منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   تأملات دعوية في قوله تعالى '' و ثيابك فطهر'' / خاص بمنتديات التصفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=4888)

فريد عزوق 27 Jun 2010 10:24 PM

تأملات دعوية في قوله تعالى '' و ثيابك فطهر'' / خاص بمنتديات التصفية
 
بسم الله الرحمن الرحيم





تأمـلات دعـوية
في قوله تعالى
'' و ثيـابك فطهـر''



في الآية فائدتان دعويتان:
الأولى :مستفادة من سياق الآية
و الثانية: مرتبطة بشأن المتطهّرين .
وأما عن معنى طهارة الثّياب في الآية فالمقصود منه؛ طهارة الثّياب الحسّي والمعنوي[1]: فقد قال ابن سيرين رحمه الله عند قوله تعالى:{ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } أي: اغسلها بالماء.وقال ابن زيد: كان المشركون لا يتطهرون، فأمره الله أن يتطهّر، وأن يطهّر ثيابه.وهذا القول اختاره ابن جرير[2]،وقد دلّ عليه قوله تعالى : {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف : 31] و أما طهارة الثياب المعنوي[3] : فهو زكاة النفس لقوله تعالى: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف : 26] .
وأما الفائدة الأولى المتعلقة بسياق الآية

ففيها بيان أنّ من وسائل الدّعوةالقدوة المتمثلة في نقاء المظهر و زكاة المخبر ؛لأن الفطرة تتناغم مع الجمال والخلقالحسن ،وتنفر من النّشاز وتستهجن القبيح ،كما تستقبح المعيب ،وتبتعد عن كل ما يخالفالتناسق الظاهري والباطني. وفيها إشارة إلى أن الذي ينذر النّاس لابد أنيكون محققا للتّوحيد الخالص متنزها عن الشّرك متطهّرا من دنس المعاصي وسيّءالأخلاق ،وإلا كانت نذارته غير مؤثرة . لذا وصف الله تعالى أنبياءه وأتباعهمبأنهم أناس متطهرون ويدعون إلى الطّهارة بنوعيها وأن أعداءهم على خلاف ذلك، كما قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } [التوبة : 28]وقال تعالى :
{كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام : 125].وفيها بيان أن من كان متطهّرا فإن النّاس تألف محاسنه وتستطيبها كما ذكر النّبي صلى الله عليه وسلم أن الجليس الصالح كبائع المسك[4].
وكل هذه المعاني والدلالات لا تخفى على القارئ لكن ما دعاني إلى ذكرها هو تساؤل كنت دائما أطرحه على نفسي كلما قرأت هذه السورة التي هي منأوائل ما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلموهو : لماذا ذُكرت الطهارة فيها في سياق ذكر الصفات التي أمر الله تعالى رسوله التّحلّي بها من توحيد الله تعالى واجتناب الشّرك والصبر على الدعوة ؟
ثم ظهر لي والله أعلم أن التّطهر يستلزم دواممراقبة ما ينجس الثياب أو يوسّخه وهذا يستدعي التّنبه لنظافة الثوب وعدم الغفلة ،فإذا كان هذا في الثّياب الظاهري ،فمن باب أولى فيما هو نفسي وسلوكي . وهذاالأمر يتناسب مع الأمر بدعوة النّاس ويتطلبه حتى لا يتشاغل الإنسان بإصلاح النّاس متناسياإصلاح نفسه،ولا يكون ذلك إلا بالتعلم المستمر وملازمة التّقوى.لأن العلم يطهّر صاحبه بدليل أن الله تعالى جعل ما يصطاده الكلب المعلم طيبا حلالا كما قال تعالى :{قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة : 4].وأما التقوى فلأن الله تعالى قال في شأن الولي الذي لا يعضل موليته والذي يؤمن بالله واليوم الآخر { ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة : 232] وقال في من اتقى الله وغضّ بصره خوفا من الله{ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور : 30]والله تعالى أعلم.
وأما الفائدة المتعلقة بشأن المتطهرين

فهي أن الإنسان إذا كان متطهراوداعيا إلى الطّهارة بنوعيها فهو على الحق والفطرة ، فلا ينبغي أن يستنكف أويستحي من دعوة الناس إلى ذلك، لأنه ليس هناك ما يستهجن منه أو يستحى منه،فإذا كان الأنجاس لا يستحون من منابذة المتطهرين ، ولا يتعبون منالتّصدي لهم ومحاربتهم ومحاولة تنجيسهم ،كما هو شأن إبليس وأتباعه الذينيركب بعضهم فوق بعض لأجل أن يسترقوا السّمع لإضلال الناس ،وكما هو شأنشياطين الإنس الذين يحاربون كل متطهّر كما هو شأن قوم لوط في وصفهم لوطاوأتباعه بأنهم أناس يتطهرون، وكما هو شأن المشركين في الدفاع عن باطلهم ،كما قال تعالى عنهم في قصة إبراهيم: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [الأنبياء : 68]وقالوا كما في الآية: { أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} [ص : 6] (. فمن باب أولى أن يكون المتطهرون كذلك ،بل أشد في دعوتهم وصبرهم .والله أعلم.




