منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 07 Feb 2017, 02:59 PM
أبو أنس حباك عبد الرحمن أبو أنس حباك عبد الرحمن غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 118
افتراضي التُحف في بيان أنّ 'شروط لا إله إلا الله' قال بها السلف

الحمد لله وبعد :
فهذه مقالةٌ كتبتها على عجلٍ سميتها بـ"التُحف في بيان أنّ شروط لا إله إلا الله قال بها السلف " فأسأل الله أن ينفع بها من خالف وعنّف وأن تكون لي ذخرا يوم الموقف، والباعث على الكتابةِ أنّي وقفتُ على أحدهم خبَطَ خبْط عشواء فأنكر -عفا الله عنه- شروط كلمة التوحيد بشدةٍ وجزم أنّ أحدا من السلف لم يقل بها ،وإنّما هي من وضع المتأخرين ولهم وراء ذلك بغيةٌ يبتغونها وكأنه يشير إلى قول بعض المناوئين عن أعلام دعوة التوحيد أنهم 'قرروا أصولا من عندهم وكفروا بها مخالفيهم' وهي شنشنة نعرفها من أخزم ، فإن كانت هذه فأسأل الله أن يتجاوز عنا وعنه.
هذا ، و لمّا خاض معه بعض إخواننا بالردّ ونبهوه إلى أن هذه الشروط من قبيل الاستقراء نفى ذلك وعاند وسمّاه إحداثا في الدين وقولا لم يقل به السلف.
فإذا عُرف موطن النزاع وسببه والغاية من إثارته ، فيحْسُن بنا أن نقرر الأصل ونثبته أولا ومن ثَمّ ينتقل الكلام إلى الفروع المختلف فيها ، أمّا أن يُهمل الأصل ويٌترك ويُخاض في شتات المسائل وفروعها فهذا ممّا لاطائل تحته،فأقول مستعينا بالله :
فصل

اعلم -رحمني الله وإياك- أنّ من المباحث الجليلة لدى علماء الشرع ما يسمونه بالتتبع والإستقراء وهو مسلكٌ سلكه أصحاب كل فنّ في قواعدهم ومنهج انتهجوه لضبط كثير من مسائلهم وأحكامهم وقد أسهب أحد الباحثين في ذكر أدلته وحجيته ومجالات تطبيقه فكانت دراسةً وافيةً ملمةً بشتات الموضوع فانظرها في بحث له "الاستقراء ومجالاته في العلوم الشرعية ".
هذا ، وقد اتفق الأصوليون على اعتبار الإستقراء دليلا شرعيا وحجةً بلا خلافٍ ذكر ذلك الزركشي في البحر المحيط (7/8) وعرفه بقوله : "وَهُوَ تَصَفُّحُ أُمُورٍ جُزْئِيَّةٍ لِيَحْكُمَ بِحُكْمِهَا عَلَى أَمْرٍ يَشْمَلُ تِلْكَ الْجُزْئِيَّاتِ." ويقصد بالمتفق عليه الإستقراء التام وإلا فالناقص مختلفٌ فيه.
فالمنهج الإستقرائي مطردٌ عند أهل كل فنّ ولا يمكن أن تنضبط قواعدهم الكلية إلا به فحيثما وُجد التقعيد فالاستقراء هو سبيله وآلته فلذلك لم يستغن أصحاب فنّ من الفنون عن هذا المنهج .
فتجد عند النحاة مثلا تقسيمهم للكلام إلى أقسام ثلاثة اسم وفعل وحرف وهذا لم يقل به أحدٌ من العرب فيما مضى ولكنه محض التتبع والإستقراء ،
وتجد عند علماء التجويد تقسيمهم لمخارج الحروف و اشتراطهم لصفاتٍ وكيفيات معينة في كل حرفٍ وهذا لم يقل به أحدٌ من العرب فيما مضى ولكنه محض التتبع والإستقراء،
وتجد عند علماء الحديث تقسيمهم للحديث إلى صحيح بذاته وصحيح لغيره وحسنٍ كذلك وضعيف على مراتب وهكذا وهو محض استقراء.
وتجد الفقهاء يقسمون الأحكام الشرعية التكليفية إلى واجب ومستحب وحرام ومكروه و مباح وهو محض استقراء للنصوص.
وتجد علماء العقيدة يقسمون التوحيد إلى أقسام ثلاثةٍ وهو محض استقراءٍ
وهلم جرا في كلّ فنّ من الفنون ، بل لم تقم قائمة القواعد الفقهية إلا بهذه الطريقة
من تتبع جزئياتٍ وفروعٍ مشتتةٍ تحت أصلٍ واحدٍ ووفق قاعدةٍ منضبطةٍ فقالوا المشقة تجلب التيسير ودفع المفاسد أولى من جلب المصالح وهكذا.
فإذا تقرر هذا وتبين أن التتبع والإستقراء هو منهجٌ عتيقٌ أصيلٌ سلكه العلماء قديما وقرروه ولا غنى عن ذلك فيقال حينئذٍ :
إن المسألة المتنازع حولها من هذا القبيل، فقد تتبع العلماء شروط كلمة التوحيد التي لا ينفع قائلها إلا بها فحصروها في سبعةٍ أو ثمانيةٍ شروط مجموعة في قولهم :
علمٌ يقينٌ وإخلاص وصدقك مع محبة وانقياد والقبول لها.
وقد بسط العلماء لكل شرط أدلته الواضحة البينة فمثلا قالوا:
دليل شرط اليقين : حديث أبي هريرة عند مسلم "....من لقيتَ مِن وراء هذا الحائط يشهد أن (لا إله إلا الله) مُستيقنًا بها قلبه؛ فبشِّره الجنة " فاشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم اليقين كما ترى .
ودليل شرط الإخلاص: ما أخرجه الشيخان "فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله" فاشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم الإخلاص كما ترى ، وهكذا بقية الشروط.
فصل

