شغلوا بتأليف الرجال عن تأليف الكتب/ الحلقة الثانية

[مهدي بن صالح البجائي]

• الاعتراض الثاني:" أن المشايخ لا يتواصلون مع الناس ولايرفعون سماعة الهاتف" والجواب على هذا من أوجه:

أولا: أن هذا الأمر ليس على إطلاقه، بل ليس هو بصحيح، فمشايخنا -حفظهم الله-، لهم تواصل وعناية بأبنائهم وإخوانهم، فانظروا مثلا إلى فضيلة الشيخ محمد علي فركوس –حفظه الله- وجلوسه للناس كل يوم بعد صلاتي الفجر والعصر، يرحب بمن جاءه ويستقبل أسئلتهم ويجيب عنها صابرا محتسبا، بل وجد من الناس من يجفوه فيحلم عليه الشيخ، وانظروا إلى الشيخ الوالد عبد الغني عوسات الرحالة الذي كما قال أحد الأفاضل طويت له الأرض" كل مرة في قطر من الجزائر، يعلم الناس ويصلح بينهم، ويتفقدهم، ووالله من تأمل حال هذا الشيخ -زاده الله رفعة- علم حرصه وعنايته بالدعوة إلى الله، اللهم إلا من أعمى الله بصيرته، وغيرهما من المشايخ كثير، يشتغلون بالدعوة ونفع الناس والإصلاح بينهم، والإجابة عن أسئلتهم.

ثانيا: معلوم أن المشايخ -للأسف- عددهم قليل بالنسبة لبلد كالجزائر-حرسها الله-، ولا يمكنهم أن يتحملوا جميع أعباء الدعوة من إلقاء الخطب والدروس وإجابة الناس والإصلاح بينهم، فلا بد من تقسيم المهام، وتقديم الأهم فالأهم، وهم أدرى بذلك، وزد على ذلك لابد لهم من العناية بأهليهم وإعطاء حق قرابتهم وذويهم، وعلاوة على ذلك البحث والاستزادة من العلم، فالوحي إنما كان ينزل على المصطفى –صلى الله عليه وسلم-،

ثالثا: أليس يذكر في آداب المتعلم الصبر على الشيخ، أليس يذكر عدم الإكثار عليه، وغيرها من الآداب التي لما ضاعت في الناس ضاعوا،فنحن كما قيل إلى قليل من الأدب، أحوج منا إلى كثير من العلم، و كما قيل كذلك "من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهل، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا"، وأما إن كان حالكم كلما وجدتم شيخا لا يساير هواكم ورغباتكم أسقطتموه، وإن سايرها وأعطاكم شيئا من القيمة(كذا بهذا التعبير) رفعتموه ولو على حساب الحق فهذا والله من الخذلان، وقد شوهد ذلك من حالكم.

رابعا: ليس كل مسألة يحتاج فيها إلى مكالمة المشايخ والوصول إليهم ، فمن المسائل ما يسهل مأخذها ويقرب فهمها لعامة الناس، فكيف بمن يدعي طلب العلم، فلو روجعت في كتاب من كتب الفقه أو الفتوى، وكذلك لو سئل عنها أحد المشتغلين بالعلم الموثوقين وإن لم يكن من كبار الطلبة، لظهرت وعرفت لمبتغيها، وقد أشار إلى هذا فضيلة الشيخ محمد علي فركوس –حفظه الله-.

خامسا: كثير من الناس لا يراعون أدب السؤال، فتجدهم لا يتحينون الأوقات المناسبة، ولربما أساء بعضهم الأدب مع الشيخ، ومن الغرائب الطرائف في ذلك أنه اتصل شخص بأحد المشايخ في ساعة متأخرة من الليل، يسأله عن النملة أتقطع الصلاة إذا مرت بين يدي المصلي، وآخر يسأل عن لحم الفيل-ليستفيد زعم- ،وغيرها من المسائل الغريبة والبعيدة، وبعضهم يتصل لمجرد السؤال ، ولعله ليعرفه الشيخ ويقول للناس سألت فلان تزينا لهم والله المستعان.

