منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 12 Oct 2017, 03:02 PM
أسامة لعمارة أسامة لعمارة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: عين الكبيرة سطيف
المشاركات: 82
افتراضي محنة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى...[الحلقة الثالثة والأخيرة]

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


فهذه الحلقة الثالثة والأخيرة من محنة ابن أبي العز رحمه الله تعالى، فإلى المقصود والله المستعان.


قال محققا شرح الطحاوية: " وأما قوله: لا يجوز أن يقال اشفع لي، وإنما يقال: اللهم شفّعه فيّ، فقد نزع فيه إلى حديث عثمان بن حنيف الذي أخرجه الإمام أحمد 4/،138 والترمذي 3573، والحاكم 1/313 أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ادع الله أن يعافين، فقال: ادع، فأمره أن يتوضأ ويدعو بهذا الدعاء؛ " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت به إلى ربّي في حاجتي هذه فتقضى لي، اللهم فشفّعه فيّ..." وإسناده صحيح، صححه الترمذي، والحاكم، ووافقه الذهبي.

وجا في فتاوى شيخ الاسلام 1/160-161: واعلم أنه لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بل ولا أحد من الأنبياء قبله شرعوا للناس أن يدعوا الملائكة والأنبياء والصالحين ولا يستشفعوا بهم لا بعد مماتهم ولا في مغيبهم فلا يقول أحد: يا ملائكة الله اشفعوا لي عند الله سلوا الله لنا أن ينصرنا أو يرزقنا أو يهدينا... ولا فعل هذا أحد من أصحاب نبيهم والتابعين لهم بإحسان ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ولا ذكر أحد من الأئمة لا في مناسك الحج ولا غيرها أنه يستحب لأحد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أن يشفع له.

وفيها أيضا 1/233: وأما دعاء الرسول وطلب الحوائج منه وطلب شفاعته عند قبره أو بعد موته فهذا لم يفعله أحد من السلف ومعلوم أنه لو كان قصد الدعاء عند القبر مشروعا لفعله الصحابة والتابعون وكذلك السؤال به فكيف بدعائه وسؤاله بعد موته؟

وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم حق لأمّته، كما هو ثابت في الأخبار الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم، أوردها الشارح في كتابه هذا وعدّد أنواعها، وذكر أن أهل السنة والجماعة يقرّون بشفاعة نبيّنا صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر، وشفاعة غيره، لكن لا يشفع أحد حتى يأذن الله له، ويحدّ له حدّا كما في الحديث الصحيح... فهو لم ينفرد بهذه المسألة عن أهل السنة والجماعة، بل هو متابع لهم، وموافق لما انتهوا إليه.


وأما قوله في قول الشاعر: "لولاه ما كان فلك لا ولا ملك": إن إطلاق مثل هذا يحتاج إلى توقيف، فهذا حق وصواب، لأن هذه المسألة لا تدرك بالعقل، فهي تفتقر إلى دليل سمعي صحيح عن المعصوم فيما يبلّغ به صلى الله عليه وسلم عن ربّه، وليس في هذه المسألة حديث صحيح يعتمد عليه، ويُوثق به، وما اشتهر على لسان بعضهم: "لولاك لولاك ما خلقتُ الأفلاك" ونسبته إليه صلى الله عليه وسلم، فهو موضوع نصّ على وضعه الإمام الصغّاني في موضوعاته رقم 75 وتابعه عليه العلّامة الشوكاني في الفوائد المجموعة ص 326، ورواه صاحب اللآلي المصنوعة ضمن حديث مطوّل عن سلمان بلفظ: "لولاك لما خلقت الدنيا" وحكم بوضعه.


وأما قوله: إن البشارة به في الزبور غير معلومة، فلأن هذه المسألة أيضا تعتمد الخبر الصحيح لثابت عن المعصوم، ولم يثبت عند الشارح شيء من ذلك، والذي جاء في القرآن هم كون النبي صلى الله عليه وسلم مبشّرا في التوراة والإنجيل، وكذلك في الأحاديث جاءت البشارة به في التوراة من حديث عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن سلام، ولم يأت في الكتاب، ولا في السنة الصحيحة ما يدل على أن البشارة به صلى الله عليه وسلم جاءت به في الزبور، نعم ورد ذلك في دلائل النبوة للبيهقي 1/380-381 أن وهب بن منبيه قد ذكر في قصة داود النبي صلى الله عليه وسلم وما أوحي إليه في الزبور: يا داود، إنه سيأتي من بعدك نبي يسمى أحمد ومحمدا، صادقا سيِّدا، لا أغضب عليه أبدا، ولا يغضبني أبدا، وقد غفرت له قبل أن يعصيَني ما تقدّم من ذنبه وما تأخر. ووهب بن منبه روايته للمسند قليلة، وجلُّ علمه في الإسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب.


