( لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله أو يوم بعده . يوم عاشوراء )
قال الإمام الألباني رحمه الله في الضعيفة : (منكر بهذا التمام : أخرجه البيهقي في "السنن" (4/ 287) عن ابن أبي ليلى ، عن داود بن علي ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ داود هو ابن علي بن عبد الله بن عباس ، وهو مقبول عند الحافظ .
وابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن - ؛ ضعيف سيىء الحفظ .
وقد روي عنه بلفظ :
(صوموا يوماً قبله ، ويوماً بعده) ليس فيه : "لئن بقيت ..." ، وهو مخرج في "حجاب المرأة المسلمة" (ص 89) .
وذكر اليوم الذي بعده منكر فيه ؛ مخالف لحديث ابن عباس الصحيح بلفظ :
(لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ).
أخرجه مسلم و البيهقي([1]) و غيرهما)([2])
و مما يشهد لبطلان هذه الزيادة ما رواه البيهقي في الكبرى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول : ( خَالِفُوا اليَهُودَ، صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ)([3]) ، و كذلك حديث ابن عباس المتقدم الذي رواه مسلم من طريق ابن أبي شيبة : (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ)([4]) ، وما رواه مسلم من طريق ابن أبي شيبة ([5]) أيضاً: (انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ ، فَقُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ ، فَقَالَ : إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ ، وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا ، قُلْتُ : هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ؟ ، قَالَ : نَعَمْ )([6]).
هذا و قد جاء أيضا عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال : ( أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ يَوْمُ عَاشِرٍ)([7]) .
إلا أنه قد يعتقد البعض أن بين الأحاديث تعارض ، و هذا ليس بصحيح([8])، قال الشوكاني رحمه الله تعالى : (أرشد ابن عباس السائل له إلى اليوم الذي يصام فيه ، وهو التاسع ، ولم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر ؛ لأن ذلك مما لا يسأل عنه ، ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة ، فابن عباس لما فهم من السائل أن مقصوده تعيين اليوم الذي يصام فيه ؛ أجاب عليه بأنه التاسع . وقوله "نعم" بعد قول السائل : أهكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم ؟ بمعنى : نعم هكذا كان يصوم لو بقي ؛ لأنه قد أخبرنا بذلك ، ولا بد من هذا ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - مات قبل صوم التاسع) ([9]).
قال الألباني رحمه الله : (وهذا أحسن ما قيل في تأويل قول ابن عباس هذا ، وبه تجتمع الأحاديث ويزول التعارض الظاهر منها) ([10]) .
هذا و الأحاديث التي مرت فيها دليل على أن النبي صلى الله عليه و سلم ذكر طريقة مقيّدة لمخالفة اليهود فلا يجوز أن نعدل عنها أو أن نعمد إلى غيرها إلا بدليل و الله تعالى أعلم.
====
[1] : أخرجه في الكبرى برقم (8402).
[2] : الضعيفة (9/288) ، رقم (4297) ، و انظر كذلك ضعيف الجامع (4649).
[3] : الكبرى للبيهقي (4/475) طبعة : دار الكتب العلمية ، رقم (8404)، وصحَّحه الألبانيُّ في جلباب المرأة المسلمة (ص:177).
[4] : مسلم : كِتَاب الصِّيَامِ : بَاب أَيُّ يَوْمٍ يُصَامُ فِي عَاشُورَاءَ ، حديث رقم (1134).
[5] : قال : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، عَنْ حَاجِبِ بْنِ عُمَرَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ ، قَالَ : (انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا...) الحديث.
[6] : مسلم : كِتَاب الصِّيَامِ : بَاب أَيُّ يَوْمٍ يُصَامُ فِي عَاشُورَاءَ ، حديث رقم (1133).
[7] : أخرجه الترمذيُّ في: أبواب الصوم: باب ما جاء عاشوراء: أَيُّ يَومٍ هو؟ ، رقم (755) ، وصحَّحه الألبانيُّ في : صحيح الترمذي (1/399) ، وانظر: صحيح الترغيب و الترهيب (1/593) ، رقم (1018).
[8] : انظر : فتوى للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله حول هذا الموضوع بعنوان : (في حكم الاقتصار على صوم التاسع من المحرَّم ) فقد أفاد و أجاد فجزاه الله خيرا.
[9] : نيل الأوطار : كتاب الصيام : أبواب صوم التطوع (402/8-403) بتحقيق صبحي حلاق.
[10] : الضعيفة للألباني (8/310).
التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 11 Nov 2013 الساعة 11:34 PM