بارك الله فيك أخي الكريم على هذا النقل الذي أثار البحث في المسألة من جديد، زيادة على فتوى الشيخ ينظر كذلك إلى هذه النقول التّي سأنقلها لك، مع مراجعة أهل العلم ( كالشيخ فركوس مثلا ) لنستفيد منهم أكثر:من جهة من قال بالوجوب بناء على آثار، فهل من ضعفت عنده تلك الآثار لا يعتبر القول المستند عليها أم يبقى مع كونه مرجوحا هذا أولا، والأمر الثّاني بعض الألفاظ التي ذكرها أهل العلم فيها احتمال ( حق، يقرب من الوجوب) هل يقصدون بها الاستحباب أم لا، والأمر الثّالث هل هذه من المسائل التّي يشملها الإجماع الضمني أم لا بناء على عدم تبوث القول بالوجوب عند المتقدمين؟ وهل من القائلين بالوجوب لا يرون حجية هذا النوع من الإجماع أم لا ؟ حتى نفهم المسألة مؤصلة بإذن الله تعالى
بعض النقول المشار إليها سابقا هي:
1 _ قال الإمام بن رجب الحنبلي رحمه الله عند شرحه لحديث ( ليخرج العواتق ذوات الخدور):"وفي الحديث: تأكيد في خروج النساء في العيدين.وقد ورد التصريح بوجوبه.فخرج الإمام أحمد من رواية طلحة بن مصرف، عن امرأة من بني عبد القيس، عن أخت عبد الله بن رواحة الأنصاري، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((وجب الخروج على كل ذات نطاق)) .وفيه: امرأة لا تُعرف." فتح الباري(9/53).
2 _ ويذكر المنياوي لفظة بين الاستحباب والوجوب عند ذكر حديث: (وجب الخروج على كل ذات نطاق في العيدين)" قال في الفردوس: النطاق أن تلبس المرأة ثوبا ثم يشد وسطها بحبل ثم يرسل الأعلى على الأسفل والمراد بقوله وجب أنه متأكد يقرب من الوجوب فلا يجب الخروج حقيقة" فيض القدير (6/361).
3 _وذكر الشوكاني: في نيل الأوطار قولا خامسا في المسألة: أي مسألة حكم خروج المرأة لصلاة العيد، لفظة حق وكأنها إشارة إلى الوجوب، مع أنه رحمه الله لم يذكر هذا عند بداية ذكر المسألة:فقال:" الْقَوْلُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى النِّسَاءِ الْخُرُوجُ إلَى الْعِيدِ، حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا: " حَقٌّ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ الْخُرُوجُ إلَى الْعِيدَيْنِ " نيل الأوطار (3/342).
4_ وقال الصنعاني:"( وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ إخْرَاجِهِنَّ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ (: الْأَوَّلُ) : أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَبِهِ قَالَ الْخُلَفَاءُ الثَّلَاثَةُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَيُؤَيِّدُ الْوُجُوبَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخْرِجُ نِسَاءَهُ وَبَنَاتَهُ فِي الْعِيدَيْنِ» ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ عَامٌّ لِمَنْ كَانَتْ ذَاتَ هَيْئَةٍ وَغَيْرِهَا وَصَرِيحٌ فِي الثَّوَابِ، وَفِي الْعَجَائِزِ بِالْأَوْلَى." سبل السلام (1/429)
فالصنعاني صرح رحمه الله بالوجوب
5_ أما قول الشيخ الألباني: بعد ذكره لقول سيد سابق:" قوله: "وهي سنة مؤكدة واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليها وأمر الرجال والنساء أن يخرجوا لها".
قلت: فالأمر المذكور يدل على الوجوب وإذا وجب الخروج وجبت الصلاة من باب أولى كما لا يخفى فالحق وجوبها لا سنيتها فحسب ومن الأدلة على ذلك أنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد كما سبق في كتاب المؤلف قريبا وما ليس بواجب لا يسقط واجبا كما قال صديق خان في "الروضة الندية" وراجع تمام هذا البحث فيه وفي "السيل الجرار" 1 / 315." تمام المنة صفحة 344.
6_ أما قول الشيخ فركوس حفظه الله: "وممَّا يؤكِّد هذا الحكمَ في وجوب خروج النساء إلى مُصَلَّى العيد ما أخرجه أحمدُ والبيهقيُّ وغيرُهما عن أختِ عبد الله بنِ رَوَاحَةَ الأنصاريِّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «وَجَبَ الخُرُوجُ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ»(٤) ـ يعني: في العِيدَينِ ـ، وهو مذهبُ أبي بكرٍ وعليٍّ وابنِ عُمَرَ رضي الله عنهم على ما حكاه القاضي عياضٌ ورواه ابنُ أبي شيبةَ(٥). والأحاديثُ القاضيةُ بخروج النساء في العِيدَيْنِ إلى المصلَّى مُطْلَقَةٌ لم تُفَرِّقْ بين البِكْرِ والثَّيِّبِ والشابَّةِ والعجوزِ والحائضِ وغيرِها ما لم يكن لها عُذْرٌ، وإذا خرجَتْ إلى المصلَّى فإنها تلتزم بآداب الخروج مِن تَرْكِ التطَيُّب والتزيُّن وأن تكون في غاية التستُّر." من موقع الشيخ.
ونطلب من إخواننا من له زيادة علم في المسألة يفيد إخوانه وجزاك الله خيرا أبا ياسر.
|