمعين. |
اللهم آمين هي حقّا فائدة عزيزة رائعة، قال ربّنا عزّ وجلّ ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ ﴾، وقال صلّى الله عليه وسلّم: ( عرض عليَّ الأنبياء فإذا موسى - عليه السلام - ضربٌ من الرجال كأنّه من رجال شَنُوءة، ورأيت عيسى ابن مريم - عليه السلام - فإذا أقربُ مَن رأيت به شبهًا عروةُ بن مسعود، ورأيت إبراهيم - عليه السلام - فإذا أقربُ مَن رأيت به شبهًا صاحبكم - يعني نفسه ) ... فالتحمت الهدايتان، وتشابه الخليلان صلّى الله عليهما وسلّم جزاك الله خيراً وبارك فيك ونفع بك شيخنا الحبيب |
انتقاء متميز كتميز صاحب المقال..
جزاك الله خيراً أخي أبا البراء على هذا التنبيه إلى نعمة الله على أمة الإسلام.. |
الساعة الآن 07:35 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013