[[ ... النصيحة بالتحذير ...]]

[عبد اللطيف غاليب]

(( النصيحة بالتحذير .... ))
لا شك أن علوم الشريعة ومسائل العلم في سائر الأبواب والفنون ومنها : المصطلحات العلمية التي دأب العلماء قديما وحديثاً على استعمالها يجب أن تبقى في مكانها التي من أجلها وُضِعَت ، وهذه المصطلحات التي قعدها العلماء ورسمها أهل العلم يجب أن تحترم ، ولا ينبغي أن تستعمل في غير موطنها ، ومن ذلك ما ورد في بعضِ كتب الفقه ( حكاه فلان .... ذكره فلان في حاشيته ... ورجحه العلامة ... في مصنفه .... الموسومِ بـ ... وهي موضع خلافٍ .... ورجحه فلانٌ في كذا ...!! ) وغيرها من الألفاظ العلمية التي أطلقها العلماء وتداولوا على استعمالها في كتبهم ومصنفاتهم في ( أصول الفقه ) و ( القواعد الفقهية ) ومسائل ( الإجماع ) و ( الخلاف ) و ( الإستدلال والنظر ) ، ولا شك أنها مِن المكاسب التي يجب أن تُصان من عبث العابثين وانتحال المبطلين ، ومن العجيب الذي يُحزِن أن فضاءات التواصل الإجتماعي المُخْتَلِفةِ ، قد عَجَّت بمثل هذا العبثِ في تراثنا الإسلامي الزاخر بتأصيلات العلماء وضوابطهم العلمية التي جعلت منه كنزاً يجب أن يُنقى من الدخلاء والغرباء ، و لا ينتهي عجبي ولا ينقضي ذهولي حينما قرأتُ لأحدهم تعليقاً فاسداً فيه استهزاء صريح بكتاب جليل وسِفرٍ عجيب من تحف العلماء المعتبرين في علم الحديث وهو كتاب (( تغليق التعليق على صحيح البخاري )) للحافظ الجهبذ ابن حجر العسقلاني - قدس الله روحه في الجنة - فيذكرُ هذا ( المستهزئ ) هذا الكتاب ثُمَّ يُعلّق عليه بكلام يدل على جهله بقيمته الرائقة وميزته العلمية الفائقة ، فيُعقِّب عليه بجملةٍ من الكلام الهزيل الذي يدل على سوء الأدب وقلة الحياء في سلسلة متواصلة من الجهل والهوى ، ولم أعهد عن جميع شيوخنا وعلمائنا المعتبرين في هذا العصر وما قبله من تعدى على حرمة العلم واستهزأ بتراث العلماء الكبار كما فعل هؤلاء - هداهم الله تعالى - وعليه فيجب على أهل العلم وطلابه المتمكنين تحذير الجميع من التعدي على حرمة العلوم الشرعية واصطلاحات العلماء والإستهزاء بمصنفات الجهابذة الأحرار للتصدي لكل من سولت له نفسه أن يقتحم هذا المضمار لإستعماله لأغراض أخرى ... ومن عرف قدر العلم وأهله عرف قدر نفسه وألزمها الأدب والله المستعان .
عبد اللطيف غاليب .