وبعد كتابة هذا المقال، حضرني مثل لهؤلاء الذين يودون الاستقامة على الدين والوصول إلى مرضاة الله-زعموا-، ثم يطعنون في علماء الأمة وكبار عقلائها، كمثل طفل صغير ولج وسط بحر خضم أو فلاة من الأرض شاسعة، وأهل ذلك المحل يدعونه يا بني :" تعال من هنا الطريق، احذر يا بني"، وهو يقول لهم :" لستم ثقات، ولا أصدقكم"، فلنا أن نتصور حاله بعدها، وقد روى الإمام ابن بطة في الإبانة الكبرى عن ابن شوذب قوله: " إن من نعمة الله على الشاب إذا تنسك أن يواخي صاحب سنة يحمله عليها " ، وروى عن عمرو بن قيس الملائي قوله : " إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه ، وإذا رأيته مع أهل البدع ، فايئس منه ، فإن الشاب على أول نشوئه "، وروى كذلك عنه قوله : " إن الشاب لينشأ ، فإن آثر أن يجالس أهل العلم كاد أن يسلم ، وإن مال إلى غيرهم كاد يعطب ".

وأرجوا الله أن ييسر تتمة لهذا المقال وذكر باقي الإعتراضات، ولكن أظن أن ذلك سيطول شيئا ما.

[يوسف صفصاف]

بارك الله فيك أخي مهدي على هذا المقال و جزاك الله خيرا على ذبك عن مشايخنا السلفيين الفضلاء
أسأل الله أن يردهم سالمين غانمين

[أبو مالك أبو بكر حشمان]

احسن الله اليك اخي مهدي على كلامك وجوابك على الاعتراض .
وازيد اخواني قصة طرفية رواها الشيخ عبد الغني حفظه الله وهو يحكي حاله مع الهاتف وكيف ان الكثير من الاخوة لا يراعون حاله وظروفه فقال حفظه الله :" مرة من المرات اتصل به احد الاخوة وكنت في البيت ، فرفع السماعة واخذ الاخ يسال الشيخ ، ثم الشيخ من كثرة مشاغله اغتنم وقت سؤال الاخ فاخد يشرب الماء ، فقال الاخ مقاطعا الشيخ : "ياشيخ راك تشرب في الماء " فرد عليه الشيخ مازحا اياه : "حتى الماء ماخليتوناش نشربوه براحتنا "
وهدا الجانب الكثير من الاخوة هداني الله واياهم بسيئ ولا يحسن الظن بمشايخنا الأفاضل ، ويكفيهم عذرا مادكره الاخ مهدي من أجوبة على الاعتراض ..

حفظ الله مشايخنا جمعوا بين العلم والأدب وصراحة تتعلم من أخلاقهم وسمتهم وصبرهم قبل علمهم ،
ومن المشايخ الذين أذكر احدى القصص معه وهو شيخنا الحبيب لزهر سنيقرة ، كان أحد إخواننا يتحين
فرصة نزول الشيخ من السلم خارج المسجد للمغادرة ليسأله والشيخ كان لايرده في أسئلته بل يجيب
عليه بكل بشاشة مرة من المرات يحكي لنا هذا الاخ خلق أثر عليه مع الشيخ فرغم ان الشيخ لايعرفه
إلا من بعض المرات التي سأله فيها وقد لاتتعدى الخمس مرات أو تزيد المهم جاء الأخ ليسأل الشيخ
فجاء رجل آخر يظهر أنه مستعجل أو جديد فطلب منه الشيخ أن يسأل قبل الاخ فهذا الجديد لم يرد تجاوز
الاخ فالشيخ قال له مبتسما بالعامية ( اسأل عادي هذا نتاوعنا - يشير الى الاخ - ) هذا التواضع والبساطة والحلم
في التعامل أثر في هذا الأخ كثيرا وكان حديث الإستقامة .

ومن المشايخ الذين أذكر عنهم قصص الشيخ مصطفى بلغيث حفظه الله - نزيل المدية - أنه بعد خطبة الجمعة
كان عنده درس في شرح الوجيز ثم يقوم الشيخ فيدخل عليه الاخوة الى المقصورة ليسألوه فمرة سأله أحد الإخوة
التجار عن اواني كانت موضوعة في المسجد لانه اراد ان يشتري مثلها ليستعملها في بيع الزيتون فما كان من الشيخ
الا ان اجابه بكل بساطة عن مكان بيعها ودون ان ينكر عليه وان المقام مقام للاسئلة العلمية وليس لمثل هذا
ولكن الشيخ اجابه عادي ولم يحرجه ولم يظهر الانزعاج .