أما قولك أن أحدا من السلف لم يقل بهذه الشروط فقول عجيبٌ غريبٌ :
عجيبٌ فها أنت ذا تستعمل التتبع والإستقراء الذي أنكرته وإلا فكيف جاز لك أن تجزم بأنّه لم يقل بها أحدٌ قبل من سميته ؟ أم هو إلقاءٌ للكلام على عواهنه ؟
وغريبٌ لأن دعواك مبناها على أنك استوفيت كلام السلف بحثا فلم تجد، فكان الأجدر بك أن تقول 'هذا في حدود علمي وما وقفت عليه' لا أن تجزم باليقين.
ثم إن في كلام السلف –أخي- ما يدل على هذه الشروط وسأسوق لك بعض الآثار في ذلك :
1- فقد روى البخاري في صحيحه عن وهب بن منبه معلقا :
"أنه قيل له أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال: بلى ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك."
قال الحافظ ابن حجر في الفتح مضيفا بعض طرق الأثر وشواهده (3/109):
"....وروي عن معاذ بن جبل مرفوعا نحوه أخرجه البيهقي في الشعب وزاد: "ولكن مفتاح بلا أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك" وهذه الزيادة نظير ما أجاب به وهب، فيحتمل أن تكون مدرجة في حديث معاذ. وأما أثر وهب فوصله المصنف في التاريخ وأبو نعيم في الحلية" اهـ
فأنت ترى أنّ الأثر متصل وصله إمام الحديث البخاري والحافظ أبونعيم وسكت عنه خاتمة الحفاظ ابن حجر فيستفاد منه ثبوت الأثر بإذن الله وكفى بهؤلاء الجهابذة في الصنعة والإتقان.
ووهب بن منبه صاحب هذا القول تابعي جليل (34 هـ - 114 هـ) قال فيه الذهبي كما في السير(4/545) :"هو الأسوار الإمام ، العلامة الأخباري القصصي.....
أخذ عن ابن عباس ، وأبي هريرة - إن صح - وأبي سعيد ، والنعمان بن بشير ، وجابر ، وابن عمر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص - على خلاف فيه - وطاوس ."
اهـ
والمقصود بالأسنان في قوله رحمه الله هو عين ما قرره العلماء حين يذكرون شروط لا إله إلا الله ، وهذا ممّا لا مجال للرأي فيه فيكون قد أخذه عن الصحابة مصابيح الهدى ومنارات الدجي.
2- ما أخرجه الإمام ابن الجوزي في كتابه آداب حسن البصري ص 48 :"
قال الحسن للفرزدق وهو يدفن امرأته : ما أعددت لهذا اليوم؟ قال الفرزدق : شهادة أن لا اله إلا الله منذ ستين سنة , قال الحسن : نعم العدة , لكن لـ (لا اله إلا الله ) شروطاً , فإياك وقذف المحصنة ."