وأما قوله: "إن لفظ العشق لا يطلق في حقه صلى الله عليه وسلم، لأنه الميل مع شهوة"، فلم نجد ذلك فيما انتهى إلينا من مؤلفاته، والمذكور في شرحه هذا ص 265: هو أن العشق لا يوصف به الرب تعالى، ولا العبد في محبته ربه، وقيل في سبب المنع: عدم الوقيف، وقيل غير ذلك، ولعلّ امتناع اطلاقه؛ لأن العشق محبة مع شهوة.

قال ابن القيم في روضة المحبين ص 28: "وقد اختلف الناس هل يطلق هذا الاسم- أي: العشق- في حق الله تعالى؟ فقال طائفة من الصوفية: لا بأس بإطلاقه وذكروا فيه أثرا لا يثبت، وفيه: فإذا فعل ذلك عشقني وعشقته، وقال جمهور الناس: لا يطلق ذلك في حقه سبحانه وتعالى، فلا يقال إنه يَعشَق، ولا يقال: عشقه عبدُه، ثم اختلفوا في سبب المنع على ثلاثة أقوال:

أحدها: عدم التوقيف بخلاف المحبة.

الثاني: أن العشق إفراط المحبة، ولا يمكن ذلك في حق الرب تعالى، فإن الله تعالى لا يوصف بالإفراط في الشيء، ولا يبلغ عبده ما يستحقه من حبه فضلا أن يقال أفرط في حبّه.

الثالث: أنه مأخوذ من التغير، كما يقال للشجرة اللبلابة التي تخضّر وتصفرّ وتعلق بالذي يليها من الأشجار: العَشَقَة، ولا يطلق ذلك على الله سبحانه وتعالى.

وقال في مدارج السالكين 3/29: وفي اشتقاق العشق قولان:

أحدهما: أنه من العَشًقَة - محركة - وهي نبت أصفر يلتوي على الشجر، فشُبِّه به العاشق.

والثاني: أنه من الإفراط. وعلى القولين: فلا يوصف به الرب تبارك وتعالى، ولا العبد في محبة ربه.

ونقل شيخ الاسلام في الفتاوى 5/80 عن الإمام الطبري في رسالته التبصير التي كتب إلى أهل طبرستان يشرح فيها ما تقلّده من أصول الدين، قوله: وإن مما نعتقده ترك إطلاق تسمية " العشق " على الله تعالى... وبين أن ذلك لا يجوز لاشتقاقه ولعدم ورود الشرع به. وقال: أدنى ما فيه إنه بدعة وضلالة وفيما نص الله من ذكر المحبة كفاية.

فلعلّ الشارح قد قاس النبي صلى الله عليه وسلم في عدم جواز وصفه بهذا اللفظ بالله سبحانه وتعالى، لما يحب من توقيره وتعظيمه والتأدب معه صلى الله عليه وسلم. وهذه اللفظة يستثقل ظلّها في حق آحاد الناس فضلا عن عظمائهم.


وأما قوله: إن الحلف بغير الله لا يجوز، فهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم، فقد قال شيخ الإسلام في الفتاوى 1/335: وقد اتفق العلماء على أنه لا تنعقد اليمين بغير الله تعالى، وهو الحلف بالمخلوقات، فلو حلف بالكعبة أو بالملائكة، أو بالأنبياء، أو بأحد من الشيوخ والملوك، لم تنعقد يمينه، ولا يشرع له ذلك، بل ينهى عنه إما نهي تحريم وإما نهي تنزيه، فإن للعلماء في ذلك قولين، والصحيح أنه نهي تحريم، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت"، وفي الترمذي عنه صلى الله عليه قال: "من حلف بغير الله فقد أشرك"، ولم يقل أحد من العلماء المتقدمين: إنه تنعقد اليمين بأحد من الأنبياء إلا في نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن عن أحمد روايتين في أنه تنعقد اليمين به، وكد طرد بعض أصحابه كابن عقيل الخلاف في سائر الأنبياء، وهذا ضعيف. وأصل القول بانعقاد اليمين بالنبي ضعيف شاذّ، ولم يقل به أحد من العلماء فيما نعلم، والذي عليه الجمهور -كمالك، والشافعي، وأبي حنيفة- أنه لا تنعقد اليمين به كإحدى الروايتين عن أحمد، وهذا هو الصحيح.


