تذكرة للسلفيين بالثبات على الصراط المستقيم

[أبو عبد السلام جابر البسكري]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل ((يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ)) وصلى الله وسلم على نبينا محمد الذي كان أكثر دعائه (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) صلى الله عليه وعلى من سار على الصراط المستقيم حتى آتاه اليقين .
أمابعد :
هذه تذكرة بالثبات على الصراط المستقيم ، وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ، وندعوا في كل صلاتنا - اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ – فهاهي دونك أخي مجموعة من الأحاديث والأثار الصحيحة والحِكم المليحة تزيد المرء في السير قُدما على نهج الأولين من سبقونا بالإيمان تصديقا قولا وعملا، فثبتوا ولم يحيدوا ولم تزِل بهم القدم.
نسأل الله أن يثبتنا كما ثبتهم ، ويهدينا الصراط المستقيم – آمين –
عن النواس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ضرب الله تعالى مثلا صراطا مستقيما و على جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة و على الأبواب ستور مرخاة و على باب الصراط داع يقول : يا أيها الناس ! ادخلوا الصراط جميعا و لا تتعوجوا و داع يدعو من فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال : ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه فالصراط الإسلام و السوران حدود الله تعالى و الأبواب المفتحة محارم الله تعالى و ذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله و الداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم) . قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 3887 في صحيح الجامع
وعن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا وخط خطين عن يمينه وخط خطين عن يساره ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال هذا سبيل الله ثم تلا هذه الآية ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ). (صححه الألباني في صحيح ظلال الجنة 16 )
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
"عليكم بالطريق فلئن لزمتموه لقد سبقتم سبقاً بعيداً، ولئن خالفتموه يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيداً".
قيل للحسن البصري:
سبقنا القوم على خيلٍ دُهمٍ ونحن على حمر معقرة! فقال: إن كنتَ على طريقهم فما أسرع اللحاق بهم.
قال أبو العالية الرياحي
: تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه وعليكم بالصراط المستقيم، فإن الصراط المستقيم الإسلام، ولا تنحرفوا عن الصراط المستقيم يميناً وشمالاً، وعليكم بسنة نبيكم، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين أهلها العداوة والبغضاء".فمن أراد لنفسه الفوز والنجاة عليه أن يلزم غرز هؤلاء ويسلك نهجهم ويتبع طريقهم، ومن كان كذلك فقد سبق سبقاً بعيدا وفاز فوزاً عظيما.
يقول ابن سعدي - رحمه الله تعالى - تعليقًا على قوله - سبحانه -: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]: "أي: دُلَّنا وأَرشِدْنا إلى الصراط المستقيم، وهو معرفة الحقِّ والعمل به، فهي هدايةُ الصراط، وهداية في الصراط، الهداية إلى الصراط لزوم دِين الإسلام، وترْك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط تشمل الهدايةَ لجميع التفاصيل الدِّينيَّة علمًا وعملاً، فهذا الدُّعاء من أجمعِ الأدعية، وأنفعها للعبد، ولهذا وَجَب على الإنسان أن يدعوَ به في كلِّ ركعة من صلاته؛ لضرورتِه إلى ذلك".
يقول ابن القيم - رحمه الله -: "وللهداية مرتبة أخرى - وهي آخِر مراتبها - وهي الهداية يومَ القيامة إلى طريق الجنة، فمَن هُدِي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم، هُدي هناك إلى الصراط المستقيم للوصول إلى جنَّتِه ودار ثوابه، وعلى قدْر ثبوت قدَمِ العبد على هذا الصراط الذي نصَبَه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوتُ قدمه على الصراط المنصوب على مَتْن جهنم، وعلى قدْر سَيْرِه على هذا الصراط يكون سَيرُه على ذلك الصراط، فمنهم مَن يمرُّ كالبَرْق، ومنهم من يَمرُّ كالرِّيح، ومنهم من يَسعى سعيًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يحبو حبوًا، ومنهم المخدوش المسلَّم، ومنهم المكردس في النار، فلينظرِ العبدُ سيرَه على ذلك الصراط من سَيرِه على هذا، حذوَ القُذَّة، جزاءً وفاقًا؛ {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 90]، ولينظرِ الشبهات والشهوات التي تعوقُه عن سَيْره على هذا الصراط، تخطفه وتعوقه عن المرور عليه، فإذا كثَرُت هنا وقويت، فكذلك هي هناك؛ {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]".
قال الشيخ الألبانى رحمه الله:
الطريق الى الله طويل ونحن نمضى فيه كالسلحفاة وليست الغاية ان نصل لنهاية الطريق ولكن الغاية أن نموت ونحن على الطريق.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك ، وثبتنا على الصراط المستقيم واهدينا إليه. آمين