فأنت ترى أن الإمام الجليل الحسن البصري صرّح بما لا يدع مجالا للشك أن لكلمة التوحيد شروطا لا تنفع صاحبها إلا بها ، أفلا يكفيك هذا القول من هذا الإمام القدوة ؟
3- ما أخرجه الحافظ ابن رجب في مجموع رسائله (3/47) :
"قيل للحسن: إن ناسًا يَقُولُونَ: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة؟ فَقَالَ: من قال: لا إله إلا الله، فأدّى حقها وفرضها دخل الجنة."
بعد هذا كله يقال:
تنبيه
هذه الشروط تذكر من باب تقريب الفهم كتقسيم التوحيد إلى أقسام ثلاثة فكم من عامي لا يعرفها ولا يحفظها ولكن قلبه مستيقن بالتوحيد والعكس صحيحٌ فقد يكون الواحد عالما بالتقسيم حافظا له ولكنه واقع في نقيضه ، وفي هذا يقول العلامة حافظ الحكمي كما في معارج القبول (1/377):(ليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظها فكم من عامي اجتمعت فيه و إلتزمها ولو قيل له أعددها لم يحسن ذلك وكم حافظٍ لألفاظها يجري فيها كالسهم وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها والتوفيق بيد الله).
خاتمة
وخاتمة الكلام أن يُهمس في أذنيك بأن تلزم أخي غرز العلماء وأن تترك بنيات الطريق فإن العلماء أعلم النّاس بالحق وأرحمهم بالخلق:
فهذا الحقُّ ليس به خفاءُ .. فَدَعْني مِنْ بُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ

وهنا رفع القلم سنّه وانتهي ما رام الفؤاد خطّه والحمد لله ربّ العالمين
كتبه أبوأنسٍ صبيحة الثلاثاء 10 جمادى الأولى 1438


التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس حباك عبد الرحمن ; 08 Feb 2017 الساعة 01:18 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07 Feb 2017, 03:43 PM
أبو عمر محمد أبو عمر محمد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 176
افتراضي

جزاك ربي الجنّة و نفع بما كتبت
أسأل الله أن ينتفع بها المردود عليه و من وراءه
و العجيب أنّ كثيرا ممّن أعيتهم أدلة أهل السنة التي لم يستطيعوا لها مجابهة عمدوا إلى مثل هذا التشغيب من قولهم تقسيمات مبتدَعة! و تسميات خلفية!
و لو نُسلّم لهم : صدقتم في قولكم لم يقل بها السلف !! فهل تُنكرون أنّ اليقين مُشترط لكلمة " لا إله إلا الله " هل تُجوزون قولها مع الشك في مدلولها ؟ و غير ذلك من الشروط
لكنّه الهوى و العياذ بالله

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر محمد ; 08 Feb 2017 الساعة 12:41 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08 Feb 2017, 01:09 PM
أبو أنس حباك عبد الرحمن أبو أنس حباك عبد الرحمن غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 118
افتراضي

بورك فيك أيها الطيب على هذه الدعوات الطيبات.
ولقد صدقت والله ، فهل بإنكارهم لهذه الشروط يجوزون قولها مع شكّ في مدلولها أو عدم القبول والإنقياد لما تضمنته إلى غير ذلك من الشروط ؟
ومع التسليم بأنها محدثةٌ فهي كذلك في أذهان المعترضين وإلاّ فقد نصّت عليها النصوص الصريحة من الكتاب والسنة الصحيحة ثمّ جاء بعض أهل العلم فجردها بالأدلة والبيان وتلقاها العلماء بالقبول ثمّ ليت شعري لم لا يقولون ذلك في أركان الصلاة وشروطها وسننها ؟
أفيقال أنها محدثةٌ وبدعةٌ إلى غير ذلك من تشغيباتهم ؟ فهي على موازينهم من هذا القبيل
لكنّه التشغيب على أهل السنة دوماً من باب خالف تُعرف !!

التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس حباك عبد الرحمن ; 08 Feb 2017 الساعة 01:20 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
شروط لا اله الا الله

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013