منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 Sep 2014, 12:18 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي الوفاق بين العذاب والسِّياق في قصة مدين مع تتمة في أن الجزاء من جنس العمل


::: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم :::

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّدٍ أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعد:

فهذه درَّةٌ نفيسةٌ غاليةٌ ذكرها الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير –رحمه الله- في كتابه "البداية والنهاية"(1/ 437-438) في معرض كلامه عن قصَّة نبي الله شعيب عليه السَّلام مع مدين قومه وما كان من تعذيب الله تعالى لهم وأنَّه سبحانه وتعالى جمع عليهم أنواعا من العذاب ومع ذلك جاءت متفرِّقة في كتابه سبحانه وتعالى ليناسب كل مقام مقاله أسفر عن وجهها الحافظ بإشارات لطيفة، ولما كان ما ذكره مما يندرج تحت الأصل العام «الجزاء من جنس العمل» لكونه فردا من أفراده ونوعا من أنواعه حيث أنه سبحانه وتعالى يذكر من العذاب ما يوافق قولهم إظهارا لقدرته سبحانه وتعالى وأنه لا يعجزه شيء، أتبعتها بما هو من جنسها مما يشير إليه العلماء –رحمهم الله-، والله الموفِّق.

قال الحافظ –رحمه الله-:

«...وقد جمع الله عليهم –أي: مدين قوم شعيب عليه السَّلام- أنواعا من العقوبات، وصنوفا من المثلات، وأشكالا من البليات، وذلك لما اتصفوا به من قبيح الصفات، سلط الله عليهم رجفة شديدة أسكنت الحركات، وصيحة عظيمة أخمدت الأصوات، وظلة أرسل عليهم منها شرر النار من سائر أرجائها والجهات.

ولكنه تعالى أخبرهم في كل سورة بما يناسب سياقها يوافق طباقها، في سياق قصة "الأعراف" أرجفوا نبي الله وأصحابه، وتوعدوهم بالإخراج من قريتهم أو ليعودن في ملتهم راجعين، فقال تعالى: "فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين"، فقابل الإرجاف بالرجفة، والإخافة بالخيفة، وهذا مناسب لهذا السياق، ومتعلق بما تقدمه من السياق.

وأما في سورة "هود" فذكر أنهم أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين، وذلك لأنهم قالوا لنبي الله على سبيل التهكم والاستهزاء والتنقص: "أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد"، فناسب أن يذكر الصيحة التي هي كالزجر عن تعاطي هذا الكلام القبيح، الذي جهلوا به هذا الرسول الكريم الأمين الفصيح، فجاءتهم صيحة أسكنتهم مع رجفة أسكنتهم.

وأما في سورة "الشعراء" فذكر أنه أخذهم عذاب يوم الظلة، وكان ذلك إجابة لما طلبوا وتقريبا لما إليه رغبوا، فإنهم قالوا: "إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون"، قال الله تعالى وهو السميع العليم: "فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه ان عذاب يوم عظيم"» اهـ رحمه الله.

ومما يذكره العلماء –رحمهم الله- أنَّ الله سبحانه وتعالى عاقب القائل على مقتضى قوله:

- ما حكاه سبحانه وتعالى عن فرعون لعنه الله من قوله متكبِّرا متفاخِرا بما لا يد له فيه: "أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي" فأهلكه الله سبحانه وتعالى فيما كان يفتخر به فقال تعالى: "فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين".

- وكذلك ما ذكره سبحانه وتعالى عن عاد أنهم استكبروا في الأرض "وقالوا من أشد منا قوَّة" فذكر سبحانه وتعالى أنه أهلكهم بالريح على لطافتها فقال سبحانه وتعالى: "فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدُّنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون".

- ما ذكره سبحانه وتعالى في قصَّة الرجلين: المؤمن والكافر في "سورة الكهف" أنَّ الكافر قال عن جنَّته: "ما أظن أن تبيد هذه أبدًا" فقال سبحانه وتعالى: "وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا".

- ما ذكره سبحانه وتعالى عن أصحاب الجنة في "سورة القلم" أنهم "أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون" فكانت كما أخبر تعالى: "فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصَّريم".


تمَّ ما قصد، والله سبحانه وتعالى أعلم.



فتحي إدريس
27/ذو القعدة/1435


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 28 Sep 2014 الساعة 08:53 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 Sep 2014, 03:04 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

جزاء الله خيرا أخي الفاضل فتحي.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 Sep 2014, 08:03 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

ما أجود ما جمعتَ أخي فتحي!
والله لا أدري أيَّهما أعجبُ إليَّ، أمَا نقلته عن الحافظ ابن كثير في جزالته وجلالته، أم ما ضممته إلى كلامه من النَّظير بألطف عبارة وأوجز بيان.
فرحمك الله مفيدًا.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 Sep 2014, 01:50 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وجزاك الله خيرًا أخي يوسف.
بارك الله فيك على مرورك العطر شيخ خالد، أسعدني تعليقك كثيرا، وأدخل علي فرحًا كبيرا، فحفظك الله من كل سوء، ووفقك لكل خير وسددك.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 Sep 2014, 03:22 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

جزاك الله خيرًا أخي فتحي على هذه الدُّرَر.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27 Sep 2014, 05:16 AM
أبو عبد الحي محمد أمين الجزائري أبو عبد الحي محمد أمين الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 19
افتراضي

أحسن الله إليك أخي فتحي و نفع بك ... قلت فأحسنت فجزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 Sep 2014, 08:56 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وجزاكما الله خيرا: أستاذ مراد، وأخي محمد.

تنبيه: قد وقفت على موضعين آخرين فيهما أن الله سبحانه وتعالى عاقب القائل بمقتضى قوله لم يكن لي علم بهما حين كتابة المقال فأدرجتهما فيه، والله الموفِّق.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013