أما بعد:
فإن من طرائق أهل البدع التلبيس والتدليس على الناس،وتنفيرهم من دعوة أهل السنة،وإلقاء الشبهات في قلوبهم،ومن هذه الطرائق التباكي على السلفيين،مستعظمين كلام المشايخ وتحذيرهم من المميعة تارة تحت ستار الوسطية والاعتدال،وأخرى باسم الجهود الدعوية،وثالثة باسم العلم الذي يحمله الرجل ودعوته التي يقوم عليها،وغير ذلك مما يصطادون به من لا دراية له بحقيقة الخلاف بين مشايخنا وبين هؤلاء الأدعياء،فأحببت أن أظهر أسباب كلام مشايخنا في هؤلاء ليكون المرء على بينة من أمره،وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضى إنه سميع مجيب.
أقول مستعينا بالله تعالى:إن الصراع بين الحق وبين الباطل قديم،ليميز الله الخبيث من الطيب،وإن هذا الصراع تجلى بين أهل السنة والنحل الباطلة المنحرفة التي بذلت وسعها في إطفاء نور الله بمالها وقوتها،فتكا وتضييقا على أهل الحق،كما هو معلوم في مظانه من تاريخ الإسلام.
وفي هذا العصر،ظهرت دعوات مبتدعة متنوعة ما بين صوفية كجماعة التبليغ،و إخوانية وما تفرع عنها من القطبية والسرورية وداعش والقاعدة وغيرها من النحل المنحرفة،فظهر صراع بين ّأهل السنة السلفيين في مواجهة هذه الانحرافات المتنوعة والمختلفة،وبرزت جهود علمائنا في نصح الأمة وبيان حال هذه الجماعات والتحذير منها والبعد عنها،ومن هنا بدأ الخلل يدخل على بعض أتباع هذه الدعوة بتأثرهم بهذه الجماعات مما أضعف فيهم جانب البراء منهم،بل تطور الأمر عند بعضهم إلى الوقوف أمام جهود العلماء في التحذير والتنفير،بتهوين خلاف رموز تلك الجماعات وتصويرها غشا وزورا وبهتانا على أنها من قبيل اجتهادات العلماء،وصار يقارن رموز تلك الجماعات بالأئمة الكبار من حيث العلم والخطأ الصادر عنهم مع الفوراق الكثيرة بين أئمة الإسلام، وخطأ هؤلاء فأين خطأ ابن حجر الذي شرح السنة ونشر العلم،مع خطأ سيد قطب في كونه ينبوع التكفير في هذا الزمان وملهم الجماعات المتشددة التكفيرية،وقد أبان من خلال كتاباته عن جهل كبير بدين الله تعالى.
ومن غش هؤلاء الأدعياء أنهم لا يرون بأسا بالأخذ والاستفادة من هؤلاء المنحرفين،فكم لوثت من عقول وكم انحرفت من قلوب بسبب التأثر بأفكار القوم الضالة،ومن عمل الأدعياء أنهم أنشؤوا القواعد والأصول لحماية ظهور أهل البدع من سهام أهل الحق،مما مس بأصل من أصول أهل السنة في التعامل مع أهل البدع،ولما أدركت هذه الجماعات أن الأدعياء يخدمون أفكارهم أغدقوا عليهم بالأموال والمناصب وغيرها من التسهيلات لمحاربة لعدوهم الأكبر ممن يسمونهم بالجامية أو المدخلية أو أصحاب التصنيف أو المجرحين أو غيرها من الألقاب المنفرة عن دعوتهم،فصار هؤلاء الأدعياء ضد السلفيين في صراعهم مع أهل الباطل،يخذلونهم ويرجفون في صفوفهم ويرمون السلفيين بالشدة في الأحكام،ويهادنون أهل البدع الذين،و من شدة تأثرهم بهم أخذوا كثيرا من انحرافاتهم من التفلت في الدين والدخول في بدعهم كالتحزب واللهث وراء المناصب.
معاشر الإخوة في الله،هذا الصنيع السيئ من أدعياء السلفية،حمل مشايخنا للتحذير منهم لوقوفهم في صف أهل الباطل،والركون إليهم،فلم يعد الاعتبار لهؤلاء في علمهم وجهودهم الماضية بقدر ما آلوا إليهم من الركون إلى الباطل وحمايتهم،وتسلطهم على أهل السنة بشتى أنواع الترهيب الفكري من لمز وهمز واستعداء عليهم وغير ذلك من الأساليب الباطلة.
ومشايخ أهل السنة سائرون في فضح القوم-الذين ضررهم عظيم لأنهم ينتسبون لدعوتنا وكلما كان الأمر ملتبسا بالحق احتيج إلى مزيد كشف وبيان- من طلبة علم وأئمة مساجد الذين يسيرون على هذه الطريقة،ولمشايخنا طرق في كشفهم،ومن أعظمها أنهم ينظرون إلى كلامهم وطعونهم في أهل الحق أو تعظيمهم لأهل الباطل،وينظرون أيضا إلى بطانتهم ومدخلهم ومخرجهم،فمهما حاولوا التستر والتخفي فإن الامتحان بهذه الأمور شديد عليهم.أسأل الله أن يرزقنا الفرقان الذي نميز به بين الحق والباطل إنه سميع مجيب.
التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسن نسيم ; 15 Apr 2017 الساعة 06:34 PM