[أبو إسحاق يونس عبد الصمد]

اجاد أخي مهدي وزميلي وأفاد وأكمد الحساد أحسن الله إليك، وجمعني وإياك ومشايخنا الكرام واهل المنتدى عامة في الجنات الحسنات، امين

[أبو زيد رياض الجزائري]

جزاك الله خيرا أخي مهدي، واصل أعانك الله

[حاتم خضراوي]

موضوع في القمة. حبذا لو يثريه الإخوان .

أما اعتراض المعترض بـ:

أن المشايخ لا يتواصلون مع الناس ولايرفعون سماعة الهاتف"

فحسبك يا هذا أن بعضهم قد منعه الطبيب من الرد على الهاتف لتضرر أذنه بكثرة الرد على المكالمات.

فاللهم احفظ مشايخ الجزائر أجمعين.

[مهدي بن صالح البجائي]

جزاكم الله خير الجزاء، أخي حاتم مرحبا بك وفكرة إثراء الموضوع طيبة، فقد يشهد البعض ويعلم ما لا يعلمه الآخرون.

من لطيف خبر المشايخ عن اتصالات الهاتف: رجل يتصل بالشيخ عبد الغني قرب منتصف الليل في جوٍّ شات، سؤال مستعجل! طلب منه الشيخ الاتنتظار إلى غد، فألحَّ السائل بالاستعجال، رضخ الشيخ، وجاء السؤال الذي لا يُنتظر به الصباح: هل النملة تقطع الصلاة؟
سمعت الشيخ نفسه يقص هذا الخبر ولولا ذلك لما صدقت أن مثله يقع.
فرفقا أيها الناس بقلَّة قليلة من المشايخ يحملون عبء ملايين البشر بعاقلهم ومجنونهم وحليمهم وعَجولهم.

[مهدي بن صالح البجائي]

جزاك الله خيرا، أيها الفاضل، وأظن أنها نفس الواقعة التي جاءت في المقال، وللمزيد فقد أخبرنا الشيخ عبد الغني نفسه مرة، أنه أراد يجعل هاتفه يرن عاديا دون أن يجعله صامتا، ووضعه، فما استطاع الشيخ أن يتحرك من مكانه إلا ويرن، ومن ثم أرجعه كما كان، ومن الطرائف أن أحد الناس اشتكى إلى الشيخ لزهر هاتفه، فقال الشبخ مداعبا : "شوف مع موبيليس".

[يوسف صفصاف]

أحسن الله إليكم

[أبو نعيم إحسان]

أحسن الله إليك أخي مهدي وذب عن وجهك النار يوم القيامة
وكم سمعنا من سفاهة وحماقة يتقيأ بها من كان يدّعي العلم ويتمسح بالمشايخ والله أعلم بأحوالهم الآن

نسأل الله العفو والعافية والثبات على السنة

[مهدي بن صالح البجائي]

وإليك يحسن المولى، ويجعلك من أهل الإحسان.

[أبوأمامه محمد يانس]

بارك الله فيك أخي مهدي
أما إعتراض الهاتف فهذا حال الكسالى ،هل كان سلفنا عند حاجتهم للعلم يتصلون بالهاتف أبدا كانوا يقطعون الفيافي والقفار ليحصلوا مبتغاهم من العلم .

أما هؤلاء فتصعب عليهم رحلة ساعة ولو فعلوا ذلك لعرفوا حقيقة المشائخ ولرأوا من مكارم الأخلاق ما يثلج الصدر لكن كما يقال المرء عدو ما جهل

ثم إن من أحق الناس إحسانا بالظن هم مشائخنا السلفيون حفظهم الله وكان في عونهم .

لأنهم هم المجاهدون في سبيل الله حقا ونحسبهم ممن وعدهم الله بالهداية الى سبيله

فهم يربون الناس بالخطب والدروس والرسائل والفتوى النافعة المبنية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة

أما هؤلاء الحمقى المعترضون فلعلهم اغتروا بمشائخ الشاشات والجماهير أصحاب القنوات الفضائحية
في جهاز المتلفيون كما سماه الشيخ مقبل رحمه الله

نسأل الله السلامة والعافية
ونقول لهؤلاء :


يا ناطحا جبلا يوما ليوهنه … أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل

ونقول :

يا نافخا على الشمس لتطفأها .. خارت قواك و ما يدري بك القمر

ونقول :
لوأن كل كلب عوى ألقمته حجرا لأصبح الصخر مثقالا بدينار


نسأل الله العظيم أن يحفظ بلادنا ومشائخنا السلفيين وأن يثبتنا على الحق حتى نلقاه انه سميع قريب مجيب