أخي الحبيب الفاضل أبا معاذ؛ أحسن اللّه إليك بما جلَّيت من ناصع الحقِّ بكتابتك الرَّائعة الرَّائقة، و بما سقته في حجاج القوم من إيرادات قويَّة دامغة، فجزاك اللّه عن السَّلفيَّة و عن إخوانك خير الجزاء و أوفاه.
كلَّما قلَّب المرء ناظرَيه في تضاعيف صفحات فتنة المفرِّقة المتناقضة، و أجال فكره في تتبُّع فصولها المتضاربة، المرقومة بأنفاس المكيدة و الغدر و الاستهتار بالأصول السَّلفيَّة، إلّا و استيقن أنَّ مَكمَن الدَّاء الذي سوَّل للمفرِّقة - رؤوسا و أتباعا - ركوب الصَّعب و الذَّلول رجاء بلوغ أمانيِّهم الضَّحلة من حبِّ الرِّياسة الدِّينيَّة و شَرَه التَّصدُّر و هَوَس الاستعلاء، دون أدنى اعتبار لجَناب الدَّعوة الغرّاء، إنّما هو العُجب سرطانُ القلوب، أعاذنا اللّه منه.
قال الحافظ الذَّهبيُّ - رحمه اللّه تعالى -: «فمن طلب العلم للعمل كسَره العلم و بكى على نفسه، و من طلب العلم للمَدارس و الإفتاء و الفخر و الرِّياء، تحامق و اختال، و ازدرى بالنَّاس و أهلكه العُجب و مَقتَته الأنفس» سير أعلام النبلاء ١٩٢/١٨.
اللَّهم إنَّا نعوذ بك من شرور أنفسنا و من سيِّئات أعمالنا، و من الفتن ما ظهر منها و ما بطن، و نسألك اللَّهم الثَّبات على السُّنَّة إلى أن نلقاك.
|