وأما منعه التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر في شرحه ص 379- 386 مستند المنع، فليراجع، ولشيخ الإسلام في هذه المسألة كتاب سماه" قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" وهو غاية في النفاسة، يذهب فيه إلى عدم جواز التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم، والشارح رحمه الله متابع له في هذه المسألة.


فهذه المسائل كما ترى، الحق مع الشارح في كثير منها،وهي مسائل قد بحثها غير الشارح من أهل العلم، ووافقوا بذلك مذهب أهل السنة والجماعة، وهو في تنقيده لها مناضل قوي عن الشريعة الإسلامية، وخادم مخلص للكتاب والسنة، وعالم مطلع يتحرى الصواب من منابعه الأصلية، ولا يصدر حكمه إلا بعد تبصر وأناة، وموازنة، والذين عارضوه وانتقدوه لم يبلغوا مبلغه من العم العميق، والنظر الدقيق، فما كان يجمل بهؤلاء القضاة أن يحملوا عليه هذه الحملة النكراء، وأن يشوا به إلى السلطان، ويَعَرّوه من المناصب، التي كان يقوم عليها على خير وجه، ويحولوا بينه وبين تعليم الناس وإرشادهم، لو أنهم كانوا يزنون أقواله بميزان العدل، ويتجرّدون من العصبية، لكن يبدو أن هذا الخط قد رسموه لأنفسهم، واتَّخذوه أساسا للتنكيل بكل من ينتسب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، ويفتي بأقواله التي أداها إليه اجتهاده.

فقد جاء في الدرر الكامنة 1/374 في ترجمة الحافظ ابن كثير: وأخذ عن ابت تيمية، ففتن بحبّه، وامتحن بسببه.


وفي إنباء الغمر 2/61و98: أن الشيخ شمس الدين محمد بن خليل الجزري الحنبلي النصفي إمام مدرسة الضياء عزِّر وضرب بسبب فتواه بشيء من مسائل ابن تيمية، ثم منع من الفتوى.

وفيه أيضا 2/83: أن الفقيه يوسف بن ماجد ولي الدين المرداوي امتحن بسبب فتواه بمسائل لابن تيمية.

وفيه أيضا 2/42: أن زين الدين عمر بن سعيد القرشي البلخي الكتاني امتحن بسبب المذهب التيمي.

وفيه أيضا 3/176: أن الحافظ ابن رجب الحنبلي قد نُقِم عليه إفتاؤه بمقالاتِ ابن تيمية.

وفي الدرر الكامنة 3/30: أن الإمام علاء الدين بن أيوب المقدسي الملقب" عُليان" كان يحب كلام ابن تيمية، ونسخ منه الكثير، وله أشعار على طريقته في الاعتقاد، وأنه امتحن وأوذي بسب ذلك.

وقد بقي الشارح رحمه الله بعد هذه الكائنة ملازما لبيته إلى سنة 791ه، ففي ريبع الأول من هذه السنة تقدم إلى الأمير سيف الدين يبلغا بن عبد الله الناصري الأتابكي أحد كبار الأمراء بطلب وظائف وأن يرد إليه اعتبارُه، فرسم هذا الأمير بردها إليه، وقد عارض في ذلك غريمه عليٌّ الأكبر الذي أخذ المدرسة الجوهرية منه، وحاول أن يثني الأمير عن مرسومه الذي أصدره، ولكنه لم يفلح، فلم يلتفت إلى قوله، وعاد الشارح إلى وظائفه، فخطب بجامع الأفرم، ودرّس بالجوهرية".


تمّ النقل ولله الحمد والمنّة.

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, محنةابن أبي العز, مسائل, الحلقةالثالثة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013