فريد عزّوق

خاص بموقع التّصفية والتّربية


_________________
[1] - قال ابن كثير رحمه الله: تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب
[2] - ابن كثير :تفسير القران العظيم 8/263
[3] -قال ابن كثير رجمه الله8/263: إن العرب تطلق الثياب عليه، كما قال امرؤ القيس:

أفاطم مَهلا بعض هَذا التَدَلُّل ..... وَإن كُنت قَد أزْمَعْت هَجْري فأجْمِلي
وَإن تَكُ قَد ساءتك مني خَليقَةٌ .... فَسُلّي ثِيَابي مِن ثيابك تَنْسُلِ

وقال سعيد بن جبير: { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } وقلبك ونيتك فطهر.
وقال قتادة: { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } أي: طهرها من المعاصي، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله إنه لَمُدنَس الثياب. وإذا وفى وأصلح: إنه لمطهر الثياب.وقال عكرمة، والضحاك: لا تلبسها على معصية.وقال الشاعر: إذا المرءُ لم يَدْنَس منَ اللؤم عِرْضُه ... فَكُلّ ردَاء يَرْتَديه جَميلُ
[4] - إشارة إلى حديث : «إنما مثل الجليس الصالح و جليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك و إما أن تبتاع منه و إما أن تجد منه ريحا طيبة و نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك و إما أن تجد ريحا خبيثة » متفق عليه.
حمّل المقال بصيغة pdf

شمس الدين حماش 27 Jun 2010 10:27 PM

بارك الله في الشيخ المربي فريد عزوق

أبو تميم يوسف الخميسي 27 Jun 2010 10:28 PM

أسأل الله أن يبارك فيكم و أن يحفظكم لخدمة دينه و سنة نبيه -صلى الله عليه و سلم-

كما أسأل الله أن نكون عند حسن ظنكم بنا ، و أن يعيننا على الخير و نشره ، و أن يرزقنا الإخلاص في القول و العمل

وفقنا الله و إياكم لنيل مرضاته و جناته جنات النعيم

و الحمد لله رب العالمين

أبو عبد الرحمن حمزة 27 Jun 2010 10:38 PM

أهلا وسهلا ومرحبا بالشيخ المربي
وجزاكم الله خيرا على الموضوع

أبو همام وليد مقراني 28 Jun 2010 12:45 PM

بارك الله في الشيخ فريد عزوق و نسأل الله أن يطهرنا باطنا و ظاهرا

هشام بن حسن 28 Jun 2010 03:05 PM

الشيخ الفاضل فريد عزوق : صاحب علم وأخلاق ،وللعلم فإنه الآن يحضّر للدكتوراه بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية ، وهو من تلاميذ الشيخ عمر العرباوي رحمه الله ، حيث نهل منه العلم حينما كان صغير السن ووفقه الله للاستزادة منه بعد سفره إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، ووالله من جالسه رأى منه التواضع وعالي الأخلاق مع سعة الإطلاع ، فجزاه الله خيرا وأعانه على نفع طلبة العلم .

أبو إبراهيم خليل الجزائري 28 Jun 2010 04:16 PM



جزاك الله خيرا يا شيخ على هذه الفوائد
و بارك فيك و في علمك و وفّقك لكلّ خير
و الحمد لله على هذه النّعمة .

أبو معاذ محمد مرابط 28 Jun 2010 05:19 PM

مرحبا بالشيخ فريد



شمس الدين حماش 28 Jun 2010 09:46 PM


معبدندير 30 Jun 2010 04:00 PM

بارك الله فيك
يا شيخ
و أهلا و سهلا بك في المنتدى

أبو معاوية كمال الجزائري 01 Jul 2010 05:39 PM

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل وبارك في جهودكم وأوقاتكم .

وأسأل الله أن ينعم علينا بمشاركات أخرى من مشايخنا الأفاضل تقر بها أعيننا وتطمئن بها قلوبنا بما فيها من درر علمية ولطائف تربوية ، حري بالمسلم الإعتناء بها . والله الموفّق .

حاتم خضراوي 01 Jul 2010 07:49 PM

مرحبا بشيخنا أبي عبد الله فريد وبارك ربي في جهوده وأوقاته.


وجزاه الله خيرا على مقاله.


محبكم: حاتم خضراوي ... الثنية.

خالد بن صديق 02 Jul 2010 08:08 PM

بارك الله في الشيخ فريد عزوق

مهدي بن الحسين 03 Jul 2010 10:07 PM

بارك الله فيكم ايها الشيخ الفاضل و وفقك الله للمزيد من العلم.

أحمد سالم 04 Jul 2010 04:05 AM

مرحبا بالشيخ فريد

جزاك الله خيرا و بارك الله في الشيخ فريد عزوق على الموضوع


الساعة الآن 02